السبت، 15 أبريل 2017

يوم وفاة فاطمة والصلاة عليها ومكان القبر


يوم وفاة فاطمة والصلاة عليها ومكان القبر
استشهادها والصلاة عليها ومكان قبرهاB: في الأحداث التاريخية[1] يلعب العقل دورا كبيرا في استخلاص النتائج والاعتبار بها والاستفادة منها ومن ثم الانطلاق لتحديد موقف معين تجاه تلك الأحداث.
والتاريخ الإسلامي كتاب الثقافة الذي حفظ لنا تراثا ضخما، ما زالت الأمة تعيش على معينه.. وطوال تاريخ أمتنا الإسلامية مرت أحداث عظام مثلت منحى لهذه الحضارة التي قامت أسسها على تعاليم الوحي بشقيه القرآن والسنة.
وبما أن التاريخ ثبت لنا مجموعة من الأحداث يجب علينا نحن اليوم النظر فيها بعين الإنصاف، كما يجب علينا التعقل لنستخلص منها عبرا تعيننا لتحديد اتجاه السير الصحيح خصوصا وأن الأمة وبعد وفاة النبي الأكرمJ شهدت اختلافا كبيرا امتدت آثاره إلى يومنا هذا.
وقضية الزهراءB ومأساتها لم تكن لتنفك عن أمر الرسالة الإسلامية، وموقف الزهراء B لا يمكن أن يمر عليه العاقل المهتم بأمر الإسلام مرور الغافلين.
بل لا بد من التوقف عنده والسؤال، هل كان موقف السيدة فاطمةB يعني شيئا في مسيرة تحديد هويات الاتجاهات المختلفة, ولكن هناك مقدمة ضرورية قبل الإجابة على هذا السؤال وهي:
ألف : دفن الأمام علي فاطمة الزهراءD: عن الامام ابي عبدالله الحسين [2]A قال: لمّا مرضت فاطمة بنت النبيّ J وصّتB إلى عليّA أن يكتم أمرها، ويُخفي خبرها، ولا يؤذن أحدا بمرضها، ففعل ذلك.
وكان يمرّضها بنفسه، وتعينه على ذلك أسماء بنت عميس على استسرار بذلك كما وصّت به؛ فلمّا حضرتها الوفاة وصّت أمير المؤمنين أن يتولّى أمرها، ويدفنها ليلًا، ويعفي قبرها.
فتولّى ذلك أمير المؤمنينA ودفنها، وعفى موضع قبرها؛ فلما نفض يده من تراب القبر، هاج به الحزن، فأرسل دموعه على خدّيه، وحوّل وجهه إلى قبر رسول اللهJ فقال:
السّلام عليك يا رسول الله منّي، والسّلام عليك من ابنتك وحبيبتك وقرّة عينك وزائرتك والبائتة في الثرى ببقعتك والمختار لها الله سرعة اللّحاق بك، قلّ يا رسول الله عن صفيّتك صبري، وضعف عن سيّدة النساء تجلّدي، إلّا أنّ في التأسّي لي بسنّتك والحزن الذي حلّ بي بفراقك موضع التعزّي، فلقد وسّدتك في ملحود قبرك بعد أن فاضت نفسك على صدري، وغمّضتك بيدي، وتولّيت أمرك بنفسي، نعم وفي كتاب الله أنعم القبول: إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعون.
لقد استرجعت الوديعة، وأخذت الرهينة، واختلست الزهراء، فما أقبح الخضراء والغبراء، يا رسول الله، أمّا حزني فسرمد، وأما ليلي فمسهّد، لا يبرح الحزن من قلبي، أو يختار الله لي دارك التي أنت فيها مقيم، كمد مقيح، وهمّ مهيج، سُرعان ما فرّق بيننا، وإلى الله أشكو وستُنبئك ابنتك بتضافر أمّتك عليَّ وعلى هضمها حقّها، فاستخبرها الحال، فكم من غليل معتلج بصدرها لم تجد إلى بثّه سبيلا، وستقول ويحكم الله وهو خير الحاكمين.
