الأربعاء، 12 أبريل 2017

إعجاز تنوع البيان في سورة التين بالقران الكريم


إعجاز تنوع البيان في سورة التين بالقران الكريم
تنوع البيان في سورة التين: جاء في كتابه العزيز عبارة قول الله تعالى: (وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ * وَطُورِ سِينِينَ * وَهَذَا الْبَلَدِ الْأَمِينِ * لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ * ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ * إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَلَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ * فَمَا يُكَذِّبُكَ بَعْدُ بِالدِّينِ * أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحَاكِمِينَ)[1].
فقد ابتدأت السورة بالقسم بالتين والزيتون, وهما قد يكون قصد بهما الشجران المعروفان، وذكر المفسرين ان اختيار هذين الشجرتين للقسم بهما من دون الاخرين أسباباً عدة.
فذكروا أنه أقسم بنوعين من الشجر، نوع ثمره ليس فيه عجم ونوع فيه عجم، وكما جاء في الأثر أن التين من شجر الجنة كما روي أنه أُهدي للنبيn طبق من تين فأكل منه وقال لأصحابه:
كلوا فلو قلت إن فاكهة نزلت من الجنة لقلت هذه لأن فاكهة الجنة بلا عجم. ومثلهِ قد ذكروا أن النبي آدمA خصف من ورقه لكي يستر عورته حينما انكشفت وهو في الجنة.
وأما ثمرة الزيتون فإنه شجرة مباركة كما جاء في التنزيل العزيز. وذكروا لها أمور أخرى لا داعي لسردها ههنا لضيق المقام.
فهل لبدء السورة من خلال قسمه بالشجر الذي يذكر أن له أصل في الجنة أقصد التين له علاقة بعدد آيات هذه السورة أم لا؟ وترى انت عدد آيات هذه السورة ثمانية وقد قيل هن بعدد أبواب الجنة.
ويمكن ان يكون هذا الكلام خرصاً، ولكن تجد مثلها في القران لأنواع هذه العلاقات, فقد تكرر كما تعلم أن ذكر عبارة قوله تعالى: (فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ) في سورة الرحمن.
عند وصف الجنة ثمان مرات وايضاً بعدد أبواب الجنة، وحصل مرتين بالسورة، وقد تكرر في الوعيد سبع مرات ايضاً بعدد أبواب جهنم[2] وهي ابتداءً من عبارة قوله تعالى: (سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَيُّهَا الثَّقَلَانِ)[3].
ومثلهِ قالوا إن سورة القدر ثلاثين كلمة وهي بعدد أيام شهر رمضان وإن قوله لفظة (هي) في عبارة قوله تعالى: (سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْر)[4] هي الكلمة السابعة والعشرون.
فعلى أي حال تلاحظ إن الكثيراً من هذه العلاقات في حياتنا وكلامنا ومثلها الكتاب ربما كانت من الموافقات.
وقد قيل من إن المقصود بالتين والزيتون هما جبلان من الأرض المقدسة يقال لهما بالسريانية طور تينا وطور زيتا لأنهما منبتا التين والزيتون[5].
ولكن تلاحظ العلاقة فيما بين التين والزيتون وما بعدهما ليست ظاهرة على هذا بشكل واضح إلا بهذا التكلف.
وقد قيل هي لمحال ثلاثة بعث الله تعالى في كل واحد منهما نبياً مرسلاً من أولي العزم وهم أصحاب الشرائع الكبار.
فقالوا الأول : محلة التين والزيتون وهي منطقة بيت المقدس التي بعث الله تعالى فيها النبي عيسى بن مريمD.
وقالوا الثاني : طور سنين وهو طور سيناء الذي كلم الله تعالى عليه النبي موسى بن عمرانA.
وقالوا الثالث : انها مكة وذلك لانها تعتبر البلد الأمين الذي مَن دخله كان آمناً، وهو الذي أرسل فيه نبي الرحمة محمداً[6]n.
وتجد انه قد ذكر في كتاب (التبيان في أقسام القرآن) قال:
فأقسم سبحانه بهذه الأمكنة الثلاثة العظيمة التي هي مظاهر أنبيائه ورسله، أصحاب الشرائع العظام والأمم الكثيرة. فالتين والزيتون المراد به نفس الشجرتين المعروفتين ومنبتهما وهو أرض بيته المقدس...
