الأربعاء، 12 أبريل 2017

وضع الكلمة لاتحل محلها نفس الكلمة من إعجاز بيان الالفاظ في القران الكريم


وضع الكلمة لاتحل محلها نفس الكلمة من إعجاز بيان الالفاظ في القران الكريم
وضع الكلمة لاتحل محلها نفس الكلمة: إعجاز بيان الكلمة في القرآن من حيث ان كل كلمة في الكتاب وُضعت في مكان لا يمكن لأي كلمة أخرى أن تحل محلها كما دلالة لفظة كلمة (غلام – ولد - صبي) في سياق ايات القرآن الكريم.
فقد وردت في القرآن الكريم لفظة كلمة (غلام) عندما بُشّر النبي زكرياA بيحيىA كما في سورة آل عمران من عبارة قوله تعالى:
( فَنَادَتْهُ الْمَلَائِكَةُ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرَابِ أَنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيَى مُصَدِّقًا بِكَلِمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَسَيِّدًا وَحَصُورًا وَنَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ * قَالَ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَقَدْ بَلَغَنِيَ الْكِبَرُ وَامْرَأَتِي عَاقِرٌ قَالَ كَذَلِكَ اللَّهُ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ)[1].
وتلاحط انه قد أعقب الله تعالى في قصة السيدة مريمB وقال على لسانها في عبارة قوله تعالى: (قَالَتْ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي وَلَدٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ قَالَ كَذَلِكِ اللَّهُ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ إِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ)[2].
وتلاحظ ان عبارة قوله تعالى : ( كذلك يفعل ما يشاء ) في مقام الرد على النبي زكرياA واما في قصة السيدة مريمB جاء الردّ في عبارة قوله تعالى: (يخلق ما يشاء).
لفظة كلمة (الغلام) يُطلق على الطفل منذ لحظة ولادته إلى أن يشبّ ويكبر. ولفظة كلمة (الطفل) تطلق على المولود منذ أن يولد للدنيا إلى أن يبلغ. ولفظة كلمة (الصبي) تُطلق من الولادة إلى ما قبل فطام الطفل مباشرة. واما لظة كلمة (الوليد) تُطلق على الطفل المولود منذ لحظة ولادته.
وانت تعرف ان أمنية كل والد أو أبّ أن يكون له غلام يأخذه بين يديه ويسير معه ويمشي بين يديه.
وأما بالنسبة للسيدة مريمB لفظة (غلام) في سورة مريم بينما في آخر سورة آل عمران قالت لفظة كلمة (ولد) لأن الملك حينما بشّرها في سورة مريم كما في عبارة قوله تعالى: (قَالَ إِنَّمَا أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لِأَهَبَ لَكِ غُلَامًا زَكِيًّا)[3].
فأجابت على السؤال بعبارة قوله تعالى: (قَالَتْ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ وَلَمْ أَكُ بَغِيًّا)[4].
وأما في سورة آل عمران حينما نقرأ الآية التي بُشرت فيها السيدة مريمB بعيسىA في عبارة قوله تعالى:
( إِذْ قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ وَجِيهًا فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ وَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ * وَيُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلًا وَمِنَ الصَّالِحِينَ)[5] .
فبشّرها من أن عيسىA سيكون له شأن فاطمأنت من أن هذا الغلام سيكون له مكانة ولكنها تساءلت بعبارة: أنّى يكون لها ولد وهي لم تتزوج ولم يمسسها بشر.
وتجد في سورة مريم عندما ذهبت به إلى قومها ولم يكونوا على علم من أنها ولدت فكان التعبير بلفظة كلمة صبي في عبارة قوله تعالى: (فَأَشَارَتْ إِلَيْهِ قَالُوا كَيْفَ نُكَلِّمُ مَنْ كَانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا)[6].
فقد كانت ولادة النبي يحيىA أمر طبيعي من أب وأم ولا توجد أسباب بشرية تحول من دون تنفيذ قدرة الله تعالى فالقول أمر طبيعي من أن يقول في عبارة قوله: (يفعل ما يشاء).
أما في أمر مريم وعيسىD فتلاحظ الأمر مختلف فنبي الله عيسىA سيأتي من أم بلا أب والخلق إيجاد وإبداع فتحصل التعبير بقوله: (يخلق ما يشاء). وتلاحظ ان المعجزة هنا أكبر فلا بد من التعبير بعبارة قوله: (يخلق ما يشاء).
