الثلاثاء، 11 أبريل 2017

رواسب وموانع التفاؤل بالأسلام والصراط والميزان حقائق أم رموز

بسم الله الرحمن الرحيم
رواسب وموانع التفاؤل بالأسلام والصراط والميزان حقائق أم رموز
رواسب وموانع التفاؤل بالأسلام : حينما يقرأ المسلم ما كتب عن الرسول o وأحسان خلقه يسأل إذن فكيف كان يعاقر الخمر والعياذ بالله فأوقفني ذلك وأذهلني وقمت أفكر مليا كما اخرج العديد من الحفاظ منهم الامام احمد في مسنده والعيني في عمدة القارئ والمناوي في فيض القدير والزيلعي في نصب الراية وابن حجر في فتح الباري حيث قال :
(.. وروى أحمد وأبو يعلى من حديث تميم الداري أنه كان يهدى لرسول الله o كل عام راوية خمر فلما كان عام حرمت جاء براوية فقال أشعرت أنها قد حرمت بعدك قال أفلا أبيعها وانتفع بثمنها فنهاه...)[1].
فأين احترامكم لرسول الله o فهذا يعتبر من موانع التفاؤل بالأسلام. ولاحظ كذلك اتهام رسول الله o يدعو على يتيمة فكيف يخالف قول الله تعالى ( وأما اليتيم فلا تقهر ) ؟
لقد استوقفني وانتبهت لتصرف رجل مع اطفال وهو لا يعرف العربية قد قرأ كتاب من صحاح المسلمين مترجم وبكل لطف وعطف سألت ذلك الرجل عن ذلك التصرف بالرغم من انه لم يكن متدينا فقال لي:
هؤلاء أيتام لا أب لهم ثم قال لي نرى في المقابل عندكم ان رسول الله o يدعو على يتيمة وذكر الحديث المرتجم فقال:
اخرج عدة من الحفاظ منهم الالباني في السلسلة الصحيحة و مسلم في صحيحه قال : حدثني زهير بن حرب وأبو معن الرقاشي ( واللفظ لزهير) قالا حدثنا عمر بن يونس حدثنا عكرمة بن عمار حدثنا إسحاق بن أبي طلحة حدثني أنس بن مالك قال :
كانت عند أم سليم يتيمة وهي أم أنس فرأى رسول الله o اليتيمة فقال آنت هيه ؟ لقد كبرت لا كبر سنك فرجعت اليتيمة إلى أم سليم تبكي فقالت أم سليم مالك ؟ يا بنية قالت الجارية دعا عليّ نبي الله o أن لا يكبر سني فالآن لا يكبر سني أبدا أو قالت قرني فخرجت أم سليم مستعجلة تلوث خمارها حتى لقيت رسول الله o فقال لها رسول الله o مالك ؟ يا أم سليم فقالت :
يا نبي الله أدعوت على يتيمتي ؟ قال وما ذاك ؟ يا أم سليم قالت زعمت أنك دعوت أن لا يكبر سنها ولا يكبر قرنها قال فضحك رسول اللهo ثم قال يا أم سليم أما تعلمين أن شرطي على ربي أني اشترطت على ربي فقلت:
إنما أن بشر أرضى كما يرضى البشر وأغضب كما يغضب البشر فأيما أحد دعوت عليه من أمتي بدعوة ليس لها بأهل أن تجعلها له طهورا وزكاة وقربة يقربه بها منه يوم القيامة[2]. وقال أبو معن يتيمة بالتصغير في المواضع الثلاثة من الحديث.
مع ان الرسول الأعظم o في أحاديث كثيرة جدا يحث على رعاية الأيتام ولكن صحاح المسلمين تجد فيها ما يخالف أمر الله عز وجل ويدعو على يتيمة من غير وجه حق. والله في محكم كتابه يقول لرسولهJ كما في قولهِ تعالى: ( وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ)[3].
فقال تعالى: (وَمَن يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلاَّ مُتَحَرِّفاً لِّقِتَالٍ أَوْ مُتَحَيِّزاً إِلَى فِئَةٍ فَقَدْ بَاء بِغَضَبٍ مِّنَ اللّهِ وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ)[4].
ومن موانع التفاؤل في الأسلام الهروب من ساحات الجهاد كما في معركة حنين وقد اخرج البخاري في صحيحه حيث قال: وقال الليث حدثني يحيى بن سعيد عن عمر بن كثير بن أفلح عن أبي محمد مولى أبي قتادة قال:
لما كان حنين نظرت إلى رجل من المسلمين يقاتل رجلا من المشركين وآخر من المشركين يختله من ورائه ليقتله فأسرعت إلى الذي يختله فرفع يده ليضربني وأضرب يده فقطعتها ثم أخذني فضمني ضما شديدا حتى تخوفت ثم ترك فتحلل ودفعته ثم قتلته وانهزم المسلمون وانهزمت معهم.