وهو مظهر عبد الله ورسوله وكلمته وروحه عيسى بن مريمA. كما أن طور سينين مظهر عبده ورسوله وكليمه موسىA، فإنه الجبل الذي كلمه عليه وناجاه وأرسله إلى فرعون وقومه.
ثم أقسم بالبد الأمين وهو مكة مظهر خاتم أنبيائه ورسلهn سيد ولد آدمD. وترقى في هذا القسم من الفاضل إلى الأفضل، فبدأ بموضع مظهر المسيحA.
ثم ثنّى بموضع مظهر الكليم، ثم ختمه بموضع مظهر عبده ورسوله وأكرم الخلق عليهn. ونظير هذا بعينه في التوراة التي أنزلها الله على كليمه موسىA: (جاء الله من طور سيناء وأشرق من ساعير، واستعلن من فاران).
فمجيئه من طور سيناء بعثته لموسى بن عمرانA، وبدأ به على حكم الترتيب الواقع، ثم ثنّى بنبوة المسيح، ثم ختمه بنبوة محمد[7]n.انتهى.
ثم بعدها نأتي وننظر إلى ترتيب هذه الأشياء المقسم بها وكما يلي:
بدأ بالتين والزيتون. والمعروف ان الزيتون أشرف وأفضل من التين فقد شهد الله له أنه شجرة مباركة كما في عبارة قوله تعالى:
( اللَّهُ نُورُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لَا شَرْقِيَّةٍ وَلَا غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ نُورٌ عَلَى نُورٍ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ)[8].
فهذه فاكهة من جهة اولى، واخرى هي إدامٌ من جهة ومنجهة ثالثة ان زيتها تلاحظه يُستعمَل في إنارة المصابيح والسُّرُج.
ثم أقسم بطور سنين وهو أفضل مما ذكر قبله، فإنه الجبل الذي كلم الرب عليه موسى وناجاه وأرسله إلى فرعون وقومه.
ثم بعدها انظر من ناحية أخرى كيف وضع طور سنين بجوار الزيتون وليس بجوار التين، وقد جاء ذكر الزيتون بجوار الطور في مكان آخر من التنزيل العزيز[9].
كما في سورة المؤمنون بعبارة قوله تعالى: (وَشَجَرَةً تَخْرُجُ مِنْ طُورِ سَيْنَاءَ تَنْبُتُ بِالدُّهْنِ وَصِبْغٍ لِلْآَكِلِينَ)، وهذه الشجرة هي شجرة الزيتون بإجماع المفسرين. كما قال الواحدي: (والمفسرون كلهم يقولون إن المراد بهذه الشجرة شجرة الزيتون)[10].
ثم بعدها أقسم بالبلد الأمين وهو مكة المكرمة: مكان مولد رسول اللهn ومبعثه ومكان البيت الذي هو هدى للعالمين[11]. ويعتبر هو أفضل البقاع عند الله وأحبها إليه كما ورد في الحديث، فتدرّج من الفاضل إلى الأفضل ومن الشريف إلى الأشرف.
فأنت تلاحظ أنه تدرج من التين ثم إلى الزيتون ثم إلى طور سنين ثم إلى ذلك البلد الأمين، فختم كلامه بموطن الرسالة الخاتمة لأشرف الرسالات.
وتجد انه قد وصف الله تعالى هذا البلد بصفة لفظة كلمة (الأمين) وهي صفة اختيرت هنا اختياراً مقصوداً لا يسدُّ مسدّها أي وصف آخر (ولك ان تجرب).
فكلمة الأمين هي وصف يحتمل أن يكون من الأمانة، وبنفس الوقت كما يحتمل أن يكون من لفظة الأمن. وكلا المعنيين هما مُراد.
تلاحظ انه من حيث الأمانة وُصف بالأمين وذلك لأنه مكان أداء الأمانة وهي الرسالة. وكلمة لفظة (الأمانة) ينبغي أن تؤدى في مكان لفظة كلمة (أمين). فتجد ان الرسالة أمانة نزل بها الروح الأمين وهو جبريلA، وأداها إلى الصادق الأمين وهو محمدn, في هذا البلد الأمين وهي مكة.
فلاحظ كيف اختير الوصف ههنا أحسن اختيار وأنسبه, فالأمانة حملها رسول وهو موصوف بالأمانة فأداها إلى بشر موصوف بالأمانة في بلد حمل صفة الأمانة. وقد قيل: (وأمانته أن يحفظ من دَخَله كما يحفظ الأمين ما يُؤتمن عليه)[12].
