الأربعاء، 12 أبريل 2017

ق2 التفسير الفقهي تفاصيله وعوامله ومصادره والمذاهب الفقهية


ق2 التفسير الفقهي تفاصيله وعوامله ومصادره والمذاهب الفقهية
ثالثاً : مختصر تاريخ تدوين آيات الأحكام : وعندما تبحث حول تاريخ التحقيق والتأليف في آيات الأحكام لا بد من ان تقول إن هذه المسألة ترجع إلى عهد الامامين الصادقين’D.
هذا بالاضافة إلى تبيين أحكام القرآن عبر الاحاديث الفقهية والتفسيرية التي جاءت عن الإمام الباقر والصادق D فقد كان أصحاب هذين الإمامينD أول من ألفّ في مجال «فقه القرآن».
ففي هذه المرحلة قد قام أبو نصر محمد بن السائب بن بشر الكلبي الكوفي (ت146هـ) بتأليف الكتاب الأول.
وقد ذكر آقا بزرگ الطهرانيH هذا الكتاب وعَرّف به[1] وقد اعتبره كذلك الشيخ النجفيH هو أول التصانيف في موضوع «فقه القرآن».
كما قال ابن النديم في «الفهرست» عند ذكره ما لفظه: «كتاب أحكام القرآن للكلبي، رواه عن ابن عباس»[2].
وأما التعبير الذي استعمله السيد المرعشي النجفيH فهو: « روى فيه عن ابن عباس».
وهذا التعبير يشير بشكل واضح إلى أن ابن سائب الكلبي قد روى في هذا الكتاب عن ابن عباس أيضاً[3].
وهكذا تبين أن كلام ابن النديم الموحي من أن الكلبي قد نقل كل الأحكام عن ابن عباس هو كلام خاطئ؛ وخاصة أن الكلبي كان من أصحاب الإمامين الباقر والصادقD[4].
رابعاً : انطلاقة البحث الفقهي في القرآن : انطلاقاً مما ذكرناه مسبقاً في تعريف الأثر الأول في مجال فقه القرآن فلا بد أن نطلق اسم على القرن الثاني وهو اسم زمن التأسيس.
وعليك ان تعرف من باب التذكير أنه لم يكن هناك من بين أهل السنة من فكـّر في تأليف اي شيء في موضوع أحكام القرآن حتى ذلك الزمن.
ومن جهة أخرى فإن مقاتل بن سليمان بن بشر الخراساني (ت150هـ) هو من ألف ثاني كتاب في فقه القرآن، وذلك تحت عنوان «تفسير الخمسمائة آية في الأحكام» بعد تاليف ابن سائب في هذا القرن[5].
وقد قام كذلك البعض من الفضلاء بالتحقيق في نسخة هذا الكتاب الموجودة في مكتبة ببريطانيا.
وذكروا أن الاسم الحقيقي لهذا الكتاب هو «تفسير الخمسمائة آية من القرآن في الأمر والنهي والحلال والحرام»[6].
ولكن بالطبع، على الرغم من كون مقاتل بن سليمان أحد أصحاب الإمام محمد الباقرA[7] فهو لم يكن بريئاً من توجّهات وبيانات غير شيعية.
لذلك أطلق عليه البعض من الرجاليين وصف العامي، ولم يذكره السيد الامام ابو القاسم الخوئيu في رجاله.
ومن بعد تاليف مقاتل جاء أبو منذر هشام بن محمد بن السائب الكلبي (ت206هـ) وهو النسابة المشهور.
وهو أيضاً من أصحاب الإمامين محمد الباقر وجعفر الصادقD الى ان أدرك عصر الإمامين موسى الكاظم وعلي الرضاD وقد كتب كتاب «تفسير آيات الأحكام».
وقد ذكر آقا بزرگ الطهراني قال: «هشام الكلبي النسابة الشهير، وصاحب التفسير الكبير، الذي هو أبسط التفاسير[8] كما أذعن به العلامة السيوطي في الإتقان»[9].
وينقل السيد ابو القاسم الخوئيu عن النجاشيH قوله: هشام بن محمد…الناسب، العالم بالأيام…، له كتب كثيرة[10]. وقد بلغ عدد هذه الكتب ما يزيد عن خمسين نسخة[11].
خامساً : إرساء دعائم نهضة البحث الفقهي : فمما سبق ومع العودة إلى ما ذكرناه نستنتج من أنه لا اعتراض من التسليم بأن الشيعة هم المؤسّسون لعلم فقه القرآن كـ(علم مستقل).
وإن كان تجد هناك رأي خاطئ أصرّ عليه بعضهم، فمن جملتهم السيوطي وهو أن السنة هم رواد هذا العلم، وفي طليعتهم رئيس المذهب الشافعي محمد بن إدريس الشافعي.
نعم، ترك الشافعي أثراً بسيطاَ في مجال آيات الأحكام، وهو ما اشتهر عندهم باسم «أحكام القرآن»، وقد اشتهر المصنف أيضاً باسم «أحكام القرآن للبيهقي».
وسبب التسمية لأن أحمد بن حسين البيهقي (458هـ) قد نظمه ورواه، وعليى هذا يمكنك ان تقول من إن الشافعي من الرواد في علم فقه القرآن فيما بين السنة.
وعلى مرور الزمن ترك المفسرين الفقهاء وخصوصاً الفقهاء المفسرون من الشيعة الامامية ما يقارب من مئة أثر ثمين، أضافوه إلى تراث البحث القرآني.
وقد ذكر الشيخ آقا بزرگ الطهرانيH في مؤلّفه القيم «الذريعة إلى تصانيف الشيعة» ثلاثين أثراً للمؤلّفين الشيعة[12].
وقد اعتبر أيضاً السيد شهاب الدين المرعشيH 29 أثراً لعلماء الشيعة، وذلك في مقدمته على كتاب «مسالك الأفهام إلى آيات الأحكام»[13].
وجاء انه ذكر الدكتور عباس ترجمان في مقدمته على كتاب «فقه القرآن»، وكذلك الشيخ محمد يزدي، نقلاً عن مجلة «تراثنا» في قسم «فقه القرآن في التراث الشيعي» لـ(44 أثراً)[14].
وفي الآخر نظم محمد علي هاشم زاده من إعداد فهرس جامع شامل لجميع كتب آيات الأحكام، وذلك عبر المراحل التاريخية.
وجاء انه ذكر فيه تعريفاً للآثار الشيعية باختصار[15] وبالطبع فإن التداخل يحتوي الكثير من الآثار التي تم التعريف بها في هذه المصنّفات الأربع.
