الرسول
o
بشر يجتهد ويخطئ فما صحة الرسالة
يقولون إن
رسول الله o يجتهد ويخطئ
حتى في التبليغ كما في حديث الغرانيق السابق, فكيف نعرف أن ما أتانا رسول الله o خطأ أم لا
وما فائدة السند الصحيح إذا رسول الله o يخطئ.
وعلى هذه
العقيدة المذكورة من صحاح المسلمين في رسول اللهo نحتاج إلى
علم يبحث عن ما أخطأه رسول اللهo (بحسب
المدعى) بالإضافة إلى علم المصطلح الموجود.
وقال الزركشي في البحر المحيط : [
وقال الماوردي والروياني في كتاب القضاء: اختلف أصحابنا في عصمة الأنبياءo من الخطأ في الاجتهاد على وجهين: أحدهما:
أنهم معصومون ، وهو مقتضى الوجه
القائل بأنهم لا يجتهدون إلا عن دليل ونص والثاني:
المنع ، لكنهم لا يقررهم الله عليه
ليزول الارتياب به ، وإنْ جاز أنْ يكون من غيرهم من العلماء مقراً عليه ، وهو
مقتضى الوجه القائل بأنه يجوز أنْ يجتهد بالرأي من غير استدلال بنص ، وقالا:
قال ابن أبي هريرة : نبينا o معصوم في الإجتهاد من الخطأ دون غيره من
الأنبياء D لأنه لا نبي بعده يستدرك بخلاف غيره من
الأنبياءD][1].
ولاحظ قول الفخر الرازي في المحصول :
قال الشافعي : (يجوز أنْ يكون في أحكام الرسول o ما صدر عن الإجتهاد ، وهو قول أبي يوسف..)[2].
ولاحظ قول أبو إسحاق الشيرازي الشافعي
المتوفى سنة (476هـ) بشأن اجتهاد الرسول الأكرم o:
[ وقد كان الخطأ جائزا عليه ،
إلا أنه لا يقر عليه ، ومن أصحابنا من قال : ما كان يجوز عليه الخطأ ، وهذا خطأ
لقوله تعالى : ) عَفَا اللهُ عَنْكَ لِمَ أَذِنْتَ لَهُمْ ([3] فدل على أنه أخطأ ، ولأنه من جاز على
السهو والنسيان جاز عليه الخطأ كغيره][4].
وكذلك لاحظ قول ابن تيمية : وتنازع
الناس هل في سنته ما يقوله باجتهاده وإذا اجتهد هل يجوز عليه الخطأ لكن لا يقر
عليه وأكثر الفقهاء يقولون بالأمرين ولم يقل أحد إنّ هؤلاء سابون له ، وإلا فيكون
أكثر لأصحاب مالك والشافعي وأحمد يسبون الرسولo[5].
ولاحظ قل ابن قدامة المقدسي أثناء
كلامه عن اجتهاد الأنبياءo: (يجوز وقوع الخطأ منهم ، لكن لا
يقرون عليه ، وقد ذكرنا ذلك فيما مضى، وإذا تصور وقوع الصغائر منهم ، فكيف يمتنع
وجود خطأ لا مأثم فيه ، صاحبه مأجور..)[6].
وكذلك لاحظ نقل ابن حبان كلام عن أبي
حنيفة يتهم بها رسول اللهo فقال:
( أخبرنا أحمد بن علي بن المثنى
بالموصل ، قال حدثنا أبو نشيط محمد بن هارون ، قال حدثنا محبوب بن موسى ، عن يوسف
بن أسباط ، قال: قال أبو حنيفة: لو أدركني رسول اللهo لأخذ بكثير من قولي ، وهل الدين إلا القول الحسن)[7].
وهذا الحديث السابق مهم وشاهد حال على
نحن عليه من الاجتهاد فنأتي لك بحال رجال سند الرواية فهم كما يلي:
1- الراوي أحمد بن علي بن المثنى ،
أبو يعلى ، الموصلي . صاحب المسند المعروف. قال بشأنه الذهبي: الإمام الحافظ ، شيخ
الإسلام[8] وقال
إبن حبان: هو من المتقنين المواظبين على رعاية الدين وأسباب الطاعة[9]،
والكلمات بشأنه ومقامه كثيرة.
