الأربعاء، 12 أبريل 2017

ق1 اساليب التفسير الروائي من جميع جوانبهِ


ق1 اساليب التفسير الروائي
التفسير الروائي : نأخذ مدخل مختصر للتفسير الروائي فهو يُعتبر من أقدم المناهج التفسيريّة وأكثرها شيوعاً بينهم. ويعتبر هو أحد أقسام التفسير بالمأثور أو التفسير النقلي ولهذا للتفسير مكانة خاصّة فيما بين المناهج التفسيريّة، ودائماً هو محطّ اهتمام المفسِّرين.
واما ما هو معنى التفسير الروائي فالحديث في الأصل يعني النقل والحمل، ورواية الحديث تعني نقل وتحمّل الحديث.
ومثاله كما من استفاد من الاحاديث الواردة في تفسير هذه الآية[1] كما في قوله تعالى: (اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ)[2].
فأن المقصود من المصباح هو العلم، فهو سراج منير يهتدي به الناس، واما المقصود من المشكاة فهو قلب الرسولo الطاهر، والمقصود من الزجاجة هي وصي الرسولJ، أي الامام علي A فقد حافظ على النبيJ وآثر بنفسه لأجلهo وتحمَّل الأخطار والمشاق في هذا المجال.
وابسط مثال بارز لهذا الكلام دفاعه عنه في واقعة (اُحد)، فقد كتب الشيعة واهل السنة أن مَن بقى حياً من المسلمين فرَّ إلاَّ الامام عليA فقد عكف في ساحة الحرب دفاعاً عن رسول اللهo.
الف : منهاج التفسير الروائي للقرآن: من أهداف المؤلفين أن يتعرّف القاريء إلى نهج التفسير الروائي وأن يطّلع على الأدوار التاريخية للنهج الروائي بعدها يطّلع على الآراء الرئيسة بالنسبة لمكانة الأحاديث في تفسير ايات القرآن.
ولكن تلاحظ بعض الأحيان اتجاهاً متطرِّفاً من حيث إنّ بعض المفسِّرين لم يقبل إلّا هذا المنهج في التفسير ورفض بقيّة المناهج التفسيرية.
ولكن تجد في الواقع هناك اتجاهات مُخالفة لهذه الطريقة المتطرِّفة ومُعتدلة في استخدام هذا النهج المذكور كما جاءت في بعض الأمور المتعلِّقة به من خلال تقسيم علماء التفسير بالمأثور (التفسير النقلي) إلى لأربعة محاور وهي:-
1- محور تفسير القرآن بالقرآن.
2- محور تفسير القرآن من خلال السُنّة.
3- محور تفسير القرآن من خلال أقوال الصحابة.
4- محور تفسير القرآن من خلال أقوال التابعين.
وهنا المقصود من التفسير الروائي هو تفسير القرآن من خلال السُنّة والّمعني بها قول وفعل وتقرير المعصوم وهم رسول اللهo والأئمّةD.
أي بمعنى إنّه قد يصدر من المعصوم A كلامٌ عطر في تفسير آية، وقد يقوم بعمل كـ(الصلاة) يكون تفسيراً للآيات المتعلّقة بالصلاة، وقد يكون تقريراً من المعصوم[3].
وهو في حال إذا صدر عن شخص كلام بحضور المعصومD أو عمل عملاً على طبق بعض آيات القران في حضور الإمامD وأقرّه على ذلك، أي إنّ المعصوم يؤيّد هذا الكلام أو الفعل من خلال سكوته عن ذلك الفعل أو القول.
وبأختصار إنّ المقصود من نهج التفسير الروائي هنا هو استفادة المفسِّر من سُنَّة رسول اللهo وأهل بيتهD وتشمل قولهم وفعلهم وتقريرهم، والغرض من هذا هو لتوضيح معاني آيات القرآن ومقاصدها، وهذا النهج يحقّق نتائج وآثاراً خاصّة كذلك.
بالرغم من أنّه يمكن الاستفادة من أحاديث الصحابة والتابعين في تفسير ايات القرآن في موارد معينة، كما أنّ الكثير من أقوالهم في التفسير تعتبر نافعة ومفيدة ولكن هناك اختلاف فيما بين علماء المسلمين في حجيّة سننهم وماهية مساحة اعتبار رواياتهم.
باء : الأدوار التاريخية للمنهج الروائي: نقل لنا التاريخ ان من المسالك التي تدخل في التفسير معنى التفسير وحرمة التفسير بالرأي كما ذكر ذلك الأستاذ الشيخ محمد كاظم الخاقاني من حيث تجد إن هناك ظاهرا للكتاب كما لكل كلام ظواهر وهو مما لا بحث فيه لأي أحد لأنه متيسر للجميع الناس فمن عرف اللغة العربية يفهم الكثير من المعاني التي ليست بحاجة الى تفسير او تأويل.