ولاحظ انه من حيث الأمن فهو بلد آمن قبل الإسلام، فقد دعا له النبي  ابراهيمA بالأمن من قبل أن يكون بلداً، ومن بعد أن صار بلداً فقال أولاً في عبارة قوله تعالى:
( رَبِّ اجْعَلْ هَذَا بَلَدًا آَمِنًا )[13] ومن ثم قال فيما بعد في عبارة قوله تعالى: (رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آَمِنًا)[14] اذاً فهو مدعو له بالأمن سابقاً من أبي الأنبياء.
والنتيجة قد استجاب الله سبحانه هذه الدعوة كما في عبارة قوله تعالى: (وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آَمِنًا)[15] ومن ثم قال في عبارة قوله تعالى: (وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِلنَّاسِ وَأَمْنًا)[16].
فلفظة كلمة (الأمين) على هذا وزن لفظة كلمة (فعيل) وهي للمبالغة أي بمعنى الآمن، ويحتمل أن تكون لفظة كلمة (الأمين) هي فعيل اي بمعنى مفعول، مثل جريح أي بمعنى مجروح وأسير بمعنى مأسور، أي بمعنى: المأمون، وذلك لأنه مأمون الغوائل[17].
والأمين فعيل بمعنى فاعل أي الآمن، من أمُن الرجل بضمّ الميم أمانة فهو أمين.. وأمانته أن يحفظ من دخله كما يحفظ الأمين ما يؤتمن عليه.. وأما بمعنى مفعول أي:
المأمون من (أمنه) أي: لم يَخَفْه، ونسبته إلى البلد مجازية. والمأمون حقيقة الناسُ أي: لا تخاف غوائلهم فيه، أو الكلام على الحذف والإيصال أي: المأمون فيه من الغوائل[18].
وأمين للمبالغة أي: آمنٌ مَنْ فيه ومن دخله وما فيه من طير وحيوان، أو من أمُن الرجل بضمّ الميم أمانة، فهو أمين كما يحفظ الأمين ما يؤتمن عليه. ويجوز أن يكون بمعنى مفعول من أمنه لأنه مأمون الغوائل[19].
ولك ان تقول لماذا اختار لفظ كلمة (الأمين) على لفظ كلمة (الآمن) الذي تردد في مواطن أخرى من ايات القرآن الكريم كما في عبارة قوله تعالى:
( أَوَلَمْ نُمَكِّنْ لَهُمْ حَرَمًا آَمِنًا يُجْبَى إِلَيْهِ ثَمَرَاتُ كُلِّ شَيْءٍ رِزْقًا مِنْ لَدُنَّا وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ)[20] وكذلك في عبارة قوله تعالى: (أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا حَرَمًا آَمِنًا وَيُتَخَطَّفُ النَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ)[21].
جوابه هو أنه باختياره لفظ كلمة (الأمين) هو قد جمع معنيان الأمن والأمانة، وكذلك جمع معنى اسم الفاعل واسم المفعول، وكذلك جمع الحقيقة والمجاز، والنتيجة هو أمين وآمن ومأمون، وهذه المعاني كلها مُرادة مطلوبة.
ثم بعدها لاحظ جواب القسم بالاية الكريمة وهو كما في عبارة قوله تعالى: (لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ).
فكيف تناسب هذا مع المُقسَم به تناسباً لطيفاً ولائمه ملائمة رائعة وبديعة. فإنه أقسم بالرسالات على بداية الإنسان ونهايته[22], فقال في عبارة قوله تعالى: (لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ) وهذه بدايته، ثم قال في عبارة قوله تعالى: (ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ) وهذه نهايته.
ثم لما كان الناس في إجابة هذه الدعوة جهتين منهم مَنْ أجاب ومنهم من أمتنع، ذكر حال الفريقين. فذكر حال الأكثرين وهم المردودين إلى أسفل سافلين والآخرين وهم المؤمنين الذين لهم أجر غير ممنون.
وحينما كانت الرسالات هي منهج للإنسان وشريعة له، كان الجواب يتعلق بالإنسان طبيعة ومنهجاً، فذكر طبيعة الإنسان في عبارة قوله تعالى: (لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ) وذكر المنهج في عبارة قوله تعالى: (إِلَّا الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَلَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ).
وتعتبر هذه إشارة إلى أن المنهج لا بد من أن يكون متلائماً مع الطبيعة البشرية وغير مناقض لها وإلا كانت نتيجته الفشل. فهذا الجواب كما ترى أوفى جواب وأكمله وأنسب لما قبله وما بعده.