فإذا بعمر بن الخطاب في الناس فقلت له ما شأن الناس ؟ قال أمر الله ثم تراجع الناس إلى رسول الله o فقال رسول اللهo ( من أقام بينة على قتيل قتله فله سلبه ).
فقمت لألتمس بينة على قتيلي فلم أر أحدا يشهد لي فجلست ثم بدا لي فذكرت أمره لرسول الله o فقال رجل من جلسائه سلاح هذا القتيل الذي يذكر عندي فأرضه منه فقال أبو بكر كلا لا يعطه أصيبغ من قريش ويدع أسدا من أسد الله يقاتل عن الله ورسوله o. قال فقال رسول الله o فأداه إلي فاشتريت منه خرافا فكان أول مال تأثلته في الإسلام[5].
ولكن قوله تعالى : ( إِنَّ الَّذِينَ تَوَلَّوْاْ مِنكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ إِنَّمَا اسْتَزَلَّهُمُ الشَّيْطَانُ بِبَعْضِ مَا كَسَبُواْ وَلَقَدْ عَفَا اللّهُ عَنْهُمْ إِنَّ اللّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ)[6].
كما اخرج عدة من الحفاظ منهم الحاكم في المستدرك قال : حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا زيد بن الحباب حدثني الحسين بن واقد حدثني عبد الله بن بريدة حدثني أبي بريدة قال :
( حاصرنا خيبر فأخذ اللواء أبو بكر فانصرف ولم يفتح له ثم أخذه من الغد فخرج فرجع ولم يفتح له وأصاب الناس يومئذ شدة وجهد فقال رسول الله o: أني دافع اللواء غدا إلى رجل يحبه الله ورسولهo ويحب الله ورسولهo لا يرجع حتى يفتح له.
فبتنا طيبة أنفسنا ان الفتح غدا فلما ان أصبح رسول الله o صلى الغداة ثم قام قائما فدعا باللواء والناس على مصافهم فدعا علياA وهو أرمد فتفل في عينيه ودفع إليه اللواء وفتح له قال بريدة وأنا فيمن تطاول لها)[7].  تعليق شعيب الأرنؤوط : حديث صحيح وهذا إسناد قوي من أجل حسين بن واقد المروزي.
ولاحظ كذلك مثلهِ اخرج الحاكم في المستدرك قال : أخبرنا أبو العباس محمد بن أحمد المحبوبي بمرو ثنا سعيد بن مسعود ثنا عبيد الله بن موسى ثنا نعيم بن حكيم عن أبي موسى الحنفي عن علي A: قال :
( سار النبي o إلى خيبر فلما أتاها بعث عمرو وبعث معه الناس إلى مدينتهم أو قصرهم فقاتلوهم فلم يلبثوا أن هزموا عمر وأصحابه فجاءوا يجبنونه ويجبنهم فسار النبي o.. الحديث)[8]. هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه. وتعليق الذهبي في التلخيص : صحيح.
واما الهروب من معركة الخندق كما اخرج ذلك ابن حبان بسند صحيح في صحيحه قال : أخبرنا عمران بن موسى بن مجاشع حدثنا عثمان بن أبي شيبة حدثنا يزيد بن هارون أخبرنا محمد بن عمرو عن أبيه عن جده: عن عائشة قالت :
[ خرجت يوم الخندق أقفوا أثر الناس فسمعت وئيد الأرض من ورائي فالتفت فإذا أنا بسعد بن معاذ ومعه ابن أخيه الحارث بن أوس يحمل مجنة فجلست إلى الأرض فمر سعد وعليه درع قد خرجت منها أطرافه فأنا أتخوف على أطراف سعد وكان من أعظم الناس وأطولهم قالت :
فمر وهو يرتجز ويقول :لبث قليلا يدرك الهيجا حمل ما أحسن الموت إذا حان الأجل.
قالت : فقمت فاقتحمت حديقة فإذا فيها نفر من المسلمين فيهم عمر بن الخطاب فقال عمر : ويحكِ ما جاء بكِ لعمري والله إنّكِ لجريئة ما يؤمنُكِ أن يكون تحوز أو بلاء قالت :
فما زال يلومني حتى تمنيت أن الأرض قد انشقت فدخلت فيها وفيهم رجل عليه نصيفة له فرفع الرجل النصيف عن وجهه فإذا طلحة بن عبيد الله فقال : ويحك يا عمر إنك قد أكثرت منذ اليوم وأين الفرار إلا إلى الله؟..][9]. قال شعيب الأرنؤوط : حديث حسن.
ولاحظ جرأت المسلمين على رسول الله o كما في رزية الخميس كما في كتابه العزيز قوله تعالى: ( وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالاً مُّبِيناً )[10].
