فاطمةB في آيات القران الكريم
نأتي بالايات الخاصة بالسيدة فاطمة
والامام عليD معا لشدة الملازمة فيما بينهم, وذكر ان معظم
ايات أهل البيتD في زمن النبيJ بالأيام الأولى من البعثة وكما يلي:
الاول : آية ( وانذر عشيرتك الأقربين
)[1] : ان القران الكريم كتاب خالد والسيدة
فاطمة الزهراءB امرأة خالدة وهي سيدة نساء العالمين
وخلودهما (القران وفاطمة) عند الواحد الذي لا شريك له اذاً فاطمة داخلة ضمن دائرة
الاية الكريمة.
فقد دعى الرسول J عشيرته ثم قال في ذلك الجمع من يبايعني على
هذا الأمر سيكون خليفتي ووصيي من بعدي ، فكان علي بن أبي طالبA أول من تقدم وقبل إسلامه وإيمانه وتعهد بكل
ما وعده به ، وقال عليA :
أني أحدثهم سنا يا نبي الله أكون
وزيرك عليهم فاخذ الرسولJ برقبتي ثـم قال: إن هذا أخي ووصيي وخليفتي
فيكم فاسمعوا له وأطيعوه . قال: فقام القوم يضحكون ويقولون لأبي طالبA ، قــد أمرك أن تسمع لابنك وتطيع[2].
ومن تاريخ بعثة الرسولJ أطلقت كلمة الشيعة على أصحاب النبيJ الذين كانوا موالين لامام عليA واشتهر كل من سلمانE ولقبه الرسول الأكرمJ بسلمان المحمدي ، وأبو ذرE وعمارE بهذا اللقب[3].
أن النبيJ لم يعينه وزيرا وخليفة له جزافا أو انه لا
يعرفه حق المعرفة وهو الذي قال عنه الله تعالى: ( وما ينطق عن الهوى . إن هو إلا
وحي يوحى . علمه شديد القوى)[4] .
وصرح الرسولJ في كثير من الروايات المتواترة عن طريق أهل
السنة والشيعة إن فاطمةB مصونة من الخطأ والمعصية (معصومة) في القوال
والفعل ووردت وصرحت ايات من القران الكريم.
الثاني : آية التطـهير : قوله تعالى : ( إنما يريد الله ليذهب
عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا)[5].
هذه الآية الكريمة نزلت بحق النبي وعلي وفاطمة والحسن والحسين[6]D وهي دالة على العصمة فإذهاب الرجس يشمل كل
الذنوب والمعاصي والرذائل صغيرها وكبيرها وخصوصا عندما يكون التطهير من رب
العالمين.
فانه قد طهرهم فأصبحت قلوبهم صافية
نقية خالصة مخلصة لخالقها وبارئها في كل حركاتها وسكناتها وصرح رب العزة والجلالة
في قوله تعالى: ( فلا اقسم بمواقع النجوم * وانه لقسم لو تعلمون عظيم * انه لقران
كريم * في كتاب مكنون * لا يمسه[7] إلا
المطهرون)[8].
وهنا كشف إن القران الكريم لا يستوعبه
ويعيه إلا الذين طهرهم في آية التطهير السابقة والتي تكون فيها السيدة الزهراءB من المطهرين بعد النبيJ.
وتجد الصدِّيقة الطاهرة B في آية التطهير : فهل أنّ آية التطهير
«إنَّما يُريدُ اللّه ليُذهبَ عنكُم الرِّجسَ أهلَ البَيت وَيُطهِّركُم تَطهيراً»
تعني أنّ فاطمةB طاهرة من كلّ خبث حتّى من الدماء الثلاثة؟
نعم الزهراء B مطهّرة من الدماء الثلاثة حيث ورد في حقّها
في الرواية المعتبرة أنّها لا ترى دماً وأنّ بنات الأنبياء لا يطمثن.
فمن الأدلة على أن آية التطهير خاصة
بالخمسة أصحاب الكساء فقط في قوله تعالى : ( إنّما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل
البيت ويطهركم تطهيرا ) خاص فقط بالخمسة أصحاب الكساء دون غيرهم من زوجات النبيJ أو قرابته وأهم الأدلة على ذلك هي:
الدليل الاول : ثبت من خلال كل الرّوايات التي ذكرت
حادثة الكساء وسبب نزول آية التطهير أنّ قوله تعالى: ( إنّما يريد الله ليذهب عنكم
الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا ) نزلت مستقلّة لوحدها ولم تنزل ضمن الآيات التي
تخاطب زوجات النبيJ.
