بسم الله الرحمن الرحيم
المرأة في كتب الصحاح والمسانيد عند أهل السنة
مراجع أهل السنة مثل صحيح البخاري ذكر في حديث :4706 كتاب النكاح : باب
ما يتقى من شؤم المرأة قال: حَدَّثَنَا آدَمُ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ
سُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عُثْمَانَ النَّهْدِيَّ عَنْ
أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ عَنْ النَّبِيِّ .. قَالَ مَا تَرَكْتُ بَعْدِي فِتْنَةً
أَضَرَّ عَلَى الرِّجَالِ مِنْ النِّسَاءِ.
وكذلك في البخاري عنده ان النساء ناقصات عقل ودين كما في حديث رقم : 293
كتاب الحيض : باب ترك الحائض الصوم قال:
خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ .. فِي أَضْحَى أَوْ فِطْرٍ إِلَى الْمُصَلَّى
فَمَرَّ عَلَى النِّسَاءِ فَقَالَ يَا مَعْشَرَ النِّسَاءِ تَصَدَّقْنَ فَإِنِّي
أُرِيتُكُنَّ أَكْثَرَ أَهْلِ النَّارِ فَقُلْنَ وَبِمَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ
تُكْثِرْنَ اللَّعْنَ وَتَكْفُرْنَ الْعَشِيرَ مَا رَأَيْتُ مِنْ نَاقِصَاتِ
عَقْلٍ وَدِينٍ أَذْهَبَ لِلُبِّ الرَّجُلِ الْحَازِمِ مِنْ إِحْدَاكُنَّ قُلْنَ
وَمَا نُقْصَانُ دِينِنَا وَعَقْلِنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ أَلَيْسَ
شَهَادَةُ الْمَرْأَةِ مِثْلَ نِصْفِ شَهَادَةِ الرَّجُلِ قُلْنَ بَلَى قَالَ
فَذَلِكِ مِنْ نُقْصَانِ عَقْلِهَا أَلَيْسَ إِذَا حَاضَتْ لَمْ تُصَلِّ وَلَمْ
تَصُمْ قُلْنَ بَلَى قَالَ فَذَلِكِ مِنْ نُقْصَانِ دِينِهَا.
ومثلهِ في سنن أبن ماجة حديث :3993 وكذلك في سنن أبو داود حديث :4049
وصحيح البخاري حديث : 1369 , 2464 , وصحيح مسلم حديث : 114 , ومسند أحمد حديث :
5091 .
وحاشا للرسول J يقصد ذلك فأخلاقه الربانبية
لا تسمح بمثل هذه الاساليب التي غايتها التنبيه.
واما في صحيح مسلم حديث : 4924 كتاب : الذكر والودعاء والتوبة والاستغفار
باب : اكثر أهل الجنة الفقراء وأكثر أهل النار النساء قال:
عَنْ رَسُولِ اللَّهِ J.. أَنَّهُ قَالَ مَا
تَرَكْتُ بَعْدِي فِي النَّاسِ فِتْنَةً أَضَرَّ عَلَى الرِّجَالِ مِنْ النِّسَاءِ.
وكذلك سنن ابن ماجة حديث: 3988 كتاب الفتن : باب فنمة النساء قال: قَالَ
رَسُولُ اللَّهِ J.. مَا أَدَعُ بَعْدِي
فِتْنَةً أَضَرَّ عَلَى الرِّجَالِ مِنْ النِّسَاءِ[1].
وكذلك رأي البخاري ومسلم وغيره ان المرأة ضلع أعوج في حديث : 4786 كتاب
النكاح : باب المدارة مع النساء عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ .. قَالَ
الْمَرْأَةُ كَالضِّلَعِ إِنْ أَقَمْتَهَا كَسَرْتَهَا وَإِنْ اسْتَمْتَعْتَ بِهَا
اسْتَمْتَعْتَ بِهَا وَفِيهَا عِوَجٌ.
