الثلاثاء، 11 أبريل 2017

التوسل شرك ونداء الغائب والتبرك بالنبي والاستغاثة به ص شرك

التوسل شرك ونداء الغائب والتبرك بالنبي والاستغاثة بالنبي ص شرك
التوسل بالرسول o : قلتم أن التوسل والاستغاثة والتبرك شرك اكبر وكفرتم جميع المسلمين ومزقتم الأمم والنتيجة اليوم نرى التكفير والفتاوي عندكم بالمجان وأعطيتم لأعداء الإسلام هدية مجانية للنيل منها.
ونرى أئمتكم وأسلافكم كانوا يرون بل يفتون بجواز التوسل والتبرك والاستغاثة بل ترى أنها كانت تعتبر سيرة الصحابة على الجواز بل ان رسول الله o يعلم الناس الاستغاثة والتوسل وقلتم ان نداء الغائب شرك وقسمتموها إلى أربعة أنواع من الشرك عندكم وهي: 
الأول التوسل وقلتم أنه شرك والثاني الاستغاثة بالنبيJ وقلتم شرك والثالث التبرك بالنبيJ وقلتم شرك والرابع نداء الغائب وقلتم شرك.
ولكننا لم نجد او نعثر على أي عالم او غيرهِ من علماء اهل السنة من انهم كانوا يحرمونها قبل ظهور امر ابن تيمية.
ونذكر أن الشيخ المجدد محمد بن عبد الوهاب كفر جميع الناس في مسالة التوسل ولكن تجد انه هو يرى التوسل جائز وهي مسألة فقهية مما يترك الأثر في النفس بوضع علامات الاستفهام حول هذا الرجل.
أو انه يترك عندك الاثر في النفس من ان هذا الرجل تحوم عليه الشبهات وسفك الكثير من الدماء في العراق وغير العراق أبان فترة الهيمنة البريطانية والحروب بينها وبين الدولة العثمانية وغيرها.
فقد ذكر محمد بن عبدالوهاب في كتابه فتاوى ومسائل حيث قال:
[ العاشرة- قولهم في الاستسقاء: لا بأس بالتوسل بالصالحين: وقول أحمد: يتوسل بالنبي o خاصة, مع قولهم إنه لا يستغاث بمخلوق.
فالفرق ظاهر جداً, وليس الكلام مما نحن فيه, فكون بعض يرخص بالتوسل بالصالحين وبعضهم يخصه بالنبي o وأكثر العلماء ينهي عن ذلك ويكرهه, فهذه المسألة من مسائل الفقه.
ولو كان الصواب عندنا قول الجمهور إنه مكروه فلا ننكر على من فعله, ولا إنكار في مسائل الاجتهاد, لكن إنكارنا على من دعا لمخلوق أعظم مما يدعو الله تعالى.
ويقصد القبر يتضرع عند ضريح الشيخ عبد القادر أو غيره يطلب فيه تفريج الكربات, وإغاثة اللهفات, وإعطاء الرغبات فأين هذا ممن يدعو الله مخلصاً له الدين لا يدعو مع الله أحداً, ولكن يقول في دعائه:
أسألك بنبيك, أو بالمرسلين, أو بعبادك الصالحين, أو يقصد قبر معروف أو غيره يدعو عنده, لكن لا يدعو (إلا) الله مخلصاً له الدين, فأين هذا مما نحن فيه؟][1].انتهى.
لاحظ مما سابق كلام الشيخ محمد عبدالوهاب ولكن الواقع خلاف ذلك تماماَ ثم نأتي لتوضيح هذه الامور الاربعة وهي:
الأمر الأول : التوسل وقلتم شرك
وهو التوسل فنرى ان الله عز وجل يرخص لنا باتخاذ الوسيلة إليه كما في قولهِ تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ وَابْتَغُواْ إِلَيهِ الْوَسِيلَةَ وَجَاهِدُواْ فِي سَبِيلِهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ[2].
وهناك أحاديث كثيرة جدا واردة تدل على جواز التوسل وان الرسولo أمرنا به فكيف تكفرون الناس على أمر كان رسول الله o يعلم الناس به.
وهل الرسول o يعلم الناس الشرك والعياذ بالله وتريدون أن تلزموا الآخرين بفهمكم الخاص بكم وان كان يخالف صريح قول رسول الله o.
