ق2 من مصادر اهل السنة طرق
حديث الكساء وأسانيده
ثانيا : الصحابي من رواة
حديث الكساء سعد بن أبي وقاص: ممن
روى حديث الكساء من الصحابة سعد بن أبي وقاص، ففي خصائص الإمام علي بن أبي طالبA للنسائي[1]
قال:
( أخبرنا قتيبة بن سعيد البلخي وهشام
بن عمّار الدمشقي قالا: حدثنا حاتم عن بكير بن مسمار، عن عامر بن سعد بن أبي وقاص
عن أبيه
قال: أمر معاوية سعداً فقال: ما منعك
أن تسب أبا تراب؟ فقال: إني ذكرت ثلاثاً قالهن رسول اللهJ فلن أسبّه لأن تكون لي واحدة منها أحب إلي
من حمر النعم، سمعت رسول اللهJ يقول له وخلفه في بعض مغازيه، فقال عليA:
يا رسول الله أتخلفني مع النساء
والصبيان؟ فقال رسول اللهJ: أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى
إلاّ أنه لا نبي بعدي؟.
وسمعته يقولJ يوم خيبر: لأعطين الراية غداً رجلاً يحب
الله ورسوله، ويحبه الله ورسوله، فتطاولنا إليها فقالJ: ادعوا لي علياً، فأتي به أرمد، فبصق في
عينه ودفع الراية إليه.
ولما نزلت: (إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ
لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً) دعا
رسول اللهJ علياً وفاطمة وحسناً وحسيناًD فقال: اللهم هؤلاء أهل بيتي.
قال الشيخ أبو إسحاق الحويني ألأثري
محقق كتاب الخصائص عن هذا الحديث: (إسناده صحيح)، ورواه النسائي أيضاً بنفس السند
في كتابه السنن الكبرى[2].
ويمكنك ان تستظهر من الحديث[3] من
أن معاوية بن أبي سفيان قد أمر سعد بن أبي وقاص بسب زوج الزهراءD فامتنع بسبب ماهي نتيجة ثلاث خصال لامام عليA قالهن فيه نبي اللهJ كان يود سعد أن تكون له واحدة منهن فإنها
أحب إليه من حمر النعم.
وتقدير مراد رواية سعد هكذا: (أمر
معاوية سعد بسب علي فامتنع فقال: ما منعك أن تسب أبا تراب...).
ويعضده الحديث الذي رواه ابن ماجة في
سننه 1/45 بسند عن عبد الرحمن بن سابط عن سعد بن أبي وقاص قال: (قدم معاوية في بعض
حجاته، فدخل عليه سعد فذكروا علياً فنال منه فغضب سعد وقال:
تقول هذا لرجل سمعت رسول اللهJ يقول: من كنت مولاه فعلي مولاه. أنت مني
بمنزلة هارون من موسى إلاّ أنه لا نبي بعدي. لأعطين الراية اليوم رجلاً يحب الله
ورسوله.
وكذلك في المستدرك على الصحيحين قال
الحاكم: (حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا محمد بن سنان القزاز، حدثنا عبيد
الله بن عبد المجيد الحنفي، وأخبرني أحمد بن جعفر القطيعي، حدثنا عبد الله بن أحمد
بن حنبل، حدثني أبي، حدثنا أبو بكر الحنفي حدثنا بكير بن مسمار قال: سمعت عامر بن
سعد يقول:
قال معاوية لسعد بن أبي وقاص: ما
يمنعك أن تسبّ ابن أبي طالب؟ قال: فقال: لا أسبّه ما ذكرت ثلاثاً قالهن له رسول
اللهJ لأن تكون لي واحدة منهن أحبّ إليّ من حمر
النعم، قال له معاوية:
ما هنّ يا أبا إسحاق؟ قال سعد : لا
أسبّه ما ذكرت حين نزل عليه الوحي فأخذ علياً وابنيه وفاطمةD فأدخلهم تحت ثوبه ثم قالJ: رب إن هؤلاء أهل بيتي.
