الثلاثاء، 11 أبريل 2017

والدا محمد بن عبدالله في صحاح المسلمين وشبهة محاولة انتحارهِ وسبب تعدد زوجاتهِ ص


والدا محمد بن عبدالله في صحاح المسلمين وشبهة محاولة انتحارهِ وسبب تعدد زوجاتهِ ص
ما هو السبب في تعدّد الزوجات : سبق وان بينا هذا الاشكال بشكل موسع في كتاب (المرأة في القران والسنة) من موسوعة اتقان القران وعلوم الرحمن الجزء الخامس والعشرين ولكن نأتي بصياغة اخرى وكما يلي.
ان البعض من الناس يطرحون شبهات عن خير الخلق أجمعين الرسول الأمين محمدo، ومن ضمن هذه الشبهات تعدّد زوجات رسول اللهo، إذ انهم يقولون: (إنّ النبي محمدJ تزوّج لغرض الشهوة والإنسان المعصوم لا يتزوّج لتسعة مرّات وهذا شيء غير منطقي).
ثم بعدها يقولون : (إنّ هذا ظلم أن يتزوّج شيخ من فتاة صغيره لا تفهم معنى الزواج بالشكل الصحيح كزواج الرسولJ وهو في الرابعه والخمسين من عمره المبارك من السيدة عائشة وهي فتاة صغيرة).
الرد على الشبهة : بالنسبة للسؤال الأوّل فرسول الكريم o لم يكن زواجه المتعدّد ناشئاَ من الشهوة ، والدليل على ذلك أنّه o في عمر الخامسة والعشرين وهي ذروة الشباب والقدرة الجنسيّة تجدهُ قد تزوّج بالسيدة خديجةB وهي في سنّ الأربعين فهل يكون هذا الزواج المبارك ناشئاً من شهوة!.
وليس كما تظن بل كانت هناك أهداف عالية نظر إليها الله تعالى والرسول o فقدّر زواجه o بأم المؤمنين السيدة خديجة ، من أجل نصر هذه الشريعة بأموال السيدة خديجةB التي اخلصت لزوجها النبي محمدo ولرسالته.
واما الشق الاخر لسؤالك الذي يقول إنّ النبيo، وهو في سن الرابعة والخمسين قد تزوّج بالسيدة عائشة ، وهي فتاة صغيرة.
فهو امر من الله تعالى لحكمة وإذا نظرت إلى سيرة النبي محمد بن عبداللهo وما صنع من عمل في هذا الزواج فالسيدة عائشة نفسها ليلة زفافها فتقول:
رأيت منه شيئاً عجيباً ، ففي الليلة التي دخل عليّo ، فلمّا مسّني جسم طلب منّي الرخصة في قيامه للصلاة ، فأذِنتُ له فأخذ في صلاته ومناجاته.
هكذا كان رسول اللهo ، ففي ليلة زفافه وزواجه يطلب الرخصة لغرض التقرّب إلى الله تعالى بالصلاة ، فهل يكون هذا الزواج منبعث من الشهوة أو أنّ له غاية أُخرى يحسب لها النبي o حسابات بعيدة.
نقول لك نعم كان لهذا الزواج غاية أخرى ، فالرئيس يحتاج إلى ارتباطات ومصاهرات لكي يجمع حوله رؤوساء القبائل ، ويوجههم الوجهة التي يريدها من خدمة الدين ونشره وتقويته بالرجال والمال والسلاح.
وزواجه من تسع نساء هي خصوصية فقط للنبي محمدJ وتكليف الانبياء بالواجبات يختلف عن تكليفنا. ونحن كمسلمين نعتقد فيها الكثير من الحكمة الالهية ومنها لأجل أغراض سياسيّة واجتماعيّة بل حتى لتعليم الأحكام الإلهيّة وتقديمها على الأحكام أو العادات الجاهليّة.
ومثلاً تزوّج النبي محمدo بزينب بنت جحشB لأجل قلع وهدم سنّة جاهليّة لم يكن إزالتها سهلاً ابداً فقد كان العرب في الجاهليّة يرون الولد المتبنّى (الدعيّ) بمنزلة ولدهم من الصلب.