ومن خلال هذا الفهم تكفرون الناس وتستبيحون دمائهم ورسول الله o نهانا عن فعل ذلك فقد اخرج عدة من الحفاظ ومنهم الترمذي قال :
حدثنا محمود بن غيلان أخبرنا عثمان بن عمر أخبرنا شعبة عن أبى جعفر عن عمارة بن خزيمة بن ثابت عن عثمان بن حنيف : ( أن رجلا ضرير البصر أتى النبي o فقال : ادع الله أن يعافيني قال إن شئت دعوت وإن شئت صبرت فهو خير لك قال فادعه قال فأمره أن يتوضأ فيحسن وضوءه ويدعوه بهذا الدعاء :
اللهم إني أسألك وأتوجه إليك بنبيك محمد نبي الرحمةo إني توجهت بك إلى ربى في حاجتي هذه لتقضى لي اللهم فشفعه فيّ)[3] وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.
وجاء مثلهِ اخرج الحاكم في المستدرك على الصحيحين قال : حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب حدثنا العباس بن محمد الدورى حدثنا عثمان بن عمر حدثنا شعبة عن أبى جعفر المدينى قال سمعت عمارة بن خزيمة يحدث عن عثمان بن حنيف:
( إن رجلا ضريرا أتى النبي o فقال ادع الله أن يعافيني فقال ان شئت أخرت ذلك وهو خير وان شئت دعوت قال فادعه قال فأمره أن يتوضأ فيحسن وضوءه ويصلى ركعتين ويدعو بهذا الدعاء فيقول:
اللهم أنى أسألك وأتوجه إليك بنبيك محمد نبي الرحمة يا محمدo أنى توجهت بك إلى ربى في حاجتي هذه فتقضى لي اللهم شفعه في وشفعني فيه)[4] قال الحاكم  : هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه ، ووافقه الذهبي في التلخيص.
ولاحظ ان الحديث أخرجه في عدة مواضع  بالمستدرك بأسانيد أخرى قال في أحدها : ( هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه).
وقال في الآخر : ( هذا حديث صحيح على شرط البخاري ولم يخرجاه) ووافقه الذهبي في الموضعين[5] منهما.
كما صرح ابن تيمية بصحة هذا الحديث وقال : وقد روى الترمذي حديثا صحيحاً عن النبي o أنه علّم رجلاً أن يدعوا فيقول :
( اللهم إني أسألك وأتوسل إليك بنبيك محمد نبي الرحمةo يا محمد يا رسول الله إني أتوسل بك إلى ربي في حاجتي ليقضيها لي اللهم شفعه فيّ)[6].
ولاحظ كذلك انه قد أخرج الامام البخاري في صحيحه بالإسناد عن أنس بن مالك حيث قال:
( أن عمر بن الخطاب كان إذا قحطوا أستسقى بالعباس بن عبد المطلب فقال : اللهم إنّا كنا نتوسل إليك بنبينا o فتسقينا وإنا نتوسل إليك بعم نبينا فاسقنا قال : فيُسقون)[7].
وصرح بالحديث جمع من علماء اهل السنة منهم الألباني والإرناؤوط والحاكم والذهبي والترمذي وغيرهم من العلماء  بصحة هذا الحديث.
ومضمون هذا الحديث تصريح واضح من ان النبي o كان يعلم الصحابة كيفية التوسل وان التوسل مشروعيته ثابتة في القرآن والسنة النبوية.
ولم نلاحظ او نجد احد من السلف والعلماء قبل ظهور امر ابن تيمية ادعى بحرمة التوسل وقد صرح الإمام احمد بجواز التوسل بذات الرسولo.
ولاحظ قول أبو الحسن المرداوي الحنبلي كما في الإنصاف[8] حيث قال: يجوز التوسل  بالرجل الصالح على الصحيح من المذهب ، وقيل يستحب.
وكذلك كلام الإمام أحمد للمروذي حيث قال: يتوسل بالنبي o في دعائه ، وجزم به في المستوعب وغيره ، وجعله الشيخ تقي الدين كمسألة اليمين به قال:
والتوسل بالإيمان به وطاعته ومحبته والصلاة والسلام عليه وبدعائه وشفاعته ونحوه مما هو من فعله أو أفعال العباد المأمور بها في حقه مشروع إجماعا وهو من الوسيلة المأمور بها في قوله تعالى : )اتقوا الله وابتغوا إليه الوسيلة[9](.