في البداية نشير هنا أنه ينسب للبعض من الإخباريين من أنهم لا يجيزون للتفسير من ان يتدخل بمعاني القرآن المجيد فلابد لكل كلام شائع أن تسمعه او تقرأه من أهله أي بمعنى من كتب علماء الإخباريين أنفسهم وما  في بطون كتبهم.
وهذا عكس ما نسب إليهم فتجد من أكبر علمائهم وهو الشيخ صاحب الحدائق وكذلك من مفسريهم الفيض الكاشاني صاحب تفسير الصافي وغيرهم من الأعلام.
ولكن تلاحظ أن هناك من يتسارع في إطلاق التهمة بدون دليل لمجرد أنه رآها وقرأها في كتب قوم نسبت لهم وقد بنوا منهجيتهم على النقد والمتتبع سيلاحظ أن بعض كلمات الإخباريين التي توهمك عند مطالعتها بعدم جواز تفسير القرآن, إلا بما تدل عليه الاحاديث.
فالمراد من ذلك هو أختصاص آيات الأحكام فقط لأن الغالب بهذه الموارد هو التوضيح الوارد من قبل روايات أئمة أهل البيتD كما وأنه يمكنك الاستفادة في مكان ثاني من أن مراد بعضهم أنه لما كانت الاحاديث هي عِدل للكتاب وعلى هذا لا يجوز القطع بشيء إلا ما كان ظاهرا وما هو وراء ذلك محتاج الى مراجعة الروايات لكي لا يفسر القرآن بمعزل عن أئمة أهل البيتD.
ولكنه ليس معناه أن القرآن لا ظهور فيه او أن ظهوره ليس بحجة وإلا لاصبح معناه أن علماء الإخباريين لا يجوزون العمل إلا بما جاء في روايات أئمة أهل البيتD.
واللازم منه أن يقول القائل أن علماء الإخباريين وفيهم من أكبر علماء الشيعة الامامية لا يقولون إلا بالروايات لأنه كما هو المعروف من أنهم لا يقولون بـ(العقل والاجماع).
فإن كانوا لا يقولون بحجية ظواهر القرآن يتحصل منه ليس لديهم إلا الروايات فيكون خلافهم مع الأصوليين في (الكتاب والإجماع والعقل) ونسأل الله الصواب والتثبت والبعد عن التسرع في إطلاق الحكم على الآخرين حتى لو كانوا غير مسلمين فكيف بمن كان من أكبر علمائنا الأبرار سواء كانوا اصوليين او كانوا اخباريين.
ما هو المراد من تفسير الكتاب في حين أن القرآن يعتبر النور الساطع والبيان التام واما التفسير هي لغرض الإبانة والإيضاح فهل يحتاج الكتاب بعدها إلى إيضاح وهو يعتبر البيان.
قيل أن هناك محتملات عديدة يجب الإلتفات إليها فمنها أن نقول أنه مما لا شك فيه أن هناك ما هو متواجد من المعاني لدى الجميع على حد سواء مادام الإنسان يعرف اللغة العربية, ولكن القرآن يفسر بملاحظة ما له من عام وخاص ومطلق ومقيد ومحكم ومتشابه و ناسخ ومنسوخ ومجمل ومبين.
حتى ولو بلحاظ جمع آيات القران لأن الكتاب يفسر بعضه بعضا او من خلال لحاظ جمع الآيات مع الروايات الواردة عن المعصومA لكي تتضح بعض الآيات إن احتاج الأمر في احد الموارد الى ذلك.
لأنه ما جاء من المعصومA يعتبر هو الثقل الثاني ولهذا من نظر الى آية بمعزل عن بقية الآيات قد يصبح (لاسامح الله) من المجبرة او المفوضة او المجسمة كما وأنه من يفسر القرآن بدون ملاحظة الروايات قد يخطيء في كثير من المواطن .
بقي إحتمال وهو أن يقال كما أنه تعالى من صفاته الظاهر والباطن كذلك من كلامه له ظهور وبطون على اختلاف مراتب المدركين عقلا وبما انه لهم مراتب العلم وزكاة النفس كما جاء في الأحاديث أن للقرآن سبعا او سبعين بطن.
فلا يمكن ان ينال أي واحد هذه الأبعاد إلا من كان هذا الشخص ذو حظ عظيم ومن كان في قمة هذه المراتب وهو العارف بها على نحو القطع واليقين لا بنحو الإجتهاد فهم المعصومينD وحدهم.
