الثلاثاء، 11 أبريل 2017

الكتاب لما سمي بالقرآن


الكتاب لما سمي بالقرآن
القرآن هو دستور الله ومعجز نبيه الخالد وهو كلام الله العزيز والنص الإلهي المنَّزل بواسطة الوحي على رسول الإسلام وخاتم النبيين محمد بن عبد الله o بلغة العرب ولهجة قريش.
وهو المعجزة الإلهية الخالدة التي زوَّد الله تعالى بها رسوله المصطفىo والميراث الإلهي العظيم والمصدر الأول للعقيدة والشريعة الإسلاميتين، والذي لا يُعدل عنه إلى غيره من المصادر مطلقاً.
لقد قسم القرآن الكريم المجتمعات الانسانية، في أول سورة البقرة، الى ثلاثة أقسام هي: (المؤمنون - المنافقون – الكفار).
وأوضح صفات المؤمنين المفلحين وهي الإيمان بالله والغيب والملائكة والنبيين واليوم الآخر وإقامة الصلاة والزكاة، وهي تلك الصفات التي نجدها لدى عامة امة الاسلام.
ولكن حذر من صفات المنافقين، التي قد نجدها بين فئات تندس بين صفوف مختلفة من طوائف المسلمين كافة اذاً الله تعالى بالقران لم يقسم المسلمين الى (سنة) و(شيعة) وغيرهم.
فلماذا لا تبحثون عن الخارطة الحقيقية التي يرسمها الله تعالى، ونتحد في مواجهة المنافقين، الذين يتميزون من خلال اعتبار الظلم والاستبداد والاعتداء على حقوق الآخرين وحرياتهم ومصالحهم، أهم صفاتهم، وهم الذين يعاني منهم جميع المسلمين في مختلف الطوائف.
لما سمي بالقرآن
القرآن اسم يطلق على كلام الله عز وجل المنزَّل على خاتم الانبياء محمد بن عبداللهo خاصة، ولا يسمى بذلك غيره، وهو إسم لمجموع ما هو موجود بين الدفتين[1].
والمشتمل على مئة وأربع عشرة سورة، تبدأ أولها سورة الحمد وآخرها سورة الناس، وفي الحديث، عن الامام جعفر بن محمد الصادقD أنه قال: (..القرآنُ جملةُ الكتاب..)[2].
واما كلمة (قرآن) مصطلح اسلامي وحقيقة شرعية استعملت بالمعنى المذكور في كل من القرآن الكريم والحديث النبوي الشريف.
ويصح إطلاق لفظة (قرآن) على جميع القرآن وعلى السورة أو الآية الواحدة وحتى على بعض الآية[3] والايات.
ولقد ذكر العلماء والمفسرين أسماءً عديدة في اللغة العربية للقرآن الكريم استخرجوها من نفس القرآن أو من الأحاديث الشريفة مثل:
1 – ( الكتاب ) : كما في قوله تعالى: (ذَلِكَ الْكِتَابُ لاَ رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ)[4].
2 – ( الفرقان ) : كما في قوله تعالى: (تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا)[5].
3 – ( الذكر ) : كما في قوله تعالى: (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ)[6].
4 – ( النور ) : كما في قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءكُم بُرْهَانٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَأَنزَلْنَا إِلَيْكُمْ نُورًا مُّبِينًا)[7].
5 – ( الموعظة ) : كما في قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءتْكُم مَّوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَشِفَاء لِّمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ)[8].
ولعل الصحيح أن ما عدا (قرآن) مما ذُكر من الأسماء ليست أسماءً خاصة بكلام الله تعالى الذي أنزله على رسوله الأمين محمد o.
 بل ان بعض الأسماء المذكورة كـ(الكتاب) صح إطلاقها على غير القرآن كذلك فهو شامل للقرآن وغيره من الألفاظ المكتوبة بشرية كانت أم سماوية.