ومثلهِ في سنن الترمذي حديث :1109 كتاب : الطلاق واللعنات عن رسول الله
وكذلك في سنن الدارمي حديث : 2125 كتاب النكاح :باب في مداراة الرجل أهلة وفي صحيح
البخاري حديث : 3084 , 4787 , 5559 , صحيح مسلم حدبث : 2669 , 2670 , 2671, مسند
أحمد حديث : 9159 , 9419 , 10044 , 10436.
وشبهت المرأة بالكلاب والحُمُر في البخاري حديث : 484 كتاب الصلاة : باب
من قال لا يقطع الصلاة شيء.
ولاحظ ردود بعض العلماء مثل تبرير بن تيمية الضعيف حينما شبهت المراة
بالكلاب حيث قال :
( كل موجودين فلابد أن يكون بينهما نوع مشابهة ولو من بعض الوجوه البعيدة
ورفع ذلك من كل وجه رفع للوجود)[3].
ولاحظ التشبيه في رد القرطبي حيث قال : ( ذلك أن المرأة تفتن ، والحمار
ينهق ، والكلب يروع ، فيتشوش المتفكر في ذلك حتى تنقطع عليه الصلاة وتفسد)[4].
هنا خرج الرجل وبرءه ونزهه وكأنه لا يوجد رجل يفتن المرأة بجماله وقوة
جسمهِ والمرأة فقط هي المذنبة وحدها.
ولاحظ قول ابن رجب بعد ما ذكر نحوا من هذا التأويل لك أن تقيم هذا الكلام
من اكابر العلماء حيث قال:
( أمر المصلي بالاحتراز من دخول الشيطان في هذه الخلوة الخاصة ، والقرب
الخاص ؛ ولذلك شرعت السترة في الصلاة خشية من دخول الشيطان ، وكونه وليجة في هذه
الحال... المرأة ؛ فإن النساء حبائل الشيطان... والكلب الأسود: شيطان ، كما نص
عليه الحديث. وكذلك الحمار... لكن النقص الداخل بمرور هذه الحيوانات التي هي
بالشيطان أخص)[5].
فهل غفلوا ان القرآن يخاطب المرأة كما يخاطب الرجل والنصوص على هذا
كثيرة.
كقوله تعالى : ( مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ
مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم
بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ)[6].
وكقوله تعالى : ( إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ
وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ
وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ
وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ
وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا
وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا)[7].
وعندهم ان الملائكة تلعن المرأة كما في البخاري حديث : 2998 كتاب بدء
الخلق : باب ذكرالملائكة.
ومثلهِ في سنن أبي داود حديث : 1829 كتاب النكاح : باب في حق الزوج على
المرأة ومسند أحمد حديث : 7159 .
وكذلك اذا ادبرت المراة فهي تُدبِر في صورة
شيطان[10].
وفي الصحاح ان المرأة سلعة[11] وخدامة (لانها مُلك الرجل)[12] وأجبارها على رضاع الرجل الكبير
الاجنبي عنها.
وهناك الكثير من هذه التي لم ينزل الله بها من سلطان[13].
واما ما ذكر في قوله تعالى ( لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنْثَيَيْنِ )[14]
وقوله تعالى (وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجالِكُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُونا
رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتانِ..)[15].
وقوله تعالى ( الرجال قوّامون على النساء بما فضّل الله بعضهم على بعض
وبما أنفقوا من أموالهم..)[16]
وقوله تعالى ( واللاَّتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ
فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلاَ تَبْغُواْ
عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا)[17].
وقوله تعالى ( وَإِنْ خِفْتُمْ
أَلاَّ تُقْسِطُواْ فِي الْيَتَامَى فَانكِحُواْ مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاء
مَثْنَى وَثُلاَثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُواْ فَوَاحِدَةً أَوْ
مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلاَّ تَعُولُواْ)[18]
وقوله تعالى ( لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنْثَيَيْنِ)[19].
ليتخذ البعض من قول تعالى ( لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنْثَيَيْنِ )[20] قاعدة مطردة نافذة في حال كل رجل وامرأة
يلتقيان على قسمة ميراث.