فالقرآن الكريم لما كان هو كتاب الله تعالى الذي خاطب به سيد الكائنات محمد بن عبداللهJ ومن ثم خاطب به الناس جميعاً على اختلاف مراتبهم لكي يشرب من معينه كل على كمية سعة وجوده وزكاة نفسه ومدارج علمه فلابد أن تكون له المعاني بأبعادها الواسعة وهو مما يعتبر مدعاة لتفسير هذا السفر العظيم.
ولما كان الله تعالى لا متناهي ذاتا وصفة فلابد من أن يكون كلامه غير متناهي علما لانه يروي لا نهاية الكمال من حيث تعلقه بالمبدأ تعالى وفيضه وهو كل لحظة في شأن جديد ومن خلال هذا اللحاظ يحتاج الكتاب دائما على مر العصور إلى من يفسره تفسير مستمر لا يتوقف عند حد معين لأن الله تعالى هو كل يوم في شأن فكذلك ما يرجع الى علمه.
إذن لعلم الله تعالى مزيد يوم بعد يوم أي في كل يوم كما لجوده تعالى المزيد بتبعِ لا نهاية ذاته وصفاته فالكتاب هو سفر هذا العروج الى الحق اللامتناهي. فتأمل ذلك.
من خلال هذه المحتملات العقلائية ولغيرها لا مانع من القول من أن القرآن يحتاج الى تفسير هذا إن لم نقل ذلك لابد منه لأنه من شأن كلام عظيم العظماء وهو الله سبحانه وتعالى.
واما التفسير بـ(الرأي) ولماذا كان محرم لأنه كما جاء عن رسول اللهJ قال: (من فسر القرآن برأيه فليتبوأ مقعده من النار) أي بمعنى عليه أن يستعد لمكان يحجزه في النار وتبوأ المكان أقام به وكان له منزلا محيطاً به.
لكن كيف يكون هذا التفسير (بالرأي) هو سبب الإقامة في النار, ولكنك ترى أن الرأي هو إعمال العقل من خلال التدبر وإستخدام الرأي حيث أنه مِن رأى رأيا ويجمع على عدة آراء فأين هي المشكلة لكي يكون ذلك مدعاة للإقامة في النار.
جوابه تجد العديد من الإحتمالات أحدهما لعله المراد من التفسير بالرأي أي من خلال العقل المجرد بغض النظر عن المسالك الربوبية والمناهج والخطى التي يجب أن يتقيد بها المسلم من خلال تطبيق ما جاء من الأنبياءD وبيّنه الأوصياءD.
وإلا فلو كان هذا (العقل) بما هو يعتبر سبيل للنجاة لكان كما قال بعض الفلاسفة من أنه لا حاجة لنا بأنبياء الله, والسبب لأننا نتوصل الى الحقائق من خلال عقولنا بواسطة الدليل والبرهان.
واما الأنبياء بعثهم الله سبحانه لعامة الناس لأنهم من ضعفاء العقول فمن ظن او اعتقد من جميع المسلمين الإكتفاء بـ(العقل) وحده لفهم كلام الله في جميع مدراج السبل الإلهية فهو كان مصابا بالغرور, وذلك لإحتياج كل إنسان الى معارف لابد منها وإلى تتبع الاحاديث الواردة عن أئمة أهل البيتD.
صحيح للعقل مجاله الواسع من حيث إن الانسان عرف الله به وعرفنا أنه لابد من متابعة الأنبياء وأوصيائهمD وكذلك بـ(العقل) عرفنا الأسس التي نميز بها الحق من الباطل والحسن من القبيح.
واما الإحتمال الاخر هو أن تقول لعل المراد من التفسير بالرأي هو الردع للبعض من الجهلة الذين يعتقدون أنه مجرد معرفة اللغة العربية كافي لفهم ايات الكتاب إما جهلاً او غروراً.
والمانع من ان يسأل من حيث يصبح الانسان يرى نفسه عظيم لمجرد نسب او جاه او مقام فيأبى أن يسأل أهل الذكر او العلماء وعليه يصبح الانسان كذلك من ناحية اخرى كمصداق لاحاديث أخرى تقول (من فسّر القرآن بغير علم فليتبوأ مقعده من النار). ومن المعروف أن مفسر القرآن بـ(الرأي) مرة يكون لجهل حتى ولو بدافع الغرور واخرى من باب المكر والشيطنة.
