السبت، 15 أبريل 2017

في مصادر اهل السنة احتجاجات فدك


في مصادر اهل السنة احتجاجات فدك
نورد لك هنا روايات واحاديث من مصادر ومسانيد وصحاح اخواننا اهل السنة لقضية فدك وكما يلي:
1-                    فقد رُوِيَ في كتاب الاحتجاج[1].
2-                   وكذلك رُوِيَ في كتاب قرب الإسناد[2].
3-                   وكذلك رُوِيَ في كتاب الإمامة والسياسة[3].
4-                   وكذلك رُوِيَ في كتاب إحقاق الحق[4].
5-                   وكذلك رُوِيَ في كتاب حلية الأولياء[5].
6-                   وكذاك رُوِيَ في كتاب مستدرك الحاكم[6]على الصحيحين.
7-                   وكذلك رُوِيَ في كتاب أسد الغابة[7].
8-                   وكذلك رُوِيَ في كتاب الاستيعاب[8].
9-                   وكذلك رُوِيَ في كتاب مقتل الحسين[9]A للخوارزمي.
10-            وكذلك رُوِيَ في كتاب إرشاد الساري[10].
11-            وكذلك رُوِيَ في كتاب الإصابة[11].
12-            وكذلك رُوِيَ في كتاب تاريخ الخميس[12].
13-            وكذلك رُوِيَ في كتاب صحيح البخاري[13].
14-            وكذلك رُوِيَ في كتاب صحيح مسلم[14].
15-            وكذلك رُوِيَ في كتاب تاريخ الطبري[15].
16-            وكذلك رُوِيَ في كتاب السنن الكبرى[16].
17-            وكذلك رُوِيَ في كتاب مسند فاطمة[17].
18-            وكذلك رُوِيَ في كتاب الطبقات الكبرى[18].
19-            وكذلك رُوِيَ في كتاب مسند أحمد[19].
20-            وكذلك رُوِيَ في كتاب شرح النهج[20]
فمن تلك المصادر وهي حجة على المطلع فيحق مطالبة المرأة بحقها[21] وفضح الطغاة جوازاً بالمعنى الأعم الشامل للوجوب والاستحباب والإباحة، ولا فرق بين الرجل والمرأة من جهة المطالبة.
كما قال قال الامام عليA: (طلب التعاون على إقامة الحق ديانة وأمانة)[22]. وكما في الحديث: (ثلاث لا يستحيى منهن: ..وطلب الحق وإن قل)[23]. وقالA: (اخسر الناس من قدر على ان يقول الحق ولم يقل)[24].
ولها أن تحضر مجلس القضاء، وترفع الشكوى، إلى غير ذلك مما هو مذكور في أبواب الفقه، وإن لم ينفع ذلك فلها أن ترفع ظلامتها على رؤوس الأشهاد، كما فعلت السيدة فاطمة الزهراءB بذلك.
ومن الضروري فضح سياسة السلطات الجائرة ورجالاتها وتربية الناس عليهِ كما قال رسول اللهJ: (أفضل الجهاد كلمة حق عند سلطان جائر)[25] وبالمعنى الأعم المطالبة بالحق، فيكون شامل للمستحب والواجب، كل في مورده، حتى ولو كان الحق مادي ودنيوي.
ولا يخفى إن فاطمةB كانت تهدف من موقفها وخطبتها كخطوط عامة هدفين، وهما أهم من الجانب المادي الاول كشف القناع عن الحقيقة، وإثبات أن الحق في أمر الخلافة مع عليA عبر الاستدلال والمطالبة بحقه.
والاخر نتائج معنوية وتاريخية عبر فضح الغاصبين إلى يوم القيامة، ورسم المقياس لغرض معرفة الحق من الباطل، وتربية الأمة على التصدي للجور، وعدم السكوت عن الحق، والتضحية بكل غال ونفيس في سبيله.
وحققتB كلا الهدفين، بالإضافة إلى تحقق الجانب المادي بعد حين، كما يدل على ذلك رد جماعة مـن الحكام فدك وإن اغتصبها جماعة آخرين[26]. وقد كشفتB القناع عن وجه الحقيقة، وأثبتت أن الحق لعليA وفضحت الغاصبين، ورسمت ميزان الحقيقة للأجيال، وأعطت خير نموذج للتصدي للجور والظلم.