فهل تستطيعون أن تقولوا إنكم فهمتم الأدلة أكثر من الإمام احمد وان العلماء الذين لم يردوا على الإمام احمد وبالخصوص ان في تلك الفترات كان من يأتي بأمر فيه خلاف الشريعة يرد عليه بحزم وقوة.
بحيث تصل الأمور إلى الاستتابة وإلا تضرب عنقه كما قال ابن أبي ذئب عند معارضته لحكم أفتى به الإمام مالك فقال: ( يستتاب مالك وإلا تضرب عنقه).
وعدم الرد على الإمام احمد كاشف عن الإجماع , فهل يقولوا أن الإمام احمد مشرك أو تكفيركم للناس جاء عن طريق الجهل كما ان التوسل ثابت بالقرآن والسنة وسيرة السلف ذكرنا.
وأورد الآلوسي كما في مصنف روح المعاني يقول : ( ..وبعد هذا كله لا أرى بأساً في التوسل إلى الله بجاه النبي o عند الله تعالى حياً وميتاً ، ويراد معنى يرجع إلى صفة من صفاته تعالى.
مثل أنْ يراد به المحبة التامة المستدعية عدم رده وقبول شفاعته ، فيكون معنى قول القائل :
إلهي أتوسل إليك بجاه نبيك o أنْ تقضي لي حاجتي ، إلهي اجعل محبتك له وسيلة في قضاء حاجتي ، ولا فرق بين هذا وقولك :
إلهي أتوسل برحمتك أنْ تفعل كذا ، إذْ معناه أيضاً : إلهي اجعل رحمتك وسيلة في فعل كذا ، بل لا أرى بأساً بالإقسام على الله تعالى بجاههo بهذا المعنى.
والكلام في الحرمة كالكلام في الجاه ، ولا يجري ذلك في التوسل والإقسام بالذات ، نعم لم يعهد التوسل بالجاه والحرمة عن أحد من الصحابة.
إلى أن يقول : إنّ التوسل بجاه غير النبي o لا بأس به أيضاً إنْ كان المتوسل بجاهه مما علم أنّ له جاهاً عند الله تعالى كالمقطوع بصلاحه وولايته..)[10].انتهى.
فهل يقولوا أن الآلوسي مشرك شرك اكبر وهناك الكثير من علماء اهل السنة قد صرحوا بجواز التوسل ولكن نكتفي إلى هنا لعدم الإطالة.
الأمر الثاني : الاستغاثة بالنبي قلتم شركo
الاستغاثة بالنبي J قلتم كما في كتبتكم هي الشرك الاكبر وعلى أساس ذلك أبحتم دماء المسلمين من غير دليل ومزقتم الأمة من غير دليل سوى فتاوي من فهمكم لايات القران.
والأدلة كثيرة الدالة على جواز الاستغاثة كما قال النبي يوسف A بقولهِ تعالى (اذْهَبُواْ بِقَمِيصِي هَـذَا فَأَلْقُوهُ عَلَى وَجْهِ أَبِي يَأْتِ بَصِيراً وَأْتُونِي بِأَهْلِكُمْ أَجْمَعِينَ)[11].
وكذلك اخرج العديد من الحفاظ بسند صحيح منهم أبي يعلى في مسنده حيث قال: حدثنا أحمد بن عيسى حدثنا بن وهب عن أبي صخر أن سعيدا المقبري أخبره أنه سمع أبا هريرة يقول: سمعت رسول الله o يقول:
( والذي نفس أبي القاسم بيده لينزلن عيسى بن مريم إماما مقسطا وحكما عدلا فليكسرن الصليب وليقتلن الخنزير وليصلحن ذات البين وليذهبن الشحناء وليعرضن عليه المال فلا يقبله ثم لئن قام على قبري فقال يا محمد لأجيبنه)[12]. قال حسين سليم أسد : إسناده صحيح.
فهل معنى هذا ان الرسول الأكرم o يعلمنا الشرك الأكبر حيث يقول (لو ان نبي الله عيسى A أتى على قبري وقال يا محمدo لأجبته) وهل الرسولo يتجاوب مع الشرك الأكبر.