فتراه يرث ويثبت المحرميّة بينه وبين من تبنّاه وزوجته ويحرم على المتبنّي حليلة الشخص الذي اتّخذه ويأخذ كل شيئ لانه بمنزلة الولد.
وكانت زينب بنت جحش زوجة لزيد بن حارثة الذي تبنّاه النبيo حتّى كان يقولون عنه بزيد بن محمّد o لكنّ الله تعالى نهاهم عن ذلك وقال (ادعوهم لآبائهم).
ثمّ لما طلق زيدE زوجته أمر الله تعالى نبيّه محمدo من أن يتزوّج زينبB وإن كانت في السابق زوجة لزيد الذي تبنّاه رسول اللهo وكما قال القرآن الكريم بقوله تعالى: ( فلمّا قضى زيد منها وطراً زوجناكها لكي لايكون للناس حرج في ازواج ادعيائهم..).
وكذلك تزوّج النبي محمدo اُمّ سلمةB لأجل أنّها بقيت وحيدة مع أيتام لها بعد استشهاد زوجها لكي يحصنها ويعولها. وكذلك تزوّج أرملةB لكي يتعلّم الناس منه ذلك.
وكذلك تزوّج صفيّةB بنت الحارث لكي لا تكون ذليلة في المجتمع بعد كونها ابنة شخصيّة عظيمة في مجتمعها ، وقد ورد عنه o: «ارحموا عزيز قوم ذلّ».
وهكذا تجد أسباب عديدة وكثيرة ومتشعبة لتعدّد الزواج بعضها سياسيّة وبعضها إجتماعيّة ، ومن المعروف أنّ الحاجة للزواج لأجل إقامة روابط ومصاهرة للقبائل فكان النبيo بحاجة إليه في ابتداء رسالته لا بعد استقرار حكمه وثبوت رسالته ونبوّته ورسوخ أركان حكومته.
وأمّا ام المؤمنين السيدة خديجةB فقد كان النبي o يحبّها حبّاً شديداً ولم يكن مع وجودها محتاجاً في تقوية رسالته. فقد بذلت جميع ما تملكه من الأموال الطائلة في سبيل تبليغ الإسلام ونشره والدفاع عنه.
وقد اشتهر فيما بين المؤرخين وهذا واقع لا محيص عنه من انّ الاسلام انتشر بمال خديجةB وسيف علي بن ابي طالبA مضافاً إلى دعم ونصرة عمّه أبي طالب A.
ولما توفّيت السيدة خديجةB وتوفّي عمه أبو طالبA بقي النبي محمدo وحيداً فاضطرّ للهجرة من مكّة إلى المدينة المنوّرة (يثرب) وهناك تمكّن من إنشاء حكومته الاسلامية وفرض سلطنته واحتاج إلى ممارسات سياسيّة وإنشاء علاقات وروابط مع القبايل.
فلابدّ هنا الاشارة لمسألة وهي انّ اهل السنة ظلموا اُمّ المؤمنين السيدة خديجةB والسبب لأنّها اُمّ الزهراءB وهي زوجة علي A والمدافعة الوحيدة عن حقّه وخلافته ولأجله اشتهر لديهم انّ سن السيدة خديجة المبارك حين زواجها مع النبي o كان أربعين سنة.
مع أنّ الاصح عمر أم المؤمنين خديجةB هو 28 سنة وكانت بكراً حينما تزوّجها النبي محمدo فراجع كتاب (بنات النبيّ أم ربائبه) للسيد جعفر مرتضى العاملي.
وبشكل مختصر إنّ رسول اللهo لا ينطق عن الهوى إن هو إلّا وحيٌ يوحى ، كما نطقت بها ايات القرآن ، فكذا أعماله ليست عبث أو ناشئة من هوى بل هي من أجل مصلحة الرسالة ونشرها وتقويتها.
فكان يتصرّف محمد بن عبداللهJ بحكمة من أجل رسالته الإسلاميّة الخالدة ، فكان الارتباط بالعشائر والقبائل عن طريق المصاهرة لبعض رؤسائها ممّا يزيد صلابة الرسالة والدين قوّة ونشراً.