ولا أسبّه ما ذكرت حين خلّفه في غزوة
تبوك غزاها رسول اللهJ فقال له عليA: خلفتني والنساء، قالJ: ألا ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى
إلا أنه لا نبوّة بعدي.
ولا أسبّه ما ذكرت يوم خيبر، قال رسول
اللهJ: لأعطين هذه الرّاية رجلاً يحب الله ورسوله
ويفتح الله على يديه، فتطاولنا لرسول اللهJ فقال: أين علي؟ قالوا: هو أرمد، فقالJ:
ادعوه، فدعوه فبصق في وجهه ثم أعطاه
الراية ففتح الله عليه، قال: فلا والله ما ذكره معاوية بحرف حتى خرج من المدينة).
قال الحاكم النيسابوري: (هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه)[4].
وهذا الحديث أخرجه النسائي في السنن
الكبرى[5]
والبزار في مسنده[6] وفي
المصدر الأخير لم يذكر اسم معاوية: وابدلت عبارة (قال معاوية لسعد) بعبارة (قال
رجل لسعد)؟.
وأبدلت عبارة (فلا والله ما ذكره
معاوية بحرف حتى...) بعبارة (فلا والله ما ذكره ذلك الرجل بحرف...)؟.
ولا نعرف من ارتكب هذه الخيانة
العلمية، هل هو واحد من الرّواة أم البزّار نفسه، أم الدراهم والدنانير, أم من
خلال الطبع لكتابه لأنه اكتشف ووجد في هذا الحديث دليل قاطع على أنّ سيّدهم معاوية
بن أبي سفيان كان يأمر بسب أمير المؤمنين علي بن أبي طالبA ويسبّه! ولذا لم تطاوعه نفسه أن يذكر اسم
سيدهُ!.
وجاء في تفسير الطبري[7] قال
ابن جرير قال: (حدثنا ابن المثنى قال: حدثنا ابو بكر الحنفي قال: حدثنا بكير بن
مسمار قال: سمعت عامر بن سعد قال: قال سعد: قال رسول اللهJ حين نزل الوحي فأخذ علياً وابنيه وفاطمةD وأدخلهم تحت ثوبه ثم قالJ: ربّ هؤلاء أهلي وأهل بيتي).
ورواه الطحاوي في مشكل الآثار[8]
باختلاف يسير في اللفظ فقال:
(حدثنا الربيع المرادي، حدثنا أسد بن موسى، حدثنا حاتم بن إسماعيل، حدثنا بكير بن مسمار، عن عامر بن سعد، عن أبيه قال: لما نزلت هذه الآية دعا رسول اللهJ علياً وفاطمة وحسناً وحسيناًD فقالJ: اللهم هؤلاء أهلي).
(حدثنا الربيع المرادي، حدثنا أسد بن موسى، حدثنا حاتم بن إسماعيل، حدثنا بكير بن مسمار، عن عامر بن سعد، عن أبيه قال: لما نزلت هذه الآية دعا رسول اللهJ علياً وفاطمة وحسناً وحسيناًD فقالJ: اللهم هؤلاء أهلي).
قال الطحاوي معلقاً على هذا الحديث:
(ففي هذا الحديث أن المرادين بما في هذه الآية هم رسول اللهJ وعلي وفاطمة وحسن وحسينD).
ثالثا : الصحابي عمر بن أبي
سلمة ممن روى حديث الكساء: ومن
رواة الحديث من الصحابة عمر بن أبي سلمة ربيب الرسولJ في صحيح الترمذي قال: (حدثنا قتيبة، حدثنا
محمد بن سليمان بن الأصفهاني، عن يحيى بن عبيد عن عطاء بن أبي رباح عن عمر بن أبي
سلمة – ربيب النبيJ– قال: لما نزلت هذه الآية على النبيJ:
( إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ
لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً) في
بيت أم سلمةB، فدعا فاطمة وحسناً وحسيناًD فجللهم بكساء وعليA خلف ظهره فجلله بكساء ثم قالJ:
اللهم هؤلاء أهل بيتي فأذهب عنهم
الرجس وطهرهم تطهيرا، قالت أم سلمة: وأنا معهم يا نبي الله؟ قال: أنت على مكانك،
وإنّك على خير).