بقي احتمال ما قبل الاخير وهو أن يراد من التفسير بـ(الرأي) هو الردع لكل من يحاول أن يفسر القران من خلال اتباع آرائه وغاياته لكي يفرض آرائه وأفكاره على الكتاب ومن ثم يفسر الآيات بما يتناسب وطريقه او مذهبه او مسلكه لكي يبرر بذلك ما هو عليه من الفعل.
كما تشاهد بعينك في الكثير من الموارد بالنسبة لأصحاب مذاهب الإسلام المختلفة حيث ذهب كل واحد منهم بل وكل حزب لكي يفسروا القران على ذوقه الخاص حتى ولو كان من القائلين بالجبر او التفويض.
بل تلاحظ حتى من إختار الطريق والمنهج الحديث مثل العلمانية والشيوعية الإقتصادية لا الشيوعية الإلحادية فذهب كذلك لكي يفسر القرآن بتبع هواه, من حيث يصبح الانسان بدل من أن يستظل بالكتاب فيستخدمه لغايات معينة ويفسره على هواه.
والكتاب كما ورد عن الامام عليA قال: (حمّال أوجه ….) لمن أراد ان يتلاعب او كان جاهل مركب مثل الخوارج والتكفيريين فلا تنسى أن على رأس هؤلاء هو إبليس الذي هو لجهله وكبره.
ذهب لكي يتهم الله سبحانه في عدله وعلمه بعد ان قضى ستة آلاف سنة من العبادة حينما كانت عبادته مدعاة للكبر لا للخضوع وإن كان الملعون إبليس ماكر من جهة أخرى لكن المكر غير العقل. فكتاب الله نور ساطع وقران هداية وكلام مبين لكل من طلب الحقيقة من أهل الطهر والزكاة والعلم.
ونأتي للإحتمال الاخير من أن يكون مراد رسول اللهJ من خلال هذا الحديث هو تحذير الأمم من التلاعب بالدين من خلال استخدام إسم رب العالمين كما حدث من بعد رحيل النبيJ.
من حيث اعتبر اهل السنة والجماعة ان جميع الصحابة مجتهدين ومن ثم قالوا أن للمصيب منهم أجرين وللمخطيء أجر وعلى هذا فلا مانع من القول على طريق أهل السنة أن يكون الامام عليA على الحق وكذلك معاوية فإن أخطأ فهو مجتهد وله أجر.
الى وصل بهم الأمر في الخروج عن موازين العقل ومسالك الربوبية من ان قالوا (قتل سيدنا يزيد سيدنا الحسينA ريحانة رسول اللهJ). فجاؤوا بهذه الكملة وهي (الإجتهاد) والتي لها مواردها ومحالُّ إعمالها.
فهي لاصحاب الخبرة والاختصاص في جميع موراد العلم او العمل لكي يجعلوها لكل صحابي وهذا يشمل (الجهلة والمنافقين) وكذلك كل من هب ودب حيث أصبح على الطريق بمجرد أن اختار الله تعالى نبيهJ اصبح جميع الصحابة من المجتهدين.
وهذا عندهم يعتبر فضل عظيم من الله وإعجاز حصل بعد رحيل النبيJ بلحظة, فلعل هذا الحديث يحذر هؤلاء الذين فسروا كل شيء من خلال اتباع الهوى تاركين خلفهم مناهج الربوبية والتوحيد والمعارف الإلهية من خلال إعطاء القدسية لجميع الأمة بعد رسول اللهJ.
من حيث أصبح جميع الناس في يوم واحد بفضل الله عليهم ومنة المجتهدين ثم من خلال اتباع هذا الفضل والجود اصبح كل صحابي وحتى لو كان مخطئا له أجر.
ولهذا تلاحظ هذا الباب كيف فتح لغرض ان تتلاعب به المتلاعبين من الحكام ووعاظ السلاطين والى يومنا هذا فتلاعبوا بالحق وسحقوا قيم العدل تحت أقدامهم أبعدنا الله وإياكم عن مثل هذه المهالك. ويمكنك ان تقسم الأدوار التاريخية للتفسير الروائي لأربعة أدوار وهي:
1- عصر النبيّ o : لقد نشأ التفسير الروائي مُقارناً للوحي لأنّ رسول اللهo يعتبر هو أوّل مُفسِّر ومُبيِّن للكتاب، وقد جاء الأمر الإلهي بهذا الخصوص كما في قوله تعالى: ﴿وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ﴾[4].
ولكن الحقيقة أنّ سنّة رسول اللهo مع بيانهُ يرجع في اصل جذوره إلى الوحيA أيضاً، كما ذكر انه روي عن الرسول o قال: (ألا وإنّي أُوتيت القرآن ومثله معه)[5].