والكلام هنا حول تفسير آيات الأحكام منالقران على نحو مستقل، وإن كان المفسّرين الجامعون بأكملهم، والمفسّرون الذين اتبعوا المنهج الترتيبي، قد كتبوا في هذا الموضوع أثناء تفسيرهم للآيات الفقهية في القرآن الكريم.
سادساً : البحث الفقهي القرآني في المراحل المختلفة : واجهت نهضة البحث الفقهي عبر الزمن العديد من حالات الصعود والهبوط، ونحن نقتصر على إشارة سريعة إليها فقط؛ لأن هذا ما يسمح به هذا المختصر، ونأخذ ما يصب في قالب التقرير والتحليل للمراحل المختلفة.
فلو أنتقلنا قليلاً بالحديث إلى أساليب التفسير ونأخذ مثلاً التفسير التحليلي - التفسير الإجمالي - التفسير المقارن والتفسير الموضوعي نتعرف على كل واحد من جانب معين وهي كما يلي:-
التفسير التحليلي : وهو الأسلوب الذي يتتبع فيه المفسر الآيات حسب ترتيب القران سواء تناول جملة من الآيات متتابعة أو سورة كاملة أو القرآن كله.
ومن ثم يبين ما تعلق بكل آية من معاني ألفاظها، ووجوه البلاغة فيها وأسباب نزولها وأحكامها ومعناها ونحو ذلك. ويمكن ان يكون التفسير التحليلي بالمأثور أو بالرأي.
التفسير الإجمالي : وهو أسلوب يعمد فيه المفسر إلى الآيات القرآنية حسب ترتيب المصحف فيبين معاني الجمل فيها متتبعا ما ترمي إليه الجمل من الأهداف، ومن ثم يصوغ ذلك بعبارات من ألفاظه لكي يسهل فهمها وتتضح مقاصدها للقارئ والمستمع. وكذلك يمكن ان يكون التفسير الإجمالي بالمأثور أو بالرأي.
التفسير المقارن : وهو الذي يعمد المفسر فيه إلى الآية أو الآيات فيجمع ما حول موضوعها من نصوص سواء كانت نصوصا قرآنية أخرى، أو نصوص حديثية، أو للصحابة، أو للتابعين، أو للمفسرين، أو كتب سماوية.
ومن ثم يقارن فيما بين هذه النصوص، ويوازن بين الآراء مع استعراض الأدلة، ويبين الراجح وينقض المرجوح.
ويقال في هذا النوع من التفسير يجدون فوائد من حيث تكون المقارنة بين نص قرآني وبين نص في التوراة، أو نص في الإنجيل مع القرآن، والتفسير المقارن قد يعتمد على المأثور ولكنه يلزم فيه الاعتماد على الرأي في المقارنة والموازنة والترجيح.
التفسير الموضوعي : وهو الأسلوب الذي لا يفسر فيه صاحبه الآيات القرآنية حسب ترتيب المصحف بل يجمع كل الآيات القرآنية التي تتحدث عن موضوع واحد فيفسرها مجتمعة ويستنبط الحكم المشترك منها ومقاصد القرآن فيها.
وقالوا هو علم يتناول المسائل حسب مقاصد القرآن العليا من خلال سورة أو أكثر. وبالإضافة لذلك فإن التفسير الموضوعي يربط فيما بين موضوع السورة والسورة السابقة مع السورة اللاحقة لها إضافة إلى الترابط فيما بين آيات السورة وبعضها البعض.
1 ـ مرحلة الانطلاق القرن الثالث والرابع هجري : الظاهر أن هذا الاسم يليق بالقرن الرابع؛ وذلك لأن القرن الثاني استحق اسم مرحلة التأسيس للتاليف والعلوم.
ثم انه كان القرن الثالث خالياً عن أي أثر للبحث الفقهي، وقد أنجز أغلبية البحث الفقهي في القرن الرابع فما بعد.
وعلى هذا فقد كانت انطلاقة سير وركب البحث الفقهي في القرن الثالث أو الرابع، كما ذكر ابن النديم (ت385هـ) عالماً اسمه علي بن موسى القمي، وهو صاحب آثار عديدة، منها:
«آيات الأحكام»، وهو يذكره بإجلال، وكذلك كتاب «ما خالف فيه الشافعي العراقيين في أحكام القرآن»[16].
وانطلاقاً مما وصف به المؤرخ ابن النديم هذا العالم، من كونه ناقّداً لآراء الشافعيين، والكل يعرف جيداً أن هذا العالم هو شيعي، عاش في القرن الثالث أو الرابع، من دون أن نستطيع تشخيص التاريخ بدقة.
وفي القرن الرابع أكملت الحركة الفقهية طريقها ابتداءً من أثرين متزامنين تقريباً وهما:
أحدهما: كتاب «آيات الأحكام»، تأليف أبو الحسن عباد بن عباس طالقاني[17] (ت385هـ). وقد كتب ياقوت الحموي حول هذا المصنف او الكتاب فقال:
«… ينصر فيه مذهب الاعتزال، استحسنه كل من رآه»[18]. وظاهراً أن المقصود من عبارة الاعتزال هو أن الكتاب لم يجري على طريقة الفكر الأشعري.
وثانيهما: كتاب «شرح آيات الأحكام»، وهو تأليف إسماعيل بن عباد (385هـ)، ابن المؤلّف السابق، وهو قد توفي بزمن قصير بعد وفاة أبيه؛ والشيخ النجفي يذكر هذا الكتاب، ويزيد قائلاً من أن المؤلف لم يوفق لإتمام الكتاب[19].
وكما ان إسماعيل بن عباد كان معروفاً بـ«صاحب ابن عباد»، الوزير الأديب العالم (الوزير مؤيّد الدولة) في زمن آل بويه.
وكان له مع الشيخ الصدوق محمد بن علي بن بابويه، وأخيه الحسين بن علي بن بابويه، ارتباط علمي[20] واثر باقي كما في بطون الكتب.

وقد قال أشعاراً في مدح الإمام علي A[21]، وله كتاب عن حياة عبد العظيم الحسني[22]H.
2 ـ مرحلة الركود الأوّل (القرن الخامس والسادس هجري) : وبعد أن توفي إسماعيل بن عباد مؤلّف كتاب فقه القرآن في أواخر القرن الرابع، وبالتحديد في سنة 385هـ، لم يظهر أي أثر لتأليف الكتب حتى أواخر القرن السادس.