الأمر الثالث : التبرك بالنبي وقلتم شركo
لقد قلتم التبرك بآثار نبي الرحمةo شرك وأن التبرك بقبره o شرك ولكن نرى سيرة الصحابة التبرك والاستشفاء بآثار النبيo. فهل يمكن ان يقال على مبانيكم أنهم مشركين كما اخرج ذلك مسلم في صحيحه حيث قال :
حدثنا يحيى بن يحيى أخبرنا خالد بن عبدالله عن عبدالملك عن عبدالله مولى أسماء بنت أبي بكر وكان خال ولد عطاء قال أرسلتني أسماء إلى عبدالله بن عمر فقالت:
[ بلغني أنك تحرم أشياء ثلاثة العلم في الثوب وميثرة الأرجوان وصوم رجب كله فقال لي عبدالله :
أما ما ذكرت من رجب فكيف بمن يصوم الأبد وأما ما ذكرت من العلم في الثوب فإني سمعت عمر بن الخطاب يقول سمعت رسول اللهo يقول (إنما يلبس الحرير من لا خلاق له ) فخفت أن يكون العلم منه وأما ميثرة الأرجوان فهذه ميثرة عبدالله فإذا هي أرجوان.
فرجعت إلى أسماء فخبرتها فقالت هذه جبة رسول الله o فأخرجت إلى جبة طيالسة كسروانية لها لبنة ديباج وفرجيها مكفوفين بالديباج فقالت:
هذه كانت عند عائشة حتى قبضت فلما قبضت قبضتها وكان النبيo يلبسها فنحن نغسلها للمرضى يستشفى بها][13].
وقد علق النووي على الحديث فقال : وفى هذا الحديث دليل على استحباب التبرك بآثار الصالحين وثيابهم[14]
وكذلك مثلهِ قال الذهبي : [ ومن آدابه : قال عبد الله بن أحمد - بن حنبل - رأيت أبي يأخذ شعره من شعر النبي o فيضعها على فيه يقبلها وأحسب أني رأيته يضعها على عينه ويغمسها في الماء ويشربه يستشفي به.
ورأيته أخذ قصعة النبي o فغسلها في حب الماء ثم شرب فيها ورأيته يشرب من ماء زمزم يستشفي به ويمسح به يديه ووجهه قلت:
أين المتنطع المنكر على أحمد وقد ثبت أن عبد الله سأل أباه عمن يلمس رمانة منبر النبي o ويمس الحجرة النبوية فقال : لا أرى بذلك بأسا. أعاذنا الله وإياكم من رأي الخوارج ومن البدع][15].
فلاحظ ان الذهبي قد اعتبر من يقول بحرمة التبرك انه من الخوارج وأهل البدع؟ فتأمل.
الأمر الرابع : نداء الغائب وقلتم شرك
ذكرت أحاديث كثيرة في نداء الغائب كما هو قول البيهقي:
 (أخبرنا أبو عبد الله الحافظ أنا أحمد بن سلمان الفقيه ببغداد حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل قال : سمعت أبي يقول :
حججت خمس حجج اثنتين راكب وثلاث ماشي أو ثلاث راكب واثنتين ماشي فضلت الطريق في حجة وكنت ماشيا. فجعلت أقول يا عباد الله دلوني على الطريق قال: فلم أزل ذلك حتى وقفت على الطريق أو كما قال أبي)[16].
فما تقول هل الإمام أحمد مشرك ؟ وكذلك قولهم من أسس تدوين أحاديث القيامة لدى علماء الخلافة مثلاً الى قضية أوسع تتعلق بأحاديث مقام النبي J يوم القيامة.
فالمتأمل فيها في مصادر إخواننا اهل السنة يصل الى قناعة من أن أحاديثها كانت تتضمن أن أهل بيتهD معه بالمحشر والجنة ، بدليل بقاء ذكرهم وتسميتهم في عدد منها ؟ وأنها كانت تتضمن بيان المصير المعروف لأكثر الصحابة؟.
وقد علمت أنهم لم يستطيعوا أن يتخلصوا من الأحاديث التي نصت على أنه لا يرد منهم الحوض ولا ينجو إلا مثل همل النعم[17].
وبهذا تعرف صعوبة المهمة التي عهدت بها خلافة قريش الى علماء الحديث ، أو تبرعوا هم بها ، من خلال تدوين صحاح ترضى عنها وتتبنى نشرها. فلا بد أنهم وقفوا طويلاً أمام تدوين أحاديث القيامة والآخرة ، لأنها تعطي أهل البيتD مقام الى جنب رسول الله J. وتذم الصحابة وتخبر عن هلاك أكثرهم؟.