ويكفينا للرد عليهم أن نقول لهم انظروا إلى بداية الآية إن الآية تبدأ
بقول الله تعالى: (يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ
حَظِّ الأُنْثَيَيْنِ).
إذن فبيان الله تعالى يقرر هذا الحكم في حق الولدين أو الأولاد. ، ويجب
أن لا ننسى أن المرأة في بعض الأحيان ترث بقدر ما يرث الرجل وأحياناً أخرى ترث
أكثر منه وكمثال على كل من الحالتين نذكر هاتين القاعدتين الفقهيتين :
إذا ترك الميت أولاداً وأباً وأماً، ورث كل من أبويه سدس التركة، دون
تفريق بين ذكورة الأب وأنوثة الأم، وذلك عملاً بقوله تعالى: (وَلأَبَوَيْهِ
لِكُلِّ واحِدٍ مِنْهُما السُّدُسُ )[21].
وإذا تركت المرأة المتوفاة زوجها وابنتها، فإن ابنتها ترث النصف،
ويرث والدها الذي هو زوج المتوفاة، الربع، أي إن الأنثى ترث هنا ضعف ما يرثه
الذكر.
وهذا التفاوت ، في هذه الحالة بالذات - الحالة التي تثار حولها الشبهة -:
هي أن الذكر هنا مكلف بإعالة أنثى ـ هي زوجه ـ مع أولادهما.
بينما الأنثـى الوارثة أخت الذكر إعالتها ، مع أولادها ، فريضة على الذكر
المقترن بها.. فهي ـ مع هذا النقص في ميراثها بالنسبة لأخيها ، الذي ورث ضعف
ميراثها ، أكثر حظًّا وامتيازاً منه في الميراث.
فميراثها ـ مع إعفائها من الإنفاق الواجب ـ هو ذمة مالية خالصة ومدخرة ،
لجبر الاستضعاف الأنثوي ، ولتأمين حياتها ضد المخاطر والتقلبات.. وتلك حكمة إلهية
قد تخفى على الكثيرين[22].
واما قوله تعالى (وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجالِكُمْ فَإِنْ
لَمْ يَكُونا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتانِ..)[23].
وهي الشهادة، فقد كانت هي الأخرى دليلاً آخر على ظاهرة اللامساواة بين
الرجل والمرأة، وأساس ذلك عندهم قول الله تعالى:
( وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجالِكُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُونا
رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتانِ..)[24].
والشروط التي تراعى في الشهادة، ليست عائدة لوصف الذكورة أو الأنوثة في
الشاهد، ولكنها عائدة في مجموعها إلى أمرين اثنين:
الامر الأول : عدالة الشاهد وضبطه.
الامر الثاني : أن تكون بين الشاهد والواقعة التي يشهد بها صلة تجعله
مؤهلاً للدراية بها والشهادة فيها.
إذن فشهادة من خدشت عدالته، أو لم يثبت كامل وعيه وضبطه، لا تقبل، رجل
كان الشاهد أو امرأة.
كذلك لابدّ من أن يتحقق القدر الذي لابد منه من الانسجام بين شخص الشاهد
والواقعة التي يشهد فيها، وإلاّ ردّت الشهادة رجلاً كان الشاهد أو امرأة، وإن
تفاوتت العلاقة بين القضية التي تحتاج إلى شهادة وأشخاص المتقدمين للشهادة، كانت
الأولوية لشهادة من هو أكثر صلة بهذه المسألة وتعاملاً معها.
وانطلاقاً من القاعدة، فإن الشارع يرفض شهادة المرأة على وصف جناية ما
وكيفية ارتكاب الجاني لها لأن تعامل المرأة مع الجرائم وجنايات القتل ونحوها،
يكاد يكون من شدة ندرته معدوماً.
وأكثر النساء لو صادفت عملية سطو من هذا القبيل، فستهرب من هذا المشهد
بكل ما تملك، والعكس من ذلك شهادة المرأة من أمور الرضاعة والحضانة والنسب.