لهذا كان لا بد أن نطلق على هاتين الـ(200سنة) اسم مرحلة الركود الأول؛ ثم بعدها رجعت راية القرآن لتتحرك من جديد بعد النصف الثاني من القرن السادس.
وتم تأليف أحد أهم كتب فقه القرآن عند الشيعة الامامية، وذلك تحت اسم «فقه القرآن في أحكام القرآن». ومن خلال هذه التسمية.
فقد أدى بنا كمال هذا الكتاب إلى تسمية هذه المرحلة بمرحلة الرشد. وقد تم تأليف هذا الكتاب بالأيدي القديرة لأبي الحسين سعيد بن عبد الله بن الحسين بن هبة الله بن الحسن الراوندي، وهو معروف باسم «قطب الدين الرواندي» (573هـ).
وتلاحظ من خلال السيرة العطرة من التأليفات العلمية لقطب الدين الراوندي أن هذا العالم النشيط شاعرٌ وأديبٌ وفقيهٌ ومتكلّمٌ وفيلسوفٌ ومفسّرٌ شيعيٌّ عظيمٌ، وهو من تلاميذ أمين الدين الطبرسي مؤلِّف تفسير مجمع البيان.
ومن تأليفاته القرآنية باستثناء كتاب (فقه القرآن) وهي: (أسباب النزول)، (الناسخ والمنسوخ)، (أم القرآن)، (شرح آيات الأحكام)، (تفسير القرآن الكريم - في مجلّدين)، و(شرح الآيات المشكلة في التـنزيه)[23].
وأما مؤلفاته العلمية فهي تزيد عن الخمسين كتاب وهذا ما يحكي عن أن الذي كتب كتاب (فقه القرآن) هو شخصية علمية جامعة عظيمة.
وأما السبب او الباعث من وراء كتابة هذا الكتاب فيذكر نفس القطب الراوندي في مقدمة القرآن أن الذي دفعه إلى تأليف «فقه القرآن».
هو أنه لم يطلع من ان احداً من العلماء الماضين والحاضرين قد دوّن كتاباً مستقلاً يجمع فيه أحكام القرآن كلها بمجلد خاص.
وفي نفس هذا القرن تحديداً تم تأليف كتاب آخر في مجال فقه القرآن، وهو كتاب «تفسير آيات الأحكام»، ومؤلّفه هو أبو الحسن محمد بن حسين البيهقي النيشابوري (ت576هـ).
وقد نقل لنا السيد محمد العاملي في كتابه «نهاية المرام» البعض من المطالب هذا الكتاب[24].
وحاء انه ذكر الشيخ عباس القميH هذا العالم قائلاً: «شيخ فقيه، فاضل، ماهر، أديب، أريب، وبحر زاخر».
ومن ثم يذكر ثلاثة كتب له: أحدها: كتاب «الإصباح في الفقه»؛ والثاني: كتاب «أنوار العقول»، وهو يحتوي على أشعار أمير المؤمنينA؛ والثالث: كتاب «شرح نهج البلاغة»[25].
وهنا عليك ان تعلم لقد أضيء مشعل البحث الفقهي في النصف الثاني من القرن السادس بعد قرنين من الخمود (مرحلة الخمود الأولى).
ثم بعدها انطفأ مجدّداً في القرن السابع، وهي ما سنطلق عليه (مرحلة الخمود الثانية)؛ كما في القرن السابع والثامن من الزمن كانت الفترة شبيهة بتلك الممتدة من القرن الرابع إلى القرن السادس.
من حيث كانت الحوزات العلمية الشيعية خالية من أعمال البحث الفقهي القرآني، فكانت حينها ظروف استثنائية حالت دون ان يبحث العلماء بهذا العلم، ولهذا خلال هذين القرنين لم يُبصر نور أيّ تأليف في مجال تفسير آيات الأحكام.
وأما في نهايات او أواخر القرن الثامن، وربما في أوائل القرن التاسع، حصلت نهضة جديدة في مسيرة البحث الفقهي القرآني، وألف كتاب اسمه «النهاية في تفسير الخمسمائة آية».
وقد ذكر العلاّمة الأمين في تعريف الشيخ فخر الدين أحمد بن عبد الله بن سعيد بن المتوج البحراني أنه كان معاصراً للفاضل المقداد السيوري، وأن هذا الكتاب كان من مؤلّفاته[26].
ونسب السيد المرعشي النجفي أيضاً هذا الكتاب إلى فخر الدين أحمد بن عبد الله بن سعيد بن المتوج البحراني، وهو الذي توفي بعد عام 771هـ، وقد اعتبره من تلاميذ فخر المحقّقين[27].
وعلى هذا يكون الأستاذ والتلميذ قد توفيا في سنة واحدة، بفاصل زمني قصير ومحدود.
كما ذكر آقا بزرگ الطهرانيH في أول كلامه أن كتاب آيات الأحكام، المعنون بـأسم «النهاية في تفسير الخمسمائة آية من الآيات القرآنية».
هو لفخر الدين أحمد بن عبد الله بن سعيد بن المتوج، ومن ثم يستخدم تعبير: «قد ينسب» إلى أبيه، أي عبد الله بن سعيد المتوج البحراني[28].
3ـ مرحلة الحركة (القرن التاسع والعاشر هجري): هنا بدأت نهضة البحث الفقهي القرآني مسيرتها التكاملية منذ بداية القرن التاسع، وظهرت خلال هذين القرنين من الزمن آثار مؤلفات قليلة من حيث الكمية، كما في القرون السابقة.
ولكنها تحتوي على ندرة علمية وقيّمة من ناحية الكيفية، ففي هذا القرن كتب كتاب اسمه «منهاج الهداية في شرح آيات الأحكام الخمسمائة».
وقد ذكر السيد محسن الأمين أن صاحب هذا الكتاب هو جمال الدين أحمد بن عبد الله بن محمد بن علي بن الحسين بن المتوج البحراني (820هـ).
وينسب إليه العديد من الكتب القرآنية الأخرى، ومن جملتها: كتاب «الناسخ والمنسوخ»، وكتاب «تفسير القرآن المجيد»، وتفسير آخر مختصر اسمه «تفسير القرآن»[29].
ويذكرون أن مؤلف هذا الكتاب هو من أعاظم تلامذة فخر الدين أبو طالب محمد بن جمال الدين (682 ـ 771هـ)، ابن العلامة الحلي.
ومثلهِ ما رآه العلامة الطهراني أيضاً[30].