2- الراوي محمد بن هارون ، الربعي ،
أبو نشيط ، المقرئ . قال بشأنه إبن حجر: صدوق[10]
الإمام المقرئ ، المجود ، الحافظ ، الثقة[11]،
وقال الدارقطني : ثقة[12].
3- الراوي محبوب بن موسى ، الأنطاكي ،
أبو صالح ، الفراء . قال بشأنه العجلي : ثقة ، صاحب سنة[13]
وقال إبن حجر: صدوق[14].
ولا نعرف السبب لماذا اتهم رسول اللهo بحديث الغرانيق فحاصله يخطيء بالوحي بل ان
الشيطان يتمثل له بالوحي كما يقول الرواة فهذا الحديث (الغرانيق) يؤدي إلى النتائج
التالية:
1- تهمة النبي محمدo بالكفر وذلك لأنه مدح آلهة الكفر المشركين
وذكر أنّ شفاعتهن ترتجى.
2- تهمة النبي محمدo بأنه نطق بالكفر (اعوذ الله).
3- تهمة النبي محمدo من أنه غير معصوم في تبليغ القرآن وهو مما
يسري في عموم الرسالة تأثير الشيطان عليه( اعوذ بالله).
4- تكون سنة النبي محمدJ جميعها تحت طائلـة الشك فإذا قيل أنه لا يقر
عليه فينسخ ما يأتي من الشيطان (اعوذ بالله) فيكفي في الجواب عليه أنه ما هو
الدليل أنّ ما بلغنا هو الناسخ وليس المنسوخ.
5- بالنتيجة يضع القرآن بكل جوانبه
تحت طائلة الشك فحتى قوله تعالى: (إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون) تصبح محل
للسؤال (لا سامح الله) والسبب لأنّ الوقوع دليل الإمكان.
ولهذا رفض الحديث جميع علماء الشيعة
والبعض من فقهاء السنة مثل الشيخ الألباني والقرطبي والقاضي عياض والفخر الرازي
وغيرهم.
6- تضمن الحديث تهمة لمحمدo من أنه أول من زاد في كتاب الله تعالى
بالباطل بسبب إلقاء الشيطان عليه بعض الأكاذيب وتأثر النبي محمدo بها. (اعوذ بالله).
ولاحظ جيد كلام ابن تيمية الحراني
بشأن حديث الغرانيق قال: [ والذين منعوا ذلك من المتأخرين طعنوا فيما ينقل من
الزيادة في سورة النجم بقوله:
(تلك الغرانيق العلى وان شفاعتهن
لترتجى) وقالوا إن هذا لم يثبت، ومن علم انه ثبت قال هذا ألقاه الشيطان في
مسامعهم ولم يلفظ به الرسولo.
ولكن السؤال وارد على هذا التقدير
أيضا وقالوا في قوله : (إلا إذا تمنى ألقى الشيطان في أمنيته) هو حديث النفس.
وأما الذين قرروا ما نقل عن السلف
فقالوا هذا منقول نقلا ثابتا لا يمكن القدح فيه والقرآن يدل عليه بقوله:
( وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي
إلا إذا تمنى ألقى الشيطان في أمنيته فينسخ الله ما يلقى الشيطان ثم يحكم الله
آياته والله عليم حكيم).
(ليجعل ما يلقى الشيطان فتنة للذين في
قلوبهم مرض والقاسية قلوبهم وان الظالمين لفي شقاق بعيد وليعلم الذين أوتوا العلم انه
الحق من ربك فيؤمنوا به فتخبت له قلوبهم وان الله لهادى الذين امنوا إلى صراط
مستقيم).
فقالوا الآثار في تفسير هذه الآية
معروفة ثابتة في كتب التفسير والحديث والقرآن يوافق ذلك.
فإن نسخ الله لما يلقى الشيطان
وإحكامه آياته إنما يكون لرفع ما وقع في آياته وتمييز الحق من الباطل حتى لا تختلط
آياته غيرها.
وجعل ما ألقى الشيطان فتنة للذين في
قلوبهم مرض والقاسية قلوبهم إنما يكون إذا كان ذلك ظاهرا يسمعه الناس لا باطنا في
النفس والفتنة التي تحصل بهذا النوع من النسخ من جنس الفتنة التي تحصل بالنوع
الأخر من النسخ.