ثم لاحظ من ناحية أخرى إلى عبارة قوله تعالى : (لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ) فإنه قد أسند الخلق إلى نفسه ولم يبينه للمجهول، وذلك لأنه موطن البيان من عظيم قدرته وحسن فعله وبديع صنعه فلذلك أسند ذلك إلى نفسه.
ويعتبر هذا في ايات القرآن خط واضح، فإنه في مثل هذه المقامات وخصوصاً في مقام النعمة والتفضّل يسند الأمر إلى نفسه، كما في عبارة قوله تعالى: (وَمِمَّنْ خَلَقْنَا أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ)[23].
ومثلهِ كذلك في عبارة قوله تعالى: (أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا خَلَقْنَا لَهُمْ مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا أَنْعَامًا فَهُمْ لَهَا مَالِكُونَ * وَذَلَّلْنَاهَا لَهُمْ فَمِنْهَا رَكُوبُهُمْ وَمِنْهَا يَأْكُلُونَ)[24].
فلاحظ كيف أسند الخلق في مقام النعمة والتفضّل إلى ذاته في حين بعبارة قوله تعالى: (وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفًا)[25] ببناء الفعل للمجهول لما كان القصد هو حال بيان نقص الإنسان وضعفه.
وكما في عبارة قوله تعالى: (خُلِقَ الْإِنْسَانُ مِنْ عَجَلٍ)[26]، وفي عبارة قوله تعالى: (إِنَّ الْإِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا * إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا * وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا)[27]. فلاحظ الفرق فيما بين المقامين.
هذا من جهة، ومن جهة أخرى أنه قد أسند الخلق إلى نفسه وذلك لأن المقام مقام بيان لمنهج الإنسان، فأراد أن يبين من أن واضع المنهج للإنسان هو خالق الإنسان ولا أحد غيره أعلم بما يصلح له وما يعتبر أنسب له، واما لو بنى الفعل للمجهول لم يفهم ذلك بشكل صريح.
فأنت تعلم أن إسناد الخلق لذات الله العلية هو أنسب شيء في هذا المقام. وقد يقول قائل: ولماذا أسند الرد إلى أسفل سافلين إلى نفسه كما في عبارة قوله تعالى: (ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ)  وهذا ليس هو بمقام تفضّل ولا هو بيان نعمة؟.
فيقال له : إن هذا الإسناد يعتبر أنسب شيء ههنا ولا يليق غيره، وذلك لأنه أراد أن يذكر من أن بيده البداية والنهاية، وأنه القادر أولاً وأخيراً لا معقّب لحكمه وهو يفعل ما يشاء في البداية والختام، وهذا لا يحصل إلا من خلال الإسناد إليه.
ألا تعلم أنه لو ذكر في عبارة قوله : ( لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم ثم رًدّ أسفل سافلين) لكان يُفهم ذاك أن هناك رادّاً غيره يفسد خلقته ويهدم ما بناه؟
ومعنى عبارة قوله تعالى : (لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ) لأنه صيّره على أحسن ما يكون في الصورة والمعنى والإدراك وفي كل ما هو أحسن[28] من الأمور المادية والمعنوية وغيرها.
ومن ثم قال بعدها في عبارة قوله تعالى: (ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ) فجاء بـلفظة (ثم) التي تفيد الترتيب والتراخي، لأن كونه أسفل سافلين لا يعاقب خلقه بل يتراخى عنه في الزمن.
اذاً من حيث الوقت هي تفيد التراخي، كما أنها من حيث الرتبة هي تفيد التراخي، فرتبة كونه بأحسن تقويم تتراخى وتبعد عن رتبة كونه في أسفل سافلين، فثمة مدى بعيد فيما بين الرتبتين فأفادت لفظة (ثم) هاهنا التراخي الزماني والتراخي بالرتبة.
وقد اختلفوا في معنى عبارة قوله : (أَسْفَلَ سَافِلِينَ) فذهب البعض من المفسرين إلى أن المقصود به أرذل العمر، والمُراد بذلك: الهرم وضعف القُوى الظاهرة والباطنة وذهول العقل حتى يصير لا يعلم شيئاً[29].