أما السيد المرعشي النجفي فقد اعتبر أن صاحب هذا الكتاب هو جمال الدين أحمد بن عبد الله بن محمد بن الحسن المتوج البحراني، الذي توفي عام 836هـ. وصرّح من أن أحمد بن عبد الله هذا هو غير أحمد بن عبد الله مؤلّف «النهاية»[31].
فبناءً على ما نقله العلامة الأمين يصبح مؤلف كتاب «المنهاج» هو أحمد بن عبد الله الملقب بـ«جمال الدين»، وجده هو محمد بن علي، بينما يعتقد السيد المرعشي أن جده محمد بن الحسن.
والذي يهمنا هنا هو أن تعلم أن هناك كتاب مؤلف عنوانه «منهاج الهداية»، وموضوعه فقه القرآن.
عدد آيات الأحكام : عليك ان تعلم إن التأكيد على العدد (500آية) في فقه القرآن يستـند إلى المشهور فيما بين الفقهاء، حتى اصبح هذا العدد عنوان لبعض المؤلفات عند اهل السنة والشيعة.
فبالإضافة إلى المؤلّفين اللذين حملوا عنوان الخمسمائة في هذه المرحلة، تجد انه اختار مقاتل بن سليمان (مر ذكره) عنوان «تفسير الخمسمائة آية في الأحكام» لمؤلِّفه في فقه القرآن.
وذلك جرى على ذلك الفرقة الأباضية، التي جعلت عنوان مادتها في فقه القرآن اسم كتابهم «تفسير الخمسمائة آية».
وقد جاء بعدها عبد الله بن محمد النجري اليماني (877هـ)، الذي ينتمي إلى الفرقة الزيدية، بإطلاق اسم «شافي (شفاء) العليل في شرح الخمسمائة آية من التـنزيل» على مؤلفهم.
ومع كل ذلك لا بد من الالتفات إلى أن هناك آراء أخرى في ما يتعلق بعدد آيات الأحكام، ومن هذه الآراء ما اعتقده عبد الله بن مبارك من أن آيات الأحكام تشكل تسعمائة آية من آيات القرآن[32].
وقد ذكر محمد بن عبد الله بن العربي بتفسير هذا العدد من الآيات، وهو من المؤلفين او الكتّاب في مجال آيات الأحكام، كان مالكيّ المذهب.
ولكن أرجح الاقوال اي أن أعلى رقم وصل إليه عدد آيات الاحكام هو الألفان فما زاد، وهو ما ذكره القرطبي في كتاب «الجامع لأحكام القرآن».
ولكن هناك من قال من أنها أقل من خمسمائة، منهم: الشيخ محمد خضري بك، الذي يعتقد بأن عدد آيات الأحكام لا يتجاوز الثلاثمائة[33].
ولاحظ هناك السيوطي والشيخ الطنطاوي اللذان اقتصرا على اعتبار مائة وخمسين آية من القران فقط ذات صلة بالأحكام[34].
ومع هذا كله يظهر أن الأقرب للحقيقة في هذا المجال هو العدد الذي يتراوح فيما بين (تسعمائة إلى ألف)، وهذا ما يمكنك استنتاجه من خلال المرور على الآيات الكريمة.
ولعله سبب هذا التفاوت الفاحش بالعدد هو عدم أخذ المكرّرات بعين الاعتبار عند إحصاء الآيات الفقهية، أو أنهم راعوا في ذلك عنوان الحكم.
وهذا ما سيؤدي بالطبع إلى قلة العدد المطروح، وهناك أيضاً من راعى جانب الصراحة والغموض في آيات الاحكام، وعدّ عدداً أكبر من الآيات الكريمة.
واحتمال أن السبب من وراء الأعداد الكبيرة المذكورة هي اتباع نوع من الرؤية في تحديد آيات الأحكام، حيث أرادوا أن يحصلوا على بعض الاستفادات الفقهية من خلال آيات لا يظهر كونها من آيات الأحكام، كما في آيات الأمثال، وآيات القصص، وآيات القسم، وغيرها.
وقد ظهر في القرن التاسع هذا كتاب هو أحد أهم التأليفات في مجال الفقه القرآني الشيعي، وهو كتاب «كنز العرفان في فقه القرآن».
ومؤلف هذا الكتاب هو جمال الدين أبو عبد الله المقداد بن عبد الله بن محمد بن الحسين بن محمد السيوري الحلي، المعروف بـ«الفاضل المقداد» (826هـ).
وقد كان من تلامذة محمد بن مكي، المعروف بالشهيد الأول. وله كتب فقهية، وكلامية، وقرآنية، وأدبية، وحديثية وأدعية، ومن كتبه هي:
كتاب (التـنقيح الرائع في شرح مختصر الشرايع)، وكتاب (النافع يوم الحشر في شرح الباب الحادي عشر)، وكتاب (نضد القواعد الفقهية)، وكتاب (تفسير مغمضات القرآن)، وكتاب (كنز العرفان). وقد نظم هذا الفقيه المفسر أبواب الكتاب وفق ترتيب أبواب الفقه.
وبعدها تم تدوين تأليف آخر في القرن التاسع، وهو كتاب «آيات الأحكام» الذي كتبه الشيخ ناصر بن جمال الدين بن المتوج البحراني (860هـ) [35].
وجاء انهم وصفوا المؤلف صاحب كتاب «أمل الآمل» من أنه صاحب ذهن وقّاد، فاضل، محقق، فقيه، وحافظ[36].
وفي نهاية هذا القرن الذي نحن بصدده تم الفراغ عن كتابة مؤلف اسمه «معارج السؤول ومدارج المأمول في تفسير آيات الأحكام»، وهو من تأليف الشيخ كمال الدين حسن بن شمس الدين محمد بن حسن الإسترآبادي[37].
وورد انه ذكره آقا بزرگ الطهراني في مكان آخر من كتابه، تحت عنوان «الباب في التفسير»، و«تفسير اللباب»[38].
وفي ما بقي من هذه المرحلة فقد ألف الكثير منالفضلاء في مجال فقه القرآن، ومن هذه التأليفات هي ما يلي:
كتاب «تفسير آيات الأحكام»، للشيخ شرف الدين شهفينگي أو شيفتگي (907هـ)[39]؛ وكذلك كتاب «محجة البيضاء والحجة الغراء».
وجاء انه ذكر آقا بزرگ الطهراني حول هذا الكتاب فقال: إن المؤلّف جمع فيه فروع الشريعة، والحديث، والتفسير، والآيات الفقهية[40].
وكذلك من مؤلفات هذه المرحلة : كتاب «آيات الأحكام» (تفسير شاهي)، وكتبه باللغة الفارسية السيد أمير أبو الفتح بن ميرزا مخدوم حسيني عربشاهي گرگاني (976هـ).