(وما حدثناه إبراهيم بن أحمد بن مروان
الواسطي أبو إسحاق، حدثنا محمد بن أبان الواسطي، حدثنا محمد بن سليمان بن الأصفهاني
عن يحيى بن عبيد المكي، عن عطاء بن أبي رباح، عن عمر بن أبي سلمة قال: نزلت هذه
الآية على رسول اللهJ وهو في بيت أم سلمة:
إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ
عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً قالت: فدعا النبيJ الحسن والحسين وفاطمةD فأجلسهم بين يديه، ودعا علياًA فأجلسه خلف ظهره ثم جللهم جميعاً بالكساء ثم
قال:
اللهم هؤلاء أهل بيتي فأذهب عنهم
الرجس وطهرهم تطهيرا، قالت أم سلمة: اللهم اجعلني منهم، قال: أنت على مكانك وأنت
على خير).
رابعا : الصحابي أبو سعيد
الخدري ممن روى حديث الكساء: في
تاريخ دمشق[12] قال
ابن عساكر: ( أنبأنا أبو الفتح أحمد بن
محمد بن سعيد الحدّاد، ح، أخبرني أبو طاهر محمد بن محمد بن عبد الله السنجي عنه،
أنبأنا القاضي أبو بكر محمد بن الحسين بن جرير الدمشقي، أنبأنا أبو جعفر محمد بن
علي بن دحيم الشيباني بالكوفة، حدثنا أحمد بن حازم بن أبي غرزة، حدثنا أبو نعيم،
حدثنا عمران بن أبي مسلم قال: سألت عطية عن هذه الآية:
إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ
عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً قال: أخبرك عنها
بعلم، أخبرني أبو سعيد أنها نزلت في بيت النبيJ وعلي وفاطمة وحسن وحسينD فأدار عليهم الكساء قال: وكانت أم سلمة على
باب البيت، قالتB: وأنا يا نبي الله؟ قال: فإنك بخير وإلى
خير).
وفي رواية ثانية أخرجها الطبري في
تفسيره[13]قال:
( حدثني محمد بن المثنى، قال: حدثنا بكر بن يحيى بن زبان العنزي، قال: حدثنا مندل،
عن الأعمش عن عطية، عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول اللهJ:
نزلت هذه الآية في خمسة: فيّ وفي علي
وحسن وحسين وفاطمةD: إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ
عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً).
خامسا : الصحابي عبد الله
بن عباس ممن روى حديث الكساء: في
المستدرك على الصحيحين[14]قال
الحاكم النيسابوري:
( أخبرنا أبو بكر أحمد بن جعفر بن حمدان القطيعي ببغداد من أصل كتابة،
حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، حدثني أبي، حدثنا يحيى بن حمّاد، حدثنا أبو
عوانة، حدثنا أبو بلج، حدثنا عمرو بن ميمون قال: إني جالس عند ابن عباس إذْ أتاه
تسعة رهط فقالوا:
يا ابن عباس إما أن تقوم معنا وإما أن
تخلوا بنا من بين هؤلاء، قال: فقال ابن عباس: بل أنا أقوم معكم، قال: وهو يومئذ
صحيح قبل أن يعمى، قال: فابتدؤا فتحدثوا فلا ندري ما قالوا، قال: فجاء ينفض ثوبه
ويقول:
أفٍ وتفِّ! وقعوا في رجل له بضعة عشرة
فضائل ليست لأحد غيره! وقعوا في رجل قال له النبيJ لأبعثن رجلاً لا يخزيه الله أبداً، يحب الله
ورسوله ويحبّه الله ورسوله، فاستشرف لها من استشرف، فقالJ: أين علي؟ فقالوا إنه في الرحى يطحن، قال:
وما كان أحدهم ليطحن، قال: فجاء وهو أرمد لا يكاد أن يبصر، قال فنفث في عينيه ثم
هزّ الراية ثلاثاً فأعطاه إياها.
