كل معصوم امام ولماذا هم أربعة عشر، وفيهم امرأة وماهي موجبات الإمامة
والإمام
كل معصوم امام هل السيدة
فاطمة امام B: قالوا : أن ما اختص به الأمير
والسبطان من الآية (التطهير) بزعم القوم ثبت للزهراءB وخصائص الإمامة لا تثبت للنساء ، فلو كان
هذا دليلاً لكان من يتّصف به يستحقّها والزهراءB كذلك وبذات الاعتبار.
نقول : العصمة ثابتة (نعم) ولكن من خلال
وجوب هذه الآية الكريمة (آية التطهير) تثبت لـكل من: علي وإبنه الامام الحسن
والحسينD. والنتيجة فهي ايضا من خلال وجوب الاية
ثابتة لفاطمة الزهراءB.
والعصمة وإن كانت من لوازم الإمامة
إلاّ أنها ليست الشرط الوحيد لكي يصبح الشخص إمام فليس كل معصوم يجب عليه أن يكون
إمام بل لا بد من توفر شروط أخرى في الإمام غير العصمة.
ومن هذه الشروط النص عليه بالإمامة ،
والزهراءB ليست كذلك ، وبعبارة ثانية نقول: كل إمام
يلزم أن يكون معصوم وليس كل معصوم يلزم أن يكون إمام.
جوابه : المعصومين واحد منهم الرسول
الاعظمJ فهو القائد لهذه النهضة العالمية والفاتح
أمام هذه البشرية، والأخر من المعصومين هي فاطمة B القدوة للعالم، واما المعصومين البقيةD فقد قاموا بدور توضيح البرنامج من خلال
القول والتقرير والعمل على تطبيقه في الواقع فإنه لا يمكن ان يتقدم أحدهم بدون
الآخر؟
والبرنامج المكتوب لو كان بدون مثال
حي يحمله، وأسوة صالحة نقتدي بها ونسير خلفها، فلن يكون البرنامج مؤثر في الناس
والواقع والتاريخ فيه من الامثلة الكثيرة.
وتجد أناس طيبين ولكن بدون برنامج
معلوم، فلا يمكن للناس من السيرة الحسنة، مثل كتاب الطب الموجود ولكن بواقع الحال
بدون طبيب، أو العكس هو طبيب ولكن بدون الكتاب فوجودهمD هو بيان وشرح وقران ناطق مترجم للبرنامج
السماوي.
وبنفس الوقت هم نماذج متفاعلة لذلك البرنامج،
ومن القوة المودعة عندهم هي كلما حاول أعدائهم، محاولة تغيير مسار منهجهم أو تحريف
شخصياتهمD لم يتمكنوا بل العكس يزدادوا علوا وارتفاع
شأنهم، من حيث ان الله سبحانه وتعالى حفظهما، كما قال جل شأنه : ( انا نحن نزلنا
الذكر وإنا له لحافظون)[2].
(الذكر) هو (القرآن والائمةD) بدليل الملازمة من حديث (كتاب الله وعترتي)
ولذا قال الامام عليA: (انا الكتاب الناطق)[3].
واما لماذا الائمة اثنا عشر
: لا
نذكر ادلة ايات القران ولا الروايات بل نقول ان احوال وأزمان البشر مختلفة،
فاللازم منه ان لكل زمان ولكل حال أسوة حسنة يقتدى بها الناس في تلك الازمنة،
والائمةD قد أدوا تلك الأدوار المختلفة، ولذا ورد في
الرويات ان لكل نبي اثني عشر وصياً[4] كما
عن رسول اللهJ قال:
فوالذي نفسي بيده لأنا خير النبيين
ووصيي خير الوصيين وسبطي خير الأسباط الحسن والحسين سبطا هذه الأمة وان الأسباط
كانوا من ولد يعقوب وكانوا اثني عشر رجلاً وان الأئمة بعدي اثنا عشر رجلاً من أهل
بيتي علي أولهم أوسطهم محمد وآخرهم محمد
وهو مهدي هذه الأمة الذي يصلي عيسى خلفه، الا من تمسك بهم بعدي فقد تمسك
بحبل الله ومن تخلى منهم فقد تخلا من حبل الله.
وكما قال سبحانه: (وبعثنا منهم اثني
عشر نقيبا)[5]. ولعل
هناك ربط بين ما نحن فيه والأشهر الاثني عشر، كما دل عليه قوله تعالى: (ان عدة
الشهور عند الله اثنا عشر شهراً)[6]
والله العالم.
وبقي كلام حول ان القيم الدينية
والأخلاقية نسبية أم مطلقة فما هو رأي الشارع المقدّس على المستوى الكلّي فيمن يرى
أنّ القيم السماوية ليست مطلقة بل « إنّ هناك حدوداً للقيم تنطلق من واقعية
الإنسان في حاجاته الطبيعية في الأرض».
بعد التحدّث عن استثناءات تشريعية كما
في مسألة جواز الكذب في بعض الموارد وحرمة الصدق فيها بقولهم على هذا الأساس
القيمة حتى في الأديان نسبية، القيمة الأخلاقية، ولهذا يقول الاصوليون: ( ما من
عام إلا وقد خصّ!).
نقول إنّ تقييد الأحكام الشرعية كحرمة
الكذب مثلاً بعدم الاضرار وغيره ثبوتاً أمر لا ربط له بقول الاصوليين «ما من عامّ
إلا وقد خصّ» لأنّ نظر الاصوليين في هذه المقالة لعالم الإثبات والدلالة لمقام
الثبوت، فالحكم الشرعي في مقام الثبوت فهو: إمّا مطلق من أوّل الأمر. وإمّا ضيّق
من أوّل الأمر.
فلا يعقل فيه التخصيص والاستثناء
ثبوتاً. وأمّا القيم الدينية والأخلاقية فـبعضها نسبي كقبح الكذب وحسن الصدق.
وبعضها مطلق كقبح الظلم وحسن العدل.
وهو اللّه سبحانه وتعالى الهادي للحقّ.
موجبات الإمامة والإمام : الكثير بحث عن عقيدة الشيعة الإمامية
الإثنى عشرية حول عصمة الأئمة الطاهرين من أهل البيتD ولكن البعض منهم أتى بنقض واهن ومغالطات
فقالوا:
[ قد استدل القوم على اثبات عقيدة
العصمة التي هي من موجبات الإمامة والإمام بآيات وروايات سنذكرها إن شاء الله
تعالى ونتكلم فيها: الدّليل الأول : قول الله تعالى : (إنّما يريد الله ليذهب عنكم
الرّجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا)[7].
ونزولها في أهل الكساء وأنهJ قد أدخل علياً وفاطمة والحسن والحسينD فيه ثم قال : (إنما يريد الله ليذهب عنكم
الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا) ولا يعني هذا بالضرورة صحة كل ما ورد في القصة إذ
أنّ معظمها لا يصح سنداً أو متناً إلاّ بالقدر الّذي أوردناه أو قريباً منه وحيث
أنّ القصة وردت من طرق صحيحة فإن هذا يغنينا عن الكلام في أسانيد طرقها
الأخرى..الخ]انتهى.
في البداية ان حديث الكساء صحّ سنداً
ومتناً ومما لا شك فيه أنّ آية التطهير هي أحد أدلة الشيعة الإمامية الإثنى عشرية
على عصمة أصحاب الكساءD، وتدلّ بالملازمة على إمامة الزهراء وإمامة
علي بن أبي طالب وإمامة الحسن والحسينD.
وحديث الكساء من الأحاديث المستفيضة
إن لم نقل متواترة من طرق اهل السنّة والشيعة، ونذكر بعض النصوص لهذا الحديث مما
صح سنده ومتنه لدى علماء أهل السّنة فقد روى الحاكم[8]
النيسابوري في كتابه المستدرك على الصحيحين بسنده عن عن واثلة بن الأسقع قال:
جئت أريد علياA فلم أجده فقالت فاطمةB انطلق إلى رسول اللهJ يدعوه فاجلس فجاء مع رسول اللهJ فدخل ودخلت معهما قال فدعا رسول اللهJ حسنا وحسيناD فأجلس كل واحد منهما على فخذه وأدنى فاطمةB من حجره وزوجهاA ثم لف عليهم ثوبه وأنا شاهد فقالJ (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت
ويطهركم تطهيرا اللهم هؤلاء أهل بيتي) ثم قال الحاكم: (هذا حديث صحيح على شرط مسلم
ولم يخرجاه).
وايضا أخرج الحاكم[9] في
المستدرك بسنده عن أم سلمةB عليها قالت: ( في بيتي نزلت إنما يريد الله ليذهب
عنكم الرجس أهل البيت. قالت فأرسل رسول اللهJ إلى علي وفاطمة والحسن والحسينD فقال هؤلاء أهل بيتي). قال الحاكم: (هذا
حديث صحيح على شرط البخاري ولم يخرجاه). وقال الذهبي في التلخيص: (على شرط
البخاري).
وكذلك أخرج الحاكم[10] في
المستدرك بسنده عن واثلة بن الأسقع قال: ( أتيت علياA فلم أجده فقالت لي فاطمةB انطلق إلى رسول اللهJ يدعوه فجاء مع رسول اللهJ فدخلا ودخلت معهما فدعا رسول اللهJ الحسن والحسينD فأقعد كل واحد منهما على فخذيه وأدنى فاطمةB من حجره وزوجهاA ثم لف عليهم ثوبا وقال إنما يريد الله ليذهب
عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا ثم قال هؤلاء أهل بيتي اللهم أهل بيتي أحق).
قال الحاكم: (هذا حديث صحيح على شرط
الشيخين ولم يخرجاه). وقال الذّهبي في التلخيص (على شرط مسلم).
وكذلك أخرج الحاكم[11] في
المستدرك بسنده عن السيدة عائشة قالت: خرج النبيJ غداة وعليه مرط مرجل مـن شـعر أسود فجاء
الحسن والحسين فأدخلهما معه ثم جاءت فاطمة فأدخلها معهما ثم جاء علي فأدخله معهم
ثم قال إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا.
قال الحاكم: (هذا حديث صحيح على شرط
الشيخين ولم يخرجاه) وقال الذّهبي في التلخيص: (على شرط البخاري ومسلم).
ومثلهِ أخرج الحاكم[12]
النيسابوري في المستدرك بسنده عن أم سلمةB قالت: في بيتي نزلت هذه الآية (إنما يريد
الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت) قالت فأرسل رسول اللهJ إلى علي وفاطمة والحسن والحسينD فقال اللهم هؤلاء أهل بيتي قالت أم سلمة يا
رسول الله ما أنا من أهل البيت قال إنك أهلي خير وهؤلاء أهل بيتي اللهم أهلي أحق.
قال الحاكم: (هذا حديث صحيح على شرط
البخاري ولم يخرجاه). وقال الذّهبي في التلخيص (على شرط مسلم).
وكذلك أخرج الترمذي[13] في
صحيحه بسنده عن عمر بن أبي سلمة ربيب النبيJ قال: لما نزلت هذه الآية على النبيJ (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت
ويطهركم تطهيرا) في بيت أم سلمة فدعا فاطمة وحسنا وحسينا فجللهم بكساء وعلي خلف
ظهره فجللهم بكساء ثم قال اللهم هؤلاء أهل بيتي فأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا
قالت أم سلمة وأنا معهم يا نبي الله قال أنت على مكانك وأنت على خير. قال الترمذي:
(هذا حديث غريب من حديث عطاء عن عمر بن أبي سلمة). وصحح الشيخ الألباني
هذا الحديث.
وكذلك أخرج الترمذي[14] في
صحيحه بسنده عن عمر بن أبي سلمة ربيب النبيJ أنه قال: نزلت هذه الآية على النبيJ (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت
ويطهركم تطهيرا) في بيت أم سلمة فدعا النبيJ فاطمة وحسناً وحسيناً فجللهم بكساء وعلي خلف
ظهره فجلله ثم قال اللهم هؤلاء أهل بيتي فأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا قالت أم
سلمة وأنا معهم يا نبي الله؟ قال: أنت على مكانك وأنت إلى خير.
قال الترمذي: ( وفي الباب عن أم سلمة
ومعقل بن يسار وأبي الحمراء وأنس) وقال: ( وهذا حديث غريب من هذا الوجه ) وقد صحح
الشيخ الألباني هذا الحديث في سلسلته.
هذه النصوص توضح بشكل أكبر اختصاص
مفهوم أهل البيت في الآية الكريمة بمن جللهم بالكساء فقط دون غيرهم, وقوله تعالى:
(إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا) كقوله: (ما يريد الله
ليجعل عليكم من حرج ولكن يريد ليطهركم وليتم نعمته عليكم)[15].
وكقوله: (يريد الله بكم اليسر ولا
يريد بكم العسر)[16]
وكقوله: (يريد الله ليبين لكم ويهديكم سنن الّذين من قبلكم ويتوب عليكم والله عليم
حكيم)[17]
وكقوله: (يريد أن يخفف عنكم)[18].
واما الإرادة في آية التطهير تكوينية
لا تشريعية فليس الإرادة في قوله تعالى: ( إنّما يريد الله ليذهب عنكم الرّجس أهل
البيت...الآية) كالإرادة في بقية الآيات التي ذكرها، فالإرادة في آية التطهير
إرادة تكوينية بينما الإرادة في الآيات الأخرى تشريعية.
من حيث أنّ الإرادة تنقسم إلى نوعين
وهي إن الإرادة في قوله تعالى: (ولكن يريد ليطهركم وليتم نعمته عليكم لعلكم
تشكرون) والّذي هو جزء من قوله تعالى :
(يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى
الصلاة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق وامسحوا برؤسكم وأرجلكم إلى الكعبين
وإن كنتم جنباً فاطهروا أو كنتم مرضى أو على سفر أو جاء أحد منكم من الغائط أو
لامستم النساء فلم تجدوا ماءاً فتيمموا صعيداً طيباً فامسحوا بوجوهكم وأيديكم منه
ما يريد الله ليجعل عليكم من حرج ولكن يريد ليطهركم وليتم نعمته عليكم لعلكم
تشكرون).
إرادة تشريعية أي بمعنى أن الهدف من
جعل هذه الأحكام هو تطهير الناس، فالإرادة التشريعية هنا هي وضع أحكام الطهارة من
غسل ووضوء وتيمم.
والهدف هو طهارة الناس من الحدث
والخبث، وبديهي أن البعض سيمتثل لهذه الأحكام ويعمل بها والبعض سيعرض عنها، أما لو
كانت إرادة تكوينية على نحو التكوين لما أمكن لأحد أن يتخلف عن تطهير نفسه.
فالنتيجة آية التطهير لا تشمل زوجات
النبيJ لإنّ قوله تعالى : (إنّما يريد الله ليذهب
عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا) خاص بأصحاب الكساء دون غيرهم من زوجات النبيJ أو قرابته.
ولا دليل عندهم سوى سياق الآية حيث أن
آية التطهير هذه موجودة بين آيات الخطاب فيها موجّه لزوجات النبيJ، ولكن هذا الإستدلال بـ(السياق) باطل لانه
ثبت من خلال كل الاحاديث التي ذكرت حادثة الكساء وسبب نزول هذه الآية أنها نزلت
لوحدها ولم تنزل ضمن أو مع مجموع الآيات التي تخاطب زوجات النبيJ.
فوجودها بين الايات لا يعتبر دليل على
أنها خاصة بهن أو تشملهن ما لم يقم هناك دليل آخر عليه والمسلمين متفقين على أن
القرآن لم يجمع بحسب النزول فكم من آية مدنية وقعت بين آيات مكية، والعكس ، وفي
القرآن شواهد كثيرة على أنّ الآية في أوّلها خاصة بموضوع وفي آخرها بموضوع آخر.
وكذلك في القرآن شواهد على تخلل
الجملة الأجنبية بين الكلام المتناسق مثل قوله تعالى في حكاية خطاب عزيز مصر
لزوجته إذ قال لها:
(إنّه من كيدكنّ إنّ كيدكنّ عظيم *
يوسف أعرض عن هذا واستغفري لذنبك إنّك كنت من الخاطئين) فقوله: (يوسف أعرض عن هذا)
مستطرد بين خطاب عزيز مصر الموجه لزوجته.
وكما تلاحظ صدر الآية : (يوسف أعرض عن
هذا) الخطاب فيه موجه إلى يوسفA كما هو ظاهر وعجزها هو قوله: (واستغفري
لذنبك إنك كنت من الخاطئين) موجه للزوجة، وفي هذا رد على من يقول بأن آية التطهير
جزء من آية وليست آية.
فكيف يكون الخطاب في صدرها موجه إلى
الزوجات وفي عجزها موجه إلى أهل الكساء خاصة؟. فهذه الآية ايضاً في صدرها تخاطب
جهة وفي عجزها الخطاب موجه إلى جهة أخرى، فلا إشكال في ذلك حيث له ما يشابهه في
القرآن.
وايضا مثل قوله تعالى: (إنّ الملوك
إذا دخلوا قرية أفسدوها وجعلوا أعزّة أهلها أذلّة وكذلك يفعلون وإنّي مرسلة إليهم
بهدية فناظرة بم يرجع المرسلون).
فقوله: (وكذلك يفعلون) مستطرد من جهة
الله تعالى بين كلام بلقيس، وآية التطهير من هذا القبيل جاءت مستطردة بين آيات
النساء.
واما القول باختصاص آية التطهير
بالزوجات أو بالزوجات وغيرهّن يعتبر اجتهاد في مقابل النص وهذا غير جائز شرعاً،
فالنبيJ نصّ على أنّ المراد بأهل البيت في الآية هم
الخمسة أصحاب الكساء فقط.
وذكرنا نصوص صحيحة على ذلك ونضيف نصوص
أخرى فقد روى الطبري في تفسيره قال: حدّثني ابن المثنى قال: حدّثنا أبو بكر
الحنفي، قال : حدثنا بكير بن مسمار، قال: سمعت عامر بن سعد قال: قال سعد:
( قال رسول اللهJ حين نزل عليه الوحي فأخذ عليّاً وابنيه
وفاطمة وأدخلهم تحت ثوبه ثم قال: ربّ هؤلاء أهلي وأهل بيتي)[19].
وهذ الحديث صحيح سنداً عندهم فـ(محمد
بن المثنى) ثقة ثبت من رجال الكتب لاهل السنة[20]
و(أبو بكر الحنفي) وهو (عبد الكبير بن عبد المجيد) ثقة، وثقه ابن سعد وذكره ابن
حبّان في الثقات وقال عنه العجلي بصري ثقة[21].
واما (بكير بن مسمار) وهو الزهري صدوق
من رجال مسلم والترمذي والنسائي[22]
و(عامر بن سعد) ثقة وهو من رجال الكتب لاهل السنة[23].
و(سعد) هو سعد بن أبي وقاص وهو صحابي
وهو عندهم في الوثاقة والرواية صريحة في تخصيص مفهوم أهل البيت بأصحاب الكساء.
وأخرج الترمذي[24] في
صحيحه بسنده عن أم سلمةB: ( أنّ النبيJ جلل الحـسن والحسين وعلي وفاطمة كساءً ثم
قال : اللهم هؤلاء أهل بيتي وخاصتي أذهب عنهم الرّجس وطهرهم تطهيرا، فقالت أم
سلمة: وأنا معهم يا رسول الله؟ قال: إنك إلى خير ).
وقال الترمذي: هذا حديث حسن، وهو أحسن
شيء روي في هذا الباب، وفي الباب عن عمر ابن أبي سلمة وأنس بن مالك وأبي الحراء
ومعقل بن يسار وعائشة.
وأخرج النسائي[25] في
كتابه السنن الكبرى بسند صحيح قال: أخبرنا محمد بن المثنى، قال : حدثنا يحيى بن
حماد، قال : حدثنا الوضاح وهو أبو عوانة ، قال : حدثنا يحيى ، قال : حدثنا عمرو بن
ميمون قال:
إني لجالس إلى ابن عباس إذ أتاه تسعة
رهط فقالوا: إما أن تقوم معنا وإما أن تخلونا ياهؤلاء ، وهو يومئذ صحيح قبل أن
يعمى ، قال: أنا أقوم معكم ، فتحدثوا فلا أدري ما قالوا، فجاء هو ينفض ثوبه وهو
يقول: أف وتف يقعون في رجل له عشر وقعوا في رجل.
قال رسول اللهJ لأبعثن لاجلاً يحب الله ورسوله لا يخريه
الله أبداً، فأشرف من استشرف، فقال أين علي وهو في الرحا يطحن، وما كان أحدكم
يطحن، فدعاه وهو أرمد ما يكاد أن يبصر، فنفث في عينيه ثم هزّ الراية ثلاثاً فدفعها
إليه فجاء بصفية بنت حيي.
وبعث أبا بكر بسورة التوبة ، وبعث
علياً خلفه فأخذها منه فقال : لا يذهب بها إلاّ رجل مني وأنا منه ، ودعا رسول اللهJ الحسن والحسين وعليّاً وفاطمة ومدّ عليهم
ثوباً فقال : اللهم هؤلاء أهل بيتي فأذهب عنهم الرّجس وطهرهم تطهيرا .
وكان أوّل من أسلم من الناس بعد خديجة
، ولبس ثوب رسول اللهJ ونام فجعل المشركون يرمون كما يرمون رسول
اللهJ وهم يحسبون أنه نبي الله ، فجاء أبو بكر
فقال: يانبي الله فقال علي : إن نبي اللهJ قد ذهب إلى نحو بئر ميمون فاتبعه ، فدخل معه
الغار وكان المشركون يرمون علياً حتى
أصبح.
وخرج بالناس في غزوة تبوك ، فقال علي
: أخرج معك ؟ فقال : لا ، فبكى فقال : أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى
إلاّ أنك لست بنبي ، ثم قال : أنت خليفتي يعني في كل مؤمن من بعدي.
قال : وسدّ أبواب المسجد غير باب علي
، فكان يدخل المسجد وهو جنب وهو في طريقه ليس له طريق غيره ، وقال : من كنت وليه
فعلي وليه...انتهى.
وسند الحديث صحيح فـ(محمد بن المثنى)
وسبقت الإشارة إلى وثاقته لوقوعه في سند رواية الطبري.
و(يحيى بن حمّاد) ثقة من رجال البخاري
ومسلم والنسائي والترمذي وأبي داود، وثقه ابن سعد وأبو حاتم وذكره ابن حبّان في
الثقات وقال عنه العجلي: بصري ثقة[26].
و(الوضاح أبو عوانة) فهو أيضاً ثقة
ثبت كما يقول العسقلاني في تقريب التهذيب[27]
وقال عنه ابن معين: جائز الحديث وقال أبو حاتم: صدوق ثقة. وقال أبو زرعة : ثقة. وذكره
ابن حبّان في الثقات، وقال ابن سعد : كان ثقة صدوقاً. وقال العجلي : بصري ثقة، وهو
من رجال الستة[28].
و(يحيى) هو ابن أسلم أو ابن أبي سليم
أبو بلج الفزاري وهو ثقة، وثقه ابن معين وابن سعد والنسائي والدار قطني.
وقال أبو حاتم صالح الحديث، وقال
الجوزجاني: كان ثقة، وقال عنه ابن حجر الهيثمي في مجمع الزوائد ( وهو ثقة ) [29].
و(عمرو بن ميمون) ثقة فاضل كما يقول
عنه العسقلاني [30]
وثقه ابن معين وابن سعد وذكره ابن حبّان فــي الثقات[31].
وهذ الحديث أخرجه أيضاً بنفس هذا
السند الصحيح ابن أبي عاصم في كتابه السّنة باختلاف يسير في ألفاظها، وفيه
(..اللهم هؤلاء أهل بيتي وخاصتي..)[32].
وأخرج النسائي في كتابه خصائص الإمام
عليA بسنده عن عامر بن سعد بن أبي وقاص عن أبيه
قال:
أمر سعداً معاوية، فقال: ما يمنعك أن
تسبّ أبا تراب؟ فقال : أنا ذكرت ثلاثاً قالهن رسول الله J فلن أسبّه لأن يكون لي واحدة منها أحب إلي
من حمر النعم: سمعت رسول الله J يقول له وخلّفه في بعض مغازيه ، فقال له علي
: يا رسول الله أتخلفني مع النساء والصبيان ؟
فقال رسول الله J : أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من
موسى إلاّ أنه لا نبوّة بعدي ؟
وسمعته يقول يوم خيبر : لأعطينّ
الراية غداً رجلاً يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله ، قتطاولنا إليهما ، فقال:
ادعوا لي عليّاً فأتي به أرمد فبصق في عينه ودفع الراية إليه .. ولمّا نزلت : (
إنّما يريد الله ليذهب عنكم الرّجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا) دعا رسول اللهJ عليّاً وفاطمة وحسناً وحسيناً فقال : اللهم
هؤلاء أهل بيتي[33].
وهذا الحديث صحيح سنداً رواته كلهم من
الثقات، قال عنه محقق كتاب الخصائص أبو اسحاق الحويني الأثري: (إسناده صحيح).
وكذلك أخرج النسائي في نفس الكتاب
بسند صحيح عن عامر بن سعد بن أبي وقاص قال: ( قال معاوية لسعد بن أبي وقاص : ما
يمنعك أن تسبّ ابن أبي طالب؟
قال: لا أسبّه ما ذكرت ثلاثاً قالهن
رسول اللهJ لأن يكون لي واحدة منهن أحب إليّ من حمر
النعم ، ما أسبه ما ذكرت حين نزل عليه الوحي فأخذ علياً وابنيه وفاطمةD، فأدخلهم تحت ثوبه ثم قالJ: ربّ هؤلاء أهل بيتي وأهلي.
ولا أسبّه ما ذكرت حين خلفه في غزوة
غزاها قال عليA: خلّفتني مع الصبيان والنساء؟ قالJ: أولا ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من
موسى إلاّ أنه لا نبوة بعدي .
وما أسبه ما ذكرت يوم خيبر حين قال
رسول اللهJ لأعطينّ الرّاية رجلاً يحب الله ورسوله،
ويفتح الله بيده ، فتطاولنا، فقال: أين علي؟ فقالوا: هو أرمد، قالJ: ادعوه، فبصق في عينيه ثم أعطاه الراية،
ففتح الله عليه..)[34].
وقال محقق الكتاب الأثري عن هذا
الحديث : ( إسناده صحيح ).
وبعض هذه الاحاديث صريحة في أن النبيJ لم يسمح أم سلمةB بالدّخول تحت الكساء عندما أرادت أن تدخل
معهم وجذبه من يدها، فلو كانت الآية تعنيها أو المفهوم شملها لما كان لهذا المنع
وجه أو لقال لها إنّك من أهل البيت بدل قوله لها: (إنك إلى خير).
ولم تدّعي واحدة من زوجات النبيJ أنّ قوله تعالى: (إنّما يريد الله ليذهب
عنكم الرّجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا) خاصة بهن أو أنّهن ممن تشملهن هذه الآية.
بل إن السيدتان عائشة وأم سلمةB ممن روى اختصاص الآية بالخمسة أصحاب الكساء
كما قال ابن الجوزي في كتاب زاد المسير في علم التفسير[35]:
(..والثاني: أنه خاص في: رسول اللهJ وعلي وفاطمة والحسن والحسينD، قاله أبو سعيد الخدري، وروي عن أنس وعائشة
وأم سلمة نحو ذلك).
[1] - راجع : تحويل المعنويات الاسلامية من القوة الى الفعل- السيد محمد
الشيرازي H. المكتبة الثقافية بمالمو السويد.
[2] - سورة الحجر الاية 9.
[3] - بحار الأنوار ج 39 ص 271 ب 87 ح 48.
[4] - عن محمد بن عبد الله الشيباني، عن هاشم بن مالك الخزاعي، عن العباس بن
الفرج الرياحي، عن شرجيل بن ابي عون، عن يزيد بن عبد الملك، عن سعيد المعبري، عن
ابي هريرة .. ( بحار الأنوار ج36 ص312 ب41 ح157).
[5] - سورة المائدة الاية 12.
[6] - سورة التوبة الاية 36.
[21] - راجع : تقريب التهذيب ج1 ص 477 و: طبقات ابن سعد ج7 ص 299 و: الثقات ج 8
ص420 و: تاريخ الثقات : 290.
[26] - راجع : تقريب التهذيب ج2ص 353 ،
طبقات ابن سعد ج7 ص 306 ، الجرح والتعديل ج9 ص 137 ، الثقات ج9 ص 257 ، تاريخ
الثقات ص 470.
[28] - راجع : تاريخ الدوري ج 2 ص 629 ،
الجرح والتعديل ج9 ص 40 ، الثقات ج7 ص 562 ، طبقات ابن سعد ج7 ص 287 ، تاريخ
الثقات ص 464.
[29] - راجع : الجرح والتعديل ج9 ص 153
، طبقات ابن سعد ج7 ص 311 ، تهذيب الكمال ج 33 ص 162 ، مجمع الزوائد ج9 ص 109.