واضاف آقا بزرگ الطهراني أن المؤلّف دوّن هذا الكتاب تحت اسم «شاه طهماسب»[41] ولذلك اشتهر هذا التفسير باسم «تفسير شاهي».
وطبعت دار النشر «نويد طهران» هذا الكتاب (سنة 1362هـ ش)، مرفقاً بكتاب «توضيح آيات الأحكام»، للميرزا ولي الله إشراقي سرابي.
وهناك مؤلف آخر وهو كتاب «آيات الأحكام» من تأليف الشيخ محمد بن حسن الطبسي[42]، وثم دون كتاباً آخر اسمه «زبدة البيان في آيات قصص القرآن»، وذلك في سنة 1083هـ.
وقد دونوا في هذا القرن مؤلف يعتبر من أهم الكتب المؤلّفة في مجال الفقه القرآني، وهو كتاب «زبدة البيان في براهين أحكام القرآن».
وهذا الكتاب من تأليف العالم الرباني أحمد بن محمد، المعروف بالمقدّس الأردبيلي (993هـ)، وهو صاحب تأليفات عديدة غير هذا الكتاب، وتأليفاته تتوزع على الفقه، والكلام، والتفسير.
ومنها كتاب «مجمع الفائدة وبالبرهان» في الفقه، وكتاب «حديقة الشيعة في تفصيل أحوال النبيJ والأئمةD» في التاريخ، وكتاب «إثبات الواجب» وكتاب «إثبات الإمامة» في العقائد[43].
والملفت للنظر هو أن هذا المدون او الكتاب كان الموضوع في تدوين عشرة مؤلفات ما بين حاشية وتعليق.
وهناك آثار مؤلفات أخرى تم تدوينها في هذا القرن، ومن ضمنها: كتاب «آيات الأحكام»، تأليف شجاع الدين محمود بن علي الحسيني المرعشي، وهو من المعاصرين للشاه طهماسب الأول، ومن تلامذة المحقق الكركي[44].
ولكن في المصادر ذكروا كتاباً يحمل نفس الاسم أيضاً بعنوان «آيات الأحكام»، تأليف الميرزا محمد بن علي حسين الإسترآبادي (1026هـ)[45]، ومن المحتمل أن يكون مقصودهم هو هذا الكتاب والله العالم.
ولكنه بما أنهم لم يذكروا ان هناك شخصاً آخر له نفس مواصفات المؤلف شجاع الدين محمود فمن المحتمل أن يكونا هما شخصين (أي مؤلفين وكتابين).
ويعتبر من هذه المجموعة كذلك كتاب «معدن العرفان في فقه مجمع البيان لعلوم القرآن»، تأليف الشيخ إبراهيم بن حسن درّاق أو ورّاق، وهو من علماء أوائل القرن العاشر[46]. وقد نقلوا أن النسخة الخطية لهذا الكتاب المؤلف موجودة في جامعة لوس آنجلس في الولايات المتحدة الأميركية[47].
4 ـ مرحلة الازدهار (القرن الحادي عشر هجري): تبدأ هذه المرحلة من زمن القرن الحادي عشر بتعليقة على كتاب «زبدة البيان» وهو «التعليقة على زبدة البيان في أحكام القرآن». وكتب هذه التعليقة أمير فيض الله بن عبد القاهر الحسيني التفرشي النجفي (1025هـ).
ومن بعده قام محمد بن علي بن إبراهيم الإسترآبادي، المعروف بالميرزا محمد (1028هـ)، بكتابة مؤلّف اسمه «شرح آيات الأحكام في تفسير كلام الله الملك العلام».
وذكروا انه قد طبعت مكتبة المعراجي هذا الكتاب ملحقاً بـ«تعليقات»، لمحمد باقر شريف زاده.
وكذلك من آثار التاليف التي دونت في هذه المرحلة كتاب «مشرق الشمسين وإكسير السعادتين»، لبهاء الدين محمد بن الحسين بن عبد الصمد، المعروف بالشيخ البهائي (1030هـ)[48].
وجاء انه ذكر العلامة الأمين وآقا بزرگ الطهراني هذا الكتاب تحت اسم «مجمع النورين ومطلع النيِّران»، ويقولان: إن هذا الكتاب يبحث باب الطهارة فقط، ويعتمد على الأحاديث في تفسير الآيات[49].
وهنا من الجدير بالقول أن الشيخ البهائي كان يعتبر من النخبة في عصره، وقد ترك من التراث العلمي ما يقرب من ستين أثراً علمياً في مختلف الموضوعات؛ الإسلامية منها والعلمية وكما في علوم:
التفسير، والحديث، والدراية، والرجال، والفقه، والأصول، والتاريخ، والحساب، والهيئة، والأدب، والشعر. وله تصنيفات في مجال القرآن الكريم، إضافة إلى كتاب «آيات الأحكام».
ومنها كتاب «العروة الوثقى في تفسير القرآن»، وكتاب «عين الحياة»، وحاشية على تفسير البيضاوي، وحاشية على تفسير الكشاف[50].
ولاحظ ان هذه هي بالطبع ميزة العالم الجامع للعلوم، الذي يجري قلمه في الميادين المختلفة.
وتجد من المؤلّفات الأخرى التي تم تدوينها في هذا القرن كتاب «تفسير آيات الأحكام»، للميرزا رفيع الدين محمد بن حسين المرعشي (1034هـ).
وكتاب «تفسير القطب شاهي في شرح آيات الأحكام»، لمحمد يزدي، المعروف بـشاه قاضي (1040هـ)، وهو كتاب تم تدوينه بطلب من السلطان محمد قطب شاه[51].
وتلاحظ ان هناك كتاب «إماطة اللثام عن الآيات الواردة في الصيام»، وهو من تأليف أحد العلماء في أواسط هذا القرن.
وجاء انه ذكر آقا بزرگ الطهراني من أن تدوين هذا الكتاب ـ الذي لم يذكر اسم مؤلّفه ـ كان هدية إلى الشاه صفي صفوي، وهو كتاب ذو صبغة روائية، كان مؤلفه قد ترجمه إلى الفارسية عام 1046هـ[52].
وهناك أثر لتاليف آخر كتب في هذا القرن، وهو أحد المؤلفات المهمة في مجال البحث الفقهي القرآني، واسمه «مسالك الأفهام إلى آيات الأحكام»، لأبي عبد الله محمد الجواد شمس الدين الكاظمي، المعروف بـ«الفاضل جواد» وقد توفي في أواسط القرن الحادي عشر الهجري.