وقوله تعالى: (أَلَمْ يَعْلَمُواْ أَنَّهُ مَن يُحَادِدِ اللّهَ وَرَسُولَهُ فَأَنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِداً فِيهَا ذَلِكَ الْخِزْيُ الْعَظِيمُ)[11].
وقوله تعالى: ( إِنَّ الَّذِينَ يُحَادُّونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ كُبِتُوا كَمَا كُبِتَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَقَدْ أَنزَلْنَا آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ مُّهِينٌ)[12]. وقوله تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ يُحَادُّونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَئِكَ فِي الأَذَلِّينَ)[13].
وكما قال الشيخ ابن تيمية : [ وأما عمر فاشتبه عليه هل كان قول النبيo من شدة المرض أو كان من أقواله المعروفة والمرض جائز على الأنبياء ولهذا قال ماله (أهجر) فشك في ذلك ولم يجزم بأنه هجر.
والشك جائز على عمر فإنه لا معصوم إلا النبي o لا سيما وقد شك بشبهة فإن النبي o كان مريضا فلم يدر أكلامه كان من وهج المرض كما يعرض للمريض.
أو كان من كلامه المعروف الذي يجب قبوله وكذلك ظن أنه لم يمت حتى تبين أنه قد مات والنبي o قد عزم على أن يكتب الكتاب الذي ذكره لعائشة فلما رأى أن الشك قد وقع علم أن الكتاب لا يرفع الشك فلم يبق فيه فائدة وعلم أن الله يجمعهم على ما عزم عليه كما قال ويأبى الله والمؤمنون إلا أبا بكر][14].
ولاحظ كذلك كلام ابن حزم قال: كما حدثنا حمام بن أحمد، ثنا عبد الله بن إبراهيم، ثنا أبو زيد المروزي، ثنا محمد بن يوسف، ثنا البخاري، ثنا يحيى بن سليمان الجعفي، ثنا ابن وهب، أخبرني يونس، عن ابن شهاب، عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة، عن ابن عباس قال:  لما اشتد برسول الله o وجعه قال:
ائتوني بكتاب اكتب لكم كتابا لا تضلوا بعدي، فقال عمر:  إن النبيo غلبه الوجع، وعندنا كتاب الله حسبنا، فاختلفوا وكثر اللغط فقالo: قوموا عني ولا ينبغي عندي التنازع، فخرج ابن عباس يقول: إن الرزية ما حال بين رسول الله وبين كتابه .
وحدثناه عبد الله بن ربيع، ثنا محمد بن معاوية، ثنا أحمد بن شعيب، أنا محمد بن منصور، عن سفيان الثوري، سمعت سليمان -هو الأحول- عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، فذكر الحديث وفيه:
إن قوما قالوا عن النبيo في ذلك اليوم، ما شأنه؟ هجر.
ثم قال أبو محمد (ابن حزم ):  
[ هذه زلة العالم التي حذر منها الناس قديما، وقد كان في سابق علم الله تعالى أن يكون بيننا الاختلاف، وتضل طائفة وتهتدي بهدى الله أخرى، فلذلك نطق عمر ومن وافقه بما نطقوا به.
مما كان سببا إلى حرمان الخير بالكتاب الذي لو كتبه لم يضل بعده، ولم يزل أمر هذا الحديث مهما لنا وشجي في نفوسنا، وغصة نألم لها.
وكنا على يقين من أن الله تعالى لا يدع الكتاب الذي أراد نبيهo أن يكتبه، فلن يضل بعده دون بيان، ليحيا من حي عن بينة، إلى أن منّ الله تعالى بأن أوجدناه فانجلت الكربة، والله المحمود.
وهو ما حدثناه عبدالله بن يوسف، ثنا أحمد بن فتح، ثنا عبد الوهاب بن عيسى، ثنا أحمد بن محمد، ثنا أحمد بن علي، ثنا مسلم بن الحجاج، ثنا عبيد الله بن سعيد، ثنا يزيد بن هارون، ثنا إبراهيم بن سعد، ثنا صالح بن كيسان، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة قالت: قال لي رسول الله o في مرضه:
ادعي لي أبا بكر وأخاك حتى أكتب كتابا، فإني أخاف أن يتمنى متمن ويقول قائل ويأبى الله والنبيون إلا أبا بكر قال أبو محمد:
هكذا في كتابي عن عبد الله بن يوسف، وفي أم أخرى، ويأبى الله والمؤمنون، وهكذا حدثناه عبد الله بن ربيع، ثنا محمد بن معاوية، ثنا أحمد بن شعيب، ثنا عبد الرحمن بن محمد بن سلام الطرسوسي، ثنا يزيد بن هارون، ثنا إبراهيم بن سعد، عن صالح بن كيسان، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة عن النبي o بمثله وفيه:
إن ذلك كان في اليوم الذي بدئ فيه o بوجعه الذي مات فيه بأبي هو وأمي، قال أبو محمد:
فعلمنا أن الكتاب المراد يوم الخميس قبل موته o بأربعة أيام، كما روينا عن ابن عباس يوم قال عمر ما ذكرنا، إنما كان في معنى الكتاب الذي أراد oأن يكتبه في أول مرضه قبل يوم الخميس المذكور بسبع ليال. لأنهo   ابتدأه وجعه يوم الخميس في بيت ميمونة أم المؤمنين، وأراد الكتاب الذي قال فيه عمر ما قال يوم الخميس بعد ان اشتد به المرض ومات o يوم الاثنين، وكانت مدة علته o اثني عشر يوما.