بلا شك أن الذين قد ألفوا بعد مالك بن أنس واجهوا نفس هذهِ المشكله ، وخافوا أن يقعوا في طريق نفس (مزلق) التشيع الذي وقع فيه. لذلك رأوا أنهم مجبورين على اتباع الأسس التالية :
أولاً : أن يختاروا ويأخذوا الأحاديث التي ليس فيها ذكر لأهل بيت النبيJ وهي قليلة جداً ونادرة.
ثانياً : أن يجردوا الأحاديث من ذكر او مضمون مقام أهل البيت D مهما أمكن وتحت أي ظرف.
ثالثاً : أن يستبدلوا أسماء أهل البيتD مع تبديل الكلمات التي استعملها النبيJ في التعبير عنهم بكلمات عن الصحابة والأمة.
رابعاً : أن يتجنبوا ويتحاشوا الأحاديث التي فيها ذم الصحابة ، أو يحذفوا منها الذم أو يوجهوه الى آخرين او التعبير عنه بكناية.
خامساً : أن يدونوا الأحاديث الموضوعة في أفضلية الصحابة ، وخاصة الخلفاء الثلاثة ، لكي تقابل أحاديث فضائل أهل البيتD.
وتفصيل هذاالموضوع يخرجنا عن بحثنا ، فنكتفي بذكر نماذج صغيرة كما روى الخطيب في تاريخ بغداد 9 / 453 حيث قال: عن ابن عباس قال: سمعت النبي J وهو آخذٌ بيد عليA يقول : هذا أول من يصافحني يوم القيامة.
ومثلهِ في الاستيعاب : 4/ 169 عن أبي ليلى الغفاري قال : سمعت رسول الله J يقول : ستكون بعدي فتنة فإذا كان ذلك فالزموا علي بن أبي طالب فإنه أول من يراني ، وأول من يصافحني يوم القيامة ، وهو الصديق الأكبر ، وهو فاروق هذه الأمة ، يفرق بين الحق والباطل ، وهو يعسوب المؤمنين والمال يعسوب المنافقين.
ولاحظ شاهد الكلام رواه ابن حجر في الاصابة : 4 /170 ، وضعفه بدون حجة ، وكذا فعل ابن كثير في البداية : 7 / 348.
وكذلك في سنن ابن ماجة : 1 / 44 عن عباد بن عبد الله قال : قال عليA : أنا عبد الله وأخو رسوله ، وأنا الصديق الأكبر ، لا يقولها بعدي إلا كذاب ؟ صليت قبل الناس سبع سنين. هذا حديث صحيح.
وكذلك رواه العزيزي في السراج المنير : 2 / 402 ، وقال البوصيري في الزوائد : صحيحٌ على شرط الشيخين ، وتكلم فيه بعضهم لأجل عباد ، لكن تابعته عليه معاذة العدوية.
واما في كنز العمال : 11 | 616 حيث قال : إن هذا أول من آمن بي ، وأول من يصافحني يوم القيامة ، وهذا الصديق الأكبر ، وهذا فاروق هذه الأمة ، يفرق بين الحق والباطل ، وهذا يعسوب المؤمنين والمال يعسوب الظالمين ـ قاله لعلي. ( الطبراني عن سلمان وأبي ذر معاً ، والبيهقي ، وابن سعد ، عن حذيفة).انتهى.
وقال في الهامش : أورده الهيثمي في مجمع الزوائد ( 9 / 102 ) وقال رواه الطبراني والبزار ، وفيه عمر بن سعيد المصري وهو ضعيف.انتهى.
وكلام هذا الهامش ليس دقيق ، لأن حديث كنز العمال عن ثلاثة وهم سلمان وأبي ذر وحذيفةF. واما حديث الطبراني والبزار التي ضعفها الهيثمي بعمر بن سعيد المصري إنما هي عن أبي ذرE وحده ، بالتالي هو لم يضعف رواية سلمان وأبي ذرF معاً ، ولا رواية حذيفة التي نقلها صاحب كنز العمال عن البيهقي ، وعن طبقات ابن سعد.فراجع.
