بسم الله الرحمن الرحيم
الغَيرة على نساء المسلمين
من أبرز ميادين المعركة بين الحق والباطل هي المرأة فهم يعتقدون أنها
أقوى وأسرع طريق لإفساد المسلمين.
وأهل الإسلام يعتقدون أن في صلاح المرأة صلاح المجتمع، وفي الميدان
ماجنون يريدون إشاعة الفاحشة في الذين آمنوا.
فكان لزاماً على الجميع إبراز منهاج أئمة أهل البيت D تجاه قضايا المرأة وعدم الاقتصار على الوقوف
موقف المدافع.
والمسلمة الحريصة على تديُّنها وآخرتها، تلتزم بما جاء عن رسول الله J في شأن النِّساء، وكيف كان
يُوجِّه، وماذا كان يطلب.
وهذا من علامات أهل الدِّين، وأمَّا ضعاف الإيمان فيتهرَّبون ويتفلَّتون،
ولا يخدعون إلاَّ أنفسهم!
فكان صاحب غَيْرة وحرص على نساء المسلمين وكلامه وفعله حجَّةٌ ورحمة
ومَنْ يُعرض عنه فمعيشته ضنكاً.
قال أُسامة بن زيد: كساني رسول الله
J قُبطيَّة كثيفة.. فكسوتُها امرأتي، فقال J : ما لكَ لم تلبس
القُبْطيَّة؟ قلت: كسوتُها امرأتي، فقال: مُرْها، فلتجعل تحتها غُلالة (وهي شعار
يُلبَسُ تحت الثوب، كأنَّه البطانة) فإنِّي أخاف أن تصِفَ حجمَ عِظامِها.

ورُويَ عن إحدى زوجات رسول الله J لمَّا ذكرت نساءَ قريش
وفضلهن:
إنَّ لنساء قريش لفضلاً، وإنِّي والله ما رأيتُ أفضلَ من نساءِ الأنصار:
أشَدّ تصديقاً لكتاب الله، ولا إيماناً بالتنزيل، لقد أُنزلتْ النُّور:
(وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ)[1]
فانقلب رجالهن إليهن يتلون عليهن ما أنزل الله إليهم فيها، ويتلو الرجل على
امرأته، وابنته، وأُخته، وعلى كُلِّ ذِي قرابته، فما منهن امرأةٌ إلاَّ قامت إلى
مِرْطِها[2]
المُرَحَّل[3] فاعْتَجَرَتْ[4] ، به تصديقاً وإيماناً بما
أنزل الله من كتابه، فأصبحن وراءَ رسول الله J مُعْتَجراتِ كأنَّ على
رؤوسهن الغربان.
فلنلحظ حرص الرِّجال على التبليغ والتطبيق على نسائهن.
وحرص النِّساء على لفِّ الإزار الَّذي هو أشبه بعباءة اليوم، وكيف سترن
أجسادهن استجابة لنداء ربِّهن عزَّ وجلَّ، وهنَّ على بعد يسير من عهد الجاهلية.
وقالت أُم سلمة I (لما نزلت هذه الآية
(يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلاَبِيبِهِنَّ) خرجن نساء الأنصار كأنَّ على رؤوسهن
الغربان من السكينة وعليهن ألبسة سود يلبسنها.
قيل: هي العباءة الَّتي كانت النِّساء تلبسها ليس لها أكمام لأنَّ
العباءة ذات الأكمام تصف شيئاً من حجم الجسم.
ولاحِظوا لون ثيابهن فقد وكنّ نساء الصحابة يحضرن الصلاة مع النَّبيّ J متلفعات بمروطهن وكأنَّما على رؤوسهن
الغربان يعني كن يسترن رؤوسهن بالأغطية السوداء.
فهنُّ يلفُفْن كلَّ أجسادهن بما هو أشبه بالعباءة أو التشادور ذي اللون
الأسود.
بعد هذا التوضيح وتلك الإشارات حول شكل ولون ثياب النِّساء، عند مولانا
رسول الله J والمجتمع والصحابة والزوجات
ومَنْ يُحيط به. هل هناك اعتراض فوق هذا الكلام؟
إنَّ تسابق (المحجبات) المتبرجات في مجال الزينة لأجل لفت الأنظار إليهن،
ممَّا يُتْلِفُ الأخلاقَ ويُضيِّع الأموال، ويجعل المرأة كالسلعة المهينة الحقيرة
المعروضة لكلّ من شاء أن ينظر إليها. فتكون عندئذٍ فتنة للذين آمنوا وسبباً لخراب
المجتمع.