فوجودها بين هذه الآيات لا يعتبر دليل
على أنها خاصة بزوجات النبيJ أو حتى شاملة لهن ما لم يقم دليل آخر على
ذلك وهو غير موجود.
وجميع المسلمين متفقين على أن القرآن
لم يجمع بحسب النزول فكم من آية مدنية وقعت بين آيات مكية وكم من اية مكية وقعت
بين ايات مدنية وفي القرآن شواهد كثيرة على أنّ الآية في أوّلها خاصة بموضوع معين
وفي آخرها بموضوع آخر.
الدليل الثاني : في القرآن شواهد عدة على تخلل
الجملة الأجنبية بين الكلام المتناسق مثل الايات بقوله تعالى في حكاية خطاب عزيز
مصر لزوجته إذْ قال لها: ( إنّه من كيدكن إنّ كيدكن عظيم * يوسف أعرض عن هذا
واستغفري لذنبك إنّك كنت من الخاطئين).
فقوله : ( يوسف أعرض عن هذا ) مستطرد
بين خطاب عزيز مصر الموجه لزوجته، كما تلاحظ أن صدر الآية وهو ( يوسف أعرض عن هذا)
الخطاب فيه موجه إلى يوسفA كما هو ظاهر وعجزها وهو قوله تعالى:
( واستغفري لذنبك إنك كنت من الخاطئين
) موجه للزوجة، وفي هذا رد على من قال بأن آية التطهير جزء من آية وليست آية، فكيف
يكون الخطاب في صدرها موجه إلى الزوجات وفي عجزها موجه إلى أهل الكساء خاصة؟
فهذه الآية قوله تعالى: ( يوسف أعرض
عن هذا واستغفري لذنبك إنك كنت من الخاطئين ) في صدرها تخاطب جهة وفي عجزها الخطاب
إلى جهة ثانية.
فلا إشكال في ذلك حيث يشبهه الكثير
مثله في القرآن كقوله تعالى: (إنّ الملوك إذا دخلوا قرية أفسدوها وجعلوا أعزّة
أهلها أذلّة وكذلك يفعلون وإني مرسلة إليهم بهدية فناظرة بم يرجع المرسلون).
فقوله : ( وكذلك يفعلون ) مستطرد من
جهة الله تعالى بين كلام بلقيس، وآية التطهير من هذا القبيل جاءت مستطردة بين آيات
النساء.
الدليل الثالث : اختصاص آية التطهير بالزوجات أو
بالزوجات وغيرهنّ يعتبر اجتهاد في مقابل النص وهو غير جائز فالنبيJ قد نصّ على أنّ المقصود بأهل البيت بالآية
الكريمة هم الخمسة أصحاب الكساء فقط.
ونأتي ببعض الروايات الدالة على أنّ
النبيJ خص مفهوم أهل البيت بهم دون غيرهم فقد روى
الطبري[9] فقال
حدّثني ابن المثنى قال: حدثنا أبو بكر الحنفي قال: حدثنا بكير بن مسمار قال: سمعت
عامر بن سعد قال: قال سعد:
(
قال رسول اللهJ حين نزل عليه الوحي فأخذ علياً وابنيه
وفاطمة وأدخلهم تحت ثوبه ثم قال: ربّ هؤلاء أهلي وأهل بيتي).
وهذه الرواية صحيحة سنداً فـ( محمد بن المثنى ) ثقة ثبت من رجال الكتب الستة[10].
واما ( أبو
بكر الحنفي ) وهو (عبد الكبير بن عبد المجيد ) ثقة وثقه ابن سعد وذكره ابن
حبّان في الثقاة وقال عنه العجلي بصري ثقة. وكذلك تقريب التهذيب[11]
وطبقات ابن سعد[12]
وكذلك في الثقاة[13]
وتاريخ الثقاة[14].
واما ( بكير
بن مسمار ) وهو الزهري صدوق[15] من
رجال مسلم والترمذي والنسائي.
واما ( عامر
بن سعد ) ثقة وهو من رجال الكتب الستة[16].
واما ( سعد
) هو سعد بن أبي وقاص وهو صحابي. اذاً
فالرواية صريحة في تخصيص مفهوم أهل البيت بأصحاب الكساء فقط دون غيرهم.
