الأربعاء، 12 أبريل 2017

ق1 التفسير الإشاري او الفيضي ومن جميع جوانبه


ق1 التفسير الإشاري او الفيضي ومن جميع جوانبه
المسمى بالتفسير الفيضى أو الإشارى من تأويل آيات القرآن الكريم على خلاف ما يظهر منها بمقتضى إشارات خفية تظهر لأرباب السلوك، ويمكن التطبيق بينها وبين الظاهر المرادة.
وهي إشارات في النفس ولا علاقة لها بالأحكام من حرام وحلال، ولا تدخل الإشارات في العقائد إلا ما كان منها لصيقا بالسلوك مثل التوكل والقدرة والقضاء والقدر، على أن هذه الإشارت في العقائد هي من باب تطبيق العقائد والعمل بها.
وحجتهم انه إشار القرآن إليه، كما في قوله تعالى: (فَمَالِ هاؤلاء القوم لاَ يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثاً)[1] وقوله تعالى: (أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ القرآن وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ الله لَوَجَدُواْ فِيهِ اختلافا كَثِيراً)[2] وقوله تعالى: (أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ القرآن أَمْ على قُلُوبٍ أَقْفَالُهَآ)[3].
فهذه الآيات كلها تشير إلى أن القرآن له ظهر وبطن بحسب حجتهم. وذلك لأنّ الله تعالى حيث ينعى على الكفار أنهم لا يكادون يفقهون حديثاً، ويحضهم على التدبر في  آياته.
لا يريد بذلك أنهم لا يفهمون نفس الكلام، أو حضهم على فهم ظاهره، لأن القوم عرب ونزل بلغتهم، والقرآن لم يخرج عن لغتهم فهم يفهمون ظاهره بلا شكّ.
بل أراد بذلك من أنهم لا يفهمون عن الله مراده من الخطاب، وحضَّهم على أن يتدبروا في  آيات القران حتى يقفوا على مقصود الله ومراده، وذلك هو الباطن الذى جهلوه ولم يصلوا إليه بعقولهم.
وأما حجتهم في ما روي في السنة فذلك في الحديث الذى أخرجه الفريابي من رواية الحسن مرسلاً عن رسول اللهJ أنه قال: لكل آية ظهر وبطن، ولكل حرف حد، ولكل حد مطلع.
وكذلك في الحديث الذى أخرجه الديلمي من رواية عبد الرحمن بن عوف مرفوعاً إلى رسول اللهJ أنه قال: القرآن تحت العرش، له ظهر وبطن يُحاج العباد.
ففي هذين الحديثين تصريح من أن القرآن له ظهر وبطن. ولكن ما هو الظهر وما هو البطن؟ هنا اختلفوا في  بيان ذلك كما قيل:
فقيل: ظاهر الآية - لفظها. وباطنها: تأويلها.
كما قال أبو عبيدة : إن القَصص التى قصَّها الله تعالى عن الأُمم الماضية وما عاقبهم به ظاهرها الإخبار بهلاك الأوَّلين، وحديث حَدَّث به عن قوم، وباطنها وعظ الآخرين وتحذيرهم أن يفعلوا كفعلهم، فيحل بهم مثل ما حلَّ بهم.. ولكن هذا خاص بالقَصص، والحديث يعم كل آية من آيات القرآن.
وحكى ابن النقيب قولاً ثالثا : وهو أن ظهرها ما ظهر من معانيها لأهل العلم، وبطنها ما تضمنته من الأسرار التى أطلع الله عليها أهل الحقائق.