فإن نظرت للعصمة التي بحوزة رسول اللهo فلا تجد معنى للإصغاء إلى هذه الإشكالات ، فالمعصوم واولهم نبينا محمدJ لا يقدم على عمل محرم مثل الظلم ، ولا يتقدم على شهوة له وفيها ظلم لغيره.
والدا محمد بن عبدالله في الصحاح o
الله تعالى ألم يقل لرسوله o ( وتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ) فهل تقبل نفسك على الرسول الكريمo أن يكون والديه أنجاس وكفار بينما كانت أمه من الساجدين؟
فكيف تدعون أن والدّي (امنة وعبداللهD) رسول الله o كانوا كافرين والعياذ بالله فلازم كلامكم هذا عدة محاور وهي:
المحور الأول : أن الرسول محمد بن عبداللهo تربي في رحم نجس وتغذى من رحم نجس (اعوذ بالله) لان الله تعالى في كتابه يقول: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلاَ يَقْرَبُواْ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَـذَا وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللّهُ مِن فَضْلِهِ إِن شَاء إِنَّ اللّهَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ)[1].
المحور الثاني : أن الرسول محمد o (اعوذ بالله) وُلِدَ فاجرا كافرا حيث هو قول الله تعالى: ( إِنَّكَ إِن تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبَادَكَ وَلَا يَلِدُوا إِلَّا فَاجِراً كَفَّاراً)[2] فهل يمكن أن ندعي هذا المدعى بعد ذلك.
المحور الثالث : وهذا المبنى خالف ما ورد في صريح القرآن الكريم كما في قوله تعالى: (الَّذِي يَرَاكَ حِينَ تَقُومُ , وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ)[3] كيف هو تقلب محمد بن عبداللهJ بالساجدين وهو كافر بحسب المدعى والساجدين هم من تلبسوا بصفة السجود.
وتجد انه أشتهر عند اهل السنة الحديث الذي يقول إن رجلا سأل الرسولJ: «أين أبى». فقالJ: «فى النار». فلما ولّى الرجل قالJ «إن أبى وأباك فى النار».
ونبقى في الصحيح أيضا أنه قال: «استأذنت ربى فى زيارة قبر أميB فأذن لى، واستأذنته أن أستغفر لها فلم يأذن لي». وقال أيضا إنه حينما أراد أن يستغفر لأمه ضرب جبريل A فى صدره، وقال له: «لا تستغفر لمن كان مشركا». فرجع وهو حزين[4].
بلا شك أن هذا الحديث الوارد من طريق اهل السنة الذى يقول إن (أبوى الرسولo فى النار) خبر غريب فى معناه وعجيب بمحتواه، كما الغريب اكثر في سند الحديث.
لأن الله سبحانه ذكر بالقران قوله تعالى: «وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا»[5]، وقد كان أبو نبينا محمد وأمه آمنةD على فترة من الرسل فكيف يُعذبان. فهي مخالفة للحقائق الدينية الواضحة.
لقد مات أحدهما (والدي محمدJ) قبل أن يبرز رسول اللهo إلى الوجود، وماتت الأخرى D ومحمد بن عبداللهo غلام لم يُبعث رسولا!. ولهذا كان الحديث الذي يقول إنهما فى النار مردود لغرابة سنده أولا، ولبعد معنى الحديث عن الحقيقة ثانيا.
وليس معنى استغفار رسول الله محمدo لوالديهD مثل استغفار نبي الله إبراهيمA لأبيه الذي هو بالاحرى عمه وقد نُهى عنه، لأن والد النبي إبراهيمA قد خوطب برسالة فعلا، فهو مكلف أن يؤمن بالله تعالى ويكفر بالأوثان (الاصنام).
واما عبدالله بن عبدالمطلبA والد نبيناJ الشاب الصبور الذى قيل انه رضى بأن يُذبح لنذر نذره أبيه فتقدم راضياً ولكن اباه قرع له مع الابل حتى وصل لمئة ناقة عنه.