وفي قول الله سبحانه بسورة آل عمران في عبارة قوله تعالى: (يَا مَرْيَمُ اقْنُتِي لِرَبِّكِ وَاسْجُدِي وَارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ)[7] دلالة تقديم السجود على الركوع.
ويعتبر هذا من دقة سياق ايات القرآن. ولكن بعضهم يوقولون أن هذه كانت عبادتهم انذاك وهذا القول لكن لا يوجد عليه دليل. فعندما تدقق تلاحظ من أن الكلام في لغتنا على نحو طريقتين وهي:
احدهما: ترقّي من الأدنى إلى الأعلى والاخر: العكس هو التدني في الأعلى إلى الأدنى. وكلام الآية هنا هو الترتيب من العام فالخاصّ فالأخصّ.
والقنوت يعتبر عام يكون في الصلاة وفي خارجها وغيرها فهو عام ثم بعدها انتقل إلى الخاصّ وهو السجود لأنه يكون داخل في ضمن الصلاة وكذلك في سجود التلاوة وسجدة الشكر لكنه يعتبر أخصّ من القنوت ثم بعدها انتقل إلى الركوع الذي هو أخصّ من السجود فلا ركوع إلا في الصلاة فقط.
وتجد في آية أخرى فيعبارة قوله تعالى : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ)[8].
تلاحظ هنا انتقل من الأخص فالخاص ومن ثم العام فالأعم. والركوع يعتبر أخص الخصوص ثم بعدها انتقل إلى السجود ثم الى العام بعبارة قوله: (اعبدوا ربكم) ثم العموم في عبارة قوله: (وافعلوا الخير).
واما في عبارة  قوله تعالى :( فَإِذَا جَاءَتِ الصَّاخَّةُ * يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ * وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ * وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ)[9] فهنا تجده قدّم لفظة كلمة (الأخ) ويعتبر هذا الترتيب جاء من المهم فالأهم وهو زيادة في التهويل والتعتيم لهذا الموقف العظيم. لتجد ان الإنسان في الدنيا يتمسّك بأخيه وبأمه وأبيه وصاحبته وبنيه.
ولاحظ أنه قال لفظة كلمة (صاحبته) ولم يقل زوجه لأن الحق تعالى يصوّر ذلك الفرار في هذا اليوم من أعز الناس على هذا الإنسانفي عبارة قوله تعالى: (لكل امرئ يومئذ شأن يغنيه).
وبعض الزوجات قد يحصل بينها وبين زوجها شيء من المشاكل فلربما يفهم البعض من أن الزوج يفر منها في الآخرة بسبب ما بينهما من مشاكل في الدنيا ولكن تجد ان استخدام لفظة كلمة (صاحبته) ينفي هذا الإحتمال لأن الصاحبة تدل على المصاحبة فهي التي صاحبته في ايام حياته.
ولكن تجد انه قد جاء في سياق الآية الكريمة ورود ذكر الترتيب الطبيعي في الفرار فآخر ما يفر الإنسان منه هم بنيه لأنهم أغلى ما عنده.
ولكن تلاحظ في سياق آية أخرى عبارة قوله تعالى: (يُبَصَّرُونَهُمْ يَوَدُّ الْمُجْرِمُ لَوْ يَفْتَدِي مِنْ عَذَابِ يَوْمِئِذٍ بِبَنِيهِ * وَصَاحِبَتِهِ وَأَخِيهِ * وَفَصِيلَتِهِ الَّتِي تُؤْوِيهِ * وَمَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا ثُمَّ يُنْجِيهِ)[10].
وهنا اختلف الترتيب ولم يأتي ذكر امه وأبيه وسبب ذلك لأن سياق الآية تحدث عن الإفتداء فابتدأ بالترتيب من بنيه بأعتبار أنهم أعزّ واثمن وأغلى ما لديه يقدمهم لكي يفتدي بهم نفسه هذا لو استطاع ثم بالأدنى فالأدنى وهكذا. ولم يأتي ذكر الأم والأب كما ذكرنا لأنه لا يصح أن يفتدي الإنسان بهما مهما كان وهذا حفاظاً على مكانتهما ويعتبر من البرّ بهما.