فإن الأولوية والترجيح فيها لشهادة المرأة ، إذ هي أكثر اتصالاً بهذه
الأمور من الرجل، بل ذهب الشعبي إلى أن هذه الأمور مما لا يصح فيها إلا شهادة
النساء فقط.
واما قوله تعالى ( الرجال قوّامون على النساء بما فضّل الله بعضهم على
بعض وبما أنفقوا من أموالهم..)[25].
قال تعالى : (ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف وللرجال عليهن درجة والله
عزيز حكيم )[26]
وهذه الدرجة هي درجة القوامة ، وقال تعالى :
(ولا تتمنوا ما فضل الله به بعضكم على بعض للرجال نصيب مما اكتسبوا
وللنساء نصيب مما اكتسبن واسألوا الله من فضله إن الله كان بكل شيء عليماً * ولكل
جعلنا موالى مما ترك الوالدان و الأقربون والذين عقدت أيمانكم فآتوهم نصيبهم إن
الله كان على كل شيء شهيداً * الرجال قوّامون على النساء بما فضّل الله بعضهم على
بعض وبما أنفقوا من أموالهم..)[27].
لاحظ من الآيات الكريمة أن الله تعالى
قرن بين المساواة بين الرجل والمرأة وقوامة الرجل فهذه القوامة درجة تكليف
لا تشريف.
فالإسلام كرّم المرأة أيما إكرام ففرض على الرجل أن يؤمن لها كل ما
تحتاجه وهي جالسة في بيتها وتعيش عيشة الملوك ! وفرض عليه أن يعاملها كما يحب أن
تعامله ( ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف ).
وعن بن عباس الذي دعا له رسول الله J أن يفقهه الله في الدين :
(إنني لأتزين لامرأتي ، كما تتزين لي ، لهذه الآية ).
وفرض عليه أن يشاورها في أموره كما عن رسول الله J أنه دخل يوم صلح الحديبية
على أم سلمةB يشكو إليها أمر الصحابة فخرج
رسول الله J وفعل ما قالته أم سلمةB[28].
والقوامة التي أخبر الله عنها هي قوامة إدارة ورعاية، لا قوامة تحكّم
بل إن كلمة (قوامة) لا تصلح في مدلولها اللغوي لهذا الوهم الثاني فقط ،
والله تعالى لم يجعل لرجولته سلطاناً يبرر ذلك.
وأثبت الله عز وجل في مكانها ما لم يعرفه أي قانون وضعي إلى اليوم، وهو
ما يعبر عنه في الشريعة الإسلامية بالولاية المتبادلة، فقال: (الْمُؤْمِنُونَ
وَالْمُؤْمِناتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ)[29].
فإذا أسقط البيان الإلهي ولاية الرجل على المرأة بهذا القرار الواضح
الجلي، فأي معنى بقي إذن للقوامة التي أخبر في هذه الآية عنها؟.
المعنى الباقي لها هو الإدارة والرعاية، ومصدر استحقاق الرجل للأولى،
والسبب كونه هو المنفق عليها والقانون الدولي العالمي يقول: (من ينفق يشرف).
أما مصدر رعايته لها، فما قد قضى به الله الفاطر الحكيم من أن سعادة كل
من الرجل والمرأة، في أن تكون المرأة في كنف الرجل، لا أن يكون الرجل في كنف
المرأة، وإن واقع الدنيا كلها أفصح بيان ينطق بذلك[30].
وقوله تعالى : ( واللاَّتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ
وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلاَ
تَبْغُواْ عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا)[31].
إن الله سبحانه وتعالى أمر بهذا الأمر بعد عدة وسائل لإصلاح الزوجة وحفظ
البيت المسلم من الانهيار وهي الوعظ الكلامي ثم الهجر الذي يعد من العقوبات
النفسية.
وإذا لم تنجح كل هذه الطرق فعلى الزوج أن يلجأ لعقوبة نفسية أشد من الهجر
فهو لا يقصد به الإيذاء أبداً وإنما هو كضرب الرجل ابنه لا يعدو أن يكون تأديباً
على خلاف الآراء من العلماء.