وهو (عبدالله) الذى كان عيوفا عن اللهو والعبث، وهو الذي برزت إليه الدنيا تقول «هيت لك» فيقول لها «أما الحرام فالممات دونه».
فلماذا حكمتم عليه ان يُعاقب بالنار وهو الذى لم تبلغه دعوة ابنهُ الرسولo وقد نفى الله تعالى العذاب إلا بعد أن يرسل رسولا؟ فلم تكن الرسالة قد وجدت بعد، ولم يكن الرسول محمد بن عبداللهJ قد بُعث!ّ.
وأما الأم (آمنة) B الصبورة التى لاقت الحرمان من زوجها فصبرت، ورأت ولدها فلذة كبدها يتيما فقيرا فصبرت، فهل يتصور عاقل أن تدخل (أم النبيJ) هذه النار لانه حكم صحاح المسلمين عليها من غير أن يكون ثمة حجة تلقيها عليها كرسالة تهديها ودعوة إلى الوحدانية توجهها.
إني تألمت لا لمحبتى للنبي o فقط ولكن لقصة السيدة الجليلة (آمنة)B جعلتنى لا أستطيع أن أتصور هذه الصبورة الطاهرة كيف حكم عليها البخاري ومسلم من انها معذبة بالنار، وقد شبهتها بالبتول مريمB ومنها البتول فاطمةB.
وخلاصة الكلام بعد دراسة المسألة ومراجعة الاحاديث والاخبار وهو ما انتهينا إليه في هذه القضية نعتقد أن مراجعة الأحاديث الصحيحة هناك تناقض فيها لدى اهل السنة.
فنقول ان والدا الرسولJ لا تمسهم النار لأنه لا دليل على استحقاقهم، بل الدليل الاول قام على وجوب الثناء عليهم هي وزوجها الذبيح الطاهرD والدليل الثاني تعارض سند روايات صحاح اهل السنة والثالث حكم البخاري ومسلم عليهم فهو يجعلك تشك اكثر. فتأمل.
شبهة محاولة انتحار النبي o
عندنا الأنبياء هم صفوة البشر، وهم أكرم الخلق على الله تعالى، اصطفاهم الباري عز وجلّ لغرض تبليغ الناس دعوة لا إله إلا الله، وجعلهم الله سبحانه الواسطة بينه وبين خلقه في تبليغ الشرائع، كما في قوله تعالى: (أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهِ)[6].
واتفقت الأمم ومنها المسلمين على أن رسل الله D معصومين من كل ما يعتبر نقص او يؤدي اليه اذاً الأنبياء منزهون عن النقائص في الخَلق والخُلق.
فعصمة الانبياء في الشرع : هي حفظ الله تعالى لأنبيائه ورسُلِه من الوقوع في الذُّنوب والمعاصي، وارتِكاب المنكرات والمحرَّمات وحِفْظُهم من النقائص، وأختصاصهم بالكمالات النفيسة، والنصرة والثَّبات في الأمور، وإنْزال السَّكينة عليهم.
ومنها ان الامة أجمعت على عصمة نبينا محمدJ وحِفظ الله له، وأن حياته ـ قبل البعثة وبعدها ـ تعتبر أمثل حياة وأشرفها، فلم تُعرف له فيها هفوة ابداً، ولم تُحْصى عليه فيها زلة، بل امتاز بسمو الخلق، ورجاحة العقل، وعظمة النفس، وعصمتهJ من الشيطان وكفايتهِ منه، لا في جسمه بأنواع الأذى - كالجنون والإغماء -، ولا على خاطره بالوساوس. وهو من أعقل خلق الله تعالى، بل أعقلهم وأكملهم على الإطلاق في نفس الأمر.
ولهذا فعصمة نبينا محمدJ فى عقيدتنا أصل من أصول ديننا، وهي عقيدة لا تنفك عن شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول اللهo، والطعن فى هذه العصمة طعن فى هذه الشهادة.