والمعروف انه كان تلميذاً للشيخ البهائي، وله تصنيفات قيمة في علوم الأصول، والحساب، والنجوم، والنحو، والفقه، والرجال، والعرفان، والتفسير[53] وغيرها.
ويمكنك أن تطلق اسم حصري وهو (الكتب الاربعة لفقه القران) على هذه الكتب او المؤلفات الاثرية، وهي كالتالي:-
كتاب : فقه القرآن للراوندي، وكتاب : كنز العرفان للفاضل المقداد، وكتاب: زبدة البيان للمقدس الأردبيلي، وكتاب: مسالك الأفهام للكاظمي، تسمية الكتب الأربعة بالنسبة لفقه القرآن.
وتجد هناك فرغ من تدوين مؤلّف آخر في هذا القرن في علم فقه القرآن، وهو كتاب «فتح أبواب الجنان في تفسير آيات الأحكام»، وقد كتبه محمد بن الحسين العاملي (1080هـ)[54].
وهناك اثر علمي وهو كتاب «آيات الأحكام الفقهية»، وهو كتاب باللغة الفارسية، للمولى ملك علي التوني، وقد كتب هذا الكتاب سنة 1098هـ باسم الشاه سليمان صفوي.
كما ونذكر هنا كتاب «مفاتيح الأحكام في شرح آيات الأحكام القرآنية»، وهو من تأليف محمد سعيد بن سراج الدين الطباطبائي القهپائي (1092هـ)[55].
وهذا الاثر العلمي وهذا التصنيف هو عبارة عن شرح لـ«زبدة البيان» للمقدس الأردبيلي، الذي كتبه واحد من تلامذته.
أي السيد فضل الله الإسترآبادي، في هذا القرن تحديداً ـ وهو بالطبع من علماء القرن الحادي عشر ـ؛ وتلاحظ انه دوّن آقا حسين الخوانساري (1100هـ) في أواخر هذا القرن كتاب تحت عنوان «أحكام القرآن»، فنضمه إلى مجموع ما ذكر من المؤلفات[56].
5 ـ مرحلة الركود الثانية (القرن الثاني عشر والثالث عشر هجري): لا نقصد هنا بمعنى كلمة الركود أن حركة الفقه القرآني توقّفت كلياً او نهائياً، بل المقصود أنه لم يصدر أي كتاب مثير للاهتمام بأسلوب استدلالي مبين.
فهذه المرحلة تبدأ من زمن أواخر القرن الحادي عشر حتى زمن القرن الثالث عشر، أي لمدة قرنين تقريباً.
تلاحظ هنا انه بسط المنهج الأخباري في هذه المرحلة سلطته على الكثير من شعب وتفرعات العلوم الإسلامية؛ لما شهد فيها من تجدد الإقبال على المنهج الأخباري، وتصنيف مجاميع روائية شيعية عظيمة.
ففي فترة هذا الزمن تم تصنيف كتاب «الوافي»، للملا محسن فيض الكاشاني(1091هـ)، وكتاب «وسائل الشيعة»، للشيخ الحر العاملي (1104هـ)، وكتاب «العوالم»، للشيخ عبد الله البحراني (1130هـ).
وهذا ما حدث لالكثير من العلوم على أن تنحى وتنتهج الطريقة الروائية؛ ثم جاء من بعدها دور التفاسير الروائية.
مثل كتاب تفسير «الصافي» للفيض الكاشاني، وكتاب تفسير «البرهان في تفسير القرآن» للسيد هاشم البحراني (1107هـ) وكتاب تفسير«نور الثقلين» للمحدث الحويزي (1112هـ)، وكتاب تفسير «تفسير كنز الدقائق» للمشهدي القمي.
وغيرها تلاحظ من عشرات التفاسير الروائية التي ظهرت في ايامها، من دون أن يكون هناك أي تفسير عقلي واجتهادي تقريباً.
فأخذ الفقه منحىً روائياً، وبالتالي نتج عن ذلك آثار كتبت من قبيل: كتاب «النخبة المحسنية» للفيض الكاشاني.
ونحوها شرحها «التحفة السنية» للسيد عبد الله الجزائري، وكذلك «الحدائق الناضرة» للشيخ يوسف البحراني (1176هـ)، فدخلت في سجل الآثار العلمية الشيعية.
وهذا الوضع اثر بشكل واضح على البحث الفقهي القرآني، واصبح بسببه تفسير آيات الأحكام تكتب على شكل تعليقة، أو كان يكتسب الحلة او الاطار الروائي، آخذاً على النمط الأخباري.
وقد الف اثرا وهو لنور الدين الشوشتري (1019هـ) في بداية هذه المرحلة وهو كتاب «حاشية على كنز العرفان»[57].
ومن ثم جاء بعده مير فضل الله الإسترآبادي (1041هـ) بكتابة كتاب «حاشية على زبدة البيان»[58].
ومن بعدهما وصلنا الى ما كتبه السيد نعمة الله الجزائري ـ وهو من المتبعين للطريقة الأخبارية بشدة ـ كتاب اسماه «التعليقة على زبدة البيان».
ومن ثم خلفه سليمان بن عبد الله بن علي البحراني الماحوزي، المعروف بالمحقق البحراني(1122هـ)، فكتب كتاب «التعليقة على مشرق الشمسين»[59].
والماحوزي كان من المحدثين البحارنة المشهورين كما قال تلميذه عبد الله بن صالح البحراني، فقد كانت معظم علومه الحديث، والرجال، والتاريخ[60].
أما في زمن العقد الثالث من القرن الثاني عشر فقد كتبت تعليقات أخرى، ونذكر منها:
كتاب «التعليقة على زبدة البيان في أحكام القرآن»، التي كتبها العلامة محمد بن عبد الفتاح[61]، المشهور بـ«سراب التـنكابني» (1124هـ)[62].
وهناك كتاب «التعليقة على مسالك الأفهام إلى آيات الأحكام»، وقد كتبها الميرزا عبد الله بن عيسى التبريزي الأصفهاني، المشهور بـ«أفندي» (1130هـ)[63].
ثم جاء بعدها أمير بهاء الدين محمد بن أمير محمد باقر مختاري الحسيني النائيني السبزواري (1130 أو 1140هـ) بكتابة كتاب «التعليقة على زبدة البيان في أحكام القرآن».
وجاء انه ذكر آقا بزرگ الطهراني كتاباً في مجال فقه القرآن يحمل اسم «آيات الأحكام»، وذكر آيات القرآن الفقهية مرتبة في هذا الكتاب دون شرح وتفسير، وقد وقفه نادر شاه عام 1145هـ للمكتبة الرضوية[64].