وتحطيم الروابط الأسرية، وتفكُّك العلاقات الزوجية وهذا ما نراه في
السنوات الأخيرة. وتفشي الطلاق إلى جملة من المحرمات والمفاسد الَّتي لا تخفى على
أحد.
وبشكل عام إنَّ التوجيهات النبويَّة لرسول J هي في التحذير من تقليد
الكفَّار، وهذه سياسة إسلامية عامَّة وهو القائلJ:
(لتتبعن سُنَنَ مَن كان قبلكم شبراً بشبر، وذراعاً بذراع، حتَّى لو دخلوا
جُحْرَ ضَبٍّ لتبعتموهم). قيل: اليهود والنصارى؟ قال مستفهماً مؤكّداً:فمن؟!
فما أشبه هؤلاء اللاتي أطعن الغرب، وَعَصَيْنَ الله ورسوله، بهؤلاء
اليهود المغضوب عليهم الَّذين قابلوا أمر الله بقولهم: (سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا)[5] وما
أبعدَهن عن سبيل المؤمنات اللاتي قلن حين سمعن أمر الله: (سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا)[6].
فقد رُوي عن رسول J أنَّه قال: انظروا إلى مَنْ
هو أسفل منكم في الدُّنيا، وفوقكم في الدِّين، فذلك أجدرُ أن لا تَزدَرُوا (أي
تحتقروا) نعمة الله عليكم.
فالنظر لهؤلاء في الدُّنيا يحثُّنا على استحضار النِّعم والشُّكر، أمَّا
أهل الدِّين فللاستزادة.
واما إنَّ أزياء النِّساء[7] في
العصور الإسلامية المختلفة من المجالات الَّتي تحتاج إلى إيضاح للكثير من المسلمين
لنرى العديد من المفاجآت والمعلومات الهامَّة حول زي المرأة آنذاك، لنتلمَّس البعد
الَّذي نعيشه اليوم عن تاريخنا وشرعنا.
والجامع بينها الثوب الفضفاض القليل التفاصيل الَّذي يتسع ليُلبس فوق
الملابس المنزلية، ويصنع غالباً من قماش ناعم ويكون أسود اللون وأكمامه متسعة
جدّاً.
أو تلبس (الحبرة) وهي قطعة من القماش مربعة المساحة تقريباً طول ضلعها
حوالى مترين، وهي من الحرير الأسود في منتصفها شريط ضيق يثبت حول الرأس وتنسدل
لتغطي الرأس والوجه وبقية الجسم من الخلف (أشبه بالعباءة أو التشادور).
وتمسك المرأة طرفي الحبرة من الداخل وتضمها بذراعيها لتلفَّ جسدها كلّه
فلا يظهر منها سوى وجهها الَّذي يغطيه البرقع، وهو الجزء المكمل لزي خروج المرأة،
وتلبس كلّ هذه القطع فوق الزي المنزلي السابق الذكر عند الخروج.
فاللِّباس الفضفاض الَّذي يُجعل فوق اللِّباس، هو الساتر الحقيقي أياً
كانت مسمّياته.
والآيات الكريمة أشارت إلى قطعتين من الزي النِّسائي الَّذي من المفترض
أن تكون عليه المرأة المسلمة، وأمَّا الحديث النبوي فقد ذكر أربع قطع.
ففي القرآن الكريم في قوله تعالى: (يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ
جَلاَبِيبِهِنَّ)[8]
وقوله تعالى (وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ)[9] ذكر
الخمار والجلباب.
فالخمار: هو القطعة من الثوب الَّذي يغطي رأس المرأة إلى المنطقة من
صدرها.
والجلباب: هو ذلك الَّذي يغطي ثوب المرأة من رأسها إلى قدمها وتلبسه فوق
ثيابها المنزلية.
وقد ورد في اللغة أنَّ الجلباب عبارة عن قطعة كانت تغطي المرأة في تلك
الأيَّام من رأسها إلى بدنها ساترة لما تحتها من الثياب.
وأمَّا في الحديث النبوي الشريف فقد ورد عن النَّبيّ الأكرم J أنَّه قال: (للزوج ما تحت الدرع، وللابن
والأخ ما فوق الدرع، ولغير ذي محرم أربعة أثواب: درع، وخمار، وجلباب، وإزار).
فالدرع هو ما يستر النصف الأعلى من الجسم.
والإزار ما يستر النصف الأسفل منه.
والخمار هو المقنعة الَّتي تغطي الرأس.
والجلباب هو ما يغطي المرأة من رأسها إلى قدمها، فهذا هو الزي المناسب
للمرأة.