فإذا قيل لماذا يكون حق التأديب حكراً على الرجال دون النساء ؟ فإن
الجواب على هذا يكون بأننا اتفقنا أن الرجل هو القوام على المرأة وأن المرأة تعيش
تحت كنفه وفي رعايته.
فلهذا يكون هو الرئيس والمدير العام لشؤون البيت وأي خطأ يرتكبه أفراد
البيت فيجب عليه هو القيام بمهمة التأديب.
وأما إذا جعلنا كلاً من المرأة والرجل رئيسين لمؤسسة واحدة فلا يجتمعان
ولن تؤدي هذه المؤسسة التي تصنع للمجتمع أفراده مهمتها العظيمة الموكولة إليها.
وكل هذهِ ناتجة من روايات اهل السنة في الصحاح في أمر الإسلام وشرعته حتى
تلاحظ تركيزاً شديداً على أمور الإمارة فقد قالَ حُذَيْفَةُ بْنُ الْيَمَانِ
قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّا كُنَّا بِشَرٍّ فَجَاءَ اللَّهُ بِخَيْرٍ
فَنَحْنُ فِيهِ فَهَلْ مِنْ وَرَاءِ هَذَا الْخَيْرِ شَرٌّ قَالَ نَعَمْ.
قُلْتُ هَلْ وَرَاءَ ذَلِكَ الشَّرِّ خَيْرٌ قَالَ « نَعَمْ ». قُلْتُ
فَهَلْ وَرَاءَ ذَلِكَ الْخَيْرِ شَرٌّ قَالَ « نَعَمْ ». قُلْتُ كَيْفَ. قَالَ J:
« يَكُونُ بَعْدِى أَئِمَّةٌ لاَ يَهْتَدُونَ بهداي وَلاَ يَسْتَنُّونَ
بسنتي وَسَيَقُومُ فِيهِمْ رِجَالٌ قُلُوبُهُمْ قُلُوبُ الشَّيَاطِينِ في
جُثْمَانِ إِنْسٍ ».
قَالَ قُلْتُ كَيْفَ أَصْنَعُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنْ أَدْرَكْتُ
ذَلِكَ قَالَ J« تَسْمَعُ وَتُطِيعُ
لِلأَمِيرِ وَإِنْ ضُرِبَ ظَهْرُكَ وَأُخِذَ مَالُكَ فَاسْمَعْ وَأَطِعْ »[32].
يعني الطاعة العمياء وكيف بروايات الظالم والظلمة فما تسمي هذه
الشريعة؟
وكذلك عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ J قَالَ « مَنْ أطاعني فَقَد أَطَاعَ اللَّهَ
وَمَنْ عصاني فَقَدْ عَصَى اللَّهَ وَمَنْ أَطَاعَ الأَمِيرَ فَقَدْ أطاعني وَمَنْ
عَصَى الأَمِيرَ فَقَدْ عصاني والأَمِيرُ مِجَنٌّ فَإِذَا كَبَّرَ فَكَبِّرُوا
وَإِذَا رَكَعَ فَارْكَعُوا وَإِذَا قَالَ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ
فَقُولُوا اللَّهُمَّ رَبَّنَا لَكَ الْحَمْدُ فَإِنَّهُ إِذَا وَافَقَ ذَلِكَ
قَوْلَ الْمَلاَئِكَةِ غُفِرَ لَكُمْ وَإِنْ صَلَّى قَاعِداً فَصَلُّوا قُعُوداً »[33].
فهل هذه مكانة المرأة في الإٍسلام أنهن ( ناقِصَات عقل ودِين )[34] أو
قوله (لَنْ يُفلِحَ قَومٌ وَلّوا أَمْرِهُمْ امْرَأَة)[35].
فهنا أمر يثير العجب!
فالذين يناقشون هذا الموضوع يتسترون على فرضية لهم في أذهانهم، مفادها ان
عقل الرجل لا اشكالية فيه، بل هو كامل مكمَّل.