وروى الترمذي[17] في
صحيحه قال: حدّثنا محمود بن غيلان ، حدّثنا أبو أحمد الزبيري ، حدثنا سفيان عن
زبيد عن شهر بن حوشب عن أم سلمة: ( أنّ النبيJ جلل على الحسن والحسين وعلي وفاطمة كساءً ثم
قال : اللهم هؤلاء أهل بيتي وخاصتي أذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا، فقالت أم سلمة
: وأنا معهم يا رسول الله ؟ قال : إنك إلى خير).
قال الترمذي : هذا حديث حسن وهو أحسن
شيء روي في هذا الباب وفي الباب عن عمر بن أبي سلمة وأنس بن مالك وأبي الحراء
ومعقل بن يسار وعائشة...انتهى كلامه.
وروى النسائي[18] قال
: أخبرنا محمد بن المثنى قال حدثنا يحيى بن حماد قال حدثنا الوضاح وهو أبو عوانة
قال حدثنا يحيى قال حدثنا عمرو بن ميمون قال:
إني
لجالس إلى بن عباس إذ أتاه تسعة رهط فقالوا إما أن تقوم معنا وإما أن تخلونا يا
هؤلاء وهو يومئذ صحيح قبل أن يعمى قال أنا أقوم معكم فتحدثوا فلا أدري ما قالوا
فجاء وهو ينفض ثوبه وهو يقول أف وتف يقعون في رجل له عشر وقعوا في رجل قال رسول J لأبعثن رجلا يحب الله ورسوله لا يخزيه الله
أبدا فأشرف من استشرف.
فقال
أين علي هو في الرحا يطحن وما كان أحدكم ليطحن فدعاه وهو أرمد ما يكاد أن يبصر
فنفث في عينيه ثم هز الراية ثلاثا فدفعها إليه فجاء بصفية بنت حيي.
وبعث
أبا بكر بسورة التوبة وبعث عليا خلفه فأخذها منه فقال لا يذهب بها إلا رجل هو مني
وأنا منه.
ودعا
رسول اللهJ الحسن والحسين وعليا وفاطمة فمد عليهم ثوبا
فقال اللهم هؤلاء أهل بيتي فأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا.
وكان
أول من أسلم من الناس بعد خديجة.
ولبس
ثوب رسول اللهJ ونام فجعل المشركون يرمون كما يرمون رسول اللهJ وهم يحسبون أنه نبي اللهJ فجاء أبو بكر فقال يا نبي الله فقال علي إن
نبي اللهJ قد ذهب نحو بئر ميمون فاتبعه فدخل معه الغار
وكان المشركون يرمون عليا حتى أصبح.
وخرج
بالناس في غزوة تبوك فقال علي أخرج معك فقال لا فبكى فقال أما ترضى أن تكون مني
بمنزلة هارون من موسى إلا أنك لست بنبي.
ثم
قال أنت خليفتي يعني في كل مؤمن من بعدي.
قال
وسد أبواب المسجد غير باب علي فكان يدخل المسجد وهو جنب وهو في طريقه ليس له طريق
غيره وقال من كنت وليه فعلي وليه...الخ.
وسند هذه الرواية صحيح فـ( محمد بن
المثنى ) قد سبقت الإشارة إلى وثاقته قبل قليل لوقوعه في سند رواية الطبري.
واما ( يحيى بن حمّاد ) ثقة من رجال
البخاري ومسلم والنسائي والترمذي وأبو داود وثقه ابن سعد وأبو حاتم وذكره ابن حبان
في الثقاة وقال عنه العجلي: بصري ثقة.
واما ( الوضاح
أبو عوانة ) فهو كذلك قد ثبت ثقة كما يقول العسقلاني[24]
وقال عنه ابن معين : جائز الحديث وقال أبو حاتم : صدوق ثقة وقال أبو زرعة: ثقة،
وذكره ابن حبّان في الثقاة وقال ابن سعد : كان ثقة صدوقاً وقال العجلي :
بصري ثقة وهو من رجال الستة كما في
(تاريخ الدوري[25]
والجرح والتعديل[26]
والثقاة[27]
وطبقات ابن سعد[28]
وتاريخ الثقاة[29]).
واما (
يحيى ) هو ابن سليم أو ابن أبي سليم أبو بلج الفزاري وهو ثقة وثقه ابن معين
وابن سعد والنسائي والدار قطني وقال أبو حاتم صالح الحديث وقال الجوزجاني: كان ثقة
وقال عنه ابن حجر الهيثمي في مجمع الزوائد (وهو ثقة).
واما ( عمرو
بن ميمون ) ثقة فاضل كما يقول عنه العسقلاني[34]
ووثقه ابن معين وابن سعد وذكره ابن حبّان في الثقاة كما في (تاريخ الدوري[35]
وطبقات ابن سعد[36]
والثقاة[37]).
