فهم علماء أهل السنة من قصد الله تعالى في اية التطهير
الاحاديث الواردة كلها صريحة الدلالة
هو أن الذين قصدهم الله تعالى في آية التطهير هم الذين جللهم النبيJ تحت الكساء، وهذا واضح جدا وفهمه العديد من
علماء أهل السنة!.
فلا يوجد أي مجال لهذه الدعوى كونها
في غيرهم إلاّ الغرض منها المضادة للنبيJ والاجتهاد في مقابل النص!
ونذكر هنا مجموعة من أقوال علماء اهل
السنة باختصاص الآية الكريمة (التطهير) بأصحاب الكساء كما يلي:
تحت عنوان قال : ( باب بيان مشكل ما
روي عنهJ في المراد بقول الله: إِنَّمَا يُرِيدُ
اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ
تَطْهِيراً من هم؟ قال:
حدثنا الربيع المرادي، حدثنا أسد بن
موسى حدثنا حاتم بن إسماعيل، حدثنا بكير بن مسمار عن عامر بن سعد عن أبيه قال: لما
نزلت هذه الآية دعا رسول اللهJ علياً وفاطمة وحسناً وحسيناًD فقال: اللهم هؤلاء أهلي).
ثم قال الطحاوي: ( ففي هذا الحديث أن
المرادين بما في هذه الآية هم رسول اللهJ وعلي وفاطمة وحسن وحسينD).
ثم قال الطحاوي: ( حدثنا فهد، حدثنا
عثمان بن أبي شيبة، حدثنا جرير بن عبد الحميد، عن الأعمش، عن جعفر بن عبد الرحمن
البجلي، عن حكيم بن سعد، عن أم سلمةB قالت: نزلت هذه الآية في رسول اللهJ وعلي وفاطمة وحسن وحسينD إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ
عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً).
ثم قال الطحاوي: ( ففي هذا الحديث مثل
الذي في الأول). وقال بعد أن ذكر مجموعة من الرّوايات لحديث الكساء من طريق السيدة
أم المؤمنين أم سلمةB فقال الطحاوي:
( فدل ما رويناه في هذه الآثار مما
كان من رسول اللهJ إلى أم سلمةB مما ذكر فيها لم يرد به أنها كانت ممن أريد
به ما في الآية المتلوة في هذا الباب، وأنّ المرادين فيها رسول اللهJ وعلي وفاطمة وحسن وحسينD دون من سواهم) [2].
( ب ) - قول
العلامة يوسف بن موسى الحنفي (ابو المحاسن):
قال : [ روي أن رسول الله J لما نزلت هذه الآية: ( إِنَّمَا يُرِيدُ
اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ
تَطْهِيراً) دعا علياً وفاطمة وحسناً وحسيناًD فقالJ: اللهم هؤلاء أهلي.
وروي أنه جمع (علياً)[3]
وفاطمة والحسن والحسينD، ثم أدخلهم تحت ثوبه ثم جأر إلى الله تعالى،
رب هؤلاء أهلي، قالت أم سلمةB: يا رسول الله فتدخلني معهم؟
قالJ: أنت من أهلي يعني من أزواجه كما في حديث
الإفك: من يعذرني من رجل بلغني أذاه في أهلي، لا أنها أهل الآية المتلوة في هذا
الباب.
ويؤيد ما روي عن أم سلمةB أن هذه الآية نزلت في بيتي فقلت: يا رسول
الله ألست من أهل البيت؟ قالJ: أنت على خير، إنك من أزواج النبيJ، وفي البيت علي وفاطمة والحسن والحسينD.
وما روي أيضاً عن واثلة بن الأسقع أنه
قال: أتيت علياًA فلم أجده، فقالت فاطمةB: انطلق إلى رسول اللهJ يريده قال: فجاء مع رسول اللهJ فدخلا ودخلت معهما فدعا رسول اللهJ الحسن والحسينD وأقعد كل واحد منهما على فخذه وأدنى فاطمةB من حجره وزوجهاA ثم لف عليهم ثوباً وأنا منتبذ ثم قال:
(إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ
عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً) ثم قالJ: اللهم هؤلاء أهلي، اللهم هؤلاء أهلي، إنهم
أهل حق، فقلت: يا رسول الله وأنا من أهلك؟ قالJ: وأنت من أهلي، قال واثلة: فإنها من أرجى ما
نرجو.
وواثلة أبعد من أم سلمة لأنه ليس من
قريش، وأم سلمة موضعها من قريش موضعها، فكان قولهJ لواثلة: أنت من أهلي لاتباعك إياي وإيمانك
بي، وأهل الأنبياء متبعوهم، يؤيده قوله تعالى لنوح:
(إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ
إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ) فكما خرج ابنه بالخلاف من أهله فكذلك يدخل المرء
في أهله بالموافقة على دينه وإن لم يكن من ذوي نسبته، والكلام لخطاب أزواج النبيJ تمّ عند: قوله: (وَأَقِمْنَ الصَّلاةَ
وَآتِينَ الزَّكَاةَ..).
وقوله تعالى: (إِنَّمَا يُرِيدُ
اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ) استئناف تشريعاً لأهل
البيت وترفيعاً لمقدارهم، ألا ترى أنه جاء على خطاب المذكر فقال عنكم ولم يقل
عنكن، فلا حجة لأحد في إدخال الأزواج في هذه الآية.
ويدل عليه ما روي أن رسول اللهJ كان إذا أصبح أتى باب فاطمةB فقالJ: السلام عليكم أهل البيت (إِنَّمَا يُرِيدُ
اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ
تَطْهِيراً)][4].
( ج ) - قول
العلامة الشيخ حسن السقاف:
قال : أهل البيت هم سيدنا علي والسيدة
فاطمة، وسيدنا الحسن وسيدنا الحسينD، وذريتهم من بعدهم ومن تناسل منهم للحديث
الصحيح الذي نص النبيJ فيه على ذلك، ففي الحديث الصحيح: نزلت هذه
الآية على النبيJ: (إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ
عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً).
في بيت أم سلمةB فدعا النبيJ فاطمة وحسناً وحسيناًD فجللهم بكساء وعليA خلف ظهره فجلله بكساء ثم قالJ: اللهم هؤلاء أهل بيتي فأذهب عنهم الرجس
وطهرهم تطهيرا، قالت أم سلمة: وأنا معهم يا نبي الله؟ قال: أنت مكانك، وأنت إلى
خير[5].
وقال السقاف في هامش[6] من
نفس المصدر وهو يرد على الشيخ الألباني في قوله: (وتخصيص الشيعة أهل البيت في
الآية بعلي وفاطمة والحسن والحسينD دون نسائهJ من تحريفهم لآيات الله تعالى انتصاراً
لأهوائهم كما هو مشروح في موضعه).
فقال السقاف رداً عليه: ( وهذا من
تلبيساته وتمحله في رد السنة الثابتة في تفسيره لأهل البيت، وهو بهذا أراد أن يلبس
على القارىء بأن من قال أن أهل البيتD هم أهل الكساء أنهم الشيعة!
والحق أن من قال ذلك جميع أهل السنة
والجماعة وقبلهم الذي لا ينطق عن الهوىJ ولكن هذا هو النصب الذي يفضي بصاحبه إلى ما
ترى كما شرحنا في موضعه).انتهى.
إن رد الشيخ حسن السقاف لكلام
الألباني قوي جدا، فالحديث النبوي الصحيح عندهم وعندنا يحصر المقصودين بأهل البيت
في الآية بعلي وفاطمة والحسن والحسينD.
وثبت عندنا عن النبيJ أنه قال بعد الحسن والحسينD: والتسعة من ذرية الحسينA آخرهم المهديA.
أما قول السقاف: (وسيدنا الحسينA وذريتهم من بعدهم ومن تناسل منهم):
فلا دلالة عليه حتى ولو رواية واحدة،
بل الدليل العقلي والنقلي ضده، فكيف يكون كل من تناسل من ذرية علي وفاطمةD مطهراً من المعاصي، وفيهم الفجّار والفسّاق
وغيرهم!.
( د ) - قول
العلامة أبو بكر الحضرمي في (رشفة الصادي من بحر فضائل النبي الهادي)[7]:
قال : ( والذي قال به الجماهير من
العلماء وقطع به أكابر الأئمة وقامت به البراهين وتظافرت به الأدلة أن أهل البيت
المرادين في الآية هم سيدنا علي وفاطمة وابناهماD، وما تخصيصهم بذلك منهJ إلاّ عن أمر إلهي ووحي سماوي ).
وقال أيضاً:
( والأحاديث في هذا الباب كثيرة، وبما
أوردته منها يعلم قطعاً أن المراد بأهل البيت هم علي وفاطمة وابناهماD، ولا التفات إلى ما ذكره صاحب روح البيان من
أن تخصيص الخمسة المذكورين بكونهم من أهل البيت من أقوال الشيعة لأنّ ذلك محض
تهوّر يقتضي بالعجب، وبما سبق من الأحاديث وما في كتب أهل السنة السنية يسفر الصبح
لذي عينين )انتهى.
( هـ ) - قول
العلامة الشوكاني في (إرشاد الفحول إلى تحقيق الحق في علم الأصول)
وهو يرد على من قال بأن الآية في نساء
النبيJ قال: ( ويجاب عن هذا بأنه ورد بالدليل
الصحيح أنها نزلت في علي وفاطمة والحسنينD)[8].
( و ) - قول
السمهودي في (جواهر العقدين)[9]:
قال : ( وهؤلاء هم أهل الكساءD فهم المراد من الآيتين – آية المباهلة وآية
التطهير -).
( ز ) - قول ابن
عساكر في كتابه (الأربعين في مناقب أمهات المؤمنين):
قال بعد أن ذكر حديث عن أم سلمةB قالت فيها: وأهل البيت رسول الله وعلي
وفاطمة والحسن والحسينD: (هذا حديث صحيح) ثم قال:
( وقولها وأهل البيت هؤلاء الذين
ذكرتهم إشارة إلى الذين وجدوا في البيت في تلك الحالة، وإلاّ فآل رسول اللهJ كلهم من أهل البيت، والآية نزلت خاصة في
هؤلاء المذكورين والله أعلم)[10].
( ح ) - قول
العلامة سيدي محمد حبسوس في ( شرح الشمائل):
قال : [ ثم جاء الحسن بن عليD فأدخله، ثم جاء الحسينA فدخل معهم، ثم جاءت فاطمةB فأدخلها، ثم جاء عليA فأدخله ثم قالJ: (إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ
عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً) وفي ذلك إشارة
إلى أنهم المراد بأهل البيتD في الآية][11].
( ط ) - قول
العلامة محمد أحمد بنيس في شرحه لهمزية البوصيري (لوامع أنوار الكوكب الدري):
قال : ( إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ
عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً. أكثر المفسرين
أنها نزلت في علي وفاطمة والحسنينD)[12].
( ي ) - قول
توفيق أبو علم وهو يرد على عبد العزيز البخاري في كتابه (أهل البيت):
قال : ( أما قوله: أنّ آية التطهير المقصود بها
الأزواج فقد أوضحنا بما لا مزيد عليه أن المقصود من أهل البيتD هم العترة الطاهرة لا الأزواج).
[1] - تحفة الأخيار بترتيب شرح مشكل الآثار 8/470 – 471.
[2] - تحفة الأخيار بترتيب شرح مشكل ألاثار 8/476.
[4] - راجع : معتصر المختصر 2/266- 267.
[5] - صحيح شرح العقيدة الطحاوية: 655.
[6] - صحيح شرح العقيدة الطحاوية: 657 في الهامش.
[7] - رشفة الصادي 13- 14 الباب الأول.
[8] - إرشاد الفحول 83 البحث الثامن من المقصد الثالث.
[9] - جواهر العقدين 204 الباب الأول.
[10] - الأربعين في مناقب أمهات المؤمنين 106.
[11] - شرح الشمائل 1/107.
[12] - لوامع أنوار الكوكب الدري 2/86/ أهل البيت 35.