والحقيقة الصارخة ان عقل الإنسان برمته كان ولا يزال مثار بحث ونقاش وجدل
لا ينتهي عند حد معين. وربما تجد المرأة العزاء والسلوى، بسبب امتهانها في عقلها،
في هذه الحقيقة، وفي حقيقة ان الامتهان قد امتد ليصيب الإسلام في عقله كله بمن فيه
وبما فيه[36].
فالذين انتقدوا موقف الاسلام من عقل المرأة، ولا سيما من المسلمين، قد
بخسوه قدره في عقله كله، من حيث الأساس الذي يقوم عليه.
فهم يعتقدون ان التدوين الذي هو أصّل لحضارة الإسلام وفِكْره قد قام على لغة
البدو والأعراب، لغة الرمل والبعير، لغة الانفصال والربط.
فالعقل مشتق من عقْل البعير وعِقاله، ومن ربْطه هو وغيره من البهائم التي
يعايشها ذلك البدوي الجِلْف.
ذلك ما يراه مفكري العرب، الذين يوجهون افواه البنادق والمدافع والصواريخ
إلى هذا الدين من الداخل والخارج.
واما حديث ناقصات عقل ودين ؟
هذا الحديث رواه الشيخان وأصحاب السنن، بألفاظ مختلفة عن عدد من الصحابة،
فلقد روى مسلم في صحيحه كتاب الإيمان أن رسول الله J قال:
يا مَعْشرَ النساء تَصَدَّقْنَ وأكْثِرْن الاستغفار، فإني
رأيُتكُنَّ أكثر أهل النار. فقالت امرأة منهن جَزْلة: وما لنا يا رسول الله
أكثرُ أهل النار؟
قال: تُكْثِرْنَ اللَّعن، وتَكْفُرْنَ العشير، وما رأيت من ناقصاتِ
عقلٍ ودين أغلبَ لذي لبٍّ مِنْكُن. قالت يا رسول الله وما نقصانُ العقل
والدين؟
قال: أما نُقصانُ العقل فشهادة امرأتين تعْدِلُ شهادةَ رَجُل، فهذا نقصان
العقل، وتَمكثُ الليالي ما تُصلي، وتُفطر في رمضان، فهذا نقصان الدين?.
ومعنى الجَزْلة أي ذات العقل والرأي والوقار، وتَكْفُرْنَ العشير أي
تُنكرن حقه.
ليس هناك أي إشكال في ثبوت الحديث، فقد رُوي من طرق متعددة صحيحة وفي
اكثر من كتاب، على الرغم من وجود من ينكر الحديث أو يضعفه أو يخجل من ذكره.
يكمن الاختلاف في فهم الحديث وتباين النظرات إليه، بناءً على تفسيرات
ونظريات متعددة.
فنجد من يقبل الحديث قبولاً تاماً بمعناه الظاهر، ويحتج بحال المرأة في
مختلف المجتمعات، وبانجازات الرجال العظيمة.
وهناك من يستند لنظرية الممازحة باعتبار ان الحديث قد قيل في مناسبة عيد،
وهناك من يعتمد نظرية العاطفة لكون المرأة تغلب عليها العواطف بعكس الرجال.
ونجد من يعتبر ان الحديث يخبر عن واقع لا بد من تغييره. كما ان هناك من
قصر نقصان العقل على الحالة التي وردت بالحديث، ولا يتعداها إلى غيرها.
نقول : رأينا في ان نقصان العقل ليس خاص بالمرأة، بل ويعم الرجل أيضاً،
وذلك وفق نص الحديث ومدلوله، ووفق مفهوم العقل كما ينبغي ان يكون.
وليس أدل على ذلك من ان القرآن قد وصف الكفار بأنهم لا عقول لهم أو ان
أكثرهم كذلك. وهؤلاء فيهم العظماء والعباقرة وعِلْية القوم، أي ان فيهم الرجال
والنساء على حد سواء.
المصدر: من كتاب المرأة في القران والسنة الجزء 25 من موسوعة (اتقانالقران وعلوم الرحمن) تاليف ساجد شريف عطية.
الهوامش
[1]- راجع : صحيح مسلم حديث :4933 , وسنن الترمذي حديث :2704 , ومسند
أحمد حديث: 20751 , 20828 .