وكذلك روى النسائي[38]
فقال: أخبرنا قتيبة بن سعيد وهشام بن عمار الدّمشقي قالا: حدثنا حاتم عن بكير بن
مسمار عن عامر بن سعد بن أبي وقاص عن أبيه قال:
أمر
معاوية سعداً فقال : ما يمنعك أن تسبّ أبا تراب ؟ فقال : أنا ذكرت ثلاثاً قالهن
رسول الله J فلن أسبّه لأن يكون لي واحدة منها أحب إلي
من حمر النعم: سمعت رسول اللهJ يقول له وخلّفه في بعض مغازيه.
فقال
له علي : يا رسول الله أتخلفني مع النساء والصبيان ؟
فقال
رسول اللهJ : أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من
موسى إلاّ أنّه لا نبوّة بعدي؟
وسمعته
يقول يوم خيبر : لأعطين الراية غداً رجلاً يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله،
فتطاولنا إليها.
فقال
: ادعوا لي علياً فأتي به أرمد فبصق في عينه ودفع الراية إليه.. ولمّا نزلت :
(إنّما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا) دعا رسول اللهJ علياً وفاطمة وحسناً وحسيناً فقال: اللهم
هؤلاء أهل بيتي.
وهذه الرواية صحيحة سنداً رواتها كلهم
من الثقاة وقال عنها محقق كتاب الخصائص أبو إسحاق الحويني الأثري: ( إسناده صحيح
).
الدليل الرابع : وهو بعض هذه الروايات صريحة في أن
النبيJ لم يسمح لأم المؤمنين السيدة أم سلمةB بالدّخول تحت الكساء عندما أرادت أن تدخل
معهم وجذبه من يدها فلو كانت هذه الآية تعنيها أو المفهوم شامل لها لما كان هذا
المنع, أو قال لها إنك من أهل البيت بدلا من قوله لها (إنك إلى خير).
الدليل الخامس : أي واحدة من زوجات النبيJ لم تدعي أنّ قوله تعالى : (إنّما يريد الله
ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا) خاص بهن فقط أو أنهن ممن شملتهن هذه
الآية.
حيث لم يذكر شيء من ذلك بل إن السيدة
عائشة وأم سلمةB ممن روى اختصاص الآية بالخمسة فقط من أصحاب
الكساء فقد قال الحافظ ابن الجوزي[39]:
(...والثاني
: إنّه خاص في : رسول اللهJ وعلي وفاطمة والحسن والحسين. قاله أبو سعيد
الخدري وروي عن أنس وعائشة وأم سلمة نحو ذلك).
الثالث : اية المباهلة : قوله تعالى : ( فمن حاجك فيه من بعد
ما جاءك من العلم فقل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم وأنفسنا
وأنفسكم ثم نبتهل فنجعل لعنت الله على الكاذبين )[40].
هذه الآية تسمى آية المباهلة نزلت في
المدينة تخاطب النبيJ عندما جاء نصارى نجران لتكذيبهJ فقال لهم تعالوا نبتهل إلى الله . فدعا عليا
وفاطمة والحسن والحسينD وقال هؤلاء أبناؤنا وأنفسنا ونساؤنا فهلموا
أنفسكم ونسائكم وأبنائكم. وفي صحيح مسلم[41]
(اللهم هؤلاء أهلي)[42] .
فكيف خاطب الله تعالى رسولهJ ويطلب منه دعوة الأبناء وهو يعلم أن نبيهJ ليس له أبناء وقد لقبه الكفار بالأبتر ونفى
الله تعالى عنه هذه الصفة في سورة الكوثر بمكة في بداية البعثة النبوية الشريفة.
وكذلك أزواج النبيJ لم تدعى ولو واحدة منهن إنها من أهل البيت
وروت كل واحدة منهن من إن الآية خاصة برسول الله وعلي وفاطمة والحسن والحسينJ واخرج ذلك الترمذى ومسلم والحاكم والطبري
والسيوطي والذهبي وابن الأثير وغيرهم ، فراجع[43].
وعندما رأى نصارى نجران أن النبيJ جاء بآهل بيته دون غيرهم للمباهلة قال لهم سيدهم : لا تباهلوه والله لقد عرفتم يا معشر النصارى إن
محمدا نبي مرسل والله ما باهل قوم نبي قط فعاش كبيرهم ولا نبت صغيرهم ولئن فعلتم
لتهلكن فوادعوا الرجل وانصرفوا.