فقال ابن عباس: ثم بعث رسول اللهJ فلاناً[15]
بسورة التوبة فبعث علياًA خلفه فأخذها منه وقال: لا يذهب بها إلاّ رجل
هو مني وأنا منه!.
فقال ابن عباس: وقال النبيJ لبني عمه: أيّكم يواليني في الدنيا والآخرة؟
قال وعلي جالسٌ معهم، فقال رسول اللهJ وأقبل على رجل منهم فقال: أيكم بواليني في
الدنيا والآخرة؟ فأبوا فقال لعلي: أنت وليي في الدنيا والآخرة.
قال ابن عباس: وكان عليA أول من آمن من الناس بعد خديجةB قال: وأخذ رسول اللهJ ثوبه فوضعه على علي وفاطمة وحسن وحسينD وقال: إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ
عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً...الخ).
قال الحاكم النيسابوري: (هذا حديث
صحيح الإسناد ولم يخرجاه).
وقال الذهبي في التلخيص: (صحيح).
وقال الذهبي في التلخيص: (صحيح).
وهذا الحديث أخرجه النسائي في السنن الكبرى[16]،
وأيضاً في خصائص الإمام علي[17]A، وأحمد بن حنبل في مسنده[18]،
وفي فضائل الصحابة[19]،
وغيرهم.
سادسا : الصحابي واثلة بن
الأسقع ممن روى حديث الكساء: خرجت
رواية واثلة بن الأسقع لحديث الكساء في العديد من المصادر منها مصنف ابن أبي شيبة[20]
قال:
( حدثنا محمد بن مصعب، عن الأوزاعي،
عن شداد أبي عمار قال: دخلت على واثلة وعنده قوم فذكروا علياًA فشتموه!! فشتمته معهم!
فقال: ألا أخبرك بما سمعت من رسول
اللهJ؟ قلت: بلى، قال: أتيت فاطمةB أسألها عن عليA فقالتB: توجه رسول اللهJ إلى.. الحاصل..، فجاء رسول اللهJ ومعه علي وحسن وحسينD كل واحد منهما آخذ بيده فأدنى علياً وفاطمةD فأجلسهما بين يديه وأجلس حسناً وحسيناً Dكل واحد منهما على فخذه، ثم لفّ عليهم
ثوبه أو قال كساءه، ثم تلا هذه الآية: إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ
عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ، ثم قالJ: اللهم هؤلاء أهل بيتي وأهل بيتي أحق).
وفي حديث ثاني أخرجه ابن حبّان في
صحيحه[23]
قال: ( أخبرنا عبد الله بن محمد بن سلم، حدثنا عبد الرحمن بن إبراهيم، حدثنا
الوليد بن مسلم وعمر بن عبد الواحد قالا: حدثنا الأوزاعي، عن شداد أبي عمار، عن
واثلة بن الأسقع قال:
سألت عن عليA في منزله فقيل لي ذهب يأتي برسول اللهJ إذْ جاء، فدخل رسول اللهJ ودخلت فجلس رسول اللهJ على الفراش وأجلس فاطمةB عن يمينه وعلياًA عن يساره وحسناً وحسيناًD بين يديه وقال: إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ
لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ، اللهم هؤلاء أهلي.
قال واثلة: فقلت من ناحية البيت: وأنا
يا رسول الله من أهلك؟ قال: وأنت من أهلي، قال واثلة: إنها من أرجى ما أرتجي).
وأخرج رواية واثلة هذه الحاكم
النيسابوري في المستدرك على الصحيحين[24].