وقالوا ان الصحابة نُقِل عنهم من الأخبار ما يدل على أنهم عرفوا التفسير الإشارى وقالوا به، أما الروايات الدالة على أنهم يعرفون ذلك فمنها: ما أخرجه ابن أبى الحاتم من طريق الضحَّاك عن ابن عباس أنه قال:
إن القرآن ذو شجون وفنون، وظهور وبطون، لا تنقضى عجائبه، ولا تُبلغ غايته، فمَن أوغل فيه برفق نجا، ومَن أخبر فيه بعنف هوى، أخبار وأمثال، وحلال وحرام، وناسخ ومنسوخ، ومُحكم ومتشابه، وظهر وبطن، فظهره التلاوة، وبطنه التأويل، فجَالِسُوا به العلماء، وجَانِبُوا به السفهاء.
وكذلك مثلهِ روى عن أبى الدرداء أنه قال: لا يفقه الرجل كل الفقه حتى يجعل للقرآن وجوهاً.
وجاء عن ابن مسعود أنه قال: مَن أراد علم الأوَّلين والآخرين فليَثَوِّر القرآن.
وكذلك من حجتهم على هذا المسلك حينما قالوا ان تفسير الناس يدور على ثلاثة أصول: تفسير على اللفظ: وهو الذي ينحو إليه المتأخرون، وتفسير على المعنى: وهو الذي يذكره السلف، وتفسير على الإشارة والقياس: وهو الذي ينحو إليه كثير من الصوفية وغيرهم، وهذا لا بأس به بأربعة شرائط:
احدهما أن لا يناقض معنى الآية. والاخر أن يكون معنى صحيحا في نفسه. والثالث أن يكون في اللفظ إشعار به. والاخير أن يكون بينه وبين معنى الآية ارتباط وتلازم. فإن اجتمعت هذه الأمور الأربعة كان استنباطا حسنا[4].
وقالوا لا ريب أن الله يفتح على قلوب أوليائه المتقين وعباده الصالحين ما لا يفتح به على غيرهم وهذا كما قال عليٌّA: إلا فهما يؤتيه الله عبدا في كتابه, وفي الأثر: من عمل بما علم ورّثه الله علم ما لم يعلم, وقد دل القرآن على ذلك في غير موضع[5].
والمقصود تفاوت الناس في مراتب الفهم في النصوص وأن منهم من يفهم من الآية حكما أو حكمين, ومنهم من يفهم منها عشرة أحكام أو أكثر من ذلك, ومنهم من يقتصر في الفهم على مجرد اللفظ دون سياقه ودون إيمائه وإشارته وتنبيهه واعتباره[6].
أولاً  : نبذة وتعريف التفسير الاشاري: وهذا التفسير هو المعتمد على الإشارة ويستنبط من الكلمة أو الجملة ومعناها استنباطات واسعة، ويقال ان ابرز من اشتهر بهذا التفسير هم الصوفية.
وتلاحظ ان القائل بالتفسير الإشاري لا ينكر كون ظاهر اللفظ مراداً، ولكن يقول من أنّ في هذه الظواهر المعنوية، إشارات إلى معان خفية يفهمه عدد من أرباب السلوك وأولو العقل والنهى، وبذاك يمتاز عن تفسير الرأي، هذا هو حاصل التفسير الإشاري[7].
واستدلّ القائلين بالتفسير الإشاري بعنصرين مهمين احدهما عدم ادراك المعاني والحقائق من أول نظرة للكلمة او الجملة.
انّ ايات القرآن تدعو إلى التدبّر والتفكّر فيها، ومعنى ذلك هو انّ القرآن يحتوي على معاني وحقائق لا تدرك بالنظرة الأُولى لظاهر اللفظ.
بل لابدّ الدخول في بحر التأمّل والتعمّق لكي يقف الإنسان على إشاراته ورموزه، كما في قوله تعالى: ( فَما لهؤلاءِ القومِ لا يكادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثاً)[8].
وكذلك قوله تعالى: ( أَفَلا يَتَدبّرونَ القُرآنَ ولَو كانَ مِنْ عِندِ غَيرِ اللّهِ لوجَدُوا فِيهِ اختلافاً كَثِيراً)[9]. وكذلك قوله تعالى: ( أَفَلا يَتَدَبَّرونَ القُرآنَ أَمْ عَلى قُلُوب أَقفالُها)[10].