سلام عليك يا رسول الله سلام مودّع، لا سئم ولا قال، فإن أنصرف فلا عن ملالة، وإن أقم فلا عن سوء ظن بما وعد الله الصابرين، والصبر أيمن وأجمل، ولو لا غلبة المستولين علينا لجعلت المقام عند قبرك لزامًا، وللبثت عنده معكوفًا، ولأعولت إعوال الثكلى على جليل الرزية، فبعين الله تُدفن ابنتك سرًّا، وتهتضم حقّها قهرا، وتُمنع إرثها جهرًا، ولم يطل العهد، ولم يخل منك الذّكر، فإلى الله يا رسول الله المشتكى، وفيك أجمل العزاء، وصلوات الله عليك وعليها ورحمة الله وبركاته.
وقال أمير المؤمنين عند دفنهاD: ( السلام عليك يا رسول الله عني وعن ابنتك النازلة في جوارك والسريعة اللحاق بك . قلَّ يا رسول الله عن صفيتك صبري ورق عنها تجلدي . ألا إن لي في التأسي بعظيم فرقتك وفادح مصيبتك موضع تعز . فلقد استرجعت الوديعة .
وأخذت الرهينة . وأما حزني فسرمد . وأما ليلي فمسهد إلى أن يختار الله لي دارك التي أنت بها مقيم وستُنبِئك ابنتك بتضافر أمتك على هضمها فأحفها السؤال وأستخبرها الحال . هذا ولم يطل العهد .
ولم يخلُ منك الذكر . والسلام عليكما سلام مودع لا قالٍ ولا سئيم فان انصرف فلا عن ملالة . وان أقم فلا عن سوء ظن بما وعد الله الصابرين)[3].
وقالت سيّدة نساء العالمين فاطمةB: لا تصلِّ عليَّ أمّة نقضت عهد الله وعهد أبي رسول اللهJ في أمير المؤمنين عليA ، وظلموني حقي وأخذوا إرثي، وخرقوا صحيفتي التي كتبها لي أبي بملك فدك ، وكذّبوا شهودي وهم : جبرئيل وميكائيل وأمير المؤمنين وأم أيمن وطفت عليهم في بيوتهم وأمير المؤمنين يحملني ومعي الحسن والحسين ليلًا ونهارًا إلى منازلهم أُذكّرهم بالله وبرسوله ألّا تظلمونا ولا تغصبونا حقّنا الّذي جعله الله لنا؛ فيجيبونا ليلًا ويقعدون عن نُصرتنا نهارًا.
ثمّ ينفذون إلى دارنا قنفذًا ومعه عمر بن الخطّاب وخالد بن الوليد ليُخرجوا ابن عمّي عليًّا إلى سقيفة بني ساعدة لبيعتهم الخاسرة، فلا يخرج إليهم متشاغلا بما أوصاه به رسول اللهJ:
 وبأزواجه وبتأليف القرآن وقضاء ثمانين ألف درهم وصّاه بقضائها عنه عدات ودينًا.
فجمعوا الحطب الجزل على بابنا وأتوا بالنّار ليحرقوه ويحرقونا؛ فوقفت بعضادة الباب وناشدتهم بالله وبأبي أن يكفّوا عنّا وينصرونا، فأخذ عمر السوط من يد قنفذ[4]فضرب به عضدي فالتوى السوط على عضدي حتّى صار كالدّملج.
وركل الباب برجله فردّه عليَّ وأنا حامل فسقطت لوجهي والنار تسعر وتسفع وجهي؛ فضربني بيده حتى انتثر قرطي من أذني، وجاءني المخاض فأسقطت مُحسنًا قتيلًا بغير جرم، فهذه أمّة تصلّي علي؟! وقد تبرّأ الله ورسوله منهم، وتبرّأت منهم.