ومما يحث على الغيرة على نساء المسلمين عمل المرأة وواضح أن الأصل[10]
قرار المرأة في بيتها، وأن خروجها للعمل لابد أن يراعى فيه الضوابط الشرعية.
مع بيان ما تعانيه المرأة العاملة لاسيما في بلاد الغرب، مع إظهار مقصد
أعداء الدين من خروج المرأة، والحرص على رد الشبهات حول عمل المرأة.
ومن الغيرة على نساء المسلمين حقوق المرأة وتكريم الإسلام لها فلابد من
إبراز مظاهر تكريم الإسلام للمرأة والحقوق الشرعية لها، وبيان إهانة المجتمعات
الغربية لها.
كما وضح كثيرا مما يدَّعى أنه من حقوق المرأة ليس كذلك مما يفهم معه
خطورة ما في هذه العبارات من إجمال وما خفي كان أعظم.
ومن الغيرة على نساء المسلمين ظلم المرأة فلقد جاء الإسلام لكي يرفع
الظلم عن المرأة.
فيحسن بأصحاب المنهج الحق أن لايقفوا موقف المدافع عنه لكثرة ما يتهم به
من ظلم لها فعليهم بالمقابل ذكر صور ظلم المرأة عند دعاة التحرير وفي بلاد الغرب.
ومن الغيرة على نساء المسلمين دور المرأة في المجتمع من بيان دورها الواسع
في إطاره الشرعي في مجتمعها وأنها بتطبيقه ليست معطلة عن العمل، وعليهم بيان
المقاصد السيئة لمن يزعم أن المرأة نصف المجتمع المعطل.
ومن الغيرة على نساء المسلمين المرأة والولايات العامة لتوضيح الحكم
الشرعي لتولي المرأة الولاية العامة، كما يرد على الشبهات التي تثار حول هذه
القضية مع التأكيد على خطورة التقليد الأعمى للغرب.
ومن الغيرة على نساء المسلمين تحرير المرأة فلابد من إيضاح المقاصد من
هذه الدعوى وأن ما يسمى بتحرير المرأة لم يساهم أبدا في النهضة الحضارية، وأن
التحرير دعوى مرفوضة لأنها لم تُستعبد أصلا حتى يُدعى لتحريرها.
ومن الغيرة على نساء المسلمين حجاب المرأة وحياءها والتحذير من دعاة
السفور، والتأكيد على خطر الموضة على المرأة المسلمة، وعلى أهمية تميزها ظاهراً
وباطناً، مع تفنيد الشبهات التي تثار حول الحجاب، وأنه لا يتنافى مع حريتها
الشخصية.
ومن الغيرة على نساء المسلمين الفرق بين الجهاد والإرهاب ليؤكد أن الجهاد
من ثوابت الدين.
ويحسن في هذا السياق الإشارة إلى ما تمارسه قوى التكفير في العالم ضد
الناس والاساءة للإسلام وأهله وبيان أن الذي يمارس اليوم هو ارهاب وليس جهاد.
ولابد من التفريق بين مفهوم الإرهاب في الشرع ومفهومه عند الغرب الذي هو
ترجم من خلال أفعال التكفيريين.
ومن الغيرة على نساء المسلمين أنقاذها من مناهج التعليم الشرعية ففيها
تغذية للغلو والتكفير والإرهاب.
ومن الغيرة على نساء المسلمين أنقاذها من الفتيا والاجتهاد وتجديد الخطاب
الديني والجمعيات الخيرية التي تتعرض لتوسع شديد في العالم الغربي تحت شعار نشر
فكر التكفير.
[1] - سورة النور الاية 31
[2] - المِرْط: الإزار
[3] - المُرَحَّل: الَّذي نُقِشَ فيه صور الرِّحال، وهي المساكن
والمنازل
[4] - اعتجرت: سترت به رأسها ووجهها
[5] - سورة النساء 46
[6] - سورة النور 51
[7] - ويوجد بعض متروكات النِّساء، أو المخطوطات الَّتي تعكس زيهن
راجع :
رسالة
(العنوان في مسالك النسوان) لمؤلف مجهول.
مخطوط
السيوطي (إسبال الكساء على النِّساء).
مخطوط
ابن العماد (رفع الجناح عمَّا هو من المرأة مباح).
مخطوط
ياسمين العمري (الروضة الفيحاء في تاريخ النِّساء). والكثير غيرها.
[8] - سورة الاحزاب 59
[9] - سورة النور 31
[10] - المفصل في الرد على الحضارة الغربية ج6 ص123