وهذا النوع أدل على صدق الرسولo وبعده عن الهوى من ذلك النوع فانه إذا كان
يأمر بأمر ثم يأمر بخلافه وكلاهما من عند الله وهو مصدق في ذلك.
فإذا قال عن نفسه أن الثاني هو الذي
من عند الله وهو الناسخ وان ذلك المرفوع الذي نسخه الله ليس كذلك كان أدل على
اعتماده للصدق وقوله الحق.
وهذا كما قالت عائشة لو كان محمد
كاتما شيئا من الوحي لكتم هذه الآية ( وتخفى في نفسك ما الله مبديه وتخشى الناس
والله أحق إن تخشاه).
ألا ترى أن الذي يعظم نفسه بالباطل
يريد أن ينصر كل ما قاله ولو كان خطأ فبيان الرسولo أن الله احكم آياته ونسخ ما ألقاه الشيطان
هو أدل على تحريه للصدق وبراءته من الكذب وهذا هو المقصود بالرسالة فإنه الصادق
المصدوقo تسليما ولهذا كان تكذيبه كفرا...][17].انتهى
كلام بن تيمية.
وكذلك قال بن تيمية في منهاج
السنة : [ وتنازعوا هل يجوز أن يسبق على
لسانه ما يستدركه الله تعالى ويبينه له بحيث لا يقره على الخطأ كما نقل أنه ألقى
على لسانه o تلك الغرانيق العلى وإن شفاعتهن لترتجى ثم
إن الله تعالى نسخ ما ألقاه الشيطان وأحكم آياته.
فمنهم من لم يجوز ذلك ومنهم من
جوزه إذ لا محذور فيه فإن الله تعالى ينسخ ما يلقى الشيطان ويحكم الله آياته
والله عليم حكيم ليجعل ما يلقى الشيطان فتنة للذين في قلوبهم مرض والقاسية قلوبهم
وإن الظالمين لفي شقاق بعيد][18].انتهى.
ولاحظ جيد ان ابن حجر العسقلاني كذلك
مثل العلماء السابقين يدافع عن حديث الغرانيق حيث قال:
ولاحظ تجرأ أبو بكر بن العربي كعادته
حيث قال : ذكر الطبري في ذلك روايات كثيرة باطلة لا أصل لها ، وهو إطلاق مردود
عليه ، وكذا قول عياض:
هذا الحديث لم يخرّجه أهل الصحة ، ولا
رواه ثقة بسند سليم متصل ، مع ضعف نقلته ، واضطراب رواياته ، وانقطاع إسناده ،
وكذا قوله:
ومن حملت عنه هذه القصة من التابعين
والمفسرين لم يسندها منهم ولا رفعها إلى صاحب، وأكثر الطرق عنهم في ذلك ضعيفة
واهية.
قال: وقد بين البزار أنه لا يُعرف من
طريق يجوز ذكره إلا طريق أبي بشر عن سعيد بن جبير، مع الشك الذي وقع في أصله، وأما
الكلبي فلا تجوز الرواية عنه لشدة ضعفه.
وكذلك لاحظ قول ابن حجر : ( ثم رده من
طريق النظر بأن ذلك لو وقع لارتد كثير ممن أسلم ، قال : ولم ينقل ذلك).
وكذلك قال ابن حجر :
( وجميع ذلك لا يتمشى على القواعد ،
لأن الطرق إذا كثرت وتباينت مخارجها دل ذلك على أن لها أصلاً ، وقد ذكرت ثلاثة
أسانيد منها على شرط الصحيح، وهي مراسيل يحتج بمثلها من يحتج بالمرسل ، وكذا من لا
يحتج به لاعتضاد بعضها ببعض)[19].
وكذلك لاحظ كلام الشيخ سليمان بن عبد
الله بن عبد الوهاب في شرح كتاب التوحيد لجده بشأنْ حديث الغرانيق فقال:
( وهي قصة مشهورة صحيحة رويت
عن ابن عباس من طرق بعضها صحيح ، ورويت عن جماعة من التابعين بأسانيد صحيحة منهم
عروة وسعيد بن جبير وأبو العالية وأبو بكر بن عبد الرحمن وعكرمة والضحاك وقتادة ومحمد
بن كعب القرظي ومحمد بن قيس والسدي وغيرهم..)[20].