إضافة لذلك، كان دفاعها عن حق الإمام عليA أثر في عمق التاريخ، حيث أن جماعة من ذريتهِA وشيعته وصلوا إلى الحكم طول التاريخ الإسلامي، وليومنا هذا، في مسائل مفصلة، مذكورة بالتواريخ من جهاد الشيعة بين الماضي والحاضر والمستقبل ودور الدول الشيعية في التاريخ.
اذاً : يستحب نصرة الحق والانتصار له، إن أمكن. وهذا الاستحاب إذا كان الأمر مستحب، وإلا بخلافة يرتفع الى الواجب، وكما في الدعاء (ووفقنا لـ .. نصرة الحق واعزازه)[27] وقال الامام عليA: (لو لم تتخاذلوا عن نصرة الحق لم تهنوا عن توهين الباطل)[28].
والظاهر أن الزهراءB كان عليها جانب الوجوب، لأن نصرة الامامA خاصة في المواطن الخطيرة من الواجبات المؤكدة، وقد قال الرسولJ: (وانصر من نصره واخذل من خذله)[29]. وكذلك لمكانتها من رسول اللهJ وبين المسلمين أقدر من غيرها على ذلك.
خطبة فاطمة B واسانيدها واقوال العلماء: هذهِ الثورة العظيمة التي قامت بها الزهراءB فلولا هذه الخطبة التي وصلت لنا لما عرفنا امور عجيبة وغريبة على مرور الزمن وسنذكر ان شاء الله تعالى الشهرة الروائية الواسعة للاسانيد والرواة وراي العلماء فيها واما نص الخطبة[30] فهي :
روى عبد الله بن الحسن بإسناده عن آبائه قال: أنه لما أجمع أبو بكر وعمر على منع فاطمةB فدكا بلغها ذلك لاثت خمارها على رأسها واشتملت بجلبابها، وأقبلت في لمة من حفدتها ونساء قومها تطأ ذيولها، ما تخرم مشيتها مشية رسول اللهJ.
 حتى دخلت على أبي بكر وهو في حشد من المهاجرين والأنصار وغيرهم ، فنيطت دونها ملاءة، فجلست ثم أنت أنة أجهش القوم لها بالبكاء، فأرتج المجلس.
ثم أمهلت هنيئة حتى إذا سكن نشيج القوم وهدأت فورتهم، افتتحت الكلام بحمد الله والثناء عليه والصلاة على رسولهJ، فعاد القوم في بكائهم، فلما أمسكوا عادت في كلامها، فقالتB:
الحمد لله على ما أنعم، وله الشكر على ما ألهم، والثناء بما قدم، من عموم نعم ابتداها، وسبوغ آلاء أسداها، وتمام منن أولاها، جم عن الإحصاء عددها، ونأى عن الجزاء أمدها، وتفاوت عن الإدراك أبدها، وندبهم لاستزادتها بالشكر لاتصالها , واستحمد إلى الخلائق بإجزالها، وثنى بالندب إلى أمثالها.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، كلمة جعل الإخلاص تأويلها، وضمن القلوب موصولها، وأنار في التفكر معقولها، الممتنع من الأبصار رؤيته، ومن الألسن صفته، ومن الأوهام كيفيته، ابتدع الأشياء لا من شي‏ء كان قبلها، وأنشأها بلا احتذاء أمثلة امتثلها، كونها بقدرته، وذرأها بمشيته، من غير حاجة منه إلى تكوينها، ولافائدة له في تصويرها ، إلا تثبيتا لحكمته، وتنبيها على طاعته، وإظهارا لقدرته، تعبدا لبريته، وإعزازا لدعوته , ثم جعل الثواب على طاعته، ووضع العقاب على معصيته، ذيادة لعباده من نقمته، وحياشة لهم إلى جنته.
وأشهد أن أبي محمدا عبده ورسوله، اختاره قبل أن أرسله، وسماه قبل أن اجتباه، واصطفاه قبل أن ابتعثه، إذ الخلائق بالغيب مكنونة، وبستر الأهاويل مصونة، وبنهاية العدم مقرونة، علما من الله تعالى بمآيل الأمور، وإحاطة بحوادث الدهور، ومعرفة بمواقع الأمور.
