الثلاثاء، 11 أبريل 2017

أمية محمد بن عبدالله بين السنة والشيعة ص


أمية محمد بن عبدالله o
 هذا الاعجاز بكل جوانبه من الله تعالى وهو الرسول o بحد ذاته وذلك من خلال استعراض سيرته العطرة تجده كله رحمه كما قال السيد سعد احمد الاعرجي[1] في قوله تعالى ( فأمنوا بالله ورسوله النبي الأمي الذي يؤمن بالله وكلماته واتبعوه لعلكم تهتدون)[2] فسر بعضهم هذه الاية بان النبي الامي معناه انه كان لا يعلم القراءة والكتابة فهل ان النبي o فعلا كان لا يعلم القراءة والكتابة.
فنسبة هذه الصفة الى رسول اللهo أقصد (الامية) بمعناه العرفي هي عدم معرفة القراءة والكتابة ومعنى ذلك نسبة النقص اليه (حاشاه)! ففي الوقت الذي يعتبر فيه رسول اللهo جامع لكل الكمالات الانسانية, فتحصل ان صفة العلم واحدة من اهم الصفات الكمالية في الانسان وعدمها معناه (جهله) وهي صفة نقص.
اما منشأها عدم فهم للقران الكريم. واما عدم معرفة ومكانة والشخصية لرسول اللهJ. واما نسبة الصفة قصدهم التعمد من اجل الانتقاص منهJ.
فلو عدنا للقران الكريم لوجدنا ان تسمية الامية ليس معناها عدم معرفة القراءة والكتابة بل لقب اطلق لاهل مكة على وجه العموم وبما انه عليه السلام من مكة فهو امي ايضا وهذا ما اكد عليه القرءان الكريم في العديد الايات فمنها:
قوله تعالى: (هو الذي بعث في –الاميين- رسولا منهم يتلوا عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وان كانوا من قبل لفي ضلال مبين)[3].
لاحظ ان الله تعالى وصف بهذه الاية كل اهل مكة بالاميين بقوله: (هو الذي بعث في الاميين رسولا منهم) ولما كان النبي o منهم فهو امي ايضا وكذلك بنفس الاية اشارات مهمة دالة على معرفته بالقراءة والكتابة.
ان الله خاطب نبيه o كما في قوله تعالى: ( فإن حاجوك فقل اسلمت وجهي لله ومن اتبعن وقل للذين أتوا الكتاب - والأميين - ءأسلمتم فإن اسلموا فقد اهتدوا وإن تولوا فإنما عليك البلاغ والله بصير بالعباد)[4].
وفي هذه الاية تلاحظ ان الله تعالى يقول لنبيه محمدo خاطب اهل الكتاب والاميين وهم اهل مكة. فهل كل اهل مكة لا يعرفون القراءة والكتابة لكي يسميهم بالاميين مع العلم ان فيهم شعراء وكتاب وادباء وغيرهم ممن كان يتقن القراءة والكتابة.
وكذلك نفس القرآن الكريم شهد لهم بذلك, كما في قوله تعالى: (ومنهم أميون لا يعلمون الكتاب الا أماني وإن هم الا يضنون * فويل للذين يكتبون الكتاب بأيديهم ثم يقولون هذا من عند الله ليشتروا به ثمنا قليلا فويل لهم مما كتبت ايديهم وويل لهم مما يكسبون)[5].
فالاية تتحدث عن الاميين وهم اهل مكة وان كان فيها خصوصية خاصة وهي (الجهل) بالكتاب بقوله تعالى: (ومنهم اميون لا يعلمون الكتاب).
وسماهم القران بالاميين لا لعدم معرفتهم القراءة والكتابة, ولكن لانهم يجهلون الكتاب اي (القرآن) فلعدم ادراكهم وعلمهم بالكتاب سماهم بالاميين.
ومقطع الاية الثاني دل مباشرة على انهم يعرفون القراءة والكتابة وهي اشارة الى هؤلاء الاميون (اي الجاهلون بالقران على وجه الخصوص لا القراءة والكتابة).
كما في قوله تعالى: (فويل للذين يكتبون الكتاب بأيديهم ثم يقولون هذا من عند الله) اي ويل لهؤلاء الاميين الذين يكتبون الكتاب بايديهم وينسبونها الى الله تعالى وهو براء مما كتبوا. اذن البعض منهم كانوا يقرأون ويكتبون ومع ذلك سماهم بالاميين.
الف : لماذا سماهم بالاميين
نسبة الى مكة المكرمة وهي (ام) القرى فهم ينتسبون اليها, ولهذا سماهم بالاميين نسبة لذلك وهو ما اكده القرءان الكريم ليؤيده بقوله تعالى: (وهذا كتاب انزلناه مبارك مصدق الذي بين يديه ولتنذر ام القرى ومن حولها)[6].
اذاً: سبب التسمية جاءت من هذا الباب كون مكة هي ام القرى فهم اميون لانهم من ام القرى ومنهم نبي اللهo فهو امي نسبة الى مكة المكرمة.
ومما يؤيد ذلك ما في الحديث[7] عن جعفر بن محمد الصولي قال: سألت ابا جعفر محمد بن علي الرضا D قلت: يا ابن رسول الله لم سمي النبيo بالامي ؟ فقالA: ما تقول الناس ؟ قلت: يزعمون أنه إنما سمي الامي لأنه لم يحسن ان يكتب. فقالA
كذبوا عليهم لعنة الله، أنى ذلك والله يقول في محكم كتابه: (هو الذي بعث في الاميين رسولا منهم يتلوا عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة) فكيف كان يعلمهم ما لا يحسن؟ والله لقد كان رسول الله o يقرأ ويكتب بأثنين وسبعين (او ثلاث وسبعين) لسانا.