واما عبارة قوله تعالى : (وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا)[11] وذكر في سياق آية أخرى عبارة قوله تعالى: (وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا)[12] فكيف التفرقة فيما بين الأمر بالمشي والنهي عنه فهي من دقة القرآن الكريم.
ففي سياق الآية الأولى ذكر عبارة أن عباد الرحمن يمشون على الأرض باستخدام لفظة حرف الجر (على) والتي هي تفيد الإستعلاء والتمكّن فكذلك المؤمن يمشي مستعلياً متمكناً وهذه الدنيا ليست في قلبه فتراه يعلن أنه مفارقها وهو يحمل الهدوء والاطمئنان وواثق في خطواته.
وأما في سياق الآية الاخرى فالله سبحانه وتعالى نهى الإنسان عن المشي على الأرض وهو الذي يدل على التكبر والإستعلاء باستخدام افظة حرف الجر (في).
والذي هو يفيد الظرفية فلاحظ ان الإنسان المتكبر يمشي ويدبّ في الأرض ويكأنه يريد أن يخرقها كما في عبارة قوله تعالى: (إِنَّكَ لَنْ تَخْرِقَ الْأَرْضَ) [13] وهنا كأن الله تعالى نهى عن المشي متكبراً.
وقد جاء في آية أخرى في عبارة قوله تعالى : ( فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا)[14] والمشي في الأصل هو على الأرض فعندما نهى هنا كان النهي عن المشي في الأرض تكبراً وفي سياق هذه الآية الأمر بالمشي هنا المقصود منه الحصول على الرزق المحتاج إلى عمق في الحركة ومحتاج للجهد.
وتلاحظ ضمن سياق آية أخرى كما في عبارة قوله تعالى: (يَمْشُونَ فِي مَسَاكِنِهِمْ)[15] ويقال لك كيف جاءت هنا يمشون في ... فهنا المقصود من سياق هذه الآية المشي للإعتبار والتأمل وليس مجرد المرور على المساكن فقط. فكأنه الآية خاطبت اللاحقين من أن يعتبروا بالأمم السابقة.
واما في عبارة قوله تعالى : ( أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاس)[16] فيعتبر من باب المثال التوضيحي للمؤمن فهذا المؤمن تراه ينفع من حوله فلا يتوقف عند هذا الحدّ وإنما يؤثّر على من حوله فيمشي بنور الإيمان فيما بين الناس من خلال التخلّق بأخلاق أهل البيتD.
وقد ذكرنا سابقاً بشكل مفصل الفرق بين لفظة كلمة اسطاعوا واستطاعوا ولفظة كلمة تسطع وتستطع في سياق ايات سورة الكهف ونأتي بها هنا لسياق الموضوع وبشكل مختصر وبعبارة اخرى وهي.
كما في قول الله تعالى ان لفظة فعل (اسطاعوا) جاء مع يظهروه وفعل استطاعوا جاء مع النقب وذلك لأن الصعود فوق السد أيسر بكثير من إحداث أي نقب فيه ولذلك استعمل الفعل الذي هو أقل حرفاً مع الفعل الأيسر والأسهل. وأما استطاعوا فجاءت مع الفعل الأصعب وهو إحداث الثقب في ذلك السد.
وتجد ان الفرق بين تسطع وتستطع : فمع أن الخضرA أخذ على النبي موسىA الوثاقة والعهد وهي الصبر ولكنه عندما خرق تلك السفينة سأله النبي موسىA ولم يصبر.
حينها أجابه الخضرA كما في عبارة قوله تعالى: (أَلَمْ أَقُلْ لَكَ إِنَّكَ)[17] وأما في مسألة قتل الغلام فلم يصبر النبي موسىA أيضاً فأجابه الخضرA كما في عبارة قوله تعالى: (ألم أقل لك أنك) من خلال استخدام لفظة (لك) وهي التي تفيد التوكيد والتقريع أي بمعنى عبارة:
ألم أقل لك أنت دون غيرك. ولكن عندما أراد أن يفصّل ويبين له قال لفظة كلمة (تستطع) لما فيه مشقة فلم تصبر عليه. وفي نهاية المطاف قال له في عبارة قوله تعالى: (لَمْ تَسْطِعْ عَلَيْهِ صَبْرًا)[18].