ابتعثه الله إتماما لأمره، وعزيمة على إمضاء حكمه، وإنفاذا لمقادير حمته، فرأى الأمم فرقا في أديانها، عكفا على نيرانها، عابدة لأوثانها، منكرة لله مع عرفانها، فأنار الله بأبي محمد ظلمها، وكشف عن القلوب بهمها، وجلى عن الأبصار غممها، وقام في الناس بالهداية، فأنقذهم من الغواية، وبصرهم من العماية، وهداهم إلى الدين القويم، ودعاهم إلى الطريق المستقيم.
ثم قبضه الله إليه قبض رأفة واختيار، ورغبة وإيثار، فمحمد من تعب هذه الدار في راحة، قد حف بالملائكة الأبرار، ورضوان الرب الغفار، ومجاورة الملك الجبار، صلى الله على أبي، نبيه وأمينه، وخيرته من الخلق وصفيه، والسلام عليه ورحمة الله وبركاته.
ثم التفتت B إلى أهل المجلس. وقالتB: أنتم عباد الله نصب أمره ونهيه، وحملة دينه ووحيه، وأمناء الله على أنفسكم، وبلغاءه إلى الأمم، زعيم حق له فيكم، وعهد قدمه إليكم، وبقية استخلفها عليكم.
 كتاب الله الناطق، والقرآن الصادق، والنور الساطع، والضياء اللامع، بينة بصائره، منكشفة سرائره، منجلية ظواهره، مغتبطة به أشياعه، قائدا إلى الرضوان اتباعه، مؤد إلى النجاة استماعه، به تنال حجج الله المنورة، وعزائمه المفسرة، ومحارمه المحذرة، وبيناته الجالية، وبراهينه الكافية، وفضائله المندوبة، ورخصه الموهوبة، وشرائعه المكتوبة.
فجعل الله الإيمان تطهيرا لكم من الشرك، والصلاة تنزيها لكم عن الكبر، والزكاة تزكية للنفس ونماءً في الرزق، والصيام تثبيتا للإخلاص، والحج تشييدا للدين، والعدل تنسيقا للقلوب، وطاعتنا نظاما للملة، وإمامتنا أمانا للفرقة.
 والجهاد عزا للإسلام، والصبر معونة على استيجاب الأجر، والأمر بالمعروف مصلحة للعامة، وبر الوالدين وقاية من السخط، وصلة الأرحام منسأة في العمر ومنماة للعدد، والقصاص حقنا للدماء، والوفاء بالنذر تعريضا للمغفرة، وتوفية المكاييل والموازين تغييرا للبخس، والنهي عن شرب الخمر تنزيها عن الرجس، واجتناب القذف حجابا عن اللعنة، وترك السرقة إيجابا للعفة، وحرم الله الشرك إخلاصا له بالربوبية، فاتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون، وأطيعوا الله فيما أمركم به ونهاكم عنه، فإنه إنما يخشى اللهَ من عباده العلماءُ.
ثم قالتB: أيها الناس اعلموا أني فاطمة، وأبي محمد ، أقول عودا وبدوا، ولا أقول ما أقول غلطا، ولا أفعل ما أفعل شططا، (لَقَدْ جاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ ما عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُفٌ رَحِيمٌ(.
فإن تعزوه وتعرفوه تجدوه أبي دون نسائكم، وأخا ابن عمي دون رجالكم، ولنعم المعزى إليه، فبلغ الرسالة صادعا بالنذارة، مائلا عن مدرجة المشركين، ضاربا ثبجهم، آخذا بأكظامهم، داعيا إلى سبيل ربه بالحكمة والموعظة الحسنة، يجف الأصنام، وينكث الهام، حتى انهزم الجمع وولوا الدبر.
حتى تفرى الليل عن صبحه، وأسفر الحق عن محضه، ونطق زعيم الدين، وخرست شقاشق الشياطين، وطاح وشيظ النفاق، وانحلت عقد الكفر والشقاق، وفهتم بكلمة الإخلاص في نفر من البيض الخماص.
وكنتم على شفا حفرة من النار، مذقة الشارب، ونهزة الطامع، وقبسة العجلان، وموطئ الأقدام، تشربون الطرق، وتقتاتون القد، أذلة خاسئين، تخافون أن يتخطفكم الناس من حولكم، فأنقذكم الله تبارك وتعالى بمحمد.