قال سيّد الشهداءA كما في الحديث الشّريف: أنّ سيّد الأوصياء بعد أن دفن سيّدة نساء العالمين وهاج به الحزن: حوّل وجهه إلى قبر رسول اللهJ.
 فالإمام أمير المؤمنينA وهو من هو، يتوجّه إلى الرسول الأعظمJ. فهو القائل : إنّما أنا عبد من عبيد محمّدJ.
فهو يعطينا قاعدة شريفة؛ إذا نزلت بنا المصائب واعترتنا الهموم والأحزان، نتوجّه ونلوذ بقبورهم وهي : ( بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَن تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالآصَال)[5].
فقبور أئمّة الهدى ومصابيح الدّجى كما أخبرنا النبي الأعظمJ في حديثه لأخيه ووصيّهA: يا أبا الحسن، إنّ الله جعل قبرك وقبر ولْدك بقاعًا من بقاع الجنة وعرصة من عرصاتها، وإنّ الله جعل قلوب نجباء من خلقه وصفوته من عباده.
فنخاطبهم ونشكو إليهم ونطلب منهم؛ فيسمعون كلامنا ويشهدون مقامنا؛ ففي زيارته عن صادق العترةA نقول: أشهد أنّك تسمع كلامي وتشهد مقامي.
كما نخاطب ونتوسّل بمولانا وإمام زماننا في دعاء الندبة الشّريف المروي عنهA ونقول: أين وجه الله الّذي إليه يتوجّه الأولياء، أين السّبب المتّصل بين الأرض والسّماء.
فالله سبحانه وتعالى يقول: ( وَلَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوْا الْبُيُوتَ مِن ظُهُورِهَا وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنِ اتَّقَى وَأْتُواْ الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوَابِهَا وَاتَّقُواْ اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ)[6].
وتفسير الآية المباركة[7]عن أبي جعفرA قال: من أتى آل محمّدJ أتى عينًا صافية تجري بعلم الله ليس لها نفاد ولا انقطاع، ذلك بأنّ الله لو شاء لأراهم شخصه حتّى يأتوه من بابه، ولكن جعل آل محمّدD الأبواب الّتي يُؤتى منها، وذلك قول الله عزّ وجل: 
(وَلَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوْا الْبُيُوتَ مِن ظُهُورِهَا وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنِ اتَّقَىوَأْتُواْ الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوَابِهَا وَاتَّقُواْ اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ).
اذاً : كلّ فرد خلقه الله تعالى، فان أراد اللجوء للهِ تعالى بدأ بمحمّد وآل محمّدD ومن وحّد الله تعالى قَبِلَ بما جاء عن محمّد وآل محمّدD ومن قصد الله توجّه إلى محمّد وآل محمّدD، ولعنة الله على أعدائهم ومنكري فضائلهم ومقاماتهم.
وكما قال علي بن ابي طالبA في شكواه مخاطبًا أخيه ونبيّه وابن عمّهJ: وستُنبئك ابنتك بتضافر أمّتك عليَّ وعلى هضمها حقّها، فاستخبرها الحال، فكم من غليل معتلج بصدرها لم تجد إلى بثّه سبيلا، وستقول ويحكم الله وهو خير الحاكمين.
     ولا يخفى[8] ما في هذه العبارة من حسن البيان مع بديع الايجاز فانّ التظافر بمادّته التي هى الظفر وهو الفوز على المطلوب يدلّ على أنّ هضمها كان مطلوبا لهم لكنهم لم يكونوا متمكّنين من الفوز به ما دام كونهJ حيًّا بين أظهرهم، فلما وجدوا العرصة خالية من وجوده الشّريف فازوا به.
وإن كان مأخوذًا من أظفر الصقر الطاير من باب افتعل وتظافر، أي أعلق عليه ظفره وأخذه برأسه فيدلّ على أنهم علّقوا أظفارهم على هضمها قاصدين بذلك قتلها وإهلاكها.