فقد كان جميع الصحابة يرجعون إلى رسول اللهo في تفسير القرآن ويأخذون منه معانيه العذبة كما روي ذلك عن ابن مسعود أنّه قال: (كان الرجل منّا إذا تعلّم عشر آيات لم يجاوزهُنَّ حتّى يعرف معانيهنَّ والعمل بهنّ)[6].
وقد يكون عمل رسول اللهo تفسيراً للكتاب، كما روي ذلك عنهo أنّه ذكر بشأن الصلاة فقالJ: (صلّوا كما رأيتموني أُصلي)[7] ومثلهِ روي عنهo قال (خذوا عنّي مناسككم)[8].
ومن خلال ما تقدم من الصور تحصل عندنا ان تكون أفعال رسول اللهo تفسيراً لجزئيات الصلاة والحج وغيرها.
كما روي عن الإمام الصادق A أنّه قال : ( إنّ الله أنزل على رسوله الصلاة، ولم يُسَمِّ لهم ثلاثاً ولا أربعاً، حتّى كان رسول اللهo هو الّذي فسَّر لهم ذلك)[9].
فلقد بيَّن رسول اللهo المسائل الّتي ذُكرت بصورة كليَّة في ايات القرآن الكريم كـ(الصلاة والصوم والحج وغيرها).
وكذلك وضّح رسول اللهJ موارد تخصيص العمومات وتقييد المطلقات، وبيَّن الاصطلاحات الجديدة في القرآن، والناسخ والمنسوخ.
ولاحظ ان جميع هذه الأمور كانت تعتبر تفسيراً للقرآن وقد وصلتنا بواسطة الاحاديث والسُنَّة ولا تزال الى اليوم موجودة كمصادر للتفسير الروائي.
2 - عصر أهل البيت D : في سير التاريخ استمرّت طريقة التفسير الروائي إلى عصر أئمّة اهل البيتD فكان الإمام عليّ A تلميذ رسول اللهo في التفسير يسمع ما يقوله النبيّ o في تبيين آيات القرآن ويقوم بنقله وروايته.
وقد اتّبع ائمة أهل البيتD هذا النهج أيضاً، فكانوا ينقلون الأحاديث للناس عن رسول اللهo والإمامA ويستدّلون بها، فقد وصل عدد الروايات المرويّة عنهم D إلى بضعة آلاف.
وتصدّى أئمة أهل البيت D لتفسير القرآن لاطلاعهم على العلوم الإلهيّة؛ ولهذا اعتُبرت سنّتهم (قولهم وفعلهم وتقريرهم) من مصادر التفسير واصبحت جزءاً من التفسير الروائي.
ففي نفس الإطار سأل رجل الإمام الرضا A فقال : إنّك لتفسِّر من كتاب الله ما لم يُسمع فقالA: (علينا نزل قبل الناس ولنا فُسِّر قبل أن يُفسَّر في الناس، فنحن نعرف حلاله وناسخه ومنسوخه و..)[10].
وقال A في حديث آخر: (فإنّما على الناس أن يقرؤا القرآن كما أُنزل، فإذا احتاجوا إلى تفسيره فالاهتداء بنا وإلينا)[11].
وعلى مثل هذا، قام أئمة أهل البيت D بتبيين مسائل متنوّعة من خلال مجال الأمور الكليَّة الّتي جاءت في القرآن وآيات الأحكام، المخصِّصات، المقيِّدات، الناسخ والمنسوخ، وكذلك تبيين باطن الآيات وتأويلها ومصاديقها وغيرها.

[1]- امثال القران ج22 ص7.
[2]- سورة النور الاية 35.
[3]-  التفسير والمفسّرون، الشيخ محمّد هادي معرفة، ج 2، ص 21.
[4]-  سورة النحل الآية 44.
[5]-  الإتقان في علوم القرآن، جلال الدين السيوطي، ج 4، ص 174.
[6]-  جامع البيان في تفسير القرآن، تاليف محمّد بن جرير الطبري، الجزء الاول ص 27- 28، دار المعرفة، بيروت، 1406هـ.
[7]-  بحار الأنوار، العلّامة المجلسيّH، ج 85، ص 279.
[8]- الخلاف، الشيخ الطوسيH، ج 2، ص 323.
[9]- الكافي، الشيخ الكلينيH، ج 1، ص 286.
[10]-  تفسير نور الثقلين، عبد علي بن جمعة الحويزيH، ج 4، ص 595، ح 19، المطبعة العلمية، قم المقدسة، طبعة2ـ 1383هـ.
[11]- سلسلة بحار الأنوار، العلّامة المجلسيّH، ج 27، ص 197.