واما معنى الاستثناء على هذا أن الصالحين من الهرمى لهم ثواب دائم غير منقطع[30] ويُكتب لهم في وقت شيخوختهم كما كان يُكتب لهم في وقت صِحّتهم وقوتهم وجاء في الحديث: (إن المؤمن إذا رُدّ لأرذل العمر كُتِب له ما كان يعمل في قوّته)
وذلك هو لأجر غير ممنون[31] أي بمعنى غير منقطع. وذهب آخرين إلى أن المقصود به أسفل الأماكن السافلة وهو جهنم أو الدرك الأسفل من النار.
واما معنى الاستثناء على هذا فهو ظاهر، فالصالحين مستثنون من الرد إلى ذلك.
وقد ركز البعض منهم على الخصائص الروحية وهو كما قالوا: التركيز في هذا المقام على خصائصه الروحية. فهي التي تنتكس إلى أسفل سافلين حين ينحرف عن الفطرة ويحيد عن الإيمان المستقيم معها. فهو مهيّأ لأن يبلغ من الرِّفعة مدى يفوق مقام الملائكة المقربين.
بينما هذا الإنسان مهيأ حين ينتكس لأن يهوي إلى الدرك الذي لا يبلغ إليه مخلوق قط كما في عبارة قوله تعالى: (ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ) حيث تُصبح البهائم أرفع وأقوم لاستقامتها على فطرتها.
كما في عبارة قوله تعالى: (إِلَّا الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ) فهؤلاء هم الذين يبقون على سواء الفطرة ويكملونها بالإيمان والعمل الصالح. ويرتقون بها إلى الكمال المقدّر لها[32].
والظاهر من الاقوال أن معنى الآية يتسع لكل ما ذكروه، وهي تفيد كذلك من أن حياة غير المؤمن نكد وغمّ، وعيشة ضنك وشقاء كما في عبارة قوله تعالى:
( وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى)[33] وعبارة قوله تعالى: (حُنَفَاءَ لِلَّهِ غَيْرَ مُشْرِكِينَ بِهِ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السَّمَاءِ فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ)[34].
فحياة مثل هؤلاء هابطة وسافلة بل تجدهم في أسفل سافلين. ومن ثم لاحظ إلى الاستثناء كما في عبارة قوله تعالى: (إلَّا الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ).
فإنه قد استثنى من الرد أسفل سافلين مَنْ آمن وعمل صالحاً فلم يزد على ذلك، ولم يقل مثل ما ذكر في سورة العصر في عبارة قوله تعالى: (وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ).
لان ذلك اختلاف الموطنين، فإن سورة العصر هي في بيان الخسران الذي يصيب الإنسان، واما سورة التين هي فيما يُنجي من دركات النار، وهو كما في عبارة قوله تعالى: (وَالْعَصْرِ * إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ * إِلَّا الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ)[35].
فتبيّن لنا من أن الإيمان والعمل الصالح يمنعه من الرد أسفل سافلين. ولكن لا يمنعه من الخسران الذي يفوته فيما لو تواصى بالحق وبالصبر فإن كلّ من ترك ذلك خسر شيئاً من الأجر الذي كان يربحه فيما لو فعله، فلاحظ الفرق فيما بين الموطنين وبين الاستثنائين.
وتأمل حكمة القرآن حينما ذكر في عبارة قوله تعالى : (إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ) فإنه قد ضيّق الاستثناء ومن ثم خصصه حينما قال في عبارة قوله تعالى: (إِلَّا الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ)[36].
وحينما قال في عبارة قوله تعالى: ( ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ) قد وسّع الاستثناء وعممه حينها ذكر بعبارة قوله تعالى: (إِلَّا الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ)[37].
ولم يقل لفظة كلمة (وتواصوا) فإن معنى التواصي هو أمر الغير بالإيمان والعمل الصالح، وهو قدر زائد على مجرد فعله. فمن لم يكن كذلك فقد خسر هذا الربح فأصبح في خُسر، ولا يلزم من أن يكون في أسفل سافلين.
فالإنسان قد يقوم بما يجب عليه ولا يأمر غيره، فإن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر هي مرتبة زائدة. وقد تكون فرضاً على الأعيان، وقد تكون فرض كفاية وقد تكون مستحبّة.
ولكن التواصي بالحق يدخل فيه الحق الذي يجب، والحق الذي يُستحب، والصبر داخل فيه الصبر الذي يجب والصبر الذي يُستحب.
فهؤلاء إذا تواصوا بالحق وتواصوا بالصبر حصل لهم من الربح ما خسره أولئك الذين قاموا بما يجب عليهم بأنفسهم ولم يأمروا غيرهم به. حتى وإن كان أولئك لم يكونوا من الذين خسروا أنفسهم وأهليهم. فمطلق الخسار شيء، والخسار المطلق شيء[38].