فلأنهم قد تظافروا على رفعها عن محلّها ومقامها الذي كان لها وحطّوها عن مرتبتها المقرّرة ولم يراعوا فى حقّها ما كان لازمًا عليهم من التبجيل والإعظام والتعظيم والاكرام، بل عاملوا معها معاملة الرّعية والسوقة حتى ألجأوها إلى الخروج إلى مجامع الرّجال فى أمر فدك وغيره مثل ساير النسوة البرزة.
ويكون إشارة إلى ما صدر عنهم من كسر ضلعها واسقاط جنينهاB يوم إخراجهA من البيت ملبّبًا للبيعة كما أنّه إشارة إلى اجتماعهم على نقص حقّها المقرّر لها بقوله تعالى: (وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ)[9]. فيكون إشارة إلى غصب فدك.
فإلى اللّه المشتكى من سوء عمل الأمّة وشنيع فعلهم بالعترة، وما أدري ماذا يـقولون إذ قال النبيّJ لهم مـاذا فـعلـتم وأنتم آخر الأممِ بعترتي وبأهلي بعد مُفتقدي منهم أُسارى ومنهم ضرّجوا بدمِ ما كان هذا جزائي إذ نصحت لكم أن تخلفوني بسوء في ذوي رحمِ.
بـاء : اخيرا وليس اخرا : إن هذا الحديث[10] قد رواه ابن بابويهH كما ترى وقد روى أحمد بن حنبل في مسنده عن أم سلمىB قالت:
اشتكت فاطمةB شكواها التي قبضت فيه فكنت أمرضها فأصبحت يوما كأمثل ما رأيتها في شكواها ذلك. قالت: وخرج عليA لبعض حاجته.
فقالتB: يا أمة اسكبي لي غسلا فسكبت لها غسلا فاغتسلت كأحسن ما رأيتها تغتسل.
ثم قالت: يا أماه أعطيني ثيابي الجدد، فأعطيتها فلبستها. ثم قالت: يا أماه قدمي لي فراشي وسط البيت ففعلت، فاضطجعت واستقبلت القبلة، وجعلت يدها تحت خدها.
ثم قالت: يا أماه إني مقبوضة الان وقد تطهرت فلا يكشفني أحد فقبضت مكانها. قالت: فجاء عليA فأخبرته.
واتفقت طرق الشيعة واهل السنة على نقله مع كون الحكم على خلافه, فإن العلماء من طرق اهل السنة والشيعة لا يجيزون الدفن إلا بعد الغسل إلا في مواضع وليس هذا منه، فكيف بالطرفين رويا هذا الحديث ولم يذكروا تعليل ولا ذكر فقهي له.
وكذا لم يذكروا الجواز ولا المنع، ويمكن ان هذا أمر يخصهاB وإنما استدل العلماء على أنه يجوز للرجل أن يغسل زوجته بأن الامام عليA غسل فاطمةB وهو المشهور.
وروى ابن بابويه مرفوعا إلى الامام الحسن بن عليD أن الامام عليA غسل فاطمةB.
وعن الامام عليA أنه صلى على السيدة فاطمةB وكبر عليها خمسا ودفنها ليلا وعن محمد بن عليD أن فاطمةB دفنت ليلا.
وفي كتاب المزار قال أن الاصح أنها مدفونة في بيتها وأما ما ذكره من ترك غسلها فالاولى أن يأول بما ذكر سابقا من عدم كشف بدنها للتنظيف (فلا تنافي) للاخبار الكثيرة الدالة على أن الامام عليA غسلها ويؤيد ما ذكرنا من التأويل ما سبق في رواية ورقة.
 وكذلك في كتاب الذرية الطاهرة للدولابي في وفاتهاB ما نقله عن رجاله قال: لبثت فاطمةB بعد النبيJ ثلاثة أشهر، وقال ابن شهاب: ستة أشهر وقال الزهري: ستة أشهر.