فمن هذا الحديث يتبين لك عدة أمور منها:
منها : ان رسول اللهo كان يحسن القراءة والكتابة.
منها : لم يكن رسول اللهo يعرف القراءة والكتابة باللغة العربية فقط بل كان يقرأ ويكتب بـ(72) لغة.
منها : سمي رسول اللهo بالامي لانه من مكة المكرمة ولذا سمي اهل مكة جميعهم بالاميين للسبب نفسه.
منها : ان رسول اللهo كذّب من يقول بان محمد بن عبداللهo لم يكن يعرف القراءة والكتابة بقولهJ (كذبوا عليهم لعنة الله).
فهل كان رسول اللهo فعلاً يعرف القراءة والكتابة لم يأتنا شيء من التاريخ ان النبيo لم يدخل اي مدرسة ولم يتعلم على يد أي واحد من البشر لا في طفولته التي قضاها في البادية, ولا في فترة صباه التي قضاها يرعى اغنامه, ولا في شبابه التي قضاها بالتجارة.
ولم يذكروا ان أي احد نقل عنه o كان يقرأ ويكتب طيلة اربعين سنة من عمره الشريف الى يوم بعثته بالرسالة ويزيدنا فخر على العالمين ان نبيا اميا جاء باعظم دين ونجعلها معجزة لهJ.
فاين تعلمها وما الدليل القرآني على كونه يقرأ ويكتب بالعربية فضلا عن باقي اللغات التي ذكرها الحديث من انه كان يقرأ ويكتبJ.
ان دعوى كون رسول اللهo (امّي) وافتخارنا من ان ذلك معجز له اذ كيف لرجل لا يعرف القراءة والكتابة جاء باعظم رسالة ما هي الا انتقاص لشخصيته واعوذ بالله من هذا الكلام, وهو الذي جاء لكي يؤكد على مدى اهمية العلم والتعلم فكيف يؤكد على ما لا يعلم.
وتجد القرآن في كثير من الايات صرح بشكل واضح على مدى الفرق بين العالم المتعلم وبين الجاهل وكما معروف ان رأس العلم القراءة والكتابة وهي مفتاح العلم اتقان القراءة والكتابة, كما في قوله تعالى:
(قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون)[8] وعنده ميزان التفاضل ورفع الدرجات كما في قوله تعالى: (يرفع الله الذين ءامنوا منكم والذين أتوا العلم درجات)[9].
فكيف يؤكد رسول اللهo على اهمية العلم ويحث على طلبه وهو لا يتعلم او لا يعلم وهو القائلJ: (اطلبوا العلم من المهد الي اللحد ) وكذلك قالJ: (اطلبوا العلم ولو في الصين ).
ولو رجعنا للقرءان الكريم لوجدناه يصرح في اكثر من اية من ان النبيo كان يعرف القراءة والكتابة منها :-
منها : من المعروف ان اول اية نزلت على رسول اللهo عند بدأ نزول الوحي عليه في اول مرة بغار حراء هي الأية (اقرأ) من سورة العلق كما في قوله تعالى:
( أقرأ باسم ربك الذي خلق * خلق الانسان من علق *أقرأ وربك الاكرم الذي علم بالقلم *علم الانسان ما لم يعلم) وهذا دليل على مدى اهمية العلم واهمية القراءة والكتابة فكانت اول اية كريمة نزلت على نبي الرحمةo.
والسؤال اذا كان نبي اللهo لا يعرف القراءة فكيف امره الله تعالى بالقراءة؟ وكيف طلب منه جبريل A من ان يقرأ؟.
فهنا تجد امرين لا ثالث لهما وهو :
( أما ) : ان رسول اللهo كان لا يعرف القراءة فطلب الله تعالى ذلك منه عن طريق جبرائيلA وهذا تكليف بما لا يطاق؟ والله تعالى لا يكلف نفسا الا وسعها, اذا فكيف طلب منه القراءة وهو كان اميا بحسب زعمهم؟.
والله تعالى اما انه كان يعلم بان نبيه محمدo امي لا يعرف القراءة والكتابة فكيف طلب منه مع علمه بذلك, وهذا خلاف قوله تعالى (لا يكلف الله نفسا الا وسعها)؟ او ان الله تعالى لم يكن يعلم بذلك وهو محال.(استغفرالله).
( أما ) : ان رسول اللهJ كان يعلم ويعرف القراءة والكتابة وهو المختار ولذا طلب منه الله تعالى القراءة كما في قوله تعالى: (اقرأ بسم ربك الذي خلق خلق الانسان من علق) ثم امره ثانياً بالقراءة بقوله تعالى: (اقرأ وربك الاكرم الذي علم بالقلم ).
والاية الكريمة تكشف لنا من علّم رسول اللهo من الذي علمه بالقلم. انه ربه وربنا جل وعلا (الذي علّم بالقلم ) اي علم النبي محمدJ بالقلم ثم قال: (علم الانسان ما لم يعلم).
فمحمد بن عبداللهJ وان لم يتعلم على يد بشر لكن علمه ربه خالقه. اذن طلب القراءة منه يكشف لنا عن سبق معرفته بذلك[10].