واتفق انه أطلق البعض من الفضلاء المعاصرين على هذا الكتاب اسم «تفسير آيات الأحكام نادري» تبعاً لواقف[65] الكتاب.
ونضم إلى مسيرة المؤلفين في فقه القرآن إسماعيل بن محمد حسين المازندراني، المشهور بـ«خاجويي» (ت1173أو1177هـ)، وهو المؤلف الذي كتب في الربع الأخير من القرن الثاني عشر كتاب «التعليقة على مشرق الشمسين»[66].
ولكن ذكر السيد أستادي أن «التعليقة» على زبدة البيان تمت كتابتها في القرن الثاني عشر، وينسبها إلى محمد رفيع جيلاني.
ومن المؤلّفات التي دونت في هذه المرحلة في مجال الفقه القرآني، والذي طغت عليه الصبغة الروائية، هو كتاب «إيناس سلطان المؤمنين باقتباس علوم الدين من النبراس المعجز المبين»، وهو إنجاز السيد محمد العاملي المكي (1139هـ)[67].
ولكن اضاف السيد المرعشي في ذيل عنوان الكتاب هذه الجملة: في تفسير الآيات القرآنية التي هي الأحكام الأصلية والفرعية[68].
ويكتب إعجاز حسين أن تفسير آيات الأحكام الذي كتبه السيد محمد حيدر يدل على تمكنه وسعة اطلاعه العلمي على مذاهب العامة والخاصة والتحقيق في آرائهم، لأنها مجالات فيها كل العلوم، وأن السيد قد كتب هذا الكتاب لأجل الشاه سلطان حسين[69].
ولا بد من الالتفات إلى أن هذا الكتاب هو الأول بحسب الظاهر من جهة كونه مقارناً، وقد تم تأليفه على هذا النحو.
ثم إن هناك آثاراً علمية في الفقه القرآني ظهرت في هذه المرحلة، ومنها كتاب «تفسير آيات الأحكام»، لأحمد بن إسماعيل الجزائري (1151هـ).
وقيل انه كتب إعجاز حسين في خصوص هذا الكتاب أن مؤلفه تمسك فيه بالاحاديث، وهو كتاب نفيس فريد في نوعه[70].
وجاء انه ذكر السيد المرعشي النجفي هذا الكتاب باسم «قلائد الدرر في بيان آيات الأحكام بالأثر»، ويضيف اليه قائلاً: إن هذا كتاب مفيد جداً، فهو يبحث ويحقق في أخبار الأئمة D بعد كل آية[71].
وتلحظ في هذه المرحلة أيضاً فرغ من كتاب آخر من كتب الفقه القرآني، وهو كتاب «تحصيل الاطمينان في شرح زبدة البيان في أحكام القرآن».
الذي دونه أمير محمد إبراهيم بن أمير معصوم القزويني، المعروف بالقاضي محمد إبراهيم (1160هـ)[72].
وذكر انه قد كتب هذا التفسير باللغة الفارسية، وهو يشبه كتاب تفسير أبو الفتوح الرازي[73].
واما في أواخر هذا القرن فقد قام السيد شمس الدين محمد الحسيني المرعشي (1181هـ) أيضاً بكتابة مؤلف اسمه «آيات الأحكام»[74].
وكذلك في نهاية هذا القرن دون محمد بن الحسن الخراساني (1200هـ) كتاب آخر عنوانه باسم كتاب «نمط الدرر»[75] ومن بعد هذا اصبحت حركة الفقه القرآني بطيئة تقريبا ً لمدة نصف قرن.

[1]- آقا بزرگ الطهراني، الذريعة إلى تصانيف الشيعة 1: 40، الطبعة الثالثة، دار الأضواء1403هـ.
[2]- ابن النديم، الفهرست: 57، بيروت، دار المعرفة، 1398هـ.
[3]- جواد كاظمي، مسالك الأفهام إلى آيات الأحكام: 9، تحقيق: محمد باقر شريف زاده، الطبعة الثانية، قم المقدسة، المكتبة الرضوية، 1365هـ ش.
[4]- أبو القاسم الخوئيu، معجم رجال الحديث وتفصيل طبقات الرواة 4: 37 و17: 114، الطبعة الخامسة، قم المقدسة، مركز نشر آثار شيعه، 1413هـ.
[5]- مسالك الأفهام إلى آيات الأحكام: 9، تحقيق: محمد باقر شريف زاده.
[6]- راجع : علي أصغر ناصحيان، مجله تخصصي إلهيات وحقوق دانشگاه رضوي: 31، العدد، شتاء 1383هـ ش.
[7]- راجع : العلامة حسن بن يوسف الحلي، خلاصة الأقوال: 410، ط ثانية، النجف، المطبعة الحيدرية، 1381هـ ش؛ ومحمد علي الأردبيلي، جامع الرواة، 2: 261، ط 1، قم، مكتبة آية الله مرعشي نجفي، 1409هـ؛ السيد علي البروجردي، طرائف المقال 2: 42، تحقيق: السيد مهدي رجائي، الطبعة الأولى، قم، مكتبة آية الله مرعشي النجفي، 1410هـ.
[8]- الذريعة إلى تصانيف الشيعة، 1: 40.
[9]- جلال الدين السيوطي، الإتقان في علوم القرآن 2: 498، تحقيق: سعيد مندوب، الطبعة الأولى، بيروت، دار الفكر، 1416هـ.
[10]- معجم رجال الحديث وتفصيل طبقات الرواة 20: 336.
[11]- من هذه الكتب له: كتاب الجمل، كتاب صفين، كتاب النهروان، كتاب مقتل أمير المؤمنينA كتاب مقتل حجر بن عديE، كتاب مقتل رشيد وميثم، وجويرة بن مسهرةF، كتاب الحكمين، كتاب مقتل الحسينA كتاب قيام الحسينA وغيرها.
[12]- الذريعة إلى تصانيف الشيعة 1: 40.
[13]- مسالك الأفهام إلى آيات الأحكام: 8 ـ 13.
[14]- محمد يزدي، فقه القرآن، المقدمة، قم المقدسة، مؤسسة إسماعيليان، 1374.
[15]- فصلنامه پژوهش هاي قرآني (ويژه قرآن وفقه)، دفتر تبليغات إسلامي، العدد3، (1374هـ ش).
[16]- الفهرست: 292.