ومثله كذلك عن السيدة عائشة عن عروة بن الزبيرأبي جعفر محمد بن علي خسما وتسعين ليلة - في سنة إحدى عشرة – وقال ابن قتيبة في معارفة: مائة يوم.
وقيل: ماتت في سنة إحدى عشرة ليلة الثلاثاء لثلاث ليال من شهر رمضان وهي بنت تسع وعشرين سنة أو نحوها.
وقيل: دخل العباس على علي بن أبي طالب وفاطمة بنت رسول اللهD وأحدهما يقول لصاحبه: أينا أكبر فقال العباس: ولدت يا علي قبل بناء قريش البيت بسنوات وولدت (ابنتي) وقريش تبني البيت ورسول اللهJ ابن خمس وثلاثين سنة قبل النبوة بخمس سنين.
وروي أنها أوصت الامام عليA وأسماء بنت عميس أن يغسلاها. وعن ابن عباس قال:
مرضت فاطمةB مرضا شديدا فقالت لاسماء بنت عميس: ألا ترين إلى ما بلغت فلا تحمليني على سرير ظاهر فقالت: لا لعمري ولكن أصنع نعشا كما رأيت يصنع بالحبشة.
قالتB: فأرينيه فأرسلت إلى جرائد رطبة فقطعت من الاسواق ثم جعلت على السرير نعشا وهو أول ما كان النعش فتبسمت وما رؤيت متبسمة إلا يومئذ ثم حملناها فدفناها ليلا وصلى عليها العباس بن عبد المطلب ونزل في حفرتها هو وعلي والفضل بن عباس.
وعن أسماء بنت عميس أن فاطمة بنت رسول الله J قالت لاسماء:
إني قد استقبحت ما يصنع بالنساء أنه يطرح على المرأة الثوب فيصفها لمن رأى فقالت أسماء: يا بنت رسول الله أنا أريك شيئا رأيته بأرض الحبشة.
قال: فدعت بجريدة رطبة فحسنتها ثم طرحت عليها ثوبا فقالت فاطمةB: ما أحسن هذا وأجمله لا تعرف به المرأة من الرجل.
قال: قالت فاطمة: فإذا مت فاغسليني أنت ولا يدخلن علي أحد فلما توفيت فاطمةB جاءت عائشة تدخل عليها فقالت أسماء: لا تدخلي فكلمت عائشة أبا بكر فقالت:
إن هذه الخثعمية تحو بيننا وبين ابنة رسول اللهJ وقد جعلت لها مثل هودج العروس فقالت أسماء لابي بكر: أمرتني أن يدخل عليها أحد وأريتها هذا الذي صنعت وهي حية فأمرتني أن أصنع لها ذلك فقال أبو بكر:
أصنعي ما أمرتك فا نصرف، وغسلها عليA وأسماء.
وروى الدولابي حديث الغسل الذي اغتسلته قبل وفاتهاB وكونها دفنت به ولم تكشف وقد تقدم ذكره وروى من غير هذا أن أبا بكر وعمر عاتبا علياA كونه لم يؤذنهما بالصلاة عليها فاعتذر أنها أوصته بذلك وحلف لهما فصدقاه وعذراه.
وقال الامام عليA عند دفن السيدة فاطمةB كالمناجي بذلك رسول اللهJ عند قبره: السلام عليك يا رسول الله عني وعن ابنتك النازلة في جوارك، إلى آخرهِ. ثم قال علي بن عيسى:
الحديث ذو شجون أنشدني بعض الاصحاب للقاضي أبي بكر بن (أبي) قريعة قال: يا من يسائل دائبا * عن كل معظلة سخيفة ...الى اخر الابيات.
ويشهد لقول الامامية[11] قولهA في كتابه الى عثمان بن حنيف في أمر فدك: « فشحّت عليها نفوس قوم»[12].