وعليك ان نعرف ان الاية امرته بالقراءة كما في قوله تعالى: ( اقرأ بسم ربك الذي خلق * خلق الانسان من علق * اقرأ وربك الاكرم الذي علم بالقلم) والامر بالقراءة معناه علمه المسبق بها اي ان النبي محمدJ كان عارف بالقراءة والكتابة مسبقا.
وهذا الامر بالقراءة ما معناه فبالاضافة لما سبق علينا ان ندرك هذه الحقيقة المهمة وهي ان طلب القراءة يعني اما وجود كتاب حاضر (اي مكتوب) فطلب القراءة منه اي انه كان هناك كتاب بيديهo وطلب منه ان يقرأ من ذلك الكتاب هذا.
او. لا. ان النبيo كان حافظ لذلك الكتاب وطلب منه ان يقرأ مما حفظ عن ظهر قلب لهذا الكتاب.
وكلا الحالتين السابقة تثبت ان للنبي محمدo صفة العلم وانه كان يقرأ ويكتب ولا يقول أي احد ان رسول اللهo كان يقرأ ما يقرأه جبرائيلA فحفظ عنه وقرأه للناس فهذا من جانبين وهما:
( اما ) : ان ما حفظه عن الوحي جبرائيل A ليست بقراءة لانها تعتبر عملية تلقين ودور النبي محمدo مجرد نقل ما لقن من قبل جبرائيلA وهو بخلاف الامر بالقراءة فالقراءة شيء والتلقين شيء ثانِ.
( اما ) : ان هذا بخلاف لما جاء في ايات القرآن الكريم التي تثبت للنبي محمدo القراءة والكتابة في غير مورد كما في قوله تعالى: (أقرأ بسم ربك الذي خلق).
باء : أدلة قرآنية أخرى
من ادلة القرآن الاخرى التي تدل علي معرفة النبي o للقراءة والكتابة هي قوله تعالى : (هو الذي بعث في الاميين رسولا منهم يتلوا عليهم ءاياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة)[11] فكيف كان النبيo يعلم ما لا يحسن ؟
كيف كان النبيo يعلمهم الكتاب وهو لا يعلم (امي) وعندنا قاعدة تقول (فاقد الشيء لا يعطيه) فكيف لفاقد النور ان ينور طريق لنا وللاخرين وكيف لمعلم يعلم الناس ما لا يعلم فهل يمكن ان يقال ان النبيo كان يعلم وهو لا يعلم ولا يحسن العلم؟
ان الله تعالى قال في وصف مقام نبيهo واشار الى علمه ومعرفته للقراءة والكتابة كما في قوله تعالى : (وما كنت تتلوا من قبله من كتاب ولا تخطه بيمينك إذا لارتاب المبطلون)[12].
هنا عليك ان تلتفت ان الله تعالى قال (ما كنت تتلوا من قبله من كتاب ولا تخطه بيمينك) اي ان الله تعالى يقول انك يا محمد o ما كنت تتلوا من كتاب قبل بعثتك بالرسالة ولا كنت تخط بيمينك اي تكتب قبلها.
لكنك الان وبعد البعثة تكتب وتقرأ بدليل كما في قوله تعالى (اقرأ) وقوله (ويعلمهم الكتاب والحكمة) فاصبحت قرائته وكتابته وحدها معجزة اخرى تضاف لمعاجزه o وليست اميته بمعنى عدم معرفته للقراءة والكتابة لانه جاء بمعجزة الكتابة والقراءة.
ولاحظ دقة قول الله تعالى (اذاً لارتاب المبطلون) وهذا معناه ان النبيo لو كان يقرأ او يكتب قبل البعثة لشكك فيه انه كتب وابتدع هذا القرآن من نفسه ولكن فجأة وبدون مقدمات وغير تعلم على يد بشر واذا بهJ يقرأ ويكتب وياتي باعظم كتاب ليبقى معجزة خالدة.
ان اية ( اقرأ بأسم ربك الذي خلق) تبين لنا امرين احدهما ان الامر بالقراءة يعني اما ان هناك مكتوب اي كتاب وهو القران الكريم كان موجودا عند النبيo وطلب منه القراءة.
والامر الاخر ان النبيo كان حافظاً للقرءان قبل ذلك وطلب منه القراءة مما كان محفوظا عنده في صدرهo الشريف.
والاكثر يعلم ان البعثة النبوية كانت في الاربعين من عمره المبارك ونزل عليه جبرائيلA في غار حراء وجاءه بالقران فكيف كان النبيo عنده القرآن قبل ذلك؟
وقلتم ان في كلا الحالتين الاية الكريمة تدل على معرفة النبيo للقراءة والكتابة فكيف يكون ذلك؟
جوابه ان هناك فرق كبير بين قولنا ان النبي o كان نبيا منذ الولادة وبين بعثتهJ؟
فالنبي o هو مرسل منذ الولادة ومعصوم لكنه بعث بالرسالة اي امره الله تعالى باداء الرسالة في سن الاربعين ونزول الوحي عليه في غار حراء وامره الله تعالى اياه J بالقراءة ما هو إلا الاذن ببدأ الرسالة وتبليغ الناس برسالة السماء.