ثم ذكر في عبارة قوله تعالى: (فَلَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ) وقد قيل: ومعنى غير ممنون غير منقوص ولا منقطع، وقيل معناه غير مكدر بالمنّ عليهم[39]. وكل ذلك مراد وهو من صفات الثواب، لأنه يجب أن يكون غير منقطع ولا منغصاً بالمنة[40].
فقال في عبارة : (غير ممنون) هو لكي يجمع هذه المعاني كلها، ولم يقل غير مقطوع ولا نحو ذلك فيفيد معنى دون الآخر.
ثم بعدها لاحظ كيف زاد حرف الفاء في عبارة قوله تعالى: (فَلَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ) ولم يفعل مثل ذلك في أي آية تشبهها وهي عبارة قوله تعالى: (إِلَّا الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ)[41] من دون حرف الفاء.
وسبب ذلك لأن السياقين مختلفين، فتجد سياق سورة الانشقاق أكثره في ذكر الكافرين، وتلاحظ انه قد أطال في ذكرهم ووصف عذابهم فقال في عبارة قوله تعالى:
(وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ وَرَاءَ ظَهْرِهِ * فَسَوْفَ يَدْعُو ثُبُورًا * وَيَصْلَى سَعِيرًا * إِنَّهُ كَانَ فِي أَهْلِهِ مَسْرُورًا * إِنَّهُ ظَنَّ أَنْ لَنْ يَحُورَ * بَلَى إِنَّ رَبَّهُ كَانَ بِهِ بَصِيرًا)[42].
ثم ذكر قوله مقرّعاً للكافرين مؤنّباً لهم كما في عبارة قوله تعالى: (فَمَا لَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ * وَإِذَا قُرِئَ عَلَيْهِمُ الْقُرْآَنُ لَا يَسْجُدُونَ * بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا يُكَذِّبُونَ * وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يُوعُونَ * فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ * إِلَّا الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ).
وفي حينها لم يزد بالكلام على المؤمنين عن عبارة قوله تعالى: (فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ * فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا * وَيَنْقَلِبُ إِلَى أَهْلِهِ مَسْرُورًا)[43].
فلاحظ كيف أطال في وصف الكافرين وأعمالهم وعقابهم، ولكن قد أوجز بالكلام على المؤمنين، ولهذا حذف حرف الفاء من جزاء المؤمنين في سورة الانشقاق لمناسبة الإيجاز.
ولكن في حين لم يذكر الكافرين في سورة التين ولم يزيد على أن ذكر في عبارة قوله تعالى: (ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ)[44] يعني الإنسان، وهو غير صريح في أن المقصود به الكافرون أو غيرهم كما ذكرنا سابقاً.
ثم بعدها لاحظ كل من السورتين كيف تحدثتا بالكلام عن الإنسان. فبدأت سورة الانشقاق بذكر كدح الإنسان ومشقته ونصبه كما في عبارة قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الْإِنْسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحًا فَمُلَاقِيهِ)[45].
وقد توعّده ربه بركوب الأهوال والبلاء والشدائد المتتابعة التي يفوق بعضها بعضاً في الشدة فقال في عبارة قوله تعالى: (فَلَا أُقْسِمُ بِالشَّفَقِ * وَاللَّيْلِ وَمَا وَسَقَ * وَالْقَمَرِ إِذَا اتَّسَقَ * لَتَرْكَبُنَّ طَبَقًا عَنْ طَبَقٍ).
ولكن تجده بدأ في سورة التين بتكريم الإنسان فقال في عبارة قوله تعالى: (لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ)[46] فناسب ذلك تأكيد استمرار أجره وعدم تنغيصه، وذلك من خلال زيادة الفاء في التين من دون الانشقاق.
ثم ذكر بعدها في عبارة قوله تعالى: (فَمَا يُكَذِّبُكَ بَعْدُ بِالدِّينِ) ومعناه: أي شيء يجعلك أيها الإنسان مكذّباً بذلك الجزاء من بعد هذا الدليل البين الواضح؟.
وبمعنى اخر أن خلق الإنسان من نطفة وتقويمه بشراُ سوياً ومن ثم تدريجه في مراتب الزيادة إلى أن يكمل وأستوى مع تحويله من حال إلى حال، أوضح دليل على قدرة الخالق على الحشر والنشر[47] فالذي خلقك قادر على أن يعيدك بعد موتك ويُنشئك خلقاً جديداً، وأن ذلك لو أعجزه لأعجزه خلقك الأول.