وهذا الحديث دعوى واثلة أو يدّعون عن
لسانه أنه قال لرسول اللهJ: (وأنا يا رسول الله من أهلك؟ قال: وأنت من
أهلي).
فمن المعروف أن واثلة خارج عن مفهوم
أهل البيتD في آية التطهير، اذا فهي زيادة من قبل بعض
الرواة لهذا الخبر والهدف منه توسعة مفهوم أهل البيتD في آية التطهير، لكي يشمل واثلة وغيره،
وواضح جدا فيها العناد والبغض لأصحاب الكساءD وهذه الزيادة لم تاتي في كل روايات واثلة
لحديث الكساء بل في بعضها.
وحاول بعضهم تأويل ما نسب لواثلة على
أنه على المجاز!
لكنه كيف يستقيم المجاز والنبيJ في مقام الحصر والتحديد، وعلى فرض صحتها
(كون واثلة منهم) لحصل تناقض النبيJ نفسه بحصره لهم، وبنفيه أن تكون أم سلمةB منهم!
فاتضح ضعف قول الطحاوي في كتابه مشكل
الآثار بقولهِ: (فكان قوله لواثلة: أنت من أهلي على معنى: لاتباعك إياي وإيمانك بي
فدخلت بذلك في جملتي، وقد وجدنا الله قد ذكر في كتابه ما يدل على هذا المعنى
بقوله: وَنَادَى نُوحٌ رَبَّهُ فَقَالَ رَبِّ إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي فأجابه في
ذلك بأن قال له: إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ فكما
جاز أن يخرجه من أهله – وإن يكون ابنه – لخلافه إياه في دينه، جاز أن يدخل في أهله
من يوافقه على دينه وإن لم يكن من ذوي نسبه)[25].
ومن هذا يتضح ضعف قول (أبو المحاسن
الحنفي) الذي هو بمعنى طبق قول الطحاوي هذا وهو :
( بل الصحيح أنه لا بد من رد هذه
الرواية عن واثلة، لأن الحديث يقول إن النبيJ حددهم وحصرهم، وهذه تلغي التحديد).
سابعا : الصحابي عبد الله
بن جعفر ممن روى حديث الكساء:
أخرج حديثه الحاكم النيسابوري في المستدرك على الصحيحين[26]
قال:
(حدثني أبو الحسن إسماعيل بن محمد بن
الفضل بن محمد الشعراني، حدثنا جدي، حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة الحزامي، حدثنا
محمد بن إسماعيل ابن أبي فديك، حدثني عبد الرحمن بن أبي بكر المليكي، عن إسماعيل
بن عبد الله بن جعفر بن أبي طالبD عن أبيه قال: لما نظر رسول اللهJ إلى الرحمة هابطة قالJ:
ادعوا لي، ادعوا لي، فقالت صفيةB: من يا رسول الله؟ قالJ: أهل بيتي، علياً وفاطمة والحسن والحسينD فجيىء بهم، فألقى عليهم النبيJ كساءه ثم رفع يديه ثم قالJ:
اللهم هؤلاء آلي، فصل على محمد وعلى
آل محمد، وأنزل الله عزّ وجل: إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ
الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً).
قال الحاكم النيسابوري: (هذا حديث
صحيح الإسناد ولم يخرجاه).
أراد المدعي أن علي وفاطمة والحسن
والحسينD إنما دخلوا في أهل البيت بدعاء النبيJ عندما جللهم بالكساء، لا أن آية التطهير
نزلت فيهم[27]!. ونأتي
لك بعض ماغفلت عنه وكما يلي:
منها :: إن النبيJ حينما جمعهم تحت الكساء تلا عليهم هذه الآية
الكريمة كما في العديد من نصوص حديث الكساء.