فلا شك أنّ الآخذين لفدك إنّما كانوا أهل السقيفة وهل يوم الشورى إلاّ فرع يوم السقيفة، ولولا أثر يوم السقيفة فلن تجد للشورى يوم ومؤسس الشورى كذلك هم رجال أهل السقيفة.
وهل كان يوم السقيفة يوم لا يتشكا منه، و قد أرادوا إحراقه وإحراق أهل بيته، وهل كان يوم السقيفة يوم خفى سوأته حتى يتوارى، وأجاد أبو بكر بن قريعة القاضي في أبياته في ذلك اليوم وما ترتب عليه:
يا من يسائل دائــــــبا
لا تـكشفن مـعـــــــطّا
و لربّ مستور بـــــدا
إنّ الجواب لحاضــــر
لو لا اعتداء  رعـــية
و سيوف  أعداء بــها
لنشرت من أسـرارآل
تغنيك عـمّا قـــد رواه
و أريتكم أنّ  الحسين
و لأيّ حال الـــحـدت
و لما حمت  شيخـيكم
اوه لـــــــبنت محـــمّد      عن كـلّ معضلة سخيــفه
فلربما كشفت عـن جيــفه
كالطبل من تحـت القطيفه
لكنّني أخفيه خـيــــــــــفـه
ألقى سياستها الخـليـــــفـه
هاماتنا أبدا تقيــــــــــــفـه
محمّد جملا لطيــــــــــفـه
مالك و أبو حنيـــــــــــفـه
أصيب من يوم السقيـــفـه
بالليل فاطمة الشريـــــفــه
عن وطأ حجرتها الشريفه
ماتت بغصّتها أسيـــــــــفه
وذكروا في وفاة فاطمة الزهراءB[13] بعد مقدمه المدينة بسنة وهى بنت تسع سنين من امير المؤمنين بامر الله تعالى ولهA يومئذ اربع وعشرون سنة.
وولدت فاطمةB الحسنA ولها احدى عشرة سنة، والحسينA بعد الحسنA بعشرة اشهر وثمانية عشرة يوما، وقبض رسول اللهJ ولها يومئذ ثمانى عشرة سنة الا ثلثة اشهر وبقيت بعده خمسة وسبعين يوما.
وكذلك قالوا توفيت B في الثالث من جمادى الاخر سنه 11 احدى عشرة من الهجرة، وتولى امير المؤمنينA غسلها، وصلى عليها هو والحسن والحسينD وعمار والمقداد وعقيل والزبير وابوذر وسلمان.
بقي هناك بعض الاحاديث الواردة تدلّ على أنّ ملك الموتA يستأذن النبيJ وأميرالمؤمنينA في قبض روحيهما الطاهرتين فما صحته, وكيف استقامة ذلك مع عقيدتنا من أنّ الملائكةD لا يعصون اللّه في أمر كما في قوله تعالى: « يَخَافُونَ رَبَّهُم من فَوقهم وَيَفعَلُونَ مَا يُؤمَرُونَ».
هنا : لا منافاة في ذلك فإنّهمD لو أمروا بالقبض من بعد الاستئذان من صاحب الروح فلا يعصون اللّه تعالى في هذا الأمر ولا يقبضون قبل الاستئذان, واما السيدة فاطمةB فقد روي أنّها توفّيتB في ثلاث روايات وهي كما يلي:
في الثامن من ربيع الثاني من سنة 11هجري.
في الثالث عشر من جمادي الاولى من سنة 11 هجري.
في الثالث من جمادى الآخرة من سنة 11 هجري وهي المشهورة فيعطل فيها العالم والحوزات العلمية خصوصاً اسبوعاً ؟
وبقيت بعد رحيل النبيّJ الى جوار الرحمن قيل :
روي خمسة وتسعين يوماً[14].
روي: أربعة أشهر[15].