فلاحظ الجلالة في ارتباط هذا القول بما سبق من قبله. ثم بعدها لاحظ كيف استدل على الجزاء من خلال الأدلة النقلية والعقلية.
فالدليل النقلي : هو ما أخبرتك به رسالات السماء، وذكر من هذه الرسالات كبراها وهي رسالات الانبياء موسىA وعيسىA ومحمدn.
والدليل العقلي : هو الاستدلال من خلال خلق الإنسان في أحسن تقويم وتدريجه في مراتب الزيادة والنقص وغيرها.
ثم بعدها لاحظ كيف اختار لفظة كلمة (الدين) ولم يختر لفظة كلمة الجزاء أو الحساب أو النشور وغيرهما، وذلك حينما تقدم جاء بمواطن الرسالات ناسب ذلك ذكر الدين, وذلك لأنها أديان، فقد يُراد بذلك معنى لفظة كلمة (الدين) علاوة على معنى الجزاء.
ومعنى ذلك أي شيء يجعلك مكذّباً بصحة الدين من بعد كل هذه الأدلة السابقة؟ فهذا الذي خلقك في أحسن تقويم رسم لك أفضل منهج تسعد به في الدنيا وفي الآخرة. فأحتوت وجمعت لفظة كلمة (الدين) معنى الدين ومعنى الجزاء في آن واحد، واما لو قال فما الذي يكذبك بالجزاء لم يجمع هذين المعنيان.
فأنت تعلم قد اختار لفظة كلمة (الدين) لكي تقع في موقعها المناسب لها. ثم قال بعدها في عبارة قوله تعالى: (أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحَاكِمِينَ) وعبارة أحكم الحاكمين تحتمل أن تكون معناها هو:
أعظم ذوي الحكمة وأحسنهم تدبير. وتحتمل أن تكون معناها: أقضى القاضين، لأن لفظة كلمة (حكم) تحتمل أن تكون من الحكمة، وتحتمل أن تكون من القضاء وهو الفصل في المحاكم.
فعلى الخيار الأول يكون المعنى هو : أليس الذي فعل ذلك هو بأحكم الحاكمين صنيعاً وتدبيراً وحكمته بالغة لا حدود لها. فإذا تبيّن أنه تعالى أحكم الحاكمين - وهو بدون شك بيّن - تعيّنت الإعادة والجزاء.
وذلك لأن حكمته تأبى أن يترك الإنسان سدى من دون ان يحاسب على أعماله، فكيف يليق بأحكم الحاكمين أن لا يُجازي المحسن على إحسانه والمسيء على إساءته, وهل ذلك إلا هو قدح في وحكمته.
واما على الخيار الثاني يكون المعنى : أليس هو تعالى بأقضى القاضين فيحكم بين عباده فيما كانوا فيه مختلفين، كما في عبارة قال تعالى: (قُلِ اللَّهُمَّ فَاطِرَ السَّموَاتِ وَالْأَرْضِ عَالِمَ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ أَنْتَ تَحْكُمُ بَيْنَ عِبَادِكَ فِي مَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ)[48].
فلاحظ قوة العلقة والارتباط بهذه الآية لما قبلها على كلا الخيارين، فإن حكمته هنا تقتضي الإعادة والجزاء. والجزاء والفصل فيما بين الخلائق يقتضي وجود قاضٍ.
فتجد انه قد جمع بهذه العبارة معنيانوهما: (القضاء والحكمة) بل لقد جمع معاني عديدة من هذا التعبير، إذ كل لفظ من عبارة قوله: (أحكم الحاكمين) أحتمل من أن يكون بمعنى القضاء والحكمة.
فيكون قد جمع أربعة معاني كلها مراده واحدهما هي عبارة (أحكم الحاكمين) بمعنى أكثرهم حكمة والاخرى عبارة (أقضى الحكماء) والثالثة عبارة (أقضى القضاة) والرابعة عبارة (أحكم القضاة).
فلاحظ كيف جمع أربعة معاني بدورها تُؤدي الى أربعة عبارات وهي في عبارة واحدة موجزة فلو قال كما في عبارة (أقضى القاضين) لدلت وحدها على معنى واحد.