وأما البعض الآخر من هذه الأسماء فيصح إعتبارها كأوصاف للقرآن مثل: (الفرقان والموعظة والذكر والنور، وغيرها).
واما تطابق نص القرآن الموجود مع النص المنزَّل على الرسولo فلا شك أن القرآن أكبر وأعظم شأن من أن يحتاج في ثبوته إلى تأييد فرد أو جماعة معينة.
فهو النص الإلهي الموجود الواصل الينا منذ عصر النبي o حتى يومنا هذا، وهو ثابت بالتواتر القطعي منذ عهد الرسالة وإلى هذا اليوم. وقد ضمِن الله تعالى حفظ كتابه من التحريف زيادةً ونقصاناً حيث قال تعالى: (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ)[9].
وعندما قال الله تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالذِّكْرِ لَمَّا جَاءهُمْ وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ * لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنزِيلٌ مِّنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ)[10].
وألتزم الرسول الامينo إبلاغ ايات هذا الكتاب العظيم إلى المسلمين الذين فاق عددهم حد التواتر، وحثَّهم على حفظه واستظهاره وكتابته، فسجّله كُتّابه الذين بلغ عددهم حسب بعض المصادر ما يُناهز الأربعين كاتباً.
ثم تتابعت جهود المسلمين في نقل القرآن واهتمت الأجيال برعايته حفظاً وكتابةً حتى تجد ملايين المصاحف المكتوبة عبر العصور والمطبوعة تتفق على نص واحد مُجمع عليه لدى الجميع.
وجميع المذاهب الإسلامية من اهل السنة والشيعة تعتقد كلها على أن ما بين الدفتين من الألفاظ والمعاني والأسلوب نزل من الله دون نقص أو زيادة.
وليس لدى نبيه محمد o أي دخل في صياغته ووضعه، فالقول بالتحريف مردود من قبل كافة المذاهب، وما قيل من التحريف في القرآن فهي آراء فردية[11] لا تقدم ولا تؤخر.
وما نقرؤه اليوم هو الذي كان يقرؤه المسلمين في العهد الأول لاسلام، وما تجده اليوم من النص المثبت بين الدفتين هو الذي أثبته السلف الصالح كما أخذوه من فيّ رسول الله o بلا تجوير ولا تحريف قط[12].
هذا وأن قرائتنا الحاضرة اليوم هي القراءة التي تقبَّلها جمهور المسلمين من بين القراءات في جميع الأدوار والأعصار والأمصار وهي قراءة حَفصٍ عن عاصم بن أبي النُجود، عن أبي عبد الرحمن السُلَّمي، عن الامام أمير المؤمنين علي A من دون أي اختلاف.
وأما القراءة الحاضرة اليوم (قراءة حفص) فتعتبر قراءة شيعية خالصة، رواها حفص وهو من أصحاب الامام الصادق[13]A عن شيخه عاصم ويعتبر هو من أعيان شيعة الكوفة الأعلام[14] عن شيخه السُلَّمي[15] وكان يعرف من خواص عليA عن أمير المؤمنين A عن رسول الله o عن رب العزة وهو الله تعالى[16].
فهل جمعه النبي o في كتاب خاص لكي يحفظه من الضياع؟.
إنّ الناظر من اول نظرة في كتب الحديث يرى أنّ النبي o أوكل أمر القرآن إلى حفظ الصحابة وجمعهم له، فقد كان البعض يحفظ ما نزل منه، وكان آخرون يكتبون بعض سوره في الصحف.
والمعروف ان القران كتبهُ رسول اللهJ في ايام حياتهِ ولكن لم نعثر على مصدر يذكر أنّ النبي o اتخذ موقف حاسم بشأن القرآن فقام بجمعه حسب ترتيب نزوله في كتاب خاص.
وهناك قسم من العلماء يذهب إلى القول من أنّ القرآن الكريم جُمع على عهد رسول اللهo ومنهم : الزرقاني، الزركشي، الباقلاني وغيرهم.