وكذلك لاحظ كلام الشيخ ابن باز بأن
بعض الآيات ليست من الله عز وجل حينما ذهب ابن باز إلى أنْ أصل إلقاء الشيطان على
لسان النبيo أمر ثابت مقطوع به ، وتوقف فقط في ما هو
الذي ألقاه الشيطان عليه فعنده عبارة تلك الغرانيق العلى الخ لم تثبت[21].
ولاحظ كذلك قول السيوطي : وأخرج ابن
جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، وابن مردويه بسند صحيح عن سعيد بن جبير قال:
[ قرأ رسول اللهo بمكة النجم فلما بلغ هذا الموضع : ) أفرأيتم اللات والعزى ومناة الثالثة الأخرى( ألقى الشيطان على لسانه (تلك الغرانيق
العُلى، وأن شفاعتهن لترتجى).
قالوا : ما ذكر آلهتنا بخير قبل اليوم
فسجد وسجدوا ، ثم جاء جبريل بعد ذلك ، قال : اعرض علي ما جئتك به ، فلما بلغ :
(تلك الغرانيق العلى ، وأن شفاعتهن لترتجى).
قال له جبريل : لم آتك بهذا ، هذا من
الشيطان ، فأنزل الله : ) وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي)][22].انتهى.
ومثلهِ قال الطبري : حدثني يونس ، قال
أخبرنا ابن وهب ، قال أخبرني يونس ، عن ابن شهاب ، أنه سئل عن قوله: )وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا
نبي...)الآية .
قال ابن شهاب : حدثني أبو بكر بن عبد
الرحمن بن الحارث: أنّ رسول اللهo وهو بمكة قرأ عليهم : (والنجم إذا هوى) فلما
بلغ: )أفرأيتم اللات والعزى ومناة الثالثة
الأخرى) قال:
إنّ شفاعتهن ترتجى ، وسها رسول اللهo فلقيه المشركون الذين في قلوبهم مرض فسلموا
عليه وفرحوا بذلك فقال لهم:
إنما ذلك من الشيطان فأنزل الله: (وما
أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي) حتى بلغ: (فينسخ الله ما يلقي الشيطان)[23].
وقال السيوطي : مرسل صحيح الإسناد[24].
ومثلهِ كذلك أورد السيوطي فقال: [
وأخرج البزار والطبراني وابن مردويه والضياء في المختارة بسند رجاله ثقات من طريق
سعيد ابن جبير عن ابن عباس قال : إنّ رسول الله o قال:
(أفرأيتم اللات والعزى ومناة الثالثة
الأخرى) تلك الغرانيق العلى وإنّ شفاعتهن لترتجى ، ففرح المشركون بذلك ، وقالوا :
قد ذكر آلهتنا ، فجاءه جبريل A فقال: إقرأ عليّ ما جئتك به فقرأ:
) أفرأيتم اللات والعـزى ومناة الثالثة
الأخرى) تلك الغرانيق العلى وإنّ شفاعتهن لترتجى. فقال: ما أتيتك بهذا! هذا من
الشيطان ، فأنزل الله: (وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي إلا إذا تمنى) إلى آخر
الآية][25].انتهى.
وبنفس المصدر السابق هناك دعوى تقول
أن عمر يعلم الأحكام الإلهية ورسول اللهo لا يعلمها ويصححها للنبي محمدo والله سبحانه يوافق عمر ويخالف رسول اللهo كما في الحديث التالي[26].
اخرج العديد من الحفاظ ومنهم مسلم في
صحيحه قال: حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا أبو أسامة حدثنا
عبيدالله عن نافع عن ابن عمر قال
لما توفي
عبدالله بن أبي ابن سلول جاء ابنه عبدالله بن عبدالله إلى رسول اللهo فسأله أن
يعطيه قميصه أن يكفن فيه أباه فأعطاه ثم سأله أن يصلى عليه فقام رسول اللهo ليصلي عليه
فقام عمر فأخذ بثوب رسول الله o. فقال
(عمر):
يا رسول الله
أتصلي عليه وقد نهاك الله أن تصلي عليه ؟ فقال رسول اللهo: إنما خيرني
الله. فقال (عمر):
(استغفر لهم
أولا تستغفر لهم إن تستغفر لهم سبعين مرة)[27] وسأزيد على
سبعين قال: إنه منافق فصلى عليه رسول اللهo وأنزل الله
عز وجل (ولا تصل على أحد منهم مات أبدا ولا تقم على قبره)[28].