وتولّى الامام عليA غسلها[16] وصلّى عليها كل من : أمير المؤمنين، والحسن والحسينD وعمّار، والمقداد، وعقيل، والزبير، وأبو ذرّ، وسلمان، وبريدة، ونفر من بني هاشم في جوف الليل[17].
ودفنها زوجها الامام عليA سرّاً بوصيّة منها[18].
مكان القبر المظلوم.. : واما مكان قبر فاطمة سيّدة نساء العالمينB إلى يومنا لا يُعرف موضعه، وخفاء قبرها يعتبر خير دليل على كشف إنقلابهم على أعقابهم، وغصبهم الخلافة، وقتلهم بضعة المصطفىJ.
وتجد من هنا وهناك بعض الآراء حول مكان موضع القبر المبارك الذي اختلف فيه، فقال فقهاء الشيعة دفنت بالبقيع كما روي في تاج المواليد[19]. وكذلك روي في مناقب ابن شهر[20]. وكذلك روي في آشوب كشف الغمة[21].
والبعض منهم قال دفنتB في بيتها فلمّا زاد توسع بنو اُمّية في المسجد صارت في المسجد كما روي في الكافي[22]. وكذلك روي في الفقيه[23]. وكذلك روي في عيون أخبار الرضا[24]A. وكذلك روي في معاني الأخبار[25]. وكذلك روي في ذخائر العقبى[26].
والبعض منهم قال إنّهاB دفنت فيما بين القبر والمنبر كما روي في معاني الأخبار[27]. وكذلك روي في تاج المواليد[28]. وكذلك روي في روضة الواعظين[29].
ولكن اكثر المصنفات ذكرت انه قد أشار الرسولJ بقوله: «ما بين قبري ومنبري روضة من رياض الجنّة» كما روي في الكافي[30]. وكذلك روي في الفقيه[31] قال (بيتي بدل قبري). وكذلك روي في التهذيب للطوسي[32].
وكذلك روي في الموطأ[33]. وكذلك روي في صحيح البخاري[34]. وكذلك روي في صحيح مسلم[35]. وكذلك روي في مسند الامام أحمد[36]. وكذلك روي في صحيح الترمذي[37]. وكذلك روي في سنن النسائي[38].
وفي يوم ما بحمد الله وتعالى رزقت حج بيت الله الحرام وذهبت الى المدينة المنورة وبينما كنت في المسجد النبوي الشريف سألني بعض الحجاج كأنهُ تونسي او مصري عن الاثار في المسجد النبوي فقلت له:
ذلك قبر النبيJ وهذا منبره المبارك وهذا محرابه المقدس وذلك باب جبرائيلA لكني لاحضت بين كلماتهُ وعينيه سؤال يخفيه فاقترب مني وسألني عرفت كل هذه المعالم ولكن اين قبر فاطمةB وقبل ان اجيب انحدرت دموعي. ثم قلت: لا ادري؟ .
والسؤال ألم يكن من المفترض ان اقول أسأل ابو بكر وعمر و... والحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد واله الطاهرين خادمكم ساجد شريف عطية الشمري.

[1]- راجع : بنور فاطمة B اهتديت الكاتب السوداني عبد المنعم حسن ج6 ص5 دامت توفيقاتهُ.
[2]- واما اذا رغبت التوسع عليك بمراجعة المصادر التالية:
(1) المفيدH- الأمالي ص144-145، ح7، المجلس33؛ وقريب منه: ابن أبي الحديد المعتزلي، شرح نهج البلاغة، 10/ 43، خطبة195.
(2) المجلسيH، بحار الأنوار، 30/ 392-393، ح164، باب20.
(3) الكلينيH، الكافي الشّريف، 1/ 90، ح5.
(4) الطّوسيH، تهذيب الأحكام، 6/ 1031-1032، ح7، باب7؛ الحرّ العامليH، وسائل الشّيعة، 14/ 382-383، ح1، باب26.