ومعنى هذا ان النبيo لم يختار للنبوة في الاربعين لانه نبي منذ الولادة ولكنه امر باداء واعلان الرسالة في الاربعين من العمر فاذا كان نبيا منذ الولادة فهذا يعني ان القرآن كان معه منذ الولادة ايضا وهذا ما اكدت عليه اية (اقرأ) الكريمة.
من الواضح ان الله تعالى فضل الانسان كمخلوق على جميع الخلائق وفضل الانبياءD على جميع البشر والخلائق وجعل هناك تفاضل فيما بين الانبياء انفسهمD.
اي انه فضل بعضهم على بعض وهذا ما اكده القرءان الكريم كما في قوله تعالى: (تلك الرسل فظلنا بعضهم على بعض منهم من كلم الله ورفع بعضهم درجات)[13].
فلا يوجد أي مسلم يشك في كون النبي o هو افضل الانبياء والمرسلين واذا كان كذلك فنسأل من افضل عند الله تعالى نبينا o او عيسى A؟
بالتاكيد الجواب نبيناo افضل منه فاذا كان افضل منه كيف نجد ان الله تعالى يخبرنا في كتابه ان عيسىA نطق وهو وليد بضع ساعات ويخبر الناس انه عبدالله اتاه الكتاب وجعله نبيا كما في قوله تعالى:
(فأتت به قومها تحمله قالوا يا مريم لقد جئت شيئاً فريا يا اخت هارون ما كان ابوك امرأ سوء وما كانت امك بغيا)[14] لاحظ هنا وقعت المعجزة منه (فاشارت اليه قالوا كيف نكلم من كان في المهد صبيا * قال اني عبدالله ءاتاني الكتاب وجعلني نبيا وجعلني مباركا اينما كنت واوصاني بالصلاة والزكاة ما دمت حيا وبرا بوالدتي ولم يجعلني جبارا شقيا).
فاذا كان النبي عيسى A نطق وهو وليد ساعات ويقول انه عبدالله اتاه الكتاب وجعله نبيا فكيف لا ياتي الله بنبيناJ الكتاب ويجعله نبياً منذ الولادة وهو افضل من عيسى A؟
فالنتيجة لابد ان يكون نبياً وعنده الكتاب منذ ولادتهJ. ومما يؤكد ان النبي o كان عنده الكتاب قوله تعالى: (يا يحيي خذ الكتاب بقوة واتيناه الحكم صبيا)[15].
وان نبيناo افضل من جميع الانبياء A فكيف يمكن ان يؤتي يحيىA الكتاب والحكم وهو صبي ولا يؤتي نبينا النبوة والكتاب الا في الأربعين وهوo افضل من يحيىA؟
علينا ان نرجع لكلام الله تعالى المنزل وهو القران الكريم لكي نتدبر في قوله تعالى: (ولا تعجل بالقران من قبل أن يقضي إليك وحيه)[16].
بمعنى يا رسول الله o عندك القران كله ولكن لا تعجل به من قبل ان ينزل عليك الوحي وتجد هذا في قوله تعالى: (لا تحرك به لسانك لتعجل به إن علينا جمعه وقرءانه * فاذا قرأناه فاتبع قرءانه * ثم علينا بيانه)[17].
اي ان الله تعالى طلب من نبيهo ان لا يتلوا اي شيء من القران الا ان ينزل عليه جبرائيلA ويبلغه ما يقرأ من ايات القرآن الكريم.
وهذا يعني ان ايات القران كانت محفوظة في صدره الشريفo منذ الولادة, وكان نبيا منذ ولادتهJ, ولهذا نجد ان اول ما نزل عليه جبرائيلA قال له ( اقرأ) لكن ما كان جواب رسول اللهo؟
واختُلِفَ في ذلك, جماعة ترى ان النبيo لم يكن يعرف القراءة والكتابة وانه كان امياً بهذا المعنى واعتمدوا في ذلك على حديث نسب الى السيدة عائشة في صحيح البخاري[18] وصحيح مسلم[19] ومسند احمد[20] وتفسير الطبري[21] وتفسير ابن كثير وغيرهِ.
ومفاد هذا الحديث كما في صحيحي البخاري ومسلم: اول ما بدأ به رسول الله o من الوحي الرؤيا الصالحة في النوم.. ثم حبب اليه الخلاء وكان يخلوا بغار حراء فيتحدث فيه وهو التعبد في الليالي ذوات العدد قبل ان ينزع الى اهله ويتزود لذلك.
ثم يرجع الى ام المؤمنين السيدة خديجةB فيتزود لمثلها حتي جاءه الحق وهو في غار حراء فجاءه الملكA فقال: اقرأ ، قال ما انا بقارئ ، قال: فاخذني فغطني حتى بلغ مني الجهد، ثم ارسلني فقال:
اقرأ ، فقلت ما انا بقارئ فاخذني فغطني حتى بلغ مني الجهد ثم ارسلني فقال: اقرأ فقلت ما انا بقارئ فاخذني فغطني الثالثة ثم ارسلني فقال ( اقرأ باسم ربك الذي خلق * خلق الانسان من علق * أقرأ وربك الاكرم الذي علم بالقلم..).
ان هذا الحديث الوارد غير مقبول من عدة جهات لأنه :-
لانه.. كيف تقول وهي تعلم ان النبيo كان يقرأ ويكتب.
لانه.. الحديث فيه تعارض وبشكل صريح ما جاء به القران الكريم وهو ما ثبت مما سبق.