فكيف الصحابي (عمر بن الخطاب) عرف
الحكم ومحمد وهو نبي اللهo جهل الحكم؟
ورسول الله o يقول في حديث مسلم ان الله (خيرني) فيتبين
ان الله لم يخيره.
وان الله تعالى يوافق على طبق فعل
وقول عمر ويخالف محمد وهو نبيه المرسلo وان الحق مع عمر والباطل مع رسولهo (اعوذ بالله).
أكل ما ذبح على النصب : قولهم الرسول o كان قبل البعثة يأكل ما ذبح على النصب وهي
نوع من أنواع الأصنام ما ذبح وهو ما لم يذكر اسم الله عليه وذبح للأصنام.
كما أخرج ذلك عدة من الحفاظ منهم
البخاري في صحيحه قال : حدثنا معلى بن أسد حدثنا عبد العزيز يعنى ابن المختار
أخبرنا موسى بن عقبة قال أخبرني سالم انه سمع عبد الله يحدث عن رسول الله o انه لقي زيد بن عمرو بن نفيل بأسفل بلدح[29].
وذلك قبل أن ينزل على رسول الله o الوحي فقدم إليه رسول اللهo سفرة فيها لحم فأبى أن يأكل منها ثم قال إني
لا آكل مما تذبحون على أنصابكم ولا آكل إلا مما ذكر اسم الله عليه[30].
ومثلهِ أخرج البزار وأبي يعلى بسند
صحيح قال : (... قال : وقرب إليه السفرة قال : فقال : ما هذا يا محمد ؟
فقال : شاة ذبحناها لنصب من الأنصاب قال : فقال : ما كنت لآكل مما لم يذكر اسم
الله عليه..)[31].
النُّصُبُ المْنْصوبَ لا تَنْسُكنَّه
والنَّصْبُ واحِدٌ وهو مصدرٌ وجمعُه الأَنصابَ . كانوا يَعبُدُون الأَنْصَابَ وهي
حِجارَةٌ كانَتْ حَوْلَ الكَعْبَةِ تُنْصَبُ فيُهَلُّ عَلَيْهَا ويُذْبَحُ
لِغَيْرِ الله تَعالَى[32].
والأصنام
النصب بضم أوله وبفتحه واحد الأنصاب وهي حجارة كانت تنصب حول البيت يذبح عليها
باسم الأصنام.
وقيل النصب
ما يعبد من دون الله فعلى هذا فعطف الأصنام عطف تفسيري والأول هو المشهور وهو
اللائق بحديث الباب ذكر فيه حديث بن عمر في قصة زيد بن عمرو بن نفيل[33].
وهذه الأنصاب قيل: هي من الأصنام
وقيل: هي غير الأصنام قالوا كان حول البيت ثلاثمائة وستون حجرا كان أهل الجاهلية
يذبحون عليها ويشرحون اللحم عليها ويذبحون عليها وكانوا يعظمون هذه الحجارة
ويعبدونها ويذبحون عليها.
وكانوا إذا شاءوا أبدلوا هذه الأحجار
بحجارة هي أعجب إليهم منها ويدل على ذلك قول أبي ذرE في حديث إسلامه: (حتى صرت كالنصب الأحمر)
يريد أنه كان يصير أحمر من تلوثه بالدم[34].
وقال المروزي قرئ على أبي عبد الله
(وما ذبح على النصب) قال على الأصنام وقال كل شيء ذبح على الأصنام لا يؤكل[35].
والمستفاد من هذه الأحاديث المكذوبة
المنسوبة الى رسول اللهo التي تمثل بعض الاعتقادات في مصنفات اهل
السنة ومدرسة الصحابة :
أولاً : أن حالة رسول الله o حال باقي قريش لايختلف.