فصح أن ذلك الكتاب كان في استخلاف أبي بكر لئلا يقع ضلال في الأمة بعده o فإن ذكر ذاكر معنى ما روي عن عائشة إذ سئلت من كان رسول اللهo مستخلفا لو استخلف ؟ فإنما معناه: لو كتب الكتاب في ذلك][15].انتهى.
ولاحظ كذلك معارضة النبي o هي من موانع التفاؤل بالأسلام كما جاء انه حدثنا يحيى بن بكير حدثني الليث عن عقيل عن ابن شهاب عن عبيد الله بن عبد الله عن ابن عباس عن عمر بن الخطاب أنه قال :
لما مات عبد الله بن أبي ابن سلول دعي له رسول الله o ليصلي عليه فلما قام رسول الله o وثبت إليه فقلت يا رسول الله أتصلي على ابن أبي وقال قال يوم كذا وكذا كذا وكذا ؟ أعدد عليه قوله فتبسم رسول اللهo وقال ( أخر عني يا عمر).
فلما أكثرت عليه قال ( إني خيرت فاخترت لو أعلم أني إن زدت على السبعين يغفر له لزدت عليها). قال فصلى عليه رسول الله o ثم انصرف فلم يمكث إلا يسيرا حتى نزلت الآيتان من براءة (ولا تصل على أحد منهم مات أبدا - إلى وهم فاسقون) قال فعجبت بعد من جرأتي على رسول الله o يومئذ والله ورسوله أعلم[16].
وما أدراك ما حصل في يوم الحديبية كما اخرج ذلك عدة من الحفاظ منهم البخاري في صحيحه قال :
حدثني عبد الله بن محمد حدثنا عبد الرزاق أخبرنا معمر قال أخبرني الزهري قال أخبري عروة بن الزبير عن المسور بن مخرمة ومروان يصدق كل واحد منهما حديث صاحبه قالا خرج رسول الله o زمن الحديبية حتى كانوا ببعض الطريق...
قال فقال عمر بن الخطاب فأتيت نبي الله o فقلت ألست نبي الله حقا ؟ قال ( بلى ). قلت ألسنا على الحق وعدونا على الباطل ؟ قال ( بلى). قلت فلم نعطي الدنية في ديننا إذا ؟
قال ( إني رسول الله ولست أعصيه وهو ناصري ). قلت أوليس كنت تحدثنا أنا سنأتي البيت فنطوف به ؟ قال ( بلى فأخبرتك أنا نأتيه العام). قال قلت لا قال ( فإنك آتيه ومطوف به ).
قال فأتيت أبا بكر فقلت يا أبا بكر أليس هذا نبي الله حقا قال بلى قلت ألسنا على الحق وعدونا على الباطل ؟ قال بلى قلت فلم نعطي الدنية في ديننا إذا ؟
قال أيها الرجل إنه لرسول الله o وليس يعصي ربه وهو ناصره فاستمسك بغرزه فو الله إنه على الحق ؟ قلت أليس كان يحدثنا أنا سنأتي البيت ونطوف به قال بلى أفأخبرك أنك تأتيه العام ؟ قلت لا قال فإنك آتيه ومطوف به[17]. قال الزهري قال عمر فعملت لذلك أعمالا....انتهى.