لأني أرى يا معشر النصارى وجوها لو شاء الله أن يزيل جبلا
من مكانه لأزاله بها فلا تباهلوا فتهلكوا ولا يبقى على وجه الأرض نصراني إلى يوم
القيامة ، فقالوا:
يا أبا القاسم رأينا أن لا نباهلك وان نقرك على دينك ونثبت
على ديننا. قال فإذا أبيتم المباهلة فاسلموا يكن لكم ما للمسلمين وعليكم ما عليهـم
، فأبوا . قالJ: إني أناجزكم . فقالوا ما لنا بحرب العرب طاقة ولكن نصالحك . وتم
الصلح بينهما[44].
وهنا السيدة فاطمةB كنسائه ثم أخى رسول اللهJ والذي هو عليA إذ جعله الله تعالى في هذه الآية الكريمة نفس محمدJ والحسن والحسينD أبنائه.
فالصدِّيقةB في آية المباهلة وما تظافرت به الروايات والزيارات كـ(زيارة
الجامعة الكبيرة مثلاً) هل يمكن القول بأنّ الأئمة الاثنى عشر والزهراءD هم أفضل من الخلق كافّة، سوى الرسولJ.
نقول : نعم القول متعيّن بالنظر للآية، والروايات المشار
إليها، والبريد هي الزيارات.
الرابع : اية الولاية: قوله تعالى : ( إنما وليكم الله
ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون )[45] فقد
اخرج علماء اهل السنة أنها نزلت في حق علي بن أبي طالبA حيث قال الإمام أبو إسحاق الثعلبي في تفسير
الكبير بالإسناد إلى أبي ذر الغفاريE:
( أني صليت مع رسول اللهJ ذات يوم فسأل سائل في المسجد فلم يعطه أحد
شيئا وكان عليA راكعا في صلاة نافلة فأومئ بخنصره إليه وكان
يتختم بها فاقبل السائل حتى اخذ الخاتم من خنصره . وهبط الأمين جبرائيلA بهذه الآية).
ومصادر رواة نزول الاية (الولاية) في
: الزمخشري في تفسير الكشاف[46] وفي
تفسير الطبري[47] وفي
تفسير القرطبي[48] وفي
تفسير الفخر الرازي[49] وفي
تفسير ابن كثير[50] وفي
أسباب النزول للإمام ألواحدي[51] وفي
الدر المنثور في التفسير المأثور للسيوطي[52]
وكثير من كتب التفسير ومن يريد الاكثر فليراجع ويتفحص.
فإن آية الولاية الكريمة تبين أن الله
تعالى قرن ولايته وولاية رسولهJ بولاية علي بن أبي طالبA.
واما المراد بالولي : هو بمعنى أي
أحرى به واجدر وإنما هو الأولى بالتصرف[53]
، كما يتصرف الله عز وجل بخلقه وكما يتصرف النبيJ بالمسلمين فانه أولى بالتصرف بالمسلمين
بتفويض من الله سبحانه وتعالى عن طريق نبيه الكريمJ ويمكن أن تطلق على المحب والنصير والصديق[54].
ولكن هذه المعاني عامة لا تنحصر فيما
أريد في الآية الكريمة ، لان الآية حددت المعنى بقوله تعالى وهم راكعون .
كما قال الزمخشري في الكاشف ( كيف صح
أن يكون لعليA واللفظ جماعه قلت جيء به على لفظ الجمع وان
كان السبب فيه رجلا واحدا ليرغب الناس في مثل فعله فينالوا مثل ثوابه)[55].
واما في تاج العروس فقد روى ابن سلام
عن يونس أن المولى في الدين هو الولي وذلك قوله تعالى: ( ذلك بأن الله مولى الذين
آمنوا وأن الكافرين لا مولى لهم ) أي بمعنى لا ولي لهم (منه الحديث وهو مَن كنت
مولاه فعلي مولاه) أي من كنت وليه[56].
فتحصل انه لا يجوز تقديم أي فرد او
جماعة على (علي وفاطمة)D قطعا لان الله تبارك وتعالى أشرك الرسول
وعليD معه في الولاية.
الخامس : اية البلاغ: وتعتبر هي فصل الخطاب في سورة
المائدة التي يعتبرها معظم كتاب التاريخ والمفسرون بأنها نزلت في حجة الوداع
للرسول[57]J والتي جاءت فيها آيـة البلاغ حيث قال تعالى:
(
يا أيها الرسول بلغ ما انزل إليك من ربك وان لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك
من الناس إن الله لا يهدي القوم الكافرين)[58].