فالآيات السابقة تصف الكافرين من أنّهم لا يكادون يفقهون حديثاً, فلا تريد الاية بذلك أنّهم لا يفهمون نفس الكلام، لأنّهم قوم عرب والقرآن لم يخرج عن لغتهم العربية فهم يفهمون ظاهره بدون اي شك.
وإنّما أراد بذلك لأنّهم لا يفهمون مراد الله من الخطاب، فحضّهم على أن يتدبّروا في آياته حتى يقفوا على مقصود اللّه ومراده، وذلك هو الباطن الذي جهلوه ولم يصلوا إليه بعقولهم[11].
فيلاحظ عليه[12] من ان الآية الكريمة تدعوا للتدبر والامعان وأنّ الاستدلال بهذه الآيات من الضعف بمكان، فانّها تدعو إلى التدبّر في نفس المفاهيم المستفادة من ظاهر الفاظ الآيات.
وما دام القران كونه بلغة العرب، وكذلك لكون القوم عُرباً فلا يكفي في فهم القرآن الكريم من دون التدبّر والإمعان فيه.
فهل يكفي من كونهم عرب يكون لديهم فهم مغزى قوله سبحانه وتعالى: (هُوَ الأَوّل وَالآخر وَالظّاهر وَالباطن وَهُوَ بِكُلِّ شَيء عَليم)[13].
ومثلهِ كذلك قوله تعالى: ( لو كانَ فِيهما آلهة إِلاّ اللّه لَفَسدَتا فسُبحان اللّه ربّ العرش عَمّا يَصِفُون)[14].
وكذلك مثلهِ قوله تعالى: ( وما َ مَعَهُ مِنْ إِله إِذاً لَذَهَبَ كُلُّ إِله بِماخَلَقَ وَلَعَلا بَعْضهُم عَلى بَعْض سُبْحانَ اللّه عَمّا يَصِفُون)[15]. ففي فهم ايات القران السابقة دعوة لغرض التدبّر لا يدلّ على أنّ للقرآن وراء ما تفيده ظواهره بطناً.
والامر الآخر يمكن أن يكون الأمر بالتدبّر هو تطبيق العمل على مايفهمه من ظاهر القرآن، فلربّما شخص ناصح أدلى بكلام من القران واتخذه نصيحة للأهل والولد، ولكنّهم إذا لم يطبقوا عملهم على قول ناصحهم، يعود هذا الشخص الناصح إليهم فيقول: لماذا لا تتدبّرون كلامي هذا. ولماذا لا تعقلون؟.
وفي المنهج الإشاري في التفسير للاستاذ فلاح السعدي قال العمل والتخلق بما حوى من اللمسات الموصلة والمقامات الى الرب الجليل المنعم على خلقه.
فتعريف المنهج الإشاري : هو أحد المناهج القديمة في التفسير, وقد عرف بأسماء متنوعة, مثل: التفسير (التأويلي, الباطني, العرفاني, الصوفي, الشهودي, والرمزي).
فكل من هذه الأسماء السابقة اشار إلى اتجاه خاص من التفسير, وهناك اختلاف كبير في وجهات النظر فيما بين المفسّرين والمحقّقين بالنسبة لهذا المنهج وأنواعه, فهناك من ارتضى بعض أقسامه واستفاد منه, وبعضهم من رفضه واعتبره من التأويل والباطن[16].
وكذلك عرِّف من أنه : تفسير القرآن بغير ظاهره لإشارة تظهر لأرباب الصفاء , مع عدم إبطال الظاهر كما قال الزرقاني التفسير الإشاري:
هو تأويل القرآن بغير ظاهره لإشارة خفية تظهر لأرباب السلوك والتصوف ويمكن الجمع بينها وبين الظاهر المراد أيضا[17].