وكذلك دلالة تذكير لفظة كلمة (القانتين) في الحديث عن السيدة مريمB وذلك عندما يقول الله تعالى من خلال تعبير دقيق جداً متناهي وهو كما جاء بالتأنيث في لفظة كلمة (كانت) ثم بعدها المذكر لفظة كلمة (القانتين).
ولكن البعض منهم يقولون هذا لغرض مراعاة فواصل سياق الآيات ولكن هذه لا تعتبر حجة. فحينما يطلق المذكر فيعمّ ذلك المذكر والمؤنث وأما إذا أطلق المؤنث فقط فلا يشمل إلا المؤنث وحده.
ونأتي بنموذج مثال آخر كما في سورة يوسف من قصة امرأة العزيز كما في عبارة قوله تعالى: (إِنَّكِ كُنْتِ مِنَ الْخَاطِئِينَ)[19] وذلك لأن ما دبرته امرأة العزيز ومن خلال فعلها هذا تفوقت فيه على بنات جنسها وعلى جنس الرجال كذلك وهو يعتبر من دقة التعبير بالقران.
وتجد كذلك هناك فرق بين لفظة كلمة خاطئ ومخطئ. فلفظة كلمة (الخاطئ) هو الذي يفعل الذنب من خلال تخطيط وتدبير من المذنب نفسه وهذا ما تلاحظه في سياق الآية التي تحدثت عن إخوة النبي يوسفA كما في عبارة قوله تعالى: (إِنَّا كُنَّا خَاطِئِينَ)[20].
وتجد كذلك من دقة تعبير القرآن أن كلام الله سبحانه وهو اللطيف الخبير كما في عبارة قوله تعالى: (إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ) [21] وعبارة قوله تعالى: (وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ)[22].
أي بمعنى ان الله يكره الظالمين لكنه سبحانه لا يستخدم لفظة كلمة (يكره) حتى مع جميع الكافرين. اذاً تلاحظ ان هناك فرق في أسلوب الخطاب وهو بين أن تقول عبارة: لا يحب أو لفظة: يكره.
فمعنى صيغة عبارة: لا يحب الظالمين بمعنى أنه يفتح أمامهم المجال من أنهم لو تخلوا عن لفظة صفة (الظلم) هذه لأحبهم الله تعالى وهذا بذاته يعتبر من باب رحمة الله تعالى باالعالمين أجمعين.
وأما لفظة صيغة (يكره) فهي تغلق الأبواب وتسدها أمام جميع الظالمين. وكأن الله تعالى بحكمته يوجه خطابه إلى جميع الظالمين أو غيرهم من أنه بعبارة:
( انتم يا معشر الخلق من فيه صفاة من هذه الصفات التي لا أحبها فأتركوا وتخلّوا عن هذه الصفات لكي أحبكم) وكأن الله سبحانه وتعالى يفتح الباب أمام جميع المخلوقات حتى يشملهم حبه تعالى وهذا هو الفوز العظيم.
وفي عبارة قوله تعالى : ( يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ)[23]. تلاحظ ان لفظة كلمة (الإطفاء) لا تأتي من باب المقابله للإتمام فلماذا عبّر تعالى بالإطفاء.
هنا الحق الناصر تعالى يريد أن يطمئن عباده من أن دين الله هو وحده ناصره ولكن تجد هناك من يريد أن يطفئوا نور الله أي بمعنى أن هؤلاء تصرفهم تصرف مجانين فكيف يصرون على إطفاء نور الله وهل هذا ممكن أصلاً.
وكأن الله سبحانه وتعالى يقول لا تلتفت لهؤلاء بل التفت إلى أمور دينك كما في عبارة قوله تعالى: (أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا) [24] والله تعالى متم نوره لكي يدلل على الريادة فكلما حاولوا عبثاً ما يريد الله إلا أن يتم نوره والإتمام معناه الريادة والسيادة والإنتشار.
ومهما حاول المغرضين على أهل الدين أن يتمسكوا بأمور دينهم وخير شاهد اليوم ما تراه من مظلومية الامام الحسين بن علي بن ابي طالب كلما حاولوا الظلمة طمس مظلوميته تجده يرتفع يوم بعد يوم.
وقد جاء سياق هذه الآية بصيغتين احدهما لفظة (ليطفئوا) