الخميس، 13 أبريل 2017

مصحف فاطمة بنت محمد بن عبدالله ص


مصحف فاطمة B
في بداية الحديث لكي لا نتهم بمصحف فاطمةB فهو مجموعة احاديث ومروايات كتبها الامام عليA ولا علاقة لمصحف فاطمة بما انزل على نبينا محمدJ من ايات القران[1].
فلماذا لايجوز لنا ان نقول عن حديث الافك المزعوم في السنة السادسة بمصحف السيدة عائشة.
فلقد جاء في الروايات أنّ فاطمة ابنة رسول اللهJ كان لها كتاب اسمه المصحف فيه إخبار بالمغيّبات. وجاء في بصائر الدرجات بأكثر من سند عن الإمام الصادقA أنه قال:
 لأقوام كانوا يأتونه ويسألونه عمّا خلف رسول اللهJ إلى عليّB وعمّا خلف عليّ إلى الحسنD: (لقد خلّف رسول اللهJ عندنا ما فيها كلّ ما يحتاج إليه حتى أرش الخدش والظفر، وخلّفت فاطمة مصحفاً ما هو قرآن...)[2].
إذن فقد كان لابنة رسول اللهJ مصحف، كما كان لخالد ابن معدان كتاب اسمه المصحف فيه علمه. وإنّ أئمة أهل البيتD الذين انتشر منهم هذا الخبر نصّوا على أنّه ما هو بالقرآن وليس فيه شيء من القرآن، بل هو إخبار بالحوادث الكائنة في المستقبل.
ومع الأسف الشديد افترى بعض الكتّاب من اخواننا اهل السنة وقال: إنّ مصحف فاطمة عند أتباع مدرسة أهل البيت (الشيعة) قرآن آخر! ولكن أتباع مدرسة أهل البيت لم يقولوا هذا القول في شأن مصحف خالد ولا الكتاب لسيبويه.
نفي الاحاديث لمصحف فاطمةB
أ - عن علي بن سعيد عن أبي عبد اللهA قال: (.. وعندنا والله مصحف فاطمة ما فيه آية من كتاب الله، وإنه لإملاء رسول اللهJ بخط عليA بيده)[3].
ب - وعن محمد بن مسلم عن أحدهماD: (..وخلفت فاطمة مصحفاً، ما هو قرآن، ولكنه كلام من كلام الله أنزل عليها، إملاء رسول اللهJ وخط عليA)[4].
ج - عن علي بن أبي حمزة عن أبي عبد الله A قال: (..وعندنا مصحف فاطمةB أما والله ما فيه حرف من القرآن، ولكنه إملاء رسول اللهJ وخط عليA) [5]
وعن أبن بصير عن ابي عبد اللهA قال : ان عندنا لمصحف فاطمة وما يدريك ما مصحف فاطمة ؟ قال : قلت : وما مصحف فاطمة ؟  قالA: مصحف فاطمه فيه مثل قرآنكم هذا ثلاث مرات والله ما فيه من قرآنكم حرف واحد: قال: قلت هذا والله العالم[6] .
فلا اعرف السبب لماذا التشنيع وقلب الحقائق وبالتالي التكفير والاخيرة تتبناها استراتيجية الدول (من طائفية وقتل وتهجير وانتحاريين ومفخخات وغيرها) لكي تكون ورقة ضغط على شيعة اهل البيت D؟
وبصورة اخرى اوضح فلا شك[7] أن أهل البيتD هم ورثة علم النبيJ والأمناء عليه فقد تواتر عنهJ بأنه قال: ( أنا مدينة العلم وعلي بابها)[8].
وهذا صريح بكونهA عيبة علمه ومستودع المعارف الإلهية، وتوارثها الأئمة من بعده المعصومين المطهّرين من ولده, فقد كانوا يتوارثون ما في القرآن الكريم وكتب الأنبياء السابقين من دقائق المعارف والأحكام الشرعية.
ومن التراث العلمي الذي توارثه أئمة أهل البيتD هو (مصحف فاطمة) المدوّن فيه علم ما يكون، مما سمعته السيدة الزهراءB من كلام الملائكة بعد وفاة النبيJ كما في النصوص الواردة عن أهل البيتD.
وأثار المصحف حفيظة العديد من الكّتاب، واتخذوه وسيلة للطعن والتشنيع على أتباع أهل البيتD من خلال استغلال اسمه باعتباره يطلق عليه كلمة (مصحف) لجعله باباً.
والغرض منه اتهامهم من أنّهم لا يؤمنون بالقرآن الموجود بين الدّفتين المتداول بين المسلمين عامة فيزرعون بذرة الشك ثم يوقعون الناس في وهم بأن مصحف فاطمةB المذكور هو القرآن الذي تعتقد به الشيعة.
ومن جانب اخر أن الإعتقاد بمصحف فاطمة يعني الإعتقاد بنزول الوحي بعد النبيJ ويرتّبون الاثر على ذلك من خلال ايجاد نتائج عديدة فمنها: أنّ الشيعة يعتقدون بنبوّة فاطمة وعليD.
المصحف في اللغة : المصحف – مثلثة الميم ، من أصحف بالضّم – أي جعلت فيه الصحف[9] وسمي مصحفاً لأنه أصحف أي جعل جامعاً للصحف المكتوبة بين الدّفتين[10].
فالمصحف ليس اسم مختص بالقرآن. ويشهد له ما رووه في وجه تسمية المصحف بالمصحف، فذكر ابن أشته في كتاب المصاحف للسجستاني أنه لما جمعوا القرآن فكتبوه في ورق قال لهم أبو بكر:
التمسوا له إسماً ، فقال بعضهم السِفر، وقال بعضهم: المصحف فإنّ الحبشة يسمونه المصحف. قال: وكان أبو بكر أول من جمع كتاب الله وسمّاه المصحف[11].
ونحن لا نسلّم بمضمون هذا الحديث لأن عتقيدتنا أن القرآن جمع في حياة النبي[12]J وكلمة المصحف من أصل عربي فلا معنى للاتيان بها من الحبشة، لكن ذكرناه لإقامة الحجة على من يقبلها.
اذا فالمصحف كل كتاب أصحف وجمع بين دّفتين، لكن كثرة استعماله في القرآن أوجبت انصراف الذهن له، وهذا لا يكفي لحمل ما جاء في روايات أهل البيتD التي ذكرت مصحف فاطمة على المصحف المتعارف، وخاصة مع وجود التقييد بإضافته إليهاB.
ويؤيده استعمال كلمة المصحف بمعنى الكتاب من قبل المسلمين في القرون الأولى فقد قيل في خالد بن معدان: ( كان علمه في مصحف له أزرار وعري)[13], واما روايات مصحف فاطمة لدى أهل البيتD فعن أبي عبيدة عن أبي عبد اللهA قال:
(...إن فاطمةB مكثت بعد رسول اللهJ خمسة وسبعين يوماً، وكان دخلها حزن شديد على أبيها، وكان جبرئيلA يأتيها فيحسن عزاءها على أبيها، ويطيّب نفسها، ويخبرها عن أبيها ومكانه، ويخبرها بما يكون بعدها في ذرّيتها، وكان عليA يكتب ذلك، فهذا مصحف فاطمةB)[14].
وكذلك عن أبي حمزة أن أبا عبد اللهA قال: ( مصحف فاطمة ما فيه شيء من كتاب الله وإنّما هو شيء ألقي إليها بعد موت أبيهاD)[15].
وكذلك عن عنبسة بن مصعب عن أبي عبد اللهA قال: (...ومصحف فاطمة أما والله ما أزعم أنه قرآن)[16].
وكذلك عن الحسين بن أبي العلاء قال: سمعت أبا عبد اللهA يقول: (إن عندي...ومصحف فاطمة ما أزعم أن فيه قرآناً)[17].
وكذلك عن محمد بن عبد الملك عن أبي عبد اللهA قال: (...وعندنا مصحف فاطمة عليها السلام أما والله ما هو بالقرآن)[18].
وكذلك عن علي بن سعيد عن أبي عبد اللهA قال: (...وفيه مصحف فاطمة ما فيه آية من القرآن)[19].
وكذلك عن علي بن أبي حمزة عن الكاظمA قال: ( عندي مصحف فاطمة ليس فيه شيء من القرآن)[20].
وكذلك عن أبي بصير عن أبي عبد اللهA أنه قال: ( وإن عندنا لمصحف فاطمةB وما يدريهم ما مصحف فاطمة؟ قال: قلت: وما مصحف فاطمة؟ قال: مصحف فيه مثل قرآنكم هذا ثلاث مرات، والله ما فيه من قرآنكم حرف واحد)[21].
ولكن ما هو ذلك العلم الموجود فيه؟ فقد تشير إليه بعض الروايات عن أهل البيتD فسئل الصادقA عن محمد بن عبد الله بن الحسن فقال: (ما من نبيّ ولا وصيّ ولا ملكٍ إلاّ هو في كتاب عندي – يعني مصحف فاطمة – والله ما لمحمد بن عبد الله فيه إسم)[22].
وايضا روي عن الوليد بن صبيح أنه قال: قال لي أبو عبد اللهA: (يا وليد إني نظرت في مصحف فاطمة فلم أجد لبني فلان فيه إلا كغبار النعل)[23].
وايضا عن فضيل بن سكرة قال: دخلت على أبي عبد اللهA فقال: يا فضيل، أتدري في أي شيء كنت أنظر قبيل قال: قلت: لا . قال: كنت أنظر في كتاب فاطمة ليس من ملك يملك (الأرض) إلاّ وهو مكتوب فيه اسمه واسم أبيه وما وجدت لولد الحسن فيه شيئاً[24].
وايضا عن سليمان بن خالد قال: قال: أبو عبد اللهA: (...وليخرجوا مصحف فاطمة فإن فيه وصية فاطمة..)[25].
وايضا عن حماد بن عثمان قال: سمعت أبا عبد اللهA يقول: ( إن الله تعالى لمّا قبض نبيّهJ دخل على فاطمة من وفاته من الحزن ما لا يعلمه إلاّ الله عز وجل، فأرسل الله إليها ملكاً يسلّي غمّها ويحدثها، فشكت ذلك إلى أمير المؤمنينA.
فقالA : إذا أحسست بذلك وسمعت الصوت قولي لي فأعلمته بذلك، فجعل أمير المؤمنينA يكتب كلّما سمع حتّى أثبت من ذلك مصحفاً. قال: ثم قال: أما أنه ليس فيه شيء من الحلال والحرام ولكن فيه علم ما يكون)[26].
الخلاصة : تبيّن من خلال هذه الاخبار أن مصحف فاطمةB ليس قرآن، وليس بكتاب أحكام، فهو مغاير لكتاب الامام عليA الذي أملاه عليه النبيJ والذي ورد ذكره في مروياتهمD إلى جنب مصحف فاطمة، وسمّوه بالجامعة تارة والصحيفة تارة أخرى وكتاب عليA في الغالب.
وليس هناك أيّ حديث يتوهم كونه قرآن، فضلا عن كونها ظاهرة في ذلك لكي يتمسكون بها من يبحث عن المطاعن وعلى القول بوجودها فإن الاحاديث المستفيضة الواضحة والصريحة التي ذكرنا مجموعة منها تقتضي الى رفع التوهم أو الظهور ولو تمّ وسلّم.
وقد يتوقف البعض عند قصة مصحف فاطمةB ويرفض مسألة تكليم الملائكة للسيدة فاطمةB متوهّماً ان هناك تلازم بين النبوّة والوحي، أو فيما بين النبوّة وتحديث الملائكة، وعلى هذا فكون النبيJ خاتم الأنبياء والرسل ليقتضي عدم نزول الملائكة بعدهJ.
مما يجعلونه دليل واهم على عدم صحة قصّة المصحف المذكور، واعتمدوا على هذا النحو من الإستدلال مثل عبد الله القصيمي في كتابه بـ(الصراع بين الإسلام والوثنية) فاتّهم الشيعة من أنهم يزعمون لفاطمة وللأئمة من ولدها ما يزعمون للأنبياء والرسل[27].
وهذا كلّه اعتماداً على الملازمة المزعومة بين تكليم الملائكة وبين النبوّة وهذه غفلة. فأرجع وانظر كتاب الله تعالى وهو يتحدث عمّن كلّمتهم الملائكة أو أوحى الله سبحانه وتعالى إليهم بقوله تعالى: ( وإذْ قالت الملائكة يا مريم إنّ الله اصطفاك وطهّرك واصطفاك على نساء العالمين)[28].
وقوله تعالى: ( إذ قالت الملائكة يا مريم إنّ الله يبشرك بكلمة منه اسمه المسيح)[29]. وقوله تعالى: ( فأرسلنا إليها روحنا فتمثّل لها بشراً سوياً * قالت إني أعوذ بالرحمن منك إن كنت تقيّاً * قال إنّما أنا رسول ربّك لأهب لك غلاماً زكياً)[30].
 وقوله تعالى: ( ولقد جاءت رسلنا إبراهيم بالبشرى...وامرأته قائمة فضحكت فبشرناها بإسحاق ومن وراء إسحاق يعقوب * قالت يا ويلتي أألد وأنا عجوز وهذا بعلي شيخاً إنّ هذا لشيء عجيب * قالوا أتعجبين من أمر الله..)[31].
فهذه بعض النماذج لنساء حدثنا القرآن عنهنّ ولم تكنّ هن نبيّات ومع ذلك شاهدن الملائكة وحدّثنهم، أو أوحي إليهّن باسلوب آخر غير تحديث الملائكة، ولم يستنكر ذلك أي أحد.
فلسنا هنا ندعي الوهم بل السيدة فاطمةB دلّت النصوص على أنها كانت محدّثة ولم تكن نبيّة، وكذلك قالت بهِ الشيعة بالنسبة لأئمة أهل البيتD بدون أن يدّعي أي واحد منهم من ان لهم النبوّة إذ لا تلازم بينهما كما سبق وان عرفت.
وهذا الإعتقاد اقصد (نزول الملائكة على فاطمةB) لا يعتبر غلوّاً، فلا مبالغة في فضلها، فهيB سيدة نساء العالمين من الأولين والآخرين، بل هي أفضل من مريم ومن سارةD وثبت من نصوص القرآن مشاهدتهما للملائكة وتكليمهما لهم، فأيّ غلوّ هذا في نسبة ذلك لمن هي أفضل منهما؟
فقد روى البخاري عن النبيJ أنه قال: (فاطمة سيدة نساء أهل الجنة)[32]. وكذلك روى مسلم عنهJ أنه قال لها: ( يا فاطمة أما ترضين أن تكوني سيدة نساء المؤمنين أو سيدة نساء هذه الأمّة)[33].
فهيB ممن نزلت بهم آية المباهلة والتطهير وضمّهم النبيJ بكسائه, فالوحي له أساليب واغراض معينة ومتعددّة وليس هناك تلازم بين الوحي والنبوّة، فلو كان ذلك حاصل لكان لكل نبي لا بدّ أن يوحى إليه.
وايضا لا ملازمة بين الوحي والقرآن، فبالنسبة للنبيJ لم يكن كل ما انزل عليه من الوحي يعتبر من القرآن، فهناك روايات قدسية وكذلك هناك تفسير القرآن وتأويله، وايضا الإخبار بالموضوعات الخارجية وأمثالها وكلها ليست بقرآن.
فالنتيجة تحديث الملائكة للسيدة فاطمةB لم يكن من الوحي النبوي وكذلك لم يكن من الوحي القرآني, ولكن تجد هناك المحدّثون لدى أهل السنة.
إن كان تحدّث الملائكة مع أهل البيتD الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهّرهم تطهيرا يعتبر غلو، فاسمحوا لنا من ان نلقي نظرة على كتب الحديث والسيرة والتاريخ عندكم (أهل السنة)، لكي ترى كيف يدّعى تحديث الملائكة مع جماعة من رجالاتهم كما يلي فمنها:
منها : فقد أخرج البخاري في مناقب عمر بن الخطاب – وبعد حديث الغار – عن أبي هريرة ، وأخرج مسلم في فضائل عمر أيضاً عن السيدة عائشة: أن عمر بن الخطاب كان من المحدثين.
وحاول شرّاح البخاري التاويل من أن المراد من الملهمين أو من الّذين يلقى في روعهم أو يظنون فيصيبون الحق فكأنّه حُدّث...الخ[34], وهو تأويل باطل ولا يساعد عليه ظاهر اللفظ.
ولأجله قال القرطبي: إنّه ليس المراد بالمحدّثين المصيبين فيما يظنون، لأنه كثير في العلماء بل وفي العواك من يقوى حدسه قتصح إصابته، فترتفع خصوصية الخبر وخصوصية عمر[35].
منها : وممن ادّعى أن الملائكة تحدّثهم عمران بن الحصين الخزاعي المتوفى سنة (ت52هـ) قالوا : كانت الملائكة تسلّم عليه حتّى اكتوى بالنار فلم يسمعهم عاماً، ثم أكرمه الله بردّ ذلك[36].
منها : أبو المعالي الصالح المتوفى سنة (ت27هـ) روي أنه كلّمته الملائكة في صورة طائر[37].
منها : أبو يحيى الناقد المتوفى سنة (ت285هـ)  روي أنّه كلّمته الحوراء[38].
فمثل هذه الاحاديث في كتب اهل السّنة غير قليل، ولم يستنكر أي أحد ولم يتّهم أصحابها بالغلو. وما دلّ على عدم الملازمة فيما بين تحديث الملائكة والنبوّة ما ذكره الكلينيH عن حمران بن أعين قال: قال أبو جعفر (الباقر)A:
( إن علياً كان محدّثاً ) فخرجت إلى أصحابي فقلت : جئتكم بعجيبة فقالوا : وما هي؟ فقلت : سمعت أبا جعفرA يقول: كان عليA محدثاً، فقالوا: ما صنعت شيئاً، ألا سألته من كان يحدّثه، فرجعت إليه... فقال لي: يحدّثه ملك، قلت: تقول: إنّه نبي؟ قال: فحرّك يده - هكذا[39]- أو كصاحب سليمان أو كصاحب موسى أو كذي القرنين أو مابلغكم أنه قال: وفيكم مثله[40].
وفي كتاب (بصائر الدرجات) هذه الرواية السابقة هكذا: عن حمران بن أعين قال : قلت لأبي جعفرA: ألست حدثتني أنّ عليّاً كان محدّثاً؟ قال: بلى، قلت: من يحدثه؟ قال: ملك. قلت: فأقول: إنّه نبيّ أو رسول؟
قال: لا. بل مثله مثل صاحب سليمان ومثل صاحب موسى، ومثل ذي القرنين[41] (أما بلغك أن علياً سئل عن ذي القرنين، فقالوا: كان نبيّاً؟ قال: لا ، بل كان عبداً أحبّ الله فأحبّه وناصح الله فناصحه)[42].
ونشير لبعض رواياتنا التي تتحدث عن مصحف فاطمة بأنه من إملاء النبيJ وبخط الامام عليA, فعن علي بن سعيد عن أبي عبد اللهA:
(...وعندنا والله مصحف فاطمة ، مافيه آية من كتاب الله وانه لإملاء رسول اللهJ وخط عليA بيده)[43].
وكذلك عن محمد بن مسلم عن أحدهماD: (... وخلّفت فاطمة مصحفاً ما هو قرآن ولكنه من كلام الله أنزل عليها إملاء رسول اللهJ وحط عليA)[44].
وكذلك عن علي بن أبي حمزة عن أبي عبد اللهA: (... وعندنا مصحف فاطمةB أما والله ما فيه حرف من القرآن، ولكنه إملاء رسول اللهJ وخط عليA) [45].
فهذه الثلاث المروايات مخالفة لاحاديث المستفيضة السابقة في حقيقة مصحف فاطمة، حيث ذكر فيها (إملاء رسول اللهJ) والاخرى منها لا تخلو من تهافت حيث جعلته كلام من كلام الله تعالى أنزل عليها.
وفي حال هذه المروايات جعلته من إملاء النبيJ ولو كان من إملاء النبيJ لما كان منزل عليها بل عليهJ، اذا فلا بد من علاج هذه الاحاديث أو طرحها واما علاجها بأحدى الاحتمالات:
منها : احتمال من باب اشتباه الرواة أو النساخ فخلط بين الصحيفة الجامعة التي أملاها النبيJ على الامام علي وخطها بيمينهA. وبين مصحف فاطمة الذي بيّنت الاحاديث أنه حدّث الملك به السيدة فاطمة وكتبه الامام عليD.
وخاصة كون الإثنين واردين معاً في نفس النصوص السابقة التي ذكرناها.
منها : احتمال المقصود برسول الله J في المرويات الملك الذي كان حدّث السيدة فاطمةB لا النبيJ (وهذا احتمال المجلسيH).
منها : احتمال أن مصحف فاطمة B متضمن لبعض معارف تلقّتها من أبيهاJ وبالإضافة لما تقدّم من الأمور التي كان يحدّثها بها الملك، لعلّ الحديث الذي ذكر شمول المصحف المذكور لوصيّة فاطمةB تقصد هذا المعنى. فيصحّ حينها أنه من إملاء ابيهاJ بهذا الإعتبار.
منها : احتمال أن تكون فاطمةB تركت مصحفان، الأول دونت فيه بخط الامام عليA ما حدّثتها الملائكة به بعد وفاة النبيJ والاخر دونت فيه العلوم التي أملاها عليها وعلى عليD رسول اللهJ وعليه فهنا تعدّد بالموضوع.
ومع كل هذا لا يضرّ بالمقصود، من نفي التهمة التي تمسّكوا بها وبما فيها من نفي القرآنية عن (مصحف فاطمة). وليس هناك ارض واقع لما يدّعيه افتراءً بعض الكتّاب من كون هذا المصحف متداول في بعض المناطق الشيعية[46]. والله العالم.

[1] - راجع : بصائر الدرجات : 156 تفصيل الخبر في معالم المدرستين 2 : 322. المصحف في الروايات والآثار- السيّد مرتضى العسكريH - سلسلة الكتب المؤلفة في رد الشبهات مركز الأبحاث العقائدية.
[2] - بصائر الدرجات : 156، واخذنا موضع الحاجة من الحديث. راجع تفصيل الخبر في معالم المدرستين 2 : 322.
[3] - بحار الأنوار 26/41.
[4] - موسوعة بحار الانوار 26/42.
[5] - موسوعة البحار للمجلسي H 26/48.
[6] - أصول الكافي : كتاب الحجه ج1 ص 295.
[7] - راجع : مصحف فاطمة بين الحقيقة والأوهام للشيخ مصطفى قصير العاملي. 
[8] - انظر : مصادر الحديث في هوامش التحقيق في كتاب المراجعات للسيد شرف الدّينH هامش المراجعة رقم 48 ص 387 من طبعة المجمع العالمي لأهل البيت. وكذلك انظر كتاب فتح الملك العلي بصحة حديث باب مدينة العلم علي للحسني المغربي.
[9] - انظر : الفيروز آبادي : القاموس المحيط في مادة صحف.
[10] - راجع : الخليل : العين 3 / 10 . وابن منظور : لسان العرب في مادة صحف.
[11] - السيوطي الإتقان في علوم القرآن ج 1 ص 185تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم
[12] - كتاب حقائق هامة في القرآن الكريم للسيد جعفر العاملي90- 91.
[13] - محمد أبو زهرة : الحديث والمحدثون 221 عن محمد رشيد رضا في مجلة المنار المجلد 10 / 10
[14] - راجع : بصائر الدرجات /153 ط المرعشي . والشيخ الكليني H: الكافي 1/241. والمجلسي H: بحار الأنوار 26/41. والقطب الراوندي : الخرائج والجرائح 2/526 وفيه تخريج الحديث في مصادر عدّة.
[15] - راجع : بصائر الدرجات 159 ط المرعشي والمجلسيH في بحار الأنوار 26/48.
[16] - بحار الأنوار 26/45 / بصائر الدرجات/ 154.
[17] - بحار الأنوار 26/37 / بصائر الرجات /150 ط . المرعشي.
[18] - بصائر الدرجات /151 ط . المرعشي. وبحار الأنوار 26 / 38 - 47/271.
[19] - كتاب بصائر الدرجات / 156 وبحار الأنوار 26/43 ، 47 /272.
[20] - بصائر الدرجات / 154 ط . المرعشي وبحار الأنوار 26 / 45.
[21] - راجع : بحار الأنوار 26 / 39 وبصائر الدرجات 152 والكلينيH الكافي 1/239.
[22] - مناقب آل أبي طالبA 3/249 وبحار الأنوار 47 / 32 والمقصود من محمد بن عبد الله هو محمد بن عبد الله بن الحسن المثنّىA.
[23] - بحار الأنوار 26/48 ، 156 وبصائر الدرجات /161 ، 170.
[24] - انظر : بحار ألأنوار 26/155 و 47 /273 وكتاب الكافي 1/244 ، وقريب منه ما نقله الصفار في كتاب بصائر الدرجات /169.
[25] - بحار الأنوار 26/ 43 وبصائر الدرجات /157.
[26] - راجع : كتاب بصائر الدرجات /157 ط : المرعشي وبحار الأنوار 26/44 والكلينيH في كتاب الكافي 1/240.
[27] - موسوعة الغدير 5/50- 51 عن الصراع بين الإسلام والوثنية 1/1و2 / 35.
[28] - سورة آل عمران / 42 و 45.
[29] - سورة آل عمران / 42 و 45.
[30] - سورة مريم / 17 – 19 .
[31] - سورة هود / 69 – 73.
[32] - صحيح البخاري 4 /209 – 219 .
[33] - صحيح مسلم بشرح النووي 16 / 6- 7 .
[34] - راجع : صحيح البخاري 4/200 ، وصحيح مسلم بشرح النووي 15/166، وسنن الترمذي 5/581 وارشاد الساري شرح صحيح البخاري 6/99و 5/431.
[35] - انظر القرطبي في الجامع لأحكام القرآن .
[36] - راجع : الطبقات الكبرى 7/11و4/288 – 289 والمعجم الكبير 18/107 ، ح /203
[37] - صفوة الصفوة 2/250 والمنتظم 17/82.
[38] - الخطيب البغدادي : تاريخ بغداد 8/362 وابن الجوزي : المنتظم 12/ 386.
[39] - يمكن مقصوده أشار بيده نفياً و(أو) يمكن من زيادة النساخ ، ولعلّها هو، وفي البصائر: وكصاحب سليمان...الخ الكلام.
[40] - الكافي للكليني H 1/271 .
[41] - كتاب بصائر الدرجات / 323 طبعة المرعشي.
[42] - موسوعة الغدير للامينيH 5/48 عن بصائر الدرجات ولكن بكتاب البصائر المطبوعة سقطت هذه العبارة.
[43] - بصائر الدّرجات /153 وبحار الأنوار 26/41 ، 47/271.
[44] - بحار الأنوار للمجلسي H 26 / 42 كتاب بصائر الدرجات /155.
[45] - بحار الأنوار 26 / 48 – 49 كتاب بصائر الدرجات / 161 طبعة المرعشي.
[46] - راجع : مصحف فاطمة بين الحقيقة والأوهام للشيخ مصطفى قصير العاملي.