لانه.. الحديث ذكر ان النبي o حبب اليه الخلاء وكان يتعبد في غار حراء ونسأل كيف كانت عبادة النبي o؟
فهي اما كانت على طريقة احد الانبياء السابقين بالرسالة اي ان النبيo كان يتعبد بشريعة احد الانبياء السابقين مثل (نوح وابراهيم وموسي وعيسى)D.
 فتكون النتيجة ان شريعة الانبياء السابقين افضل من شريعة النبي o وهذا يثبت كونهم افضل من نبينا o. وهذا باطل بلا شك كونه o افضلهم وشريعته اكمل شريعة وما يثبت ذلك قوله تعالى: (ومن يبتغ غير الاسلام دينا فلن يقبل منه وهو في الاخرة من الخاسرين)[22].
وكان هذا من حيث بيان افضلية شريعته o. واما من حيث كونه افضل الانبياء فهو كما في قوله تعالى: (اولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده)[23].
فلو كان أي احد من الانبياء السابقين افضل من رسول اللهo لامره الله تعالى بالاقتداء به ولذا تجد انه تعالى لم يأمره بالاقتداء بأي منهم لكنه امره بالاقتداء بهداهم لا بهم؟
اذاً : النتيجة النبيo لم يكن يتعبد بشريعة اي نبي اخر؟
ومعنى ذلك ان النبيo كان يتعبد وفق شريعته وتكليفه ورسالته المكلف بها منذ ولادته وعنده القران الكريم محفوظ ولذلك عندما نزل عليه جبرائيل A قال له إقرأ مباشرة وبدون غير مقدمات.
مما تلاحظه على الحديث انه يقول [ فجاءه الملك فقال له اقرأ قال ما انا بقارئ قال فاخذني فغطني حتي بلغ مني الجهد ثم ارسلني فقال اقرأ قلت ما انا بقارئ فاخذني فغطني حتي بلغ مني الجهد ثم ارسلني فقال اقرأ فقلت ما انا بقارئ فاخذني فغطني الثالثة ثم ارسلني فقال (اقرأ باسم ربك الذي خلق * خلق الانسان من علق * أقرأ وربك الاكرم].
نقول ان جبرائيلA امين ووحي من السماء المرسل, اما انه كان يعلم ان النبي o لا يعرف القراءة والكتابة او انه كان يعرف ذلك. فان كان يعلم ان النبيo لا يعرف القراءة والكتابة فلما ضغط على نبيهo المرسل اليه.
ولماذا يامره بالقراءة وهو يعلم انه ألا يعتبر هذا من باب تكليف العبد بما لا يطاق والله سبحانه وتعالى لا يكلف نفسا الا وسعها فهو ظلم للنبيJ من قبل جبرائيلA. وهو محال.
وتلاحظ من الغريب جداَ ترى من يريد ان يوجه هذا العصر للنبي o ثلاث مرات كما في قولهم (انما عصره حتى يعلم النبي انه في حال اليقظة وليس النوم). نقول لهم أليس الوحيA نزل عليه وهو يتعبد فكيف كان النبيo يتصور انه نائم؟.
وألم تكن عنده طريقة اخرى يبين فيها جبريلA انه جاءه في حالة اليقظة غير عصره ثلاث مرات الى درجة انه كان في كل مرة تكاد نفسه تزهق من شدة العصر؟
الم يقل رسول اللهJ حسب الحديث انه قال حتى في المرة الثالثة انه لا يقرأ فلما اكتفى جبريلA بالعصرة الثالثة.
هل جبرائيلA يأس من النبيo حتى القى عليه تلك الايات ثم بعدها غادر لكي يتركه وهو لا يعلم ما هذا الذي رأه!.
اما ان الله تعالى لم يبلغه من ان النبيo لا يعرف القراءة والكتابة وهو يناقض دوره كونهA وحي منزل على النبيo. فكيف ينزل على شخص لا يعلم ما هي قدراته فهذا ناقض دوره أي بمعنى ان الله تعالى كلفه بان ينزل اليه فقط من دون بيان مقدمات.
فهنا تحصل على ان الله (اعوذ بالله) قد ظلم جبريلA لانه عصر نبيهِo (ما انا بقارئ) لان الوحي كان يجهل ان النبيJ لا يعلم القراءة والكتابة. وكان عليهA ان يكتفي من النبيo بمرة واحدة عندما قال ما انا بقارئ ويتركه وهو الصادق الامين كما لقبه اعدائهِ فلما كان مصرا على عصره.
ومؤكدا على قراءته ثلاث مرات كما في الحديث ولماذا لم يزد على الثلاثة او اقل منها وهل يأس جبريلA بعد المرة الثالثة لكي يتركه بعدها.
او ان الله تعالى ابلغ جبريلA بذلك أي بمعنى ابلغه بان رسول اللهo لا يقرأ ولا يكتب وهنا امر جبريلA للنبيJ بالقراءة وعصره فهنا يكون بذلك قد خالف امرهِ تعالى فهل تعقل هذا الكلام وهو امين وحي مرسل من السماء؟.
ومما تلاحظ ان الحديث ذكر بعد نزول الوحي واذا برسول اللهo كان خائف يرتجف فؤاده من سيطرة الخوف والهلع كما قالت وهي:
( فرجع بها رسول اللهo يرجف فؤاده فدخل على خديجة بنت خويلدB فقال زملوني زملوني فزملوه حتى ذهب عنه الروع فقال لخديجة واخبرها الخبر: لقد خشيت على نفسي فقالت خديجة: كلا والله ما يخزيك الله ابدا انك لتصل الرحم وتحمل الكل وتكسب المعدوم وتقري الضيف وتعين علي نوائب الحق).