(5) ابن طاووسH، إقبال الأعمال، 3/ 134.
(6) ابن طاووسH، المصدر نفسه، 1/ 509؛ عبّاس القمّيH، مفاتيح الجنان، ص611 "دعاء الندبة" الشّريف.
(7) هاشم البحرانيH، البرهان في تفسير القرآن، 1/ 416-417، ح12.
[3] - كتاب نهج البلاغة للشيخ محمد عبدة ص443 مطبعة الرحمإنية .
[4] - مولى ابي بكر.
[5] - سورة النور الآية  36.
[6] - سورة البقرة الآية  189.
[7] - جاء في مختصر بصائر الدّرجات لإبن سليمان الحلّي مُسندًا عن سعد بن طريف عن أبي جعفر A.
[8]- الميرزا حبيب الله الخوئي H منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة 13/ 18.
[9]- سورة الاسراء الآية 26.
[10]- بحار الانوار للمجلسي H ج43 ص189و190.
[11] -  كتاب : بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة ورواه الشريف المرتضىH في الفصول المختاره 1.
[12] -  نهج البلاغة 3 : 71 ، الكتاب 45.
[13] -  الشيج الطوسي H ج1 ص11 (تاج الملوك).
[14] -  الذرية الطاهرة للدولابي 151  199، كشف الغمة 1: 503
[15] -  مناقب ابن شهر آشوب 3: 357، الاصابة 4: 379
[16] -  وروي: أنّه أعانه على غسلهاB أسماء بنت عميسI. وأنها قالت: أوصت فاطمة Bأن لا يغسّلها إذا ماتت إلاّ أنا وعليّA فغسّلتها أنا وعليّA.الذرية الطاهرة للدولابي 152  202، ومناقب ابن شهر آشوب 3: 364، وكشف الغمة 1:500، ومستدرك الحاكم 3: 163، الاستيعاب 4: 379، ذخائر العقبى: 53، الاصابة 4: 378.
[17] -  اعلام الورى باعلام الهدى ج1 ص238.
[18] -  راجع : الهداية الكبرى: 178، وروضة الواعظين: 152، وتاج المواليد  : 98، ومناقب ابن شهر آشوب 3: 363، وصحيح البخاري 5: 177، وصحيح مسلم 3: 1380 1759، وطبقات ابن سعد 8: 229، ومصنف عبد الرزاق 5: 427، وسنن البيهقي 6: 300، وتاريخ الطبري 3: 208، ومشكل الآثار 1: 48، ومستدرك الحاكم 3: 162، والاستيعاب 4: 379، واُسد الغابة 5: 524.
[19] -  تاج المواليد   : 99.
[20] -  مناقب ابن شهر آشوب 3: 357.
[21] -  كشف الغمة 1: 501.
[22] -  الكافي 1: 383   9.
[23] -  الفقيه 1: 148 – 684.
[24] -  عيون أخبار الرضا A 1: 311 – 76.
[25] -  معاني الأخبار 1: 268 – 1.
[26] -  ذخائر العقبى: 54.
[27] -  معاني الأخبار 267 – 1.
[28] -  تاج المواليد ضمن مجموعة نفيسة  : 99.
[29] -  روضة الواعظين : 152.
[30] - الكافي 4: 553 - 1 و 554 - 3 و5و 555 – 8.
[31] -  الفقيه 2: 339 – 1572.
[32]-  التهذيب للطوسي H 6: 7-12.
[33] -  الموطأ 1: 97 - 10 و11.
[34] - صحيح البخاري 2: 77.
[35] - صحيح مسلم 2: 1010 - 500.
[36] - مسند أحمد 2: 236 و 376 و 438 و 466 و 533 و 3: 4 و 4: 39 و 40.
[37] - صحيح الترمذي 5: 718 - 3915 و719 - 3916.
[38] - سنن النسائي 2 : 35.