ومع كل ذلك فقد كثرت السهام والافتراءات التي توجه للإسلام ونبي الإسلام محمدJ وكيد أعدائه الذين يحاولون بين الحين والآخر إثارة الشبهات حول العصمة بأحاديث مأخوذة من صحاح المسلمين.
ومن هذه الشبهات التي أثيرت اتهامهم للنبي محمدJ بمحاولة الانتحار في فترة انقطاع الوحي وفتوره بعد اللقاء الأول بينه وبين جبريلD وقالوا: إن البخاري في صحيحه يتهمJ بمحاولة الانتحار، ومن ثم يطعن في عصمته، أليس في ذلك ما يدل على عدم صحة كل ما في البخاري كما تزعمون!.
واستدلوا على حديث في صحيح الامام البخاري من كتاب التعبير(الرؤيا)، والحديث طويل عن السيدة عائشة وبدأ بذكر كيف نزل الوحي أول مرة، وما حدث له بعد ذلك من رجوعه لزوجته ام المؤمنين خديجةB ثم بعدها ذهابه لورقة بن نوفل، وفي آخر الحديث:
(وفتر الوحي فترة حتى حزن النبي فيما بلغنا حُزنًا غدا منه مراراً كي يتردَّى من رؤوس شواهق الجبال، فكلما أوْفى بذِرْوة جبل لكي يلقي منه نفسه تبدّى له جبريل فقال: يا محمَّد إنك رسول الله حقًا، فيسكن لذلك جأشه وتقرّ نفسه فيرجع، فإذا طالت عليه فترة الوحي غدا لمثل ذلك، فإذا أوفى بذروة جبل تبدى له جبريل فقال له مثل ذلك)[7].
وبهذه الحديث طعن صريح وواضح في عصمة رسول اللهJ ونبوته، من أن يأتي ذروة جبل لكي يلقى منها نفسه؟ وكيف بالامام البخاري الذي يقول علماء الحديث عن كتابه (الصحيح) أنه من أصح الكتب المصنفة بعد كتاب الله تعالى وكل ما بداخل الصحيح فهو صحيح ويذكر قصة الانتحار هذه في داخل الصحيح!.
الرد على الشبهة : هذا الكلام الوارد في مصنفات المسلمين الشيعة ليس له وجود اصلاَ ولك ان تراجع جميع كتب ومصنفات الشيعة في كل اماكن العالم.
واما اخواننا المسلمين من اهل السنة الذين ذكروا هذه الفرية في كتبهم فقد قال عنها ابن حجر في شرحه للحديث: القائل: (فيما بلغنا) هو الزهري، وهو من بلاغاته وليس موصولًا.
فهذا الجزء من حديث صحيح البخاري الذي يُذكر فيه أن النبيo كان يتردَّى من رؤوس شواهق الجبال ورد في حديث معمر عن الزهري، والزهري ـ كما هو معلوم ـ تابعي لم يُعاصر النبي محمدJ أو يسمع منه.
 فالواسطة بينه وبين رسول اللهJ مجهولة، ولم يذكر الزهري مَن أبلغه بهذه القصة، فتكون هذه (الزيادة) التي فيها محاولة الانتحار مرسلة.
والحديث المرسل هو الذي يرويه التابعي مباشرة عن رسول اللهJ والحديث المرسل يعتبر من أقسام الحديث الضعيف الذي لم يثبت، ولهذا هذا الحديث يسمى من: (بلاغات الزهري).
فالزهري قال : (فيما بلغنا) فمن أبلغه بذلك مجهول، ولا يُعرف هل هو عدل ام لا.
 والعدالة والضبط من شروط صحة الحديث لدى اهل السنة ولو عندهم انهم يعتبرون بعض القتلة من العدول مثل قاتل سبط رسول اللهJ الامام الحسين بن علي بن ابي طالبD عدل ويأخذ بحديثهِ. وعند اهل السنة تعتبر مرسلات الزهري ضعيفة.
ولكن روى البخاري حديث نزول الوحي أكثر من مرة وقال الدكتور عماد الشربيني: (الإمام البخاري وغيره.. ذكرها في التعبير).
وقال الشيخ الألباني: (... للبخاري خطأ فاحش).