بعد رجوع الرسولJ من حجة الوداع في مكة إلى المدينـة بموضع بينهما يدعى غدير خم على
بعد ثلاثة أميال من الجحفة بناحية رابغ ، تقريباً بعد مضي خمس ساعات من النهار ،
وكان معه مائة ألف أو يزيدون.
فأمر أن يرد من تقدم منهم وانتظر من تأخر عنهم ونادى منادي
الصلاة جامعة وكان في وقت الضحى والحر شديد ، وجمعت الحجارة بعضها فوق بعض كالمنبر
وخطب خطبته المعروفة بخطبة حجة الوداع.
وفيها رفعJ يد علي بن أبي طالبA ثم قال ( من كنت مولاه فهذا علي مولاه . اللهم والِ من والاه
وعادِ من عاداه وانصر من نصره واخذل من خذله وادر الحق معه حيث دار)[59].
وهذا الحديث جاء تأكيدا للآية (الولاية) السابقة الذكر فهل
يليق بنا أن نفسر معنى الولاية هنا بان عليA هو محبكم وناصركم ؟
وهل يليق برسول
اللهJ أن يجمع المسلمين في مثل ذلك الحر والشمس المحرقة وبينهم النساء
والشيوخ وبعد مسير طويل بعد أداء مراسيم الحج؟ لانه كان يوم الثامن عشر من شهر ذي
الحجة لكي يقول لهمJ أن عليA هو محبكم وناصركم ؟
فهل هذا تفسير مقنع للمسلم المؤمن ؟ وهل هو المطلوب في
الآية الكريمة التي تأمر النبيJ أن يبلغه للمسلمين؟
فما هو الشيء الذي لم يبلغه الرسولJ بعد هذه المدة الطويلة من المعاناة والهجرة والأذى من الكفار
والمشركين مع العلم انهJ بلغ القران جميعا وبين أمور الدين كاملة وأصبحت الرسالة على وشك
النهاية ، فما هو المطلوب لتبليغ المسلمين به.
فلا بد من وجود
شيء مهم للغاية لم يبلغه رسول اللهJ لأنه كان حذرا من الناس.
ألقى خطبته المشهورة بخطبة الوداع ثم
عقدJ موكب لتهنئة الإمام عليA في ذلك الحر الهجير والشمس المحرقة وبدأ
بزوجاته وجاء أبو بكر وعمر يقولان لعليA:
( بخٍ بخٍ لك يا ابن أبي طالب أصبحت
وأمسيت مولى كل مؤمن ومؤمنة) حيث يقول جلال الدين السيوطي في الدر المنثور[60] أن
الرسولJ لما نصب الإمام عليA يوم غدير خم نزل جبريلA بآية إكمال الدين: ( اليوم أكملت لكم دينكم
وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا)[61].
كما رويت في تاريخ بغداد للخطيب[62]
وراه الخوارزمي في مناقبه[63]
ورويت في تاريخ اليعقوبي[64]
ورويت في تاريخ دمشق لابن عساكر[65].
واما علماؤنا فلم يختلف أحد منهم في
ذلك ومن يرغب بالاطلاع اكثر فعليه بكتاب الغدير للعلامة الأميني H في أحد عشر مجلدا قد جمع فيه كل ما تعلق
بحديث الغدير من كتب أهل السنة واخرج الحديث عن ثلاثمائة وستين عالم.
ومن شواهد ذلك عن حديث الغدير ما
نقله: ( الحسكاني في شواهد التنزيل[66] -
تفسير الثعلبي في سورة المعارج[67] -
تفسـير القرطبي[68] -
ينابيع المودة للقندوزي الحنفي[69] -
الحاكم في مستدركه على الصحيحين[70] -
تذكرة الخواص لابن الجوزي) وغيرها الكثير.
وغيرهم الكثير من علماء أهل السنة
يقولون إن الخبر عندما وصل إلى الحارث بن النعمان الفهري ولم يعجبه ذلك اقبل على
رسول اللهJ وأناخ راحلته أمام باب المسجد ودخل على
النبيJ فقال:
[ يا محمد انك أمرتنا أن نشهد أن لا
اله ألا الله وانك رسول الله فقبلنا منك ذلك وآمرتنا أن نصلي خمس صلوات في اليوم
والليلة وان نصوم رمضان ونحج البيت ونزكي أموالنا فقبلنا منك ذلك ثم لم ترضى بهذا
حتى رفعـت بضبعي ابن عمك وفضلته على الناس وقلت (من كنت مولاه فعلي مولاه ) فهذا
شيء منك أو من الله ؟
فقال رسول اللهJ : وقد احمرت عيناه ( والله الذي لا اله ألا
هو انه من الله وليس مني) قالها ثلاثا.