وبعد ذلك كيف جعل ذلك من خلال أسلوب الاستفهام التقريري ولم يجعله بالأسلوب الخبري فهو لم يقل كما في عبارة (إن الله أحكم الحاكمين) ولم يقل مثلها، وإنما قرر المخاطب لكي يقوله بنفسه وليشترك كذلك في إصدار الحكم فيقول حينها: بلى : في عبارة (وأنا على ذلكم من الشاهدين).
ثم انظر إلى ارتباط خاتمة السورة بفاتحتها، فإن فاتحة السورة في ذكر مواطن الرسالات العظمى وارتباطها بخاتمتها واضح بيّن، فإن الذي أنزل هذه الشرائع العظيمة وما تضمنته من أحكام سامية هو أحكم الحاكمين.
ولاحظ التنسيق الرائع الجميل في اختيار خواتم الآيات، فإن خاتمة كل آية اختيرت لكي تجمع العديد من المعاني في وقت واحد. فاختيرت لفظة كلمة (الأمين).
لكي تجمع معنيان هما الأمن والأمانة، وعبارة قوله: (أسفل سافلين) تجمع معنى أرذل العمر مع دركات جهنم السفلى. وعبارة قوله: (غير ممنون) كذلك تجمع معنى غير منقطع ولا منغّص بالمِنّة عليهم، واما لفظة كلمة (الدين) تجمع الجزاء والدين، وعبارة قوله: (أحكم الحاكمين) تجمع الحكمة والقضاء معاً.
فهل لاحظت هذه الدقة في الاختيار وهذا الحسن في ذلك التنسيق. أليس الذي قال ذلك بأحكم الحاكمين. بلى وأنا على ذلك من الشاهدين[49].

[1]- سورة التين الايات 1 الى الاية 8.
[2]- ملاك التأويل 2 / 888 .
[3]- سورة الرحمن الاية 31.
[4]- سورة القدر الاية 5 .
[5]- التفسير الكبير 32/9، روح المعاني 30/174 .
[6]- تفسير ابن كثير 4 / 526 .
[7]- كتاب التبيان في أقسام القران ص 35-55 .
[8]- سورة النور الاية 35 .
[9]- في ظلال القرآن 30/190 .
[10]- فتح القدير 3/463، روح المعاني 18/22-23 .
[11]- تفسير روح المعاني 30/173 .
[12]- نفس المصدر .
[13]- سورة البقرة الاية 126.
[14]- سورة ابراهيم الاية 35 .
[15]- سورة ال عمران الاية 97 .
[16]- سورة البقرة الاية 125 .
[17]- روح المعاني 30/173، البحر المحيط 8/490، الكشاف 3/348 .
[18]- روح المعاني 30/173 .
[19]- البحر المحيط 8/490، الكشاف 3/348 .
[20]- سورة القصص الاية 57 .
[21]- سورة العنكبوت الاية 67 .
[22]- التبيان في أقسام القرآن 55 .
[23]- سورةالاعراف الاية 181 .
[24]- سورة يس الاية 71 و 72 .
[25]- سورة النساء الاية 28 .
[26]- سورة الانبياء الاية 37 .
[27]- سورة المعارج الاية 19 الى 21 .
[28]- روح المعاني 30 / 175، والبحر المحيط 8 / 490 .
[29]- روح المعاني 30 / 176، وكذلك البحر المحيط 8 / 490 .
[30]- الكشاف 3/348 .
[31]- البحر المحيط 8/490  .
[32]- في ظلال القرآن 30/194 .
[33]- سورة طه الاية 124 .
[34]- سورة الحج الاية 31 .
[35]- سورة العصر الاية 1 و 2 و3 .
[36]- سورة العصر الاية 3 .
[37]- سورة العصر الاية 6 .
[38]- التبيان 91 .
[39]- البحر المحيط 8/490، روح المعاني 30/176 .
[40]- التفسير الكبير 32/11 .
[41]- سورة الانشقاق الاية 25 .
[42]- سورة الانشقاق الاية 10 الى 15 .
[43]- سورة الانشقاق الاية 7 و 8 و 9 .
[44]- سورة التين الاية 5 .
[45]- سورة الانشقاق الاية 6 .
[46]- سورة التين الاية 4 .
[47]- الكشاف 3/349، التفسير الكبير 32/12 .
[48]- سورة الزمر الاية 46 .
[49]- راجع : روح المعاني 30/177، وكذلك مجمع البيان 10/512 وراجع : التعبير القرآني: من صفحة337 إلى صفحة 348.