 بعد اللتيا والتي، وبعد أن مني ببهم الرجال، وذؤبان العرب، ومردة أهل الكتاب، كلما أوقدوا نارا للحرب أطفأها الله، أو نجم قرن الشيطان أو فغرت فاغرة من المشركين قذف أخاه في لهواتها، فلا ينكفئ حتى يطأ جناحها بأخمصه، ويخمد لهبها بسيفه، مكدودا في ذات الله، مجتهدا في أمر الله، قريبا من رسول الله، سيدا في أولياء الله، مشمرا ناصحا، مجدا كادحا، لا تأخذه في الله لومة لائم، وأنتم في رفاهية من العيش، وادعون، فاكهون، آمنون، تتربصون بنا الدوائر، وتتوكفون الأخبار، وتنكصون عند النزال، وتفرون من القتال.
فلما اختار الله لنبيه دار أنبيائه، ومأوى أصفيائه، ظهر فيكم حسكة النفاق، وسمل جلباب الدين، ونطق كاظم الغاوين، ونبغ خامل الأقلين، وهدر فنيق المبطلين، فخطر في عرصاتكم، وأطلع الشيطان رأسه من مغرزه، هاتفا بكم، فألفاكم لدعوته مستجيبين، وللعزة فيه ملاحظين.
ثم استنهضكم فوجدكم خفافا، وأحشمكم فألفاكم غضابا، فوسمتم غير إبلكم، ووردتم غير مشربكم، هذا والعهد قريب، والكلم رحيب، والجرح لما يندمل، والرسول لما يقبر، ابتدارا زعمتم خوف الفتنة، ألا في الفتنة سقطوا، وإن جهنم لمحيطة بالكافرين.
فهيهات منكم، وكيف بكم، وأنى تؤفكون، وكتاب الله بين أظهركم، أموره ظاهرة، وأحكامه زاهرة، وأعلامه باهرة، وزواجره لائحة، وأوامره واضحة، وقد خلفتموه وراء ظهوركم، أرغبة عنه تريدون، أم بغيره تحكمون، بئس للظالمين بدلا، ومن يتبع غير الإسلام دينا فلن يقبل منه، وهو في الآخرة من الخاسرين.
ثم لم تلبثوا إلا ريث أن تسكن نفرتها، ويسلس قيادها، ثم أخذتم تورون وقدتها، وتهيجون جمرتها، وتستجيبون لهتاف الشيطان الغوي، وإطفاء أنوار الدين الجلي، وإهمال سنن النبي الصفي، تشربون حسوا في ارتغاء، وتمشون لأهله وولده في الخمرة والضراء، ويصير منكم على مثل حز المدى، ووخز السنان في الحشا، وأنتم الآن تزعمون أن لا إرث لنا، أفحكم الجاهلية تبغون، ومن أحسن من الله حكما لقوم يوقنون، أ فلا تعلمون، بلى قد تجلى لكم كالشمس الضاحية أني ابنته.
أيها المسلمون، أأغلب على إرثي؟
يا ابن أبي قحافة، أفي كتاب الله ترث أباك، ولا أرث أبي، لقد جئت شيئا فريا، أفعلى عمد تركتم كتاب الله، ونبذتموه وراء ظهوركم، إذ يقول: (ووَرِثَ سُلَيْمانُ داوُدَ) وقال فيما اقتص من خبر يحيى بن زكريا، إذ قال:
( فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا يَرِثُنِي ويَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ) وقال: (وأُولُوا الارْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللَّهِ) وقال: (يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الانْثَيَيْنِ) وقال: (إِنْ تَرَكَ خَيْراً الْوَصِيَّةُ لِلْوالِدَيْنِ والأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ(.
وزعمتم أن لا حظوة لي، ولا إرث من أبي، ولا رحم بيننا، أفخصكم الله بآية أخرج أبي منها، أم هل تقولون إن أهل ملتين لايتوارثان، أولست أنا وأبي من أهل ملة واحدة، أم أنتم أعلم بخصوص القرآن وعمومه من أبي وابن عمي، فدونكها مخطومة مرحولة، تلقاك يوم حشرك، فنعم الحكم الله، والزعيم محمد، والموعد القيامة، وعند الساعة يخسر المبطلون، ولاينفعكم إذ تندمون، ولكل نبأ مستقر، وسوف تعلمون من يأتيه عذاب يخزيه، ويحل عليه عذاب مقيم.