وذكر الصابوني التفسير الإشاري قال: هو تأويل القرآن على خلاف ظاهره، لإشارات خفية تظهر لبعض أولي العلم، أو تظهر للعارفين بالله من أرباب السلوك والمجاهدة للنفس، ممن نور الله بصائرهم فأدركوا أسرار القرآن العظيم.
أو انقدحت في أذهانهم بعض المعاني الدقيقة، بواسطة الإلهام الإلهي أو الفتح الرباني، مع إمكان الجمع بينهما وبين الظاهر المراد من الآيات الكريمة[18].
واما الإشارة لغةً: فهي بمعنى العَلاّمَة والإيماء, والذي يعني اختيار أمر من الأمور (من القول, أو العمل, أو الرأي)[19].
واما الإشارة في الاصطلاح:- فهي تعني أنْ يستفاد شيء من الكلام بدون أنْ يكون موضوعا له.
وهذه الإشارة قد تكون حسّية, كما هو الحال في معاني ألفاظ الإشارة مثل (هذا), وقد تأتي ذهنية مثل الإشارة للمعنى في الكلام, بحيث لو أراد التصريح به للزمه الكثير من مؤونة الكلام, ثم إنّ الإشارة قد تكون ظاهرة, وقد تكون خفيّة[20].
إذاً التفسير الإشاري يطلق على إشارات خفيّة موجودة في آيات القرآن, التّي تعتمد على أساس العبور من ظواهر القرآن والأخذ بباطن اللفظ والمعنى.
أي بمعنى اوضح هو استخراج وفهم وتوضيح نكتة من مضمون الآية لا توجد في ظواهر الآية عن طريق دلالة الإشارة.
وبعبارة أقصر: الإشارة هي من الدلالة الإلتزامية للكلام.
إذاَ التفسير الإشاري يشير من دون ظاهره لإشارة خفية تظهر لأرباب السلوك, ويمكن الجمع بينها وبين الظاهر المراد أيضا[21].
وهو تفسير يشير إلى التأملات التي تحصل عن طريق ما ينفتح ويقدح في ذهن المُفسِّر العارف من الأمور اللطيفة التي لها ربط ومناسبة مع ظواهر الآيات القرآنية, غير أنّه يفُسِّر ويؤول على غير ظاهرها مع محاولة الجمع بين الظاهر الذي وجده والخفي[22] الذي ظهر عنده.
كما جاء في الحديث النبوي (ما في القرآن آية إلاّ ولها ظهر وبطن)[23] وكذلك ما جاء عن الإمام الصادقA قال:
( كتاب الله عزّ وجل على أربعة أشياء : على العبارة, والإشارة, واللطائف والحقائق, فالعبارة للعوام, والإشارة للخواص, واللطائف للأولياء, والحقائق للأنبياء)[24].
والتفسير من خلال هذا المعنى لا يخالف الشرع ولا العقل, بل هو محاولة عقلية تعتبر ذكية من حيث التعَمّق في معاني الآيات, ومن خلال ما ينطبق منها على الأنفس والآفاق المرتبطة بالألفاظ وسياق الأسلوب وغيرها.
وذلك من حيث إنّ تمامية وكمال فهم ايات القرآن تعتمد على التفسير الثلاثي للقرآن: أي ( القرآن أو الكتاب التدويني, والكتاب الآفاقي, والكتاب الانفسي).
فمن يرغب أنْ يعكف على تفسير وفهم كتاب الله تعالى لا يستطيع أنْ يصل به إلى غاية كماله ولا يستطيع أن يستوعب علومه ومعارفه.
ما لم يتطرق الباحث للقرآن الآفاقي والأنفسي, ويحاول تفسير الكتاب التدويني على أساس الآيات الانفسية والآفاقية ومة ثم كيفية الربط فيما بينهما.
كما جاء في قوله تعالى: ( سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ)[25] من حيث إنّ عالم الإمكان بما رحب هو التفصيل لذلك الكتاب.
وقد أشار لهذا القول السيد حيدر الآملي العارف الشيعي الامامي بقوله إنَّ العالم المعبّر عنه بالآفاق كلّه كتاب الهي, ومصحف ربّاني مشتمل على الآيات والكلمات والحروف[26].
وتلاحظ إنّ الإنسان هو الإجمال لذلك التفصيل, فكل ما في عالم هذا الكون هو موجود إجمالا في الإنسان, كما يشير إلى ذلك ما جاء عن الإمام عليA انه قال:
وتزعم أنّك جرم صغير * وفيك انطوى العالم الأكبر[27]
كما التفسير الإشاري يؤخذ به إذا كان هناك شاهد شرعي يؤيده حتى وإنْ كان منافي لظواهر نظم القرآن وأنْ لا يكون لـه معارض شرعي أو عقلي, وأنْ لا يدعي أنّه المراد وحده دون الظاهر[28].
ثانياً : الآراء في التفسير الإشاري : تلاحظ اختلاف العلماء في التفسير الإشاري، وقد تباينت فيه آراؤهم فتجد منهم من أجازه ومنهم من منعه، ومنهم من اعتبره من كمال الإيمان ومحض العرفان، ومنهم من وقف ضده واعتبره زيغ وضلال وانحراف عن دين الله تعالى.
فالتفسير الإشاري معناه هو تأويل القرآن على خلاف ظاهره, لإشارات خفية تظهر للبعض من أولي العلم فأدركوا أسرار القرآن العظيم.
أو قد انقدحت في أذهانهم البعض من المعاني الدقيقة بواسطة او غيرها, مع إمكان الجمع بينها وبين ظاهر المراد من الآيات الكريمة.
وهذا النوع من التفسير اختلف العلماء فيه, فمنهم من أجازه ومنهم من منعه حتى لا يكون مدعاة للتفسير.
وتجد تعدد التفاسير وفقا للخلفية العلمية للقائم بالتفسير ومن بين أنواع التفاسير المختلفة يمكنك أن تعدد أنواعاً للتفاسير وفقا لمدخل التفسير والهدف منه وخلفية القائم عليه, فكان كل منهم يغلب في تفسيره الفنِّ الذي التزمه.
وتفسير القرآن على وفق المأثور الذي اعتمد على ما نقل عن رسول اللهJ وصحابته من النصوص اياً كانت في تفسير الآيات ومناسبات النزول، ومن أشهر هذه التفاسير كما أشرنا تفسير الطبري وابن كثير والشوكاني.
والتفسير الأَخباري وهو يهتم بالقصص واستيفاؤها، والإِخبار عَمَّن سلف، كما في تفسير الثعلبيّ‏. (الكشف والبيان).
والتفسير اللغوي الذي يعتمد على فهم اللغة العربية ودلالات ألفاظ القرآن ومعانيها، وبيان أوجه الإعجاز البياني في القرآن، والتراكيب والمفردات، وغيرها.
واللغة هي أحد شُروط الْمُفسِّر، وأحد مصادر التفسير كما عن ابْن عَبَّاس إِذَا سَأَلْتُمُونِي عَنْ غَرِيبِ الْقُرْآنِ فَالْتَمِسُوهُ فِي الشِّعْرِ، فَإِنَّ الشِّعْرَ دِيوَانُ الْعَرَبِ واشتهرت بعض التفاسير باللغة مثل:
تفسير الزمخشري وتفسير أبي حيان الأندلسي، وتفسير أحمد بن يوسف بن عبد الدائم المعروف بالسمين الحلبي، وغيرها. ومن العصر الحديث تفسير (خواطر الشيخ الشعراوي).
والتفسير النحويّ وهو قد يدمج مع التفسير اللغوي ويركز على الإِعراب وتكثير الأَوجه المحتملة فيه، وكذلك نقل قواعد النحو ومسائله وفروعه وخلافيّاته؛ كما عند الزَّجَّاج والواحدي في (البَسيط) وأَبي حيّان في البحر والنهر وتفسير الزمخشري (الكشاف عن حقائق غوامض التنزيل).
وكذلك التفسير اللفظي الذي يعتمد على تفسير القرآن على وفق المدلول اللفظي للقرآن مثل التفسير الميسر للقرآن، وقيل هذه التفاسير يعتمد عليها كأساس لترجمة معاني القرآن الكريم إلى اللغات الأجنبية المختلفة.
وكذلك التفسير البلاغي الذي يعتمد بدرجة كبيرة على فهم بلاغة القرآن الكريم ومعانيه المباشرة والبليغة وعلى صوره الفنية واللفظية ومن أشهر هذه التفاسير تفسير (في ظلال القرآن) لسيد قطب.
وكذلك التفسير الفقهي يسرد فيه القضايا الفقهية وربما استطرد إلى إقامة أَدلة الفروع الفقهية، كما في تفسير القرطبي (الجامع لأحكام القرآن).
والتفسير العقلي الذي يهتم بالعلوم العقلية مثل تفسير فخر الدين الرازي (مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير).
وكذلك التفسير الموضوعي للقرآن الكريم وهي كثيرة فمثلاً  الدكتورمحمد عبد الله دراز (دستور الأخلاق في القرآن الكريم). والشيخ سيد قطب (في ظلال القرآن). والدكتور عبدالستار فتح الله سعيد(المدخل إلى التفسير الموضوعي للقرآن الكريم وغيرها ونأتي بآراء العلماء وهي كما يلي:-
1 - ابن الصلاح : جاء انه نقل ابن الصلاح عن الإمام أبي الحسن الواحدي المفسر أنه قال: (صنف أبو عبد الرحمن السلمي حقائق التفسير، فإن كان قد اعتقد أن هذا تفسير فقد كفر).
ثم بعدها يعقب عليه كما في قوله :- وأنا أقول : الظن بمن يوثق به منهم أنه إذا قال شيء من أمثال ذلك أنه لم يذكره تفسيرا ولا ذهب به مذهب الشرح للكلمة المذكورة من القرآن العظيم، فإنه لو كان كذلك كانوا قد سلكوا مسلك الباطنية.
وإنما ذكر منهم ذلك كنظير ما ورد به القرآن فإن النظير يذكر بالنظير ومن ذلك، قتال النفس في الآية المذكورة في قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ قَاتِلُواْ الَّذِينَ يَلُونَكُم مِّنَ الْكُفَّارِ)[29].
فكأنه قال : أمرنا بقتال النفس ومن يلينا من الكفار ومع ذلك فياليتهم لم يتساهلوا في مثل ذلك لما فيه من الإيهام والإلباس[30].
2 – سعد الدين التفتازانى : انت تلاحظ في شرح العقائد النسفية وتحت قول النسفي : (النصوص على ظاهرها والعدول عنها إلى معان يدعها أهل الباطن إلحاد) قد علق سعد الدين التفتازانى كما في قوله:
سميت الملاحدة باطنية لادعائهم أن النصوص ليست على ظاهرها، بل لها معان باطنة لا يعرفها إلا المعلم وقصدهم في ذلك نفى الشريعة بالكلية.
وأما ما يذهب إليه بعض المحققين بأن النصوص على ظاهرها، ومع ذلك فيها إشارات خفية إلى دقائق تكشف عن أرباب السلوك، يمكن التوفيق بينها وبين الظواهر المرادة، فهي  من كمال الإيمان ومحض العرفان[31].
3 - محمد حسين الذهبي : تجد ان الامام الذهبي يقرر أن الأدلة مجتمعة تعطينا أن القرآن الكريم له ظهر وبطن، فظهر يفهمه كل من يعرف اللسان العربي، وبطن يفهمه أصحاب الموهبة وأرباب البصائر.
ولكن المعاني الباطنية للقرآن، لا تقف عند الحد الذي تصل إليه مداركنا القاصرة بل هي  أمر فوق ما نظن وأعظم مما نتصور.