كما اخرج ابن حبان بسند صحيح في صحيحه قال : أخبرنا محمد بن الحسن بن قتيبة قال : حدثنا محمد بن المتوكل بن أبي السري قال : حدثنا عبد الرزاق قال : أخبرنا معمر عن الزهري قال : أخبرني عروة بن الزبير عن المسور بن مخرمة ومروان بن الحكم يصدق كل واحد منهما حديثه حديث صاحبه قالا :
[ خرج النبي o زمن الحديبية... فقال عمر بن الخطاب: والله ما شككت منذ أسلمت إلا يومئذ فأتيت النبي o فقلت : ألست رسول الله حقا؟ قال : (بلى) قلت : ألسنا على الحق وعدونا على الباطل ؟ قال : (بلى) قلت: فلم نعطي الدنية في ديننا إذا ؟ قال : ( إني رسول الله ولست أعصي ربي وهو ناصري) قلت : أوليس كنت تحدثنا أنا سنأتي البيت فنطوف به ؟
قال ( بلى فخبرتك أنك تأتيه العام ؟ ) قال : لا قال : فإنك تأتيه فتطوف به قال : فأتيت أبا بكر فقلت : يا أبا بكر أليس هذا نبي الله حقا ؟ قال: (بلى) قلت:
أولسنا على الحق وعدونا على الباطل ؟ قال : (بلى) قلت : فلم نعطي الدنية في ديننا إذا ؟ قال : (إني رسول الله ولست أعصي ربي وهو ناصري) قلت:
أوليس كنت تحدثنا أنأ سنأتي البيت فنطوف به ؟ قال (بلى فخبرتك أنك تأتيه العام ؟) قال : لا قال:
(فإنك تأتيه فتطوف به) قال : فأتيت أبا بكر الصديق فقلت: يا أبا بكر أليس هذا نبي الله حقا ؟ قال : بلى قلت : أولسنا على الحق وعدونا على الباطل ؟
قال : بلى قلت : فلم نعطي الدنية في ديننا إذا ؟ قال : أيها الرجل إنه رسول الله وليس يعصي ربه وهو ناصره فاستمسك بغرزه حتى تموت فوالله إنه على الحق قلت : أوليس كان يحدثنا أنا سنأتي البيت ونطوف به؟
قال : بلى قال فأخبرك أنا نأتيه العام ؟ قلت : لا قال : فإنك آتية وتطوف به قال عمر بن الخطاب فعملت في ذلك أعمالا - يعني في نقض الصحيفة..][18]. قال شعيب الأرنؤوط : حديث صحيح.انتهى.
فلاحظ هنا شك بالنبوة وهو احد عوامل موانع التفاؤل بالأسلام فأي إيمان هذا ويشك بالنبوة والذي يشك يعتبر منافق!.
كما اخرج عدة من الحفاظ منهم ابن أبي شيبة قال : حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن زيد بن وهب قال مات رجل من المنافقين فلم يصل عليه حذيفة فقال له عمر أمن القوم هو قال نعم فقال له عمر بالله منهم أنا قال لا ولن أخبر به أحدا بعدك[19].
وكذلك اخرج البزار في مسنده حيث قال : حدثنا عبد الواحد بن غياث قال أخبرنا عبد العزيز بن مسلم قال أخبرنا الأعمش عن أبي وائل عن حذيفة قال:
دعي عمر لجنازة فخرج فيها أو يريدها فتعلقت به فقلت اجلس يا أمير المؤمنين فإنه من أولئك فقال نشدتك الله أنا منهم قال لا ولا أبريء أحدا بعدك[20]. وقال الهيثمي: رواه البزار ورجاله ثقات[21].
ولاحظ تبرئة حذيفة لجواب السؤال كان تقية، فحذيفة كان يعمل بالتقية كما في بعض المواقف، يقول ابن أبي شيبة:
حدثنا عبد الله بن نمير عن الأعمش عن عبد الملك بن ميسرة عن النزال بن سبرة قال دخل بن مسعود وحذيفة على عثمان فقال عثمان لحذيفة بلغني أنك قلت كذا وكذا قال:
لا والله ما قلته فلما خرج قال له عبد الله ما لك فلم تقوله ما سمعتك تقول قال إني اشتري ديني بعضه ببعض مخافة أن يذهب كله[22].
وذكر الطبري فقال : اختلف العلماء في هذا الباب فقالت طائفة الكذب المرخص فيه في هذه هو جميع معاني الكذب فحمله قوم على الإطلاق وأجازوا قول ما لم يكن في ذلك لما فيه من المصلحة فإن الكذب المذموم إنما هو فيما فيه مضرة للمسلمين واحتجوا بما رواه عبد الملك بن ميسرة عن النزال بن سبرة قال:
كنا عند عثمان وعنده حذيفة فقال له عثمان بلغني عنك أنك قلت كذا وكذا فقال حذيفة والله ما قلته قال وقد سمعناه قال ذلك فلما خرج قلنا له أليس قد سمعناك تقوله قال بلى قلنا فلم حلفت فقال إني أستر ديني بعضه ببعض مخافة أن يذهب كله[23].                                    
واما السرخسي فقال : وقد كان حذيفة ممن يستعمل التقية على ما روي أنه يداري رجلا فقيل له : إنك منافق فقال : لا ولكني أشتري ديني بعضه ببعض مخافة أن يذهب كله[24].