ولكن هذا القول يصطدم بروايات جمع القرآن الكريم في عهد أبي بكر، فإن كان القرآن مجموعاً عند بعض الصحابة فلماذا أمر أبو بكر زيد بن ثابت بجمعه كما أخرج البخاري فقال : « أرسل إلىَّ أبو بكر ، مقتل[17] أهل اليمامة ، فإذا عمر بن الخطاب عنده ، قال أبو بكر: إنّ عمر أتاني فقال :
إنّ القتل استحرّ يوم اليمامة بقرّاء القرآن ، وإنيّ أخشى أن يستحر القتل بالقراء بالمواطن ، فيذهب كثير من القرآن ، وإني أرى : أن تأمر بجمع القرآن.
قلت لعمر : كيف تفعل شيئاً لم يفعله رسول الله o؟ قال عمر : هذا والله خير. فلم يزل عمر يراجعني حتى شرح الله صدري لذلك ، ورأيت في ذلك الذي رأى عمر...
قال زيد : قال أبو بكر : إنك شاب عاقل لا نتهمك وقد كنت تكتب الوحي لرسول الله o فتتبع القرآن فاجمعه، فو الله لو كلفوني نقل جبل من الجبال ما كان أثقل علىَّ مما أمرني به من جمع القرآن.
قلت : كيف تفعلان شيئاً لم يفعله رسول الله o؟ قال : هو والله خير. فلم يزل أبو بكر يراجعني حتى شرح الله صدري للذي شرح الله له صدر أبي بكر وعمر، فتتبعت القرآن أجمعه من العسب، واللخاف[18]، وصدور الرجال.. حتى وجدت آخر سورة التوبة مع أبي خزيمة الانصاري لم أجدها مع أحد غيره!
لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم، حتى خاتمة براءة.. فكانت الصحف عند أبي بكر ، حتّى توفاه الله ، ثم عند عمر حياته ، ثم عند حفصة بنت عمر»[19].انتهى.
على فرض صحة الحديث فإنّ المتأمل في قول أبي بكر لعمر بقولهم: «كيف نفعل شيئاً لم يفعله رسول الله o» وقول زيد لهما : « كيف تفعلان شيئاً لم يفعله رسول اللهo».
يتبين لك بوضوح أنّ رسول اللهo لم يجمع القرآن وإنما جمعه زيد بن ثابت بأمر من أبي بكر الذي أقنعه عمر بذلك، وقد جمعه زيد من الصدور والسطور. كما قال ابن جزي : « وكان القرآن على عهد رسول اللهo متفرقاً في الصحف وفي صدور الرجال»[20].
ولكن لاحظ الارباك والتعارض في احاديث اهل السنة تروي ان موقف النبيo من السنة فإنّ الروايات متضاربة حول موقف النبي o من سنته، وأشهر نص يطالعنا رواية النهي عن الكتابة : كما أخرج مسلم : أنّ رسول الله o قال : «لا تكتبوا عنّي شيئاً إلاّ القرآن، فمن كتب عني شيئاً غير القرآن فليمحه»[21].
هذا نص عام في النهي ولكن وردت روايات في الاذن بالكتابة للبعض مثل ابن عمر[22] وأبي شاة[23]. وعلماء اهل السنة مختلفين حول نسخ النهي في الحديث السابق، فمنهم من يقول بالنسخ، ومنهم من لا يلتزم بذلك[24].
وبناءاً على ما سبق من نتيجة احاديثهم فإنّ موقف النبي o من سنته أنّه تركها مفرّقة في الصدور دون جمع إن لم نقل أنّه نهى عن تدوينها، وهو موقف بطبيعة الحال سلبيٌّ.
وممّا سبق ظهر للجميع تأكيد أهل السنّة على أنّ نبي اللهo ترك القرآن متفرقاً في الصدور والسطور ولم يجمعه في كتاب واحد، ونهى عن تدوين سنته أو تركها في صدور الرجال دون جمع كذلك.