[2]- عن بِي هُرَيْرَةَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ : ( يَقْطَعُ
الصَّلاَةَ الْمَرْأَةُ وَالْحِمَارُ وَالْكَلْبُ ، وَيَقِي ذَلِكَ مِثْلُ
مُؤْخِرَةِ الرَّحْلِ ) رواه مسلم (511) وعلم أن ( وجه الشبه ) المقصود أن المرأة
في درجة هذه الدواب والعياذ بالله ، فهذا ساقط وتافه القول ، والسيدة عائشة عندما
سمعت هذا الحديث فقالت: ( شَبَّهْتُمُونَا بِالحُمُرِ وَالكِلاَبِ ) رواه البخاري
(514)!.
راجع : صحيح البخاري حديث :481 , 478 , 489 , صحيح مسلم
حديث : 794 , 793 , سنن أبي داود حديث : 611 , ومسند أحمد حديث : 23024 .
[3]- بيان تلبيس الجهمية 7 / 569 .
[4]- المفهم لما أشكل من تلخيص صحيح مسلم 2 / 109.
[5]- فتح الباري لابن رجب 4 / 135.
[6]- سورة النحل 97
[7]- سورة الاحزاب 35
[8]- راجع : صحيح البخاري حديث : 4794 , 4795 , صحيح مسلم حديث : 2594
, 2595 , 2596 ,سنن الدارمي حديث : 2131 , مسند أحمد حديث : 8224 , 8652 , 9294 ,
9664 , 835 , 10313 , 10524 .
[9]- راجع: البخاري حديث : 4704 كتاب النكاح : باب ما يتقى من شؤم
المرأة حديث : 4705 وراجع صحيح البخاري حديث: 2646 , 4703 , 5312 , 5329 , صحيح
مسلم حديث : 4127 , 4128 , 4129 , 4130 , سنن الترمذي حديث : 2749 ,سنن النسائي
حديث : 3512 ,3513 , سنن ابي داود حديث : 3421 , سنن ابن ماجة حديث: 1985 ,وموطأ
مالك حديث : 1538 .
[10]- راجع : سنن الترمذي حديث :1078كتاب : الرضاع باب : ما جاء في
الرجل يرى المرأة تعجبة وصحيح مسلم حديث : 2491 كتاب : النكاح باب : نِدبِ من رأى
امرأة فوقعت في نفسة إلة أن يأتي وراجع : سنن ابي داود حديث :1839 كتاب النكاح :
باب ما يؤمر به غض البصر ومسند أحمد حديث : 14010 كتاب : باقي مسند المكثرين باب :مسند
جابر بن عبد الله
[11]- راجع : تفسير البغوي لسورة النور
ص 35 سنن الدارمي حديث : 2089 كتاب : النكاح باب : النهي عن النكاح بغير ولي.
وراجع : مسند أحمد حديث : 23236 كتاب باقي مسند الانصار : باب حديث السيدة عائشة.
وراجع : سنن ابن ماجة حديث : 1869 كتاب النكاح: باب لا نكاح إلا بولي. وراجع : سنن
الترمذي حديث : 2106 كتاب النكاح : باب الشرط في النكاح. وراجع سنن الترمذي حديث
1021 , وراجع : سنن ابي داود 1784 ,1827 ومسند أحمد حديث : 23074 . وكنز العمال في
سنن الأقوال والأفعال : حرف الحاء أحكام حجة الوداع حديث 12304 وكنز العمال في سنن الأقوال والأفعال : حرف
النون الفصل الاول في الولاية والاستئذان حديث44644.
[12]- راجع : مسند أحمد حديث :13786
وحديث :14332 كتاب : باقي مسند المكثرين باب: مسند جابر بن عبد الله . وراجع : سنن
الترمذي حديث :1019 كتاب : النكاح عن رسول الله باب : ما جاء في تزويج الأبكار .
وراجع : صحيح البخاري حديث : 4948 كتاب النفقات : باب عون المرأة زوجها في ولده
وصحيح البخاري حديث :5908 كتاب الدعوات : باب الدعاء للمتزوج.