ثم رمت بطرفها نحو الأنصار فقالتB: يا معشر النقيبة، وأعضاد الملة، وحضنة الإسلام، ما هذه الغميزة في حقي، والسنة عن ظلامتي، أما كان رسول الله أبي يقول:
 المرء يحفظ في ولده، سرعان ما أحدثتم، وعجلان ذا إهالة، ولكم طاقة بما أحاول، وقوة على ما أطلب وأزاول، أتقولون: مات محمد، فخطب جليل، استوسع وهنه، واستنهر فتقه، وانفتق رتقه، وأظلمت الأرض لغيبته، وكسفت الشمس والقمر، وانتثرت النجوم لمصيبته، وأكدت الآمال، وخشعت الجبال، وأضيع الحريم، وأزيلت الحرمة عند مماته، فتلك والله النازلة الكبرى، والمصيبة العظمى، لا مثلها نازلة، ولا بائقة عاجلة.
 أعلن بها كتاب الله جل ثناؤه في أفنيتكم، وفي ممساكم ومصبحكم، يهتف في أفنيتكم هتافا وصراخا، وتلاوة وألحانا، ولقبله ما حل بأنبياء الله ورسله، حكم فصل، وقضاء حتم.
( وما مُحَمَّدٌ إلا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أفَإِنْ ماتَ أَو قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلى أَعْقابِكُمْ ومَنْ يَنْقَلِبْ عَلى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئاً وسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ).
إيها بني قيله، أ أهضم تراث أبي، وأنتم بمرأى مني ومسمع، ومنتدى ومجمع، تلبسكم الدعوة، وتشملكم الخبرة، وأنتم ذوو العدد والعدة، والأداة والقوة، وعندكم السلاح والجنة، توافيكم الدعوة فلا تجيبون، وتأتيكم الصرخة فلا تغيثون، وأنتم موصوفون بالكفاح، معروفون بالخير والصلاح، والنخبة التي انتخبت، والخيرة التي اختيرت لنا أهل البيت، قاتلتم العرب، وتحملتم الكد والتعب، وناطحتم الأمم، وكافحتم البهم، لا نبرح أو تبرحون، نأمركم فتأتمرون، حتى إذا دارت بنا رحى الإسلام، ودر حلب الأيام، وخضعت ثغرة الشرك، وسكنت فورة الإفك، وخمدت نيران الكفر، وهدأت دعوة الهرج، واستوسق نظام الدين.
فأنى حزتم بعد البيان، وأسررتم بعد الإعلان، ونكصتم بعد الإقدام، وأشركتم بعد الإيمان، بؤسا لقوم نكثوا أيمانهم من بعد عهدهم، وهموا بإخراج الرسول، وهم بدءوكم أول مرة، أتخشونهم فالله أحق أن تخشوه، إن كنتم مؤمنين.
ألا وقد أرى أن قد أخلدتم إلى الخفض، وأبعدتم من هو أحق بالبسط والقبض، وخلوتم بالدعة، ونجوتم بالضيق من السعة، فمججتم ما وعيتم، ودسعتم الذي تسوغتم، فإن تكفروا أنتم ومن في الأرض جميعا، فإن الله لغني حميد.
ألا وقد قلت ما قلت هذا، على معرفة مني بالجذلة التي خامرتكم، والغدرة التي استشعرتها قلوبكم، ولكنها فيضة النفس، ونفثة الغيظ، وخور القناة، وبثة الصدر، وتقدمة الحجة، فدونكموها فاحتقبوها دبرة الظهر، نقبة الخف، باقية العار، موسومة بغضب الجبار، وشنار الأبد، موصولة بنار الله الموقدة، التي تطلع على الأفئدة.
فبعين الله ما تفعلون، وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون، وأنا ابنة نذير لكم، بين يدي عذاب شديد، فاعملوا إنا عاملون، وانتظروا إنا منتظرون.
فأجابها أبوبكر عبد الله بن عثمان وقال: يا بنت رسول الله لقد كان أبوك بالمؤمنين عطوفا كريما، رؤوفا رحيما، وعلى الكافرين عذابا أليما، وعقابا عظيما، إن عزوناه وجدناه أباك دون النساء، وأخا إلفك دون الأخلاء، آثره على كل حميم، وساعده في كل أمر جسيم، لا يحبكم إلا سعيد، ولا يبغضكم إلا شقي بعيد، فأنتم عترة رسول الله الطيبون، الخيرة المنتجبون، على الخير أدلتنا، وإلى الجنة مسالكنا، وأنت يا خيرة النساء، وابنة خير الأنبياء.
 صادقة في قولك، سابقة في وفور عقلك، غير مردودة عن حقك، ولا مصدودة عن صدقك، والله ما عدوت رأي رسول الله، ولا عملت إلا بإذنه، والرائد لا يكذب أهله، وإني أشهد الله وكفى به شهيدا.
 أني سمعت رسول الله يقول: نحن معاشر الأنبياء لا نورث ذهبا ولا فضة، ولا دارا ولا عقارا، وإنما نورث الكتاب والحكمة والعلم والنبوة، وما كان لنا من طعمة فلولي الأمر بعدنا، أن يحكم فيه بحكمه، وقد جعلنا ما حاولته في الكراع والسلاح، يقاتل بها المسلمون، ويجاهدون الكفار، ويجالدون المردة الفجار، وذلك بإجماع من المسلمين، لم أنفرد به وحدي، ولم أستبد بما كان الرأي عندي، وهذه حالي ومالي، هي لك وبين يديك، لا تزوى عنك، ولا ندخر دونك، وإنك وأنت سيدة أمة أبيك، والشجرة الطيبة لبنيك، لا ندفع ما لك من فضلك، ولا يوضع في فرعك وأصلك، حكمك نافذ فيما ملكت يداي، فهل ترين أن أخالف في ذاك أباك.
فقالت (فاطمة B): سبحان الله ما كان أبي رسول الله عن كتاب الله صادفا، ولا لأحكامه مخالفا، بل كان يتبع أثره، ويقفو سوره، أفتجمعون إلى الغدر اعتلالا عليه بالزور، وهذا بعد وفاته شبيه بما بغي له من الغوائل في حياته، هذا كتاب الله حكما عدلا، وناطقا فصلا، يقول: ( يَرِثُنِي ويَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ) ويقول: ( ووَرِثَ سُلَيْمانُ داوُدَ).
 وبين عز وجل فيما وزع من الأقساط، وشرع من الفرائض والميراث، وأباح من حظ الذكران والإناث، ما أزاح به علة المبطلين، وأزال التظني والشبهات في الغابرين، كلا بل سولت لكم أنفسكم أمرا، فصبر جميل، والله المستعان على ما تصفون.
فقال أبوبكر: صدق الله ورسوله، وصدقت ابنته، إنت معدن الحكمة، وموطن الهدى والرحمة، وركن الدين، وعين الحجة، لا أبعد صوابك، ولا أنكر خطابك، هؤلاء المسلمون بيني وبينك، قلدوني ما تقلدت، وباتفاق منهم أخذت ما أخذت، غير مكابر، ولا مستبد، ولا مستأثر، وهم بذلك شهود.
فالتفتت فاطمةB إلى الناس. وقالتB: معاشر المسلمين المسرعة إلى قيل الباطل، المغضية على الفعل القبيح الخاسر، أفلا تتدبرون القرآن، أم على قلوب أقفالها، كلا بل ران على قلوبكم ما أسأتم من أعمالكم، فأخذ بسمعكم وأبصاركم، ولبئس ما تأولتم، وساء ما به أشرتم، وشر ما منه اغتصبتم، لتجدن والله محمله ثقيلا، وغبه وبيلا، إذا كشف لكم الغطاء، وبان بإورائه الضراء، وبدا لكم من ربكم ما لم تكونوا تحتسبون، وخسر هنالك المبطلون، ثم عطفت على قبر النبيJ وقالتB:
قد كان بعدك أنباء وهنبـــــــــثة*إنــا فقدنـاك فـقـد الأرض وابلها
وكل أهل له قربى ومــــــــنـزلة*أبدت رجال لنا نجوى صدورهم
تـجـهمـتـنا رجـال واستخف بـنا*وكنت بدرا ونورا يستضاء بــه
وكان جـبرائيل بالآيات يؤنسـنا*فليت قبلك كان الموت صادفـنا   
لوكنت شاهدها لم تكـثر الخطب*واختل قومك فاشهدهم ولا تغب
عند الإلـه على الأدنـين مقـترب*لما مضيت وحالت دونك الترب
لما فقدت وكل الأرض مغتصب*عليك ينزل من ذي العزة الكتب‏
فقد فقدت و كل الخير  محتجـب‏*لما مضيت وحالت دونك الكثب
ثم انكفأت وأمير المؤمنينA يتوقع رجوعها إليه، ويتطلع طلوعها عليه، فلما استقرت بها الدار.