فاظهر الحديث رسول اللهo بحالة من الخوف والهلع والذهول وانه لم يكن يميز ولا يعلم ما نزل عليه وهو يرتجف من شدة الخوف وطلب من ام المؤمنين خديجةB ان يزملها (تغطيه).
وهو مخالف لما جاء في كلام القرآن الكريم فكيف لمحمد وهو رسول اللهo ان يخاف والذي ارسله يقول عنه كما في قوله تعالى: (إني لا يخاف لدي المرسلون)[24].
بل يصور الحديث ان النبيo لا يعرف أي شيء واذا بالسيدة خديجةB تطمئنه وتقول له كلا لا يخزيك الله اي بمعنى ان ام المؤمنين خديجةB كانت تعلم اكثر مما كان يعلمه النبيo فهي بذلك تكون افضل منه وهذا مردود وليس بصحيح؟
والاخرى ان كان رسول اللهJ لا يعلم فكيف كان يتعبد في الغار كما ذكر الحديث؟ والاغرب منه ما طرح في الحديث فتجد بعضهم من تمسك به واخذه اخذ المسلمات وللاسف الشديد حيث تجد ان الحديث ركز بشكل ملفت للنظر على شخصية ورقة بن نوفل النصراني وتعطي له الاهمية والفضل اكثر مما اعطت لرسول اللهo ونعتقد هي احدى غايات الراوي.
بل انها انتقصت من قيمة وشخصية نبينا الكريم o وحينما تركز اكثر تجد قصد الراوي كي يبين ان ورقة هو صاحب الفضل عليه اذ لولاه لما عرف النبيo ان الذي نزل عليه هو الوحي وليس شيء اخر ولما عرف انه نبي مرسل؟
والسؤال كيف كان يعلم ورقة بكل هذا وصاحب الرسالة المرسلJ لا يعلم ولا يعرف ما كلف به؟
ولذا اتخذ النصارى من هذا الموقف في الحديث حجة ونقطة ضعف على جميع المسلمين حيث تجد قولهم انكم تذكرون بكتبكم لولا ورقة ابن نوفل لما عرف نبيكم محمد انه نبي واوردوا الحديث نصاً كما في صحيح البخاري[25] ومسلم[26] وهو:
[ نطلقت به خديجةB حتى اتت به ورقة بن نوفل بن اسد بن عبد العزي ابن عم خديجة وكان امرءا تنصر في الجاهلية وكان يكتب العبراني فيكتب من العبرانية ما شاء الله ان يكتب وكان شيخا كبيرا قد عمي فقالت له خديجة :
يابن عم اسمع من ابن اخيك فقال له ورقة يابن اخي ماذا ترى. فاخبره رسول الله o خبر ما رأي فقال له ورقة : هذا الناموس الذي نزل الله على موسى ياليتني فيها جذعا ليتني اكون حيا اذ يخرجك قومك فقال رسول اللهo : او مخرجي هم ؟ قال : نعم لم يات رجل قط بمثل ما جئت به الا عودي وان يدركني يومك انصرك نصرا مؤزرا. ثم لم ينشب ورقة ان توفي وفتر الوحي].انتهى.
جيم : ملاحظات على الحديث
منها : ان ورقة بن نوفل بادر الى رسول اللهo بسؤاله عن ما يري مع علمك ان السيدة خديجةB لم تقل له شيء فقط كما في الحديث قالت: (يابن عم اسمع من ابن اخيك) واذا بورقة مباشرة يقول له (يابن اخي ماذا ترى). وكان من المفترض له ان يقول له (يابن اخي ما عندك). فكيف عرف ورقة انه يرى شيء.
منها : بعد اخبار رسول اللهo لورقة ما راى لما لم يقل انه الناموس الذي نزل على نبي ورقة عيسىA مع العلم ان الحديث قال انه كان متنصرا لا متهودا. ولماذا قال انه الناموس الذي نزل على موسىA وهذا مما يؤكد ان الحديث من المنسوبات الى السيدة عائشة؟.
منها : ان ورقة يخبر رسول اللهJ بما سوف يجري عليه من اخراج قومه له ولايعلم هوJ مع انه نبي مرسل ولا يعلم ذلك فبين الحديث ان شخصية ورقة افضل من شخصية رسول اللهo (وهومحال).
ان الحديث يشكل نقطة مهمة ضد منكري نبوة النبي o من اليهود والنصارى. فدعواهم من ان الفضل يعود لورقة النصراني لمعرفة النبي نفسه انه نبي مرسل فهو معناه ان علماءكم كانوا على علم ببعثته ورسالة النبيo وهو ثابت بكتبهم فلما هذا الانكار.
من الواضح جدا للجميع عدم قبولية هذا الحديث في صحيحي مسلم والبخاري من كونه يعارض الدليل القراني كما موضح مسبقاَ. وانها تتعارض مع ما جاء عن اهل بيت النبوةD وهم عدل القرآن بشهادة حديث الثقلين حيث قال النبي o:
(اني تارك فيكم الثقلين ما ان تمسكتم بهما. لن تضلوا بعدي ابدا. كتاب الله وعترتي اهل بيتي. ولن يفترقا حتي يردا علي الحوض).