فقام الحارث وهو يقول اللهم إن كان ما
يقول محمدا حقا فأرسل علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب اليم. قال : فوالله ما
بلغ ناقته حتى رماه الله من السماء بحجر فوقع على هامته فخرج من دبره وانزل الله تعالى قوله: (سئل سائل
بعذاب واقع للكافرين ليس له دافع )[71].
وكذلك روى محمد بن إدريس الشافعي في
مسنده[72]
وابن حجر العسقلآني في صواعقه[73] عن
أبي هريرة قال لما نزلت آية الصلوات في قوله تعالى (إن الله وملائكته يصلون على
النبي يا آيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما)[74].
انه قلنا يا رسول اللهJ قد عرفنا كيف نسلم عليك فكيف نصلي عليك قال
الرسولJ (قولوا اللهم صلِ على محمد وال محمد كما
صليت على إبراهيم وال إبراهيم وبارك على محمد وال محمد كما باركت على إبراهيم وال
إبراهيم ثم تسلمون علي).
وروي عنهJ انه قال لا تصلوا علي الصلاة ألبترآء فقالوا يا رسول الله وما
الصلاة البتراء . قالJ ( تقولون اللهم صلِ على محمد وتمسكون).
وروى القرطبي في تفسيره[75] وابن العربي
الأندلسي المالكي[76]
على لحق آل النبيJ عند الصلاة عليه حيث تدل على أنها نزلت في حق النبيJ وهم علي وفاطمة والحسن والحسينD.
وهناك الكثير من المفسرين والمؤرخين والكتاب من قالوا أنها
نزلت في حق شخص (النبيJ) والهِ (بالكسر) ومن يرغب بالاطلاع اكثر فعيله مراجعة المصادر
التالية:
كما في : البخاري في صحيحه[77] - ألواحدي
في أسباب النزول[78]
- الحاكم في المستدرك[79]
- الفخر الرازي في تفسيره[80]
- النيسابوري في تفسيره[81]
- الطبري في تفسيره[82]
- ابن عبد البر الأندلسي في تجريد التمهيد[83] - الخازن في
تفسيره[84]
- محب الدين الطبري[85]
في ذخائر العقبى عن جابر بن عبد الله الأنصاريE انه كان يقول لو صليت صلاة لم اصلِ فيها على محمد وال محمد ما
رأيت أنها تقبل.
ومن هذا تحصل ( الاجماع )
إن معظم المفسرين يذكرون إن حب آل محمدD واجب وقد اتهم الامام الشافعي بالتشيع من
اجل قوله:
يا آل بيت رسول الله حبكم * فرض من الله في القران أنزله
يكفيكم من عظيم الفخر أنكم * من لم
يصل عليكم لا صلاة له
[1] - سورة الشعراء الآية 214 .
[2] - تاريخ اليعقوبي ج2 ص63 ، تاريخ
أبي الفداء ج1 ص116 .
[3] - حاضر العالم الإسلامي ج1 ص188 .
[4] - سورة النجم الآيات 3 - 4 ، 5 .
[5] - سورة الأحزاب الآية 33 .
[6] - من اراد التفصيل يراجع كتاب فاسألوا أهل الذكر للدكتور محمد التيجاني
السماويK كتاب لماذا اخترت مذهب الشيعة مذهب اهل البيت للعلامة
محمد مرعي الأمين الانطاكيK.
[7] - لا يمسه : لا يستوعبه و يعيه أي يفهمه .
[8] - سورة الواقعة الآيات 75 - 76 - 77 - 78 - 79 .
[9] - تفسير الطبري ج10 ص 298.
[10] - تقريب التهذيب 2/204.
[11] - تقريب التهذيب :1/477.
[12] - طبقات ابن سعد :7/299.
[13] - الثقاة : 8/420.
[14] - تاريخ الثقاة : 290.
[15] - تقريب التهذيب 1/116.
[16] - تقريب التهذيب : 1/369.
[17] - الجامع الصحيح للترمذي ج5 ص 699.
[18] - النسائي في كتابه السنن الكبرى
5/112.
[19] - تقريب التهذيب :2/353.
[20] - طبقات ابن سعد : 7/306.
[21] - الجرح والتعديل : 9/137.
[22] - ابن حبان الثقاة : 9/ 257.
[23] - تاريخ الثقاة : 470.