ثم انه ذكر في نفس الصفحة : ( أما المعنى الباطن فلا يقف على جريانه على اللسان وحده بل لا بد فيه مع ذلك إلى نور يقذفه الله تعالى  في قلب الإنسان، يصير به نافذ البصيرة سليم التفكير، ومعنى هذا أن التفسير الباطن ليس أمرا خارجا عن مدلول اللفظ القرآني).
بعدها يقول : أما الصوفية أهل الحقيقة وأصحاب الإشارة فقد اعترفوا بظاهر القرآن ولم يجحدوه.
كما اعترفوا بباطنه ولكنهم حين فسروا المعاني الباطنية خلطوا عملا صالحا وآخر سيئا، فبينما تجد لهم أفهاما مقبولة تجد لهم بجوارها أفهاما لا يمكن أن يقبلها العقل أو يرضى بها الشرع.
ولاحظ خلاصة رأي الذهبي :- أن امثال هذه التفاسير الغريبة للقرآن مزلة قدم لمن يعرف مقاصد القوم، وليتهم احتفظوا بها لدى أنفسهم ولم يذيعوها على الناس فيوقعهم في حيرة واختلاف.
فمنهم من يأخذها على ظاهرها ويعتقد من ذلك هو مراد الله من كلامه، وإن عارضه ما ينقل في كتب التفسير على خلافها ربما كذب بها أو أشكل عليه.
ومنهم من يكذبها على الإطلاق فيرى أنها تقول على الله تعالى وبهتان، إذن ليتهم ما فعلوا ذلك.
إذن لأراحونا من هذه الحيرة وأراحوا أنفسهم من كلام الناس فيهم وقذف البعض لهم بالكفر والإلحاد في آيات الله[32].

[1]- سورة النساء الاية 78.
[2]- سورة النساء الاية 82.
[3]- سورة محمد الاية 24.
[4]- هو ابن القيم الجوزية في إعلام الموقعين.
[5]- هو بن تيمية الحراني في مجموع الفتاوي.
[6]- راجع : مع الصوفية في إشاراتهم تاليف : عماد الزرقان .
[7]- انظر : المناهج التفسيرية في علوم القرآن .
[8]- سورة النساء الاية 78.
[9]- سورة النساء الاية 82.
[10]- سورة محمد الاية 24.
[11]- التفسير والمفسرون، نقلاً عن الموافقات:3/382ـ 383.
[12]- راجع : المناهج التفسيرية في علوم القرآن.
[13]-  سورة الحديد الاية 3.
[14]- سورة الأنبياء الاية 22.
[15]- سورة المؤمنون الاية 91.
[16]- دروس في المناهج والاتجاهات التفسيريّة للقرآن: 310.
[17]- مناهل العرفان للزرقاني 2: 56.
[18]- التبيان في علوم القرآن للصابوني ص191.
[19]- التحقيق في كلمات القرآن الكريم 6: 149.
[20]- أصول التفسير وقواعده: 205ـ206.
[21]- مناهل العرفان 1: 497.
[22]-  المبادئ العامة لتفسير القرآن الكريم: 110.
[23]-  تفسير العياشي 1: 22, ح5 , وقريب من ذلك في كنز العمال 1: 550, ح2461.
[24]- بحار الأنوار 89: 103و20.
[25]- سورة فصلت الآية  53.
[26]- تفسير المحيط الأعظم والبحر الخضم في تأويل كتاب الله العزيز المحكم1:206.
[27]- ديوان الإمام علي A: 175.
[28]- تطور تفسير القرآن:  153, مناهل العرفان  2:  8.
[29]- سورة التوبة الآية 123.
[30]- فتاوى ومسائل ابن الصلاح في التفسير والحديث والأصول والفقه. تحقيق الدكتور موفق عبد الله عبد القادر1: 196.
[31]- العقائد النسفية وشرحها. سعد الدين التفتازاني ص143.
[32]- كتاب التفسير والمفسورن .د محمد حسين الذهبي 3: 42و22 طبعة دار الكتب الحديثة.