واما ابن تيمية فقال: ورخص له إذا كره موجدتهم وخاف عداوتهم قال حذيفة إني اشتري ديني بعضه ببعض مخافة أن أتقدم على ما هو أعظم منه وكره[25].
مع كل هذا تقولون إن كل الصحابة مؤمنين بل هناك أفضلية للصحابة وانتم تعلمون الأفضلية مربوطة بالتقوى حيث قال رسول الله o (ان أكرمكم عند الله اتقاكم) فأي خدمة قدمت للإسلام حتى يوصف بالأفضلية ولكن تصرفاته وأعماله تخالف التقوى.
الصراط والميزان حقائق أم رموز : تجد هناك من يرى أنّ الصراط أمر رمزي فيقول: إنّ الكلمة لا تعبّر عن شيء مادّي، فلم يأتي في القرآن الكلام عن الصراط إلا بـ(الطريق) أو (الخطّ) الذي يعبّر عن المنهج الذي يسلكه الإنسان إلى غاياته الخيّرة أو الشرّيرة في الحياة.
وبذلك يحصل الكلام عن الدقّة في تصوير الصراط بالآخرة كناية الدقّة في التمييز فيما بين خطّ الاستقامة وخطّ الانحراف. علماً أنّ حديث النبيJ كثير في مجال تشخيص عينيّة الصراط وتجسّمه.
ان الواجب على أي المسلم الاعتقاد بالصراط والميزان وغيرها من الأمور في كل ما يتعلق بالآخرة، على ما هي عليه في الواقع إجمالاً وأنّها حقّ لا ريب فيه. وأمّا القول من أنّ الصراط أمر رمزيّ فهذا قول بغير علم، بل ظاهر بعض النصوص كون الصراط أمراً عيني.
وكما يقولون: «بسيط الحقيقة كل الأشياء» هنا البساطة بمعناها اللغوي يطلق على ذات الباري عز وجل، والبساطة التي يراد منه تقسيم ممكن الوجود إليه وإلى المركب لا يطلق على ذات الباري، وصفاته الذاتية، كالعلم والقدرة والحياة ليست أموراً زائدة إحداها على الأخرى، بل كلّ منها عين الأخرى.
من حيث أنّ علمه عين قدرته، وقدرته المطلقة التي لا حدّ لها، ويترتّب على ذلك أنّ الأشياء في علم اللّه قبل تكوّنها وخلقتها. كما إنّ القديم أمر إضافي بمعناه اللغوي، ولا يُنافي الحدوث، وفيض اللّه ليس من صفات اللّه الذاتية.
وليس أنّ اللّه سبحانه وتعالى خلق المشيئة، وبالمشيئة خلق العالم، والمشيئة هم الأئمةD باعتقادهم؟.
بل مشيئته سبحانه وتعالى إرادته، وإرادته من صفات الأفعال كما جاءت في ذلك الاحاديث لا من صفاته الذاتية، والأولوية في تعلّق مشيئته سبحانه بالخلق للنبيJ والأئمةD وقد عرفت أنّ الأئمةD سابقون في علمه سبحانه على جميع المخلوقات بعد النبيJ والأسبقيّة في علم الله تعالى منشأ الأولوية في تعلّق مشيئته، كما هو ظاهر عند أهله.
واما الواحد لا يصدر عنه إلا واحد فهل أنّ الصادر الأوّل هو النبي محمدJ فهذه القاعدة أسّسها أهل المعقول لغرض إثبات وحدة الصادر الأوّل، وهي عند اكثرهم غير تامّة، وعلى تقدير تماميّتها لا تجري في خلق اللّه تعالى، فاللّه سبحانه وتعالى فاعل بالاختيار، وتلك القاعدة موردها الفاعل بالجبر، وهنا ليس مكان التفصيل.
واما قضاءه وتقديره مسبوق بعلم الله سبحانه وما به علمه هو فعل العبد باختياره وإرادته فلا منافاة فيما بين قضاء اللّه واختيار العبد كما لا ينافي اختيار العبد قضاء اللّه، بل هما متطابقين.
لا بمن يرى محضورية القضاء والقدر بالواقع الكوني دون الواقع الاجتماعي، كما في ردّهم[26] على الشيخ المفيدH. ولكن القضاء والقدر على قسمين:
احدهما ما كان معلّق على اختيار العبد، مثل الخسارة والربح فهذا راجع لمشيئة الإنسان نفسهُ، وعلم اللّه بوقوعه عن اختيار العبد ليس سبب لوقوع العبد في ذلك العمل.
والاخر ما كان غير معلّق على مشيئة العبد نفسهُ، فهذا قضاء حتمي، مثل الغنى والفقر والآجال، وأمثالها مما ليس هو بيد العبد، وهذا هو ظاهر القرآن الكريم كما في قوله تعالى: «قُلْ لَّن يُصيبَنَا إلا مَا كَتَبَ اللّهُ لَنَأ».