ونذكر اليك ما ذكره في مجمع الزوائد : 9 / 102 حيث قال: وعن أبي ذر وسلمان قالا : أخذ النبي J بيد عليA فقال : إن هذا أول من آمن بي ، وهذا أول من يصافحني يوم القيامة ، وهذا الصديق الأكبر ، وهذا فاروق هذه الأمة ، يفرق بين الحق والباطل ، وهذا يعسوب المؤمنين والمال يعسوب الظالمين.
وقد رواه الطبراني والبزار عن أبي ذرE وحده وقال فيه : أنت أول من آمن بي ، وقال فيه : والمال يعسوب الكفار. وفيه عمرو بن سعيد المصري وهو ضعيف.انتهى.
ومهما تكن الاعتراضات فإن بعض طرق الحديث صحيحةٌ على مبانيهم بدون حاجة الى أي شواهد ، وتجد بعضها صحيح بشواهدها. ولكنهم لا يبحثون أسانيده وأسانيد شواهده ومن ثم يضعفونه ويحكمون عليه بأنه منكر، لأنه يتضمن شهادة من النبيJ بصفات مهمة لعليA وهي أمر منكر يضر بهم؟.
بل الاولى بهم والأحوط عند بعض علماء الخلافة أن يعارضوه بأحاديث تشهد بأن الصفات التي جاءت في عليA قد ثبتت لخلفاء قريش قبله، وليس لعليA وحده.
ونترك لقب الصديق والفاروق لكم ان تتأموا ونذكر ما ذكروه حول أول من تنشق عنه الأرض مع النبيJ في يوم المحشر ، وأول من يصافح النبي J كما روى الحاكم في المستدرك : 2 / 465 ، وصححه وهو عن ابن عمر قال قال رسول الله J:
أنا أول من تنشق الأرض عنه ، ثم أبو بكر ، ثم عمر ، ثم آتي أهل البقيع فيحشرون معي ، ثم أنتظر أهل مكة؟. وتلا عبد الله بن عمر : يوم تشقق الأرض عنهم سراعاً ذلك حشر علينا يسير؟
ورواه أيضاً في : 3 / 68 ، وصححه. ورواه في كنز العمال:11/403 وروى نحوه في / 426 و433 ( عن الترمذي ، وحسنه ، وأبي عروبة في الأوائل ، والطبراني الكبير ، وابن عساكر ، وأبي نعيم في فضائل الصحابة، عن ابن عمر. وبآخر عن ابن عساكر ، عن أبي هريرة.انتهى.
ولاحظ في هذه الأحاديث تجد أنها تعطي الأولية في الحشر ودخول الجنة لأبي بكر وعمر ، ثم لأهل البقيع ، ثم للقرشيين في مكة. كما يوجد لديهم حديث آخر تجد الميل عندهم الى قبوله كما رواه في كنز العمال : 13/233 عن عليA قال قال رسول اللهJ:
أنا أول من تنشق الأرض عنه ولا فخر ، فيعطيني الله من الكرامة ما لم يعطني من قبل. ثم ينادي مناد : يا محمد قرب الخلفاء ، فأقول : ومن الخلفاء.
فيقول جل جلاله : عبد الله أبو بكر الصديق ، فأول من تنشق الأرض عنه بعدي أبو بكر، ويقف بين يدي الله فيحاسب حساباً يسيراً ، ويكسى حلتين خضراوين ، ثم يوقف أمام العرش.
ثم ينادي مناد : أين عمر بن الخطاب ؟ فيجيء وأوداجه تشخب دماً فأقول : عمر من فعل هذا بك. فيقول : مولى المغيرة بن شعبة ، فيوقف بين يدي الله فيحاسب حساباً يسيراً ، ثم يكسى حلتين خضراوين ، ثم يوقف أمام العرش.
ثم يؤتى بعثمان بن عفان وأوداجه تشخب دماً ، فأقول : عثمان من فعل بك هذا. فيقول : فلانٌ وفلان ، فيوقف بين يدي الله فيحاسب حساباً يسيراً ، ثم يكسى حلتين خضراوين ، ثم يوقف أمام العرش.
ثم يؤتى بعلي وأوداجه تشخب دماً فأقول : علي من فعل بك هذا. فيقول: عبد الرحمن بن ملجم ، فيوقف بين يدي لله فيحاسب حساباً يسيراً ، ثم يكسى حلتين خضراوين ، ثم يوقف أمام العرش مع أصحابه.
الزوزني ، وفيه علي بن صالح ، قال الذهبي : لا يعرف ، وله خبرٌ باطل ، وقال في اللسان ذكره ابن حبان في الثقات وقال: روى عنه أهل العراق ، مستقيم الحديث.انتهى.