[13]- كما في مسند أحمد حديث:24920 كتاب : باقي مسند الأنصار قال :
1 - عَنْ عَائِشَةَ أَتَتْ سَهْلَةُ ابْنَةُ سُهَيْلِ
بْنِ عَمْرٍو فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ سَالِمًا كَانَ يَدْخُلُ
عَلَيَّ وَأَنَا وَاضِعَةٌ ثَوْبِي ثُمَّ إِنَّهُ يَدْخُلُ عَلَيَّ الْآنَ
بَعْدَمَا شَبَّ وَكَبِرَ فَأَجِدُ فِي نَفْسِي مِنْ ذَلِكَ قَالَ فَأَرْضِعِيهِ
فَإِنَّ ذَلِكَ يَذْهَبُ بِالَّذِي تَجِدِينَ فِي نَفْسِكِ.
ومثله ايضاُ في مسند أحمد حديث:24724.
وراجع : سنن الدارمي حديث
:2157 (يَدْخُلُ عَلَيْنَا وَأَنَا فُضُلٌ ),وسنن ابي داود حديث :1764(في بَيْتٍ
وَاحِدٍ وَيَرَاني فُضْلاً ). وكلمة (فُضُلٌ): هو الثوب الذي يتبدل في النوم أو الشغل
وغيره.
2 - في موطأ مالك حديث : 1113 . وسنن ابي داود حديث
:1764 ... فَقَالَ لَهَا النَّبِيُّ .. أَرْضِعِيهِ فَأَرْضَعَتْهُ خَمْسَ
رَضَعَاتٍ فَكَانَ بِمَنْزِلَةِ وَلَدِهَا مِنْ الرَّضَاعَةِ فَبِذَلِكَ كَانَتْ
عَائِشَةُ تَأْمُرُ بَنَاتِ أَخَوَاتِهَا وَبَنَاتِ إِخْوَتِهَا أَنْ يُرْضِعْنَ
مَنْ أَحَبَّتْ عَائِشَةُ أَنْ يَرَاهَا وَيَدْخُلَ عَلَيْهَا وَإِنْ كَانَ
كَبِيرًا خَمْسَ رَضَعَاتٍ ثُمَّ يَدْخُلُ عَلَيْهَا.
3 - مسند أحمد حديث : 25764 كتاب : باقي مسند الانصار
... عَنْ سَهْلَةَ امْرَأَةِ أَبِي حُذَيْفَةَ أَنَّهَا قَالَتْ قُلْتُ يَا
رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ سَالِمًا مَوْلَى أَبِي حُذَيْفَةَ يَدْخُلُ عَلَيَّ وَهُوَ
ذُو لِحْيَةٍ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ .. أَرْضِعِيهِ فَقَالَتْ كَيْفَ أُرْضِعُهُ
وَهُوَ ذُو لِحْيَةٍ فَأَرْضَعَتْهُ فَكَانَ يَدْخُلُ عَلَيْهَا.
وراجع: سنن النسائي حديث :3267 , صحيح مسلم حديث : 2640
.
واما خلاصة رضاع الكبير تجدها في : صحيح مسلم حديث رقم :
2634 , :2635 , 2636 , 2637 , 2638 , 2639 , 2640 , 2641.
وكذلك في سنن ابن ماجه حديث رقم : 1932, 1933, 1934 ,
1935 , 1937
وكذلك في سنن أبي داود حديث رقم : 1762 , 1764
وكذلك في مسند النسائي حديث رقم : 3267 , 3268 , 3269 ,
3270 , 3271 , 3272 , 3273
وكذلك في سنن الدارمي حديث رقم : 2156 ,2157
وكذلك مسند أحمد حديث رقم : 3905 , 22979 , 24245 ,
24469 , 24724 , 24920, 24983 , 25111 , 25112 , 25440 , 25764
وكذلك في موطأ مالك حديث رقم : 1106 , 1113, 1114, 1115.
وكذلك الفخر الرازي لاعلام الخلف الفصل الثاني: بند 764.