[17]- وقال الشيخ علي قازان: هذا وقد تمت مراجعة المصدر، فتبين أنه الجزء الرابع، الصفحة السابعة، أما المذكور في المقالة الفارسية فهو الجزء الثاني، الصفحة الرابعة.
[18]- ياقت الحموي، معجم البلدان 4: 7، بيروت، دار الفكر، دون تاريخ.
[19]- مسالك الأفهام إلى آيات الأحكام: 9.
[20]- الشيخ محمد بن الحسن الطوسي، الرسائل العشر: 21، تحقيق: واعظ زاده خراساني، قم، جامعه المدرسين، 1404هـ.
[21]- من هذه الأشعار هذا البيت الجميل: ما عبد الأصنام والقوم سجد*لها وهو في أثر النبي محمد
[22]- ابن شهرآشوب، مناقب آل أبي طالب 2: 26، النجف الاشرف، المطبعة الحيدرية، 1376هـ.
[23]- هبة الله الراوندي، فقه القرآن 1: 20ـ22، الطبعة الثانية، قم المقدسة، مكتبة آية الله المرعشي النجفي، 1405هـ.
[24]- السيد محمد العاملي، نهاية المرام 1: 390، تحقيق: مجتبى العراقي، وعلي پناه اشتهاردي، وحسين يزدي؛ الطبعة الأولى، قم المقدسة، جامعة المدرسين، 1413هـ.
[25]- الشيخ عباس القميH، الكنى والألقاب 3: 74، عباس القمي، لم يذكر تاريخ ومكان الطباعة، أو اسم الناشر.
[26]- السيد محسن الأمين، أعيان الشيعة 3: 74، تحقيق: حسن الأمين طهران وزارة الإرشاد.
[27]- مسالك الأفهام إلى آيات الأحكام 1: 9.
[28]- الذريعة إلى تصانيف الشيعة 24: 402،.
[29]- أعيان الشيعة 3: 14، تحقيق: حسن الأمين، طهران، وزارة الإرشاد، دون تاريخ.
[30]- الذريعة إلى تصانيف الشيعة 23: 181.
[31]- مسالك الأفهام إلى آيات الأحكام 1: 9.
[32]- فقه پژوهى قرآن «درآمدي بر مبناي نظري آيات الأحكام»، الطبعة الأولى، قم المقدسة، بوستان كتاب،1380هـ ش.
[33]- المصدر السابق.
[34]- الإتقان في علوم القرآن 2: 165،الطنطاوي الجوهري، الجواهر في تفسير القرآن الكريم 1: 3، الطبعة الرابعة، بيروت، دار إحياء التراث العربي، 1412هـ.
[35]- مسالك الأفهام إلى آيات الأحكام 1: 10.
[36]- الحر العاملي، أمل الآمل 2: 333، تحقيق: السيد أحمد الحسيني.
[37]- أمل الآمل 2: 333.
[38]- الذريعة إلى تصانيف الشيعة 1: 40.
[39]- المصدر السابق.
[40]- الذريعة إلى تصانيف الشيعة 20: 145.
[41]- نفس المصدر 1: 41.
[42]- المصدر السابق.
[43]- أعيان الشيعة 3: 82.
[44]- مسالك الأفهام إلى آيات الأحكام 1: 10.
[45]- عباس علي عميد زنجاني، آيات الأحكام: 23، الطبعة الأولى، قم المقدسة، مؤسسة مطالعات وتحقيقات علوم إسلامي، 1382هـ ش.
[46]- محمد يزدي فقه القرآن 1: 9.
[47]- فصلنامه پژوهش هاي قرآني (ويژه قرآن وفقه): 176؛ دفتر تبليغات إسلامي، العدد 3، 1374هـ.ش.
[48]- فقه القرآن 1: 10.
[49]- أعيان الشيعة 9: 244؛ الذريعة إلى تصانيف الشيعة 21:50.
[50]- أعيان الشيعة 9: 244.
[51]- مسالك الأفهام إلى آيات الأحكام1: 11.
[52]- الذريعة إلى تصانيف الشيعة 2: 304.
[53]- مسالك الأفهام إلى آيات الأحكام 9.
[54]- المصدر السابق: 11.
[55]- جامع الرواة 2: 118؛ الذريعة إلى تصانيف الشيعة 21: 298.
[56]- جامع الرواة: 7.
[57]- الذريعة إلى تصانيف الشيعة 6: 9.
[58]- عبد الرحيم عقيقي بخشايشي، طبقات مفسران شيعة: 520 و566، الطبعة الثانية، قم المقدسة، نويد اسلام، 1382هـ ش.
[59]- فقه القرآن1: 11.
[60]- سليمان المحاوزي البحراني، الأربعين: 5، تحقيق: السيد مهدي روحاني، الطبعة الأولى، (دون مكان أو اسم ناشر)، 1417هـ.
[61]- فقه القرآن،المصدر السابق.
[62]- ذكر في هذه الفترة تأليف كتابين تحت عنوان «آيات الأحكام»: أحدهما: من تأليف مير محمد صالح خاتون آبادي (1130هـ)، والآخر: من تأليف الشيخ جعفر قاضي (1115هـ) (فصلنامه پژوهش هاي قرآني (ويژه قرآن وفقه): 178، دفتر تبليغات إسلامي، العدد 3، 1374هـ ش.
[63]- جامع الرواة: 7، ط 1؛ فقه القرآن،المصدر السابق.
[64]- الذريعة إلى تصانيف الشيعة 1: 41.
[65]- طبقات مفسران شيعة: 674.
[66]- جامع الرواة: 8.
[67]- الذريعة إلى تصانيف الشيعة 2: 41.
[68]- مسالك الأفهام إلى آيات الأحكام 1: 11.
[69]- سليمان المحاوزي البحراني، كشف الحجب والأستار: 126، الطبعة الثانية، قم المقدسة، مكتبة آية الله المرعشي النجفي، 1409هـ.
[70]- المصدر السابق.
[71]- مسالك الأفهام إلى آيات الأحكام 1: 12.
[72]- ذكر السيد المرعشي النجفي أن سنة وفاته كانت في 1149هـ (مسالك الأفهام إلى آيات الأحكام 1: 12، تحقيق: محمد باقر شريف زاده، الطبعة الثانية، قم المقدسة، المكتبة الرضوية، 1365هـ ش).
[73]- الذريعة إلى تصانيف الشيعة 4: 239.
[74]- فصلنامه پژوهش هاي قرآني (ويژه قرآن وفقه): 179؛ دفتر تبليغات إسلامي، العدد 3، 1374هـ.ش.
[75]- المصدر السابق.