فلاحظ جيد هكذا عالج رواة الخلافة افضلية وأولية عليA التي رواها عن النبي J فوضعوا حديثاً على لسان عليA نفسه لكي يجعل الأولية لخلفاء قريش بالترتيب ، ويجعل علياً الرابع.
وإن تكلمهم في السند تراهم يعرضون عن بحث أسانيد الأحاديث التي فيها فضائل الامام علي بن ابي طالبA ، ويعملون المستحيل لتصحيح الأحاديث التي فيها فضائل غيره ، ولاحظ ابن حبان يمدح واضع الحديث بأنه مستقيم الحديث ، أي أحاديثه في مدح الخلفاء والأمراء وعمالهم.
وأما حديث أن أول من يصافحه النبيJ يوم القيامة عليA.. فقد عثروا له على معالجة أخرى ، فإذا كان علي بن ابي طالبA أول شخص يستقبله الرسولJ ويصافحه يوم القيامة ، فإن الخليفة الثاني أول شخص يستقبله الله تعالى يوم القيامة ويصافحه ويرحب به ، ويدخله الجنة. كما روى ابن ماجة في صحيحه : 1 / 39 حيث قال:
حدثنا إسماعيل بن محمد الطلحي ، أنبأنا داود بن عطاء المديني ، عن صالح بن كيسان ، عن ابن شهاب ، عن سعيد بن المسيب ، عن أبي بن كعب ، قال: قال رسول اللهJ: أول من يصافحه الحق عمر ، وأول من يسلم عليه ، وأول من يأخذ بيده فيدخله الجنة. وكذلك رواه في كنز العمال:1/578 ـ هـ ، ك ـ عن أبي. انتهى.
وقد جاءت روايتهم فاقعةً تنبه الناظرين الى درجة أن الذهبي الذي يمتاز بانه متيماً بالتجسيم ويحب الخليفة الثاني لم يستطع الدفاع الرواية. وكذلك الشيخ الألباني ، حيث ضعفها وهو على مضض في ضعيفته برقم 22485فراجع.

[1] - راجع : فتاوى ومسائل المسألة العاشرة .
[2] - سورة المائدة 35 .
[3] - سنن الترمذي ج5 ص228 ، 229 ح3649 .
[4] - المستدرك على الصحيحين ج1 ص458 ح1180 من الطبعة الحديثة.
[5] - راجع : سلسلة المستدرك على الصحيحين ج1 ص519 ، وص 526 ، 527 ط1 ، وج1 ص707 ، 708 ح1929 ، 1930 من الطبعة الحديثة ، وراجع أيضا : مسند أحمد بن حنبل ج4 ص138 ط1 .
[6] - كتاب قاعدة جليلة في التوسل والوسيلة لابن تيمية171 ط: دار الكتاب العربي بيروت.
[7] - فتح الباري ج7 ص96 ح3710 .
[8] - الإنصاف فيما ترجح من الخلاف ج2ص456 ط دار إحياء التراث العربي بيروت.
[9] - سورة المائدة 35.
[10] - تفسير روح المعاني ج4 ص 187 , 188 ط. دار الفكر بيروت .
[11] - سورة يوسف الاية 93 .
[12] - راجع : مسند ابي يعلى ج11 ص462 ح6584 , مجمع الزوائد ج8 ص387 ح13813 قال الهيثمي رواه ابو يعلى ورجاله رجال الصحيح , المطالب العالية لابن حجر العسقلاني ج15 ص585 رقم 164 و ج18 ص401 رقم4505 , الخصائص الكبرى للسيوطي ج2 ص490 ح62 , السلسلة الصحيحة للألباني ج6 ص236 رقم 2733 قال الألباني إسناده جيد .
[13] - صحيح مسلم ج13 ص1461 ح2069 .
[14] - شرح النووي لصحيح مسلم ج14 ص43 .
[15] - سير اعلام النبلاء ج11 ص212.
[16] - شعب الايمان للبيهقي 6 / 128.
[17] - وهمل النعم هي النعاج المفردة الخارجة عن القطيع ؟ وهو يعني أن أكثرية قطيع الصحابة لا ينجو؟ للمزيد راجع كتاب العقائد الاسلامية الجزء الرابع ، ص 162 ـ ص 187.