ومن ضمن الاحاديث رواية السيدة عائشة التي
أخرجها مسلم بن الحجاج في صحيحه وغيره، وقالت السيدة عائشة:
(خرج النبيJ غداة وعليه مرط من شعر أسود فجاء الحسن بن
عليD فأدخله، ثم جاء الحسينA فأدخله، ثم جاءت فاطمةB فأدخلها، ثم جاء عليA فأدخله، ثم قال: إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ
لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً)[28].
ونفس الكلام في حديث ابن عباس الذي
أخرجه النسائي في خصائص الإمام عليA والسنن الكبرى، وأحمد في مسنده وفضائل
الصحابة، والحاكم في المستدرك، وهو حديث طويل قد سبق ذكره حيث قال:
وأخذ رسول اللهJ ثوبه فوضعه على علي وفاطمة وحسن وحسينD فقالJ: ( إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ
عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً)[29].
فهذا نبي الرحمةJ جمعهم تحت الكساء ثم خاطبهم بهذه الآية
الكريمة كما خاطبهم الله تعالى من قبل بها وقد تحصل منها ما يلي.
يعتبر هذا دليل على أنها نزلت فيهم
ومختصة بهمD. اسم أهل البيت كان لهم قبل نزول الاية
الكريمة.
أن الله تعالى سماهم به قبل النزول.
فلو لم تكن هذهِ الاية الكريمة (الاحزاب33) مختصة بهمD لم يخاطبهم النبيJ بها.
منها :: أخرج الهيثمي في مجمع الزوائد قال:
( إن الحسن بن عليD حين قتل عليA استخلف، فبينا هو يصلي بالناس إذ وثب إليه
رجل فطعنه بخنجر في وركه فتمرض منها أشهر، ثم قام فخطب على المنبر فقالA:
يا أهل العراق اتقوا الله فينا، فإنا
أمراؤكم وضيفانكم، ونحن أهل البيت الذي قال الله عزّ وجل: إِنَّمَا يُرِيدُ
اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ
تَطْهِيراً فما زال يومئذ يتكلم حتى ما ترى في المسجد إلاّ باكياً). قال الهيثمي:
(رواه الطبراني ورجاله ثقات)[30].
فهذا الامام الحسن بن علي بن أبي طالبD يستشهد بهذه الآية الكريمة ويذكر أنهم
المعنيون بها فقط لاغير.
منها :: جاء في الأثر أن النبيJ وعلى مدى ستة أشهر أو تسعة كان يأتي كل فجر
يوم ليقف عند باب بيت علي وفاطمةD ويناديJ:
الصلاة يا أهل البيت، ثم يتلو الآية الكريمة
مخاطباً إياهم بها: (إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ
أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً)!.
ويعتبر هذا دليل اخر على أنهم
المعنيون والمخاطبون بهذه الآية المباركة كما في المستدرك على الصحيحين قال الحاكم
النيسابوري:
( حدثنا أبو بكر محمد بن عبد الله
الحفيد، حدثنا الحسين بن الفضل البجلي، حدثنا عفان بن مسلم، حدثنا حماد بن سلمة،
أخبرني حميد وعلي بن زيد عن أنس بن مالك أن رسول اللهJ كان يمر بباب فاطمةB ستة أشهر إذا خرج لصلاة الفجر يقول: الصلاة
يا أهل البيت: إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ
الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً).
ثم قال الحاكم: هذا حديث على شرط مسلم
ولم يخرجاه[31]
وكذلك أخرجه الترمذي في جامعه الصحيح[32]
وكذلك وأحمد بن حنبل في مسنده[33]
وكذلك عبد حميد في مسنده[34]
وكذلك أبو داود الطيالسي في مسنده[35]
وكذلك الطبراني في المعجم الكبير[36].
وكذلك ابن أبي شيبة في مصنفه[37] وكذلك
أخرجه من طريق أبي الحمراء عبد حميد في مسنده[38]
وكذلك الطبراني في المعجم الكبير[39]
وكذلك أخرجه من طريق أبي سعيد الخدري الطبراني في المعجم الأوسط[40].
ولكن قالوا[41]: (
يستدلون بهذا الحديث على أن الله تبارك وتعالى أراد أن يذهب عنهم الرجس، وما يريده
الله يقع فإذا أذهب الله عنهم الرجس صاروا معصومين، فإذا صاروا معصومين فيجب أن
يكونوا هم الأولى بالخلافة من غيرهم، وهذا ادعاء باطل لأمور كثيرة منها:..)[42].انتهى.
في البداية من عقائد شيعة اهل البيتD يقولون إن الإرادة في قوله تعالى: (إِنَّمَا
يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ
تَطْهِيراً) هي إرادة تكوينية، والمراد من الله تعالى بالإرادة التكوينية لا يتخلف
عن إرادته كقوله تعالى: ( إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ
لَهُ كُنْ فَيَكُونُ)[43].
فتعالى الله عما يصفون لكي يخبر بالآية عن طهارة
أهل البيتD ونزاهتهم من كل الأرجاس والأدناس، ومن خلال
تطهريهم فهم معصومين بلا شك وهم الإمام الأولى والحق بأن يتولى منصب خلافة النبيJ.
فالاستدلال لإثبات على ما تفيده
وتعطيه الآية الكريمة وليس على حديث الكساء نعم نحن نستند إلى حديث الكساء لإثبات
مرادنا بأهل البيتD من خلال آية التطهير هم أصحاب الكساء الذين
جللهم النبيJ بالكساء بعدها دعا لهم بما أثبته الله لهم
فقالJ: اللهم هؤلاء أهل بيتي فأذهب عنهم الرجس
وطهرهم تطهيرا.
ومن العجائب ان المعترضين قالوا باطل
من سبعة وجوه ولا واحد من هذهِ السبعة يبطل رأي الشيعة في مجال اختصاص الآية
المباركة وكذلك اختصاص مفهوم أهل البيتD فيها فقط بأصحاب الكساء، ولا فيها ما يبطل
دلالة الآية على عصمتهم وإمامتهمD.
وقالوا : إنّ هذه الآية وهي التي تسمى
بآية التطهير، إنما نزلت في نساء النبيJ كما قال تبارك وتعالى: (يَا نِسَاءَ
النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلا
تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلاً
مَعْرُوفاً * وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ
الْجَاهِلِيَّةِ الأولَى وَأَقِمْنَ الصَّلاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ
اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ
أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً * وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي
بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ لَطِيفاً
خَبِيراً)[44].
فالذي يراعي سياق الآيات يتيقن أنها
في نساء النبيJ خاصة، وهم يستدلون بقول الله تبارك وتعالى:
(إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ) ولم يقل عنكن، وقال:
(وَيُطَهِّرَكُمْ) ولم يقل يطهركن، فيقولون لما جاءت هنا ميم الجماعة دل على خروج نساء
النبيJ من التطهير ودخول علي وفاطمة والحسن والحسينD بدليل الحديث، وهذا باطل لأن الآية متصلة
وهي قول الله تبارك وتعالى:
(وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلا
تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الأولَى وَأَقِمْنَ الصَّلاةَ وَآتِينَ
الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ
عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً) ثم أتبعها كذلك:
(وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ) فالخطاب كله في هذه الآية لنساء النبيJ.انتهى.
جوابه : الوجه المذكور ليس فيه ما يبطل
قول الشيعة من أن الإرادة في الآية تكوينية، ومن أنها إخبار من الله تعالى عن
طهارة أهل البيت وعصمتهمD.
هي مجرد دعوى أن الآية الكريمة مختصة
بزوجات النبيJ مستندا في إثباته لسياق الآيات، فلم يأتي أي
دليل غيره لأثبات هذا المدعى، وباطل من عدة جوانب وهي: المصدر : من كتاب فاطمة في القران بلسان اهل السنة الفصل الثاني طبعة4 تاليف : ساجد شريف عطية تحقيق: مركز فاعلون للبحوث والدراسات والتحقيق
[1] - خصائص الإمام عليA 32 برقم: 9.
[2] - السنن الكبرى 5/107 برقم: 8399.
[3] - راجع : الرد النفيس على أباطيل عثمان الخميس / حسن بن عبد الله العماني/
(131) إعداد مركز الأبحاث العقائدية.
[4] - المستدرك على الصحيحين 3/117 برقم : 4575.
[5] - السنن الكبرى 5/122 برقم : 8493.
[6] - مسند البزار 3/324 برقم : 1120.
[7] - تفسير الطبري 10/298 برقم: 28501.
[8] - تحفة ألأخيار بترتيب شرح مشكل الآثار 8/470 برقم: 6145.
[9] - راجع : صحيح سنن الترمذي للألباني 3/305 برقم: 3205، وذكره الألباني في
نفس المصدر وقال عنه أيضاً (صحيح) صحيح سنن الترمذي 3/543 برقم: 3787.
[10] - تفسير الطبري 10/298 برقم: 28499.
[11] - تحفة الأخيار 8/475 برقم: 6154.
[12] - تاريخ دمشق 14/147.
[13]- تفسير الطبري 10/296 برقم: 28487.
[14]- المستدرك على الصحيحين 3/143
برقم: 4652.
[15] - يعني أبو بكر بن أبي قحافة.
[16] - السنن الكبرى 5/112 برقم: 8409.
[17] - خصائص الإمام علي للنسائي 44 برقم: 23.
[18] - مسند أحمد بن حنبل 1/330 برقم: 3062.
[19] - فضائل الصحابة 2/682 برقم: 1168.
[20] - مصنف ابن أبي شيبة 6/370 برقم: 32102.
[21] - مسند الامام أحمد بن حنبل 4 / 107 برقم : 17029، وقال عنها شعيب
الأرنؤوط: (حديث صحيح).
[22] - فضائل الصحابة 2/577 برقم: 978.
[23] - صحيح ابن حبان 15/432 برقم: 6976.
[24] - المستدرك على الصحيحين 2/147 وقال: (هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه).
[25] - تحفة الأخيار بترتيب شرح مشكل الآثار 8/477.
[26] - المستدرك على (صحيح مسلم وصحيح البخاري) 4/1883.
[27] - راجع : الرد النفيس على أباطيل
عثمان الخميس / حسن بن عبد الله العماني/ (131) إعداد مركز الأبحاث العقائدية.
[28] - صحيح مسلم 4/1883 / سورة الاحزاب اية 33.
[29] - خصائص الإمام علي 44 برقم: 33، السنن الكبرى 5/112 برقم: 8409، مسند أحمد
1/330 برقم: 3062، فضائل الصحابة 2/682 برقم: 1168.
[30] - مجمع الزوائد 9/172.
[31] - المستدرك على الصحيحين 3/172 برقم: 4748.
[32] - الجامع الصحيح (سنن الترمذي) 5/352 برقم: 3206.
[33] - مسند أحمد 3/259 برقم: 13754 و 3/285 برقم: 14072.
[34] - مسند عبد بن حميد 1/367 برقم: 1223.
[35] - مسند أبي داود 1/274 برقم: 205.
[36] - المعجم الكبير 3/56 و 22/402.
[37] - مصنف ابن أبي شيبة 6/388 برقم: 32272.
[38] - مسند عبد بن حميد 1/ 173 برقم: 475.
[39] - المعجم الكبير 3/ 56 وكذلك: 22/200.
[40] - المعجم الأوسط 8/111 برقم: 8127.
[41] - راجع : الرد النفيس على أباطيل عثمان الخميس / حسن بن عبد الله العماني/
(131) إعداد مركز الأبحاث العقائدية.
[42] - حقبة من التاريخ: 187.
[43] - سورة يس الآية: 82.
[44] - سورة الأحزاب الآية 32- 34.