فقد امرناo ان ناخذ ديننا من كتاب الله تعالى والعترة فهما متلازمان الى يوم القيامة ولذا فلا عجب ان يخطأ من لم ياخذ بهما.
وتجد اهل البيتD كيف تحدثوا عن قصة بدأ نزول الوحيA و(اهل الدار اعلم بما في الدار) ‏كما ذكر الامام علي بن محمد الهادي[27] D فقال:
ان رسول الله o لما ترك التجارة الي الشام وتصدق بكل ما رزقه الله تعالى من تلك التجارات كان يغدو كل يوم الى حراء يصعده وينظر من قلله الى آثار رحمة الله والى انواع عجائب رحمته وبدائع حكمته وينظر الى اكناف السماء واقطار الارض والبحار والمفاوز والفيافي.
فيعتبر بتلك الآثار ويتذكر بتلك الآيات ويعبد الله حق عبادته فلما استكمل اربعين سنة ونظر الله عز وجل الى قلبه فوجده افضل القلوب واجلها واطوعها واخشعها واخضعها اذن لابواب السماء ففتحت.
ومحمدo ينظر اليها واذن للملائكةD فنزلوا ومحمدo ينظر اليهم وامر بالرحمة فأنزلت عليهo من لدن ساق العرش الى راس محمدo وغرته ونظر الى جبريلA الروح الامين المطوق بالنور طاووس الملائكة هبط اليه واخذ بضبعه وهزه.
وقال : يا محمد اقرأ ، قال ‏وما اقرأ ؟ قال : يا محمد ( اقرأ باسم ربك الذي خلق *خلق الانسان من علق * اقرأ وربك الاكرم * الذي علم بالقلم * علم الانسان ما لم يعلم....].انتهى.
فلاحظ جيد حديث اهل البيتD وهم عدل القران يؤكد ان رسول اللهo لم يقل لجبريلA (ما انا بقارئ) بل قال لجبريلA (ما اقرأ)؟؟.
واداة (ما) هي للاستفهام اي ان رسول اللهo يخبر الوحي جبريلA انا عندي الكتاب كلهِ كما بينا سابقاً بدليل القران ولكن النبيo استفهم منه عن اي السور او الايات التي تريدني ان اقرأها فقال له الوحي جبريلA (اقرأ باسم ربك الذي خلق..).
وحديثهمD لم يذكر ان جبريلA عصره حتى كادت نفسه تزهق بل قال ان الوحي جبريلA اخذ بضبعه اي كتفه وهزه وهو تعبير عن فرحة جبريلA ببدأ رسالة الله تعالى الخاتمة في الارض.
اذاً تبين من خلال الادلة ان رسول الله o كان يعرف القراءة والكتابة وعلمه ربه ورباه فاحسن تربيته وتعليمه. وبقي ما هو الدليل من القران الكريم على ان النبيo كان يقرأ ويكتب لجميع لغات اهل الارض والسماء كما في الرواية التي مضمونها ان النبيo كان يقرأ ويكتب بـ(72) لغة.
جوابه ان الله تعالى خلق جميع الناس والخلائق وجعل اختلاف الوان الناس والسنتهم اية من اياته العظيمة كما ذكره في كتابه الكريم بقوله تعالى: (ومن آياته خلق السماوات والارض واختلاف السنتكم وألوانكم ان في ذلك لآيات للعالمين)[28].
فاختلاف ألسنة الناس تعتبر اية من ايات الله تعالى ومن الواضح هي واسطة للتفاهم ونقل الافكار وغيرها يتم عن طريق اللسان بـ(الكلام) فكل واحد من البشر يستطيع ان يوصل مراده للفرد الاخر عن طريق الكلام وهي من اهم وسائط الحياة لنقل الافكار والتفاهم فيما بين الناس.
ورسالة محمد بن عبدالله o هي رسالة عالمية اي لكل الانس والجان بدون استثناء على اختلاف الوانهم والسنتهم وعرقهم كما في قوله تعالى: (وما ارسلناك إلا كافة للناس بشيرا ونذيرا ولكن اكثر الناس لا يعلمون)[29].
وكيف يمكن لرسول ان يعلم لغة الطيور والحيوانات كلها كما هو في قصة النبي سليمان A كما في قوله تعالى: (وورث سليمان داوود وقال يا ايها الناس علمنا منطق الطير وأوتينا من كل شيء إن هذا لهو الفضل المبين)[30].
والقضية كما مبينة بالاية الكريمة لا تقتصر على معرفتهA لمنطق الطير فقط بل انها قالت واوتينا من كل شيء اي بمعنى منطق كل شيء.
فإذا كان نبي الله سليمان A يعرف منطق كل شيء ونبينا محمد o افضل منه فكيف لا يعلم منطق كل شيء ليس فقط لغات البشر وحسب بل انه يعلم منطق كل شيء مخلوق بما بهم البشر على اختلاف السنتهم.
ولو قلتم ليس بالضرورة ان يعرف النبي محمدo كل لغات العالم لانه يمكن له ان يستعين بمترجمين لغرض التفاهم مع باقي البشرية. جوابه هذا باطل ونذكر دليله من عدة جهات منها :
منها : انها تتناقض مع دليل القران كون رسالة محمدJ شاملة وعامة لجميع البشرية كما بينا سابقا فوجب على من يحمل الرسالة العالمية ان يكون عالم بجميع اللغات العالمية. لكي يوصل للجميع رسالته وبخلافه لا يتم الغرض ونقض للدور الرسالي العام فكيف يمكن لاي نبي ومنهم نبيناo ان يوصل الرسالة الى من لا يفهمه ولا يفهم منه.