ولكن وردت قصة محاولة انتحار نبي اللهJ من طرق أخرى، كما جاء في الطبقات الكبرى لابن سعد.
وكذلك وردت في تاريخ الطبري حديث مشابه للسابق كما عن عبيد بن عمير بن قتادة الليثي.
وهذه الأحاديث الصحيحة في مصنف البخاري تعتبر روايات مسندة كما قال ابن كثير في البداية والنهاية: جاء مسلم بن الحجاج إلى البخاري فقبَّله بين عينيه... قال مسلم: لا يبغضك إلا حاسد، يا أستاذ الأستاذين، ويا سيد المحدثين.
وكذلك قال النووي : أجمعت الأمة على صحة هذين الكتابين (صحيحي البخاريّ ومسلم)، ووجوب العمل بِهما. وقال ايضا: (اتفق العلماء على أنَّ أصحَّ الكُتب بعد القرآن الكريم الصحيحان: صحيح البخاري وصحيح مسلم، وتلقتهما الأمة بالقبول، وكتاب البخاري أصحهما وأكثرهما فوائد ومعارف).
واما ابن خزيمة قال: (ما رأيت تحت أديم السماء أعلم بحديث رسول اللهJ ولا أحفظ له من البخاري).
والامام الذهبي قال عنه: (وأما جامع البخاري الصحيح فأجَّل كتب الإسلام وأفضلها بعد كتاب الله تعالى).
وكذلك ذكره العلامة أحمد شاكر فقال: (أن أحاديث الصحيحين صحيحة كلها، ليس في واحد منها مطعن أو ضعف).
والشيخ الألباني ايد ذلك فقال ما نصه: (كيف والصحيحان هما أصح الكتب بعد كتاب الله تعالى باتفاق علماء المسلمين من المحدثين وغيرهم).
ومن ثم اين هذا الثناء والكلام من طعن صحيح الامام البخاري بالنبي محمدJ على هذا القول تبين ان البخاري يسعى الى هدم مباني اهل السُنَّة.
ومن مباني اهل السنة إجماع الأمة ـ قديما وحديثا ـ انعقد على أن جميع الأنبياء والرسلD من إتيان المعاصي قبل البعثة واما بعدها فهو معصوم.
فنسبة هذا الفعل (الانتحار) الى النبي محمدJ وهو أفضل الرسل والأنبياء، نقضٌ لذلك الإجماع اذا كان بعد البعثة (على مبانيكم) اما اذا كان قبل البعثة فعلى رأيكم يعتبر صحيح.
ومن ثم هذا الحديث يبين اعتبار منزلته J عندهم وهو أرفع قدراً، وأجل مكانة، وأكثر ثباتاً من أن يُقدم على الانتحار بسبب فتور الوحي وانقطاعه، وقد قال الله عنه بقوله تعالى: (وَاللهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ)[8] وقوله تعالى: (وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ)[9].
لمقامِهِ عندَ الإلهِ يُشـــــــــيرُ * قُرآنُنا في واضحِ الآيــــاتِ
فضلُ الإلهِ على النَّبيِّ مُعظَّمٌ * ولِذاكَ كانَ مُسدَّدَ الخُطواتِ
أَخلاقُـهُ جَمعـتْ لكلِّ فَضـيلةٍ * كانَت (وَإنَّكَ) آيةُ الإثبــــاتِ
فأحْذر ونُحَذّر ممن يطعنون في نبي الرحمة محمد بن عبدالله بن عبدالمطلبJ أو يشككون في قرآنه ووصيه الامام علي بن ابي طالبA والأئمهD.

[1] - سورة التوبة الاية 28 .
[2] - سورة نوح الاية 27 .
[3] - سورة الشعراء 219, 218 .
[4] - راجع : أيمن الجندي - والدا الرسول ليسا فى النار.
[5] - راجع : كتاب خاتم النبيين - الشيخ محمد أبوزهرة.
[6]- سورة الانعام الاية 90.
[7] - صحيح الامام البخاري ج6 ص2561 ح6581 .
[8]- سورة المائدة الاية 67.
[9]- سورة القلم الاية 4.