وقوله تعالى: «إنَّا أنزَلنَاهُ في لَيلة القَدر» والمقصود بليلة القدر كما في الاحاديث ليلة التقدير؛ تقدير الأرزاق والآجال ونحوها من المكتوب، واللّه الهادي للحقّ.
وعندنا من الثوابت لا تقليد في الاصول فهو لا يجري في أصول الدين فما هو الطريق لأخذ العقائد. وما هي أهمّ المصادر التي يمكن الاعتماد عليها.
فاللازم على المكلّف في أصول الدّين والمذهب تحصيل العلم واليقين بالأدلّة المذكورة في الكتب المعتبرة الكلامية حتى ولو بالتعلّم والدراسة لدى أهلها المختصين بها.
وأمّا باقي العقائد الدينية فلا يجب تحصيل المعرفة بها بالتفصيل بل يكفي الاعتقاد بما هو عليه في الواقع المعبّر عنه بالاعتقاد الإجمالي مثل خصوصيات الصراط والقيامة وأمثالها. هذا بالنسبة إلى من لا يحصل له العلم واليقين إلا من خلال الدراسة.
وأمّا إذا حصل اليقين بالأدلّة الإجمالية فيكفيك قول الاعرابي «البعرة تدلّ على البعير وأثر الأقدام يدلّ على المسير والسماء ذات البروج كيف لا تدلّ على اللطيف الخبير» وأمثاله، وهكذا مثل الأدلّة الاجمالية التي يستدلّ بها للنبوة والإمامة وغيرها.
ولا يخفى أنّ ما ذكر من مراجعة كتب الكلام هي مؤلّفات علماء المتبحّرين في أمور الدين من الاعتقادات وغيرها، لا قول من يدّعي العلم ولا حظّ له من مسائل الدّين في الأصول والفروع، ويعتمد في آرائه وأفكاره على مجرّد عقله الفاتر ويترك ظواهر الكتاب والسنّة ويطرح الأحاديث المأثورة من النبيJ والأئمة الأطهارD الذين هم عدل للكتاب في قول رسول اللهJ «إنّي تارك فيكم الثقلين كتاب اللّه وعترتي وإنّهما لن يفترقا حتّى يردا عليّ الحوض».
لا كما قيل العقيدة بين حرمة التقليد وجوازه لانها قضيّة عقليّة، فيجب أن يصل المكلّف إليها مباشرة، فيعرف برهانها ويذعن لها، لا أن يأخذها تقليداً.
فهل شمل ذلك جميع العقائد أم أصولها وأسسها من دون تفصيلاتها، المختلف فيها، مثل روايات تتحدّث عن حدود علم النبيJ والإمامA فهل لنا أن نرفضها لأنّ الضرورة العقليّة لا تقتضي وجوبها عليهمD.
عندنا الأصول الاعتقادية على قسمان, منها ما يجب البناء وعقد القلب عليه، والتسليم والانقياد له، مثل أحوال ما بعد الموت من مسائلة القبر والحساب والكتاب والصراط والميزان، والجنّة والنار وغيرها.
فإنّه لا يجب عليك تحصيل المعرفة بخصوصيات الأمور المذكورة، بل الواجب عليك هو البناء وعقد القلب على ما هو عليه الواقع من جهة إخبار النبيJ أو الوصيA بها.
والقسم الاخر هو ما يجب معرفته عقلاً أو شرعاً مثل معرفة اللّه سبحانه وتعالى، ومعرفة أنبيائه وأوصيائه، وأنّهم أئمة معصومين، وأحكام الشرع عندهم، وتأويل القرآن الكريم وتفسيره لديهم.
وأمّا باقي الخصوصيات الواردة فيكفك التصديق بها، ولا يجوز إنكار ما ورد في علمهم، وسائر شؤونهمD حتّى إذا لم يوجد عندنا حديث صحيح، وهذا فضلاً عن وجود الرواية الصحيحة.
فالواجب عليك ما تقنع نفسك به، هو الواجب العيني، وأمّا الواجب الكفائي من أن يكون أشخاص يتمكّنون من إثبات العقائد الحقّة بالأدلّة في مقام المخاصمات، فيجب على جماعة القيام بذلك، ولو توقّف ذلك على تحصيل العلم لسنوات عديدة.
كما عرفت سابقاً أنّ التقليد لا يكون إلا في فروع الدّين، أمّا الأصول كالتوحيد والنبوّة وغيرها فلا يجوز فيها التقليد، بل لابدّ فيها من النظر والمعرفة.
وبناءً على ذلك فهم بعضهم من تلك القاعدة يستطيع أن يبدي رأيهُ تجاه الكثير من القضايا المتعلّقة بالأصول ونخالفها بما يمليه علينا نظرنا ومعرفتنا كبعض المسائل التوحيدية وبعض المسائل في الإمامة وفضائل الأئمة وغيرها من مسائل الإسلام.