منها : ان الله تعالى ارسل النبي محمدo لكي يكون رحمة للعالمين كما في قوله تعالى: (وما ارسلناك الا رحمة للعالمين)[31]. فهذه الرحمة لا تتم الا به او من هو منه كنفسه فاذا كان الانبياء يستعينون بالمترجمين فالمترجم يكون رحمة للغير لا النبي هو رحمة. لانه بدون (المترجم) لا يمكن للنبيJ ان يوصل له الرسالة وهذا منافي لمفاد الاية الكريمة.
منها : استعانة النبي محمدo بالمترجمين معناه احتياجه لهم فيكون المترجم افضل من النبي o من جهة خاصة ومعينة وهذا ينافي كونه افضل البشرية واكملهم (أي نقص) فكيف يكون كذلك وهو محتاج الى غيره لكي يوصل رسالته للاخرين.
منها : ان المترجم الذي يستعين به النبي محمدo اما ان يكون احد المسلمين مهتدي للطريق او من هو بمنزلة صاحب كتاب او مترجم كافر ضال.
فاذا كان مسلم مهتدي او عربي او لا. واما اذا كان من غير العرب لغته تختلف الرسولJ فكيف اهتدى للاسلام باي طريق كيف تفاهم معه رسول اللهJ. اما بذاته او بواسطة عن طريق مترجم فياتي نفس السؤال وهكذا يتسلسل الى ما لا نهاية وعندنا التسلسل عقلا باطل.
واما اذا كان المترجم عربي مسلم فاما ان يكون مؤمن مهتدي او منافق مسلم ظاهراً وفي زمن عصر صدر الاسلام نزلت سورة كاملة باسمهم (سورة المنافقون). فاذا كان المترجم منافق بالتالي انه لا يحب الاسلام والمسلمين ولا يؤمن بصاحب الرسالة فالاستعانة به معناه ابعاد الناس عن الرسالة.
والسبب لانه سوف يترجم للاخرين عكس ما يريده النبيo ولا يوصل له المطلوب من الجانب الاخر وبهذا فقدت الرسالة شموليتها وكذلك كون النبيo رحمة للعالمين ومن جهة اخرى ان استعانته بالمنافقين اقرار لهم ومعناه تزوير وتشويه الواقع والحقائق كما وحصل في دعوى التغيير أسم سورة (آل عمران) الى (آل مروان).فراجع.
منها : ان النبي محمدJ يكون بمقتضي قاعدة المترجم بحاجة الى مترجمين عدة من جميع لغات العالم ناهيكم عن اختلاف اللهجات فيما بين اللغة الواحدة.
وبالتالي اما ان يكونوا مترجمين متطوعين مجاناً او باجرة وهم اما مسلمين او كافرين فيطرح نفس الطرح والشرح مما سبق من كلام.
ومن هذا كله نتوصل الى نتيجة قطعية بدليل القران والرويات ان مدعى امية النبي محمدo تعني انتسابه الى مكة ويعرف القراءة والكتابة باللغة العربية بل وبجميع لغات العالم ومستغني عن الجميع وهو اكمل البشر جميعاً.



 [1] - راجع : سلسلة البحوث القرءانية / دفع الشبهات عن النبي o والانبياء D تاليف : السيد سعد احمد الاعرجي. [2] - سورة الاعراف الاية 158.[3] -  سورة الجمعة الاية 2.[4]-   سورة ال عمران الاية 20.[5]-   سورة اليقرة الاية 78-79.[6] - سورة الانعام الاية 92. [7] - العلامة المجلسي u سلسلة بحار الانوار ج 16 ص 132 – 133.[8] - سورة الزمر الاية 9.    [9]- سورة المجادلة الاية 11.    [10] - راجع : سلسلة البحوث القرآنية بعنوان دفع الشبهات عن النبي o والانبياء D تاليف السيد سعد احمد الاعرجي  اعزه الله تعالى.    [11] - سورة الجمعة الاية 2.   [12] - سورة العنكبوت الاية 48.   [13] - سورة البقرة الاية 253.   [14]- سورة مريم الاية 27.  [15] - سورة مريم الاية 14.   [16]- سورة طه الاية 114.   [17] - سورة القيامة الاية 16.  [18] - صحيح البخاري ج1 وج3 ص145 ط/مصر1327هـ   [19] - صحيح مسلم طبعة بيروت. دار احياء التراث العربي سنة1313هـ   [20] - مسند الامام احمد ج6 ص223-232-233 طبعة مصر1313هـ    [21] - راجع : تفسير الطبري ج1 ص147-148 طبعة اوربا وانظر : تفسير ابن كثير الجزء الرابع/527 طبعة مصر.   [22] - سورة ال عمران الاية 85.  [23]  - سورة الانعام الاية 90.  [24] - سورة النمل الاية 10.  [25] - صحيح الامام البخاري ج1 وج3 ص145 طبعة مصر1327هـ .  [26] - صحيح الامام مسلم طبعة بيروت. دار احياء التراث العربي سنة1313هـ .  [27] - المجلسيu سلسلة بحار الانوار ج18 ص206.  [28] - سورة الروم الاية 22.  [29] - سورة سبأ الاية 28.  [30] - سورة النمل الاية 16.  [31] - سورة الانبياء الاية 107.