وأمّا عن الحوادث المستقبلية المستجدة المستحدثة التي لا حكم لها في الكتاب والسنة، فلا تجد أيَّ نص عند اهل السنة يشير إلى كيفية التعامل معها.



[1] - الدفّة: الجَنْبُ من كلّ شي وصفحته، ودفّتا الطبل: الجلدتان اللتان تكتنفانه، ويضرب عليهما، ومنه دفّتا المصحف، يقال: حَفِظَ ما بين الدفّتين، أي حَفِظَ الكتابَ من الجِلدِ إلى الجِلدِ.
[2] - ثقة الإسلام الكليني u المتوفى سنة: 329 هجرية، في كتابه الكافي: 2 / 630، طبعة دار الكتب الإسلامية، سنة: 1365 هجري شمسي طهران إيران ومجمع البحرين:1/37.
[3] - راجع: (مصطلحات قرآنية) آية الله السيد مرتضى العسكريu.
[4] -  سورة البقرة (2) الآية: 2.
[5] -  سورة الفرقان (25) الآية: 1.
[6] - سورة الحجر (15) الآية: 9.
[7] -  سورة النساء (4) الآية: 174.
[8] - سورة يونس (10) الآية: 57.
[9] -  سورة الحجر (15) الآية: 9.
[10] - سورة فصلت (41) الآية: 41 و 42.
[11] - محمد صادق الكرباسي موسوعة (دائرة المعارف الحسينية) الحسين والتشريع الاسلامي:1/183، الطبعة الأولى المركز الحسيني للدراسات، لندن ـ المملكة المتحدة.
[12] - الشيخ محمد هادي معرفة التمهيد في علوم القرآن 2 / 135، الطبعة الأولى سنة:1411هجري طبعة مؤسسة النشر الاسلامي، قم - ايران.
[13] - ذكره شيخ الطائفة أبو جعفر الطوسيu في أصحاب الامام الصادق A وقال: أسند عنه، راجع الرجال: 176.
[14] - ذكره مؤلف نقض الفضائح شيخ ابن شهر آشوب، وأبي الفتح الرازي، راجع التأسيس- للصدر-: 346، والمجالس - للقاضي -: 1 / 548.
[15] - ذكره ابن قتيبة في أصحاب علي A وممن حمل عنه الفقه، المعارف: 230، وعدَّه البرقيu في رجاله من خواص الامام A من مضر، التأسيس: 342.
[16] - التمهيد في علوم القرآن: 2 /240ط1-1411هـ مؤسسة النشرالاسلامي قم/ايران.
[17]- بمعنى بعد مقتلهم.
[18]- العسب : جمع عسيب وهو جريدة من النخل مستقيمة . واللخاف : حجارة بيض عريضة رقاق، واحدتها لخفة « لسان العرب » 9/197 و12/261 .
[19]- « صحيح البخاري » كتاب فضائل القرآن ، باب جمع القرآن 6 / 314 . إنّ هذه الرواية وروايات أُخرى تدّعي أنّ القرآن قد كتب بشهادة شاهدين ، وهذه تعتبر ضربة للقرآن ، ومعناه أنّ القرآن من أخبار الآحاد.
[20]- « التسهيل » 10 / 6 .
[21]- « صحيح مسلم » كتاب الزهد ، باب التثبت في الحديث وحكم كتابة العلم .
[22]- « مستدرك الحاكم » 1/105 ـ 106 ، « مسند أحمد » 2/162 .
[23]- « صحيح البخاري » 1/40 ـ 41 .
[24]- مثل رشيد رضا تلمبذ محمدعبده حيث قال : « لو فرضنا أن بين أحاديث النهي عن الكتابة والاذن بها تعارضاً يصح أن يكون به أحدهما ناسخاً للاخر، لكان لنا أن نستدل على كون النهي هو المتأخر بأمرين...» «تفسير المنار 10/766».