ان صحّة هذا الاعتقاد، ليس معناه عدم التقليد هو الأخذ بكلّ ما وصل إليه نظركم، بل لابدّ من الاعتقاد واليقين من المدارك الصحيحة حتى ولو كان مدركاً إجمالياً كما لو علم بأنّ الفقهاء المتبحّرين كلّهم مثقّفين في الأمر الفلاني من الاعتقاديات وأنّه لو لم يكن حقّاً لما كان متفقين على ذلك، فهذا يستحقّ دليل إجمالي على صحّة الاعتقاد بذلك المعتقد.
وهي وظيفة العلماء لبيان الحلال والحرام وإظهار العقائد الحقّة وبيان فساد العقائد الباطلة التي يحسبها بعض الضالّين من الدِّين، وخصوصاً كما قيل عنهم من أنّهم لا يعتنون ولا يظهرون العقائد الفاسدة خوفاً من إعراض الناس عنهم كلام لا أساس له من الصحّة.
نعم إنّهم لا يتعرّضون بشيء لا ينافي أمور الدّين ويحتمل صحّته واقعاً، كما أنّهم في بعض الموارد يلاحظون الأهمّ والمهمّ ويبيّنون الشيء الفاسد المعتقد عند بعض الناس تدريجياً كما إذا كان هؤلاء المسلمين حديثي العهد بالتديّن، وهذا كان في صدر الإسلام أيضاً وفي زمن الأئمةD.

[1] - راجع : فتح الباري في شرح صحيح البخاري ج8 ص279 , ومسند الإمام احمد ج4 ص227 ح18024 , ونصب الراية للزيلعي ج4 ص82 , وعمدة القارئ ج18 ص212 , وفيض القدير ج5 ص267 رقم7253.
[2] - راجع : صحيح مسلم ج4 ص2009 ح95 والسلسلة الصحيحة للألباني ج1ص165ح83.
[3] - سورة القلم الاية  4.
[4] - سورة الانفال الاية 16.
[5] - صحيح البخاري ج4 ص1750 ح1060 .
[6] - سورة ال عمران الاية 155.
[7] - مسند احمد ج5 ص535 ح23043 .
[8] - المستدرك على الصحيحين ج3 ص40 ح4340 .
[9] - صحيح ابن حبان ج15 ص498 ح7028.
[10] - سورة الاحزاب الاية 36.
[11] - سورة التوبة الاية 63.
[12] - سورة المجادلة الاية 5.
[13] - سورة المجادلة الاية 20.
[14] - منهاج السنة لابن تيمية الحراني ج6 ص24.
[15] - الإحكام في أصول الأحكام ج 7 ص 984 .
[16] - صحيح البخاري ج1 ص459 ح1300 .
[17] - صحيح البخاري ج2 ص974 ح2581 .
[18] - صحيح ابن حبان ج11 ص216 ح4872.
[19] - مصنف ابن أبي شيبة ج7 ص481 ح37390 .
[20] - مسند البزار ج7 ص293 ح2885 .
[21] - مجمع الزوائد ج3 ص43 .
[22] - مصنف ابن أبي شيبة ج6 ص474ح33050 .
[23] - عمدة القاري ج13 ص269 .
[24] - المبسوط للسرخسي ج7 ص269 .
[25] - الفتاوى الكبرى ج6 ص125 .
[26] -  وهي : إنّ مسألة القضاء والقدر لا تتصل بالأوامر والنواهي الصادرة منه تعالى في التكاليف المتعلّقة بأفعال عبده، بل متّصلة بمسألة الواقع الكوني والإنساني فيما أوجده اللّه وفعله وقدّره وطبيعته بالدرجة التي يمكن للفرد أن يحصل فيها على تصوّر تفصيلي واضح للأسباب الكامنة وراء ذلك كلّه في معنى الخلق وسببه وغايته.
وقال في مكان آخر موضحاً بما نصّحه، ليس هناك قضاء وقدر، الفرد هو الذي يصنع قضاءه وقدره، ولكن هناك حتمية تاريخية، وهناك حتميات سياسية وهناك حتميات اقتصادية، فالشخص عندما يحدّث الإنسان عن حتمياته فمعنى ذلك أنّه يعزله عن كلّ حركته. ولكن عندما يحدّثك اللّه عن القضاء والقدر فإنّه يقول لك: إنّك تصنع قضاءك وقدرك. إلى أن يقول: نحن لا نقول من أنّ الأمر الواقع هو القضاء والقدر، الأمر الواقع هو شيء صنعه الآخرون واستطاعت أن تحرّكه ظروف موضوعيّة معيّنة.