ثانياً : أن النبي محمد o كان وثنيا (اعوذ بالله).
ثالثاً : أن زيد بن عمروا بن نفيل
يعلم محمدJ التوحيد وزيد هذا أكثر توحيدا من رسول الله o من حيث انه لا يأكل ما لم يذكر اسم الله
عليه.
رابعاً : زيد بن نفيل كان على دين نبي
الله إبراهيمA وهو موحد والنبي محمدo لم يعرف التوحيد.
خامساً : ما هو التمييز في اختيار
النبي o للرسالة.
[2] - كتاب : المحصول في علم أصول الفقه للفخر الرازي ج2 ص 489 طبعة
دار الكتب العلمية بيروت لبنان سنة 1408هـ- 1988م .
[4] - كتاب : اللمع في أصول الفقه لأبي إسحاق الشيرازي ص 134 طبعة دار
الكتب العلمية بيروت لبنان سنة 1405هـ - 1985م.
[19] - فتح الباري ج8 ص561 ، تفسير آية 52 من سورة الحج وقد حقق أصلها
ابن باز طبعة دار الكتب العلمية بيروت لبنان سنة 1410هـ- 1989م .
[21] - مجموع فتاوى ومقالات ابن باز ج8 ص301 – 302 طبعة دار بلنسية
الطبعة الاولى والثانية والثالثة جمع وترتيب وإشراف د. محمد بن سعد شويعر. وهذا نص
الفتوى:-
س : ورد في
تفسير الجلالين في سبب نزول الآية (52) من سورة الحج : أن الرسول عليه الصلاة
والسلام وهو يقرأ: (أَفَرَأَيْتُمُ اللاتَ وَالْعُزَّى وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ
الْأُخْرَى) أن الشيطان ألقى على لسانه: (تلك الغرانيق العلى ، وإن شفاعتهن
لترتجى) . فهل هناك ما يدل على صحة هذه القصة من أحاديث الرسولJ أم هي من الإسرائيليات؟ أفيدونا أفادكم الله.
ج : ليس في
إلقاء هذه الألفاظ في قراءتهJ حديث صحيح يعتمد عليه فيما أعلم ، ولكنها رويت عن النبيJ في أحاديث مرسلة ، كما نبه على ذلك الحافظ ابن كثير في تفسير آية
الحج، ولكن إلقاء الشيطان في قراءتهJ في آيات النجم وهي قوله:
(أَفَرَأَيْتُمُ
اللاتَ وَالْعُزَّى) الآيات ، شيء ثابت بنص الآية في سورة الحج، وهي قوله سبحانه:
(وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلا نَبِيٍّ إِلا إِذَا تَمَنَّى
أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ فَيَنْسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِي
الشَّيْطَانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللَّهُ آيَاتِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ) فقوله
سبحانه : (إِلا إِذَا تَمَنَّى) أي : تلا ، وقوله سبحانه : (أَلْقَى الشَّيْطَانُ
فِي أُمْنِيَّتِهِ) أي: في تلاوته.
ثم إن الله
سبحانه ينسخ ذلك الذي ألقاه الشيطان ويوضح بطلانه في آيات أخرى ، ويحكم آياته ؛
ابتلاء وامتحانا ، كما قال سبحانه بعد هذا:
(لِيَجْعَلَ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ فِتْنَةً لِلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ
مَرَضٌ وَالْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ) الآيات.انتهى.
[29] - بَلْدَح ، وادٍ قرب مدينة مكة ، عند التنعيم وفخ وقد عسكرَ فيه المشركون في أيام صلح الحديبية، وفيه ماء كثير وأصنام
(ابن سعد:2/95).
[30] - صحيح البخاري - البخاري - ج 6 - ص 225 , مسند احمد بن حنبل ج2
ص89 ح5631 قال شعيب الأرناؤوط: إسناده صحيح على شرط الشيخين.
[31] - مسند أبي يعلى ج13 ص 137ح 7212 قال
حسين أسد سليم إسناده حسن , مسند البزار ج4 ص165 ح1331 فق مسد البزار قال ( ..قال
: فقرب إليه السفرة فقال : ما هذا ؟ قال : شاة ذبحناها لنصب من هذه الأنصاب قال :
ما كنت لآكل شيئا ذبح لغير الله..).