 قالتB لأمير المؤمنين: يا ابن أبي طالب اشتملت شملة الجنين، وقعدت حجرة الظنين، نقضت قادمة الأجدل، فخانك ريش الأعزل، هذا ابن أبي قحافة يبتزني نحلة أبي، وبلغة ابنيّ، لقد أجهد في خصامي، وألفيته ألد في كلامي، حتى حبستني قيلة نصرها، والمهاجرة وصلها، وغضت الجماعة دوني طرفها، فلا دافع ولا مانع، خرجت كاظمة، وعدت راغمة، أضرعت خدك يوم أضعت حدك، افترست الذئاب وافترشت التراب، ما كففت قائلا، ولا أغنيت طائلا، ولا خيار لي، ليتني مت قبل هنيئتي، ودون ذلتي، عذيري الله، منه عاديا، ومنك حاميا، ويلاي في كل شارق، ويلاي في كل غارب، مات العمد، ووهن العضد، شكواي إلى أبي، وعدواي إلى ربي، اللهم إنك أشد منهم قوة وحولا، وأشد بأسا وتنكيلا.
فقال أمير المؤمنينAلا ويل لك، بل الويل لشانئك، ثم نهنهي عن وجدك يا ابنة الصفوة، وبقية النبوة، فما ونيتُ عن ديني، ولا أخطأتُ مقدوري، فإن كنت تريدين البلغة، فرزقك مضمون، وكفيلك مأمون، وما أعد لك أفضل مما قطع عنك، فاحتسبي الله.
فقالتB: حسبي الله وأمسكت[31].انتهى.الخطبة.

[1] - كتاب الاحتجاج 1/119، 127، 207.
[2] - كتاب قرب الإسناد ص 47.
[3] - كتاب الإمامة والسياسة 1/13، 14.
[4] - إحقاق الحق 10/217.
[5] - حلية الأولياء 20/43.
[6] - مستدرك الحاكم 3/163.
[7] - أسد الغابة 5/254.
[8] - الاستيعاب 2/751.
[9] - مقتل الحسين A 1/83.
[10] - إرشاد الساري 6/362.
[11] - الإصابة 4/378.
[12] - تاريخ الخميس 1/313.
[13] - صحيح البخاري 4/96 و 5/177.
[14] - صحيح مسلم 5/25.
[15] - تاريخ الطبري 3/208.
[16] - السنن الكبرى 6/300.
[17] - مسند فاطمة B ص 15 ح 15.
[18] - الطبقات الكبرى 2/315.
[19] - مسند أحمد1/13.
[20] -  شرح النهج 16/232.
[21] -  راجع : فقه الزهراء B السيد محمد الشيرازي H.
[22] - غرر الحكم ودرر الكلم ص69 ح977.
[23] - كتاب : غرر الحكم ودرر الكلم ص69 ح978.
[24] - غرر الحكم ودرر الكلم ص70 ح985.
[25] - غوالي اللئالي ج1 ص432 المسلك الثالث ح131.
[26] - راجع : موسوعة بحار الانوار للمجلسيH ج22 ص295 ب7 ح1. و: ج46 ص326 ب8 ح3. و: ج75 ص181 ب22 ح6.
[27] - الصحيفة السجادية ص51 من دعائهA لنفسه ولأهل ولايته.
[28] - غرر الحكم ودرر الكلم ص70 ح983.
[29] - بحار الأنوار: ج23 ص145 ب 7 ح 103.
[30] - راجع : عوالم العلوم ومستدركاتها ج 2 ص 652-697 تحقيق ونشر مؤسسة الامام المهدي A قم المقدسة.
[31] - عوالم العلوم ومستدركاتها ج2ص652-697مؤسسة الامام المهديA قم المقدسة.