[24] - العسقلاني تقريب التهذيب 2/337 .
[25] - تاريخ الدوري :2/629.
[26] - الجرح والتعديل : 9/40.
[27] - الثقاة :7/562.
[28] - طبقات ابن سعد : 7 /287.
[29] - تاريخ الثقاة : 464.
[30] - الجرح والتعديل :9/153.
[31] - طبقات ابن سعد : 7/311.
[32] - تهذيب الكمال : 33/162.
[33] - مجمع الزوائد : 9/ 109.
[34] - العسقلاني تقريب التهذيب 2/85.
[35] - تاريخ الدوري : 2/455.
[36] - طبقات ابن سعد : 7/482.
[37] - الثقاة : 7/224.
[38] - النسائي في كتاب خصائص الإمام
علي بن أبي طالبA ص 32 تحقيق أبو إسحاق الحويني الأثري.
[39] - الحافظ ابن الجوزي كتاب زاد المسير في علم التفسير 6/381- 382.
[40] - سورة آل عمران الآية 61. ( آية المباهلة ).
[41] - صحيح مسلم ج7 ص120.
[42] - راجع : البخاري في التاريخ الكبير ج1 ص69 أو صحيح مسلم ج2 ص368 - وسنن
الترمذي ج5 ص30 - ومسند الإمام احمد بن حنبل ج1 ص330 - وأسباب النزول للوآحدي ص302
وغيرها.
[43] - راجع : كتاب فاسألوا اهل الذكر للدكتور محمد التيجاني السماوي ص69 وكتاب
لماذا اخترت مذهب الشيعة مذهب أهل البيت للعلامة محمد مرعي الامين الانطاكي.
[44] - تفسير الكشاف للزمخشري ج1 ص482 وغيره.
[45] - سورة المائدة الآية 55 .
[46] - تفسير الكشاف للزمخشري ج1 ص649.
[47] - تفسير الطبري ج6 ص288.
[48] - تفسير القرطبي ج6 ص112.
[49] - تفسير الفخر الرازي ج12 ص26.
[50] - تفسير بن كثير ج2 ص71.
[51] - اسباب النزول للواحدي ص148.
[52] - الدر المنثور في التفسير الماثور للسيوطي ج2 ص293.
[53] - راجع : معجم المحيط مادة ولي في الصحاح أو مختار الصحاح ص737 نشر :
الهيئة المصرية العامة للكتاب.
[54] - راجع : مختار القاموس في مادة ولي .
[55] - الزمخشري / الكاشف / ج1 ص 422.
[56] - تاج العروس فصل الواو من باب الواو والياء ج10 ص399 .
[57] - الدر المنثور في التفسير المأثور لجلال الدين السيوطي ج3 ص3 .
[58] - سورة المائدة الآية 67 .
[59] - راجع : صحيح مسلم باب فضائل علي A و: مسند احمد بن حنبل ج3 ص372 و: كتاب الخصائص
للنسائي ص21 و: مستدرك الحاكم ج3 ص109.
[60] - الدر المنثور جلال الدين السيوطي ج2 ص259 .
[61] - سورة المائدة الآية 3 .
[62] - تاريخ بغداد ج8 ص290.
[63] - المناقب للخوارزمي ص80.
[64] - تاريخ اليعقوبي ج1 ص32.
[65] - تاريخ دمشق ج2 ص75.
[66] - شواهد التنزيل للحسكاني ج2 ص286.
[67] - تفسير الثعلبي تفسير سورة المعارج اية (سال سائل بعذاب واقع).
[68] - تفسير القرطبي ج18 ص278 تفسير
سورة المعارج.
[69] - ينابيع المودة للقندوزي الحنفي ص328.
[70] - مستدرك الصحيحين ج2 ص502.
[71] - سورة المعارج الآيات 1 ، 2 .
[72] - في المجلد الثاني ص97 .
[73] - الصواعق المحرقة ص144 .
[74] - سورة الأحزاب الآية 33 .
[75] - الجامع لاحكام القران ج14 ص233 وما تلاها.
[76] - احكام القران ج1 ص184.
[77] - صحيح البخاري ج6 ص12.
[78] - اسباب النزول 271 .
[79] - المستدرك ج3 ص148.
[80] - تفسير الفخر الرازي ج25 ص226.
[81] - تفسير النيسابوري ج22 ص30.
[82] - تفسير الطبري ج22 ص27 .
[83] - تجريد التمهيد ص85 .
[84] - تفسير الخازن ج5 ص226.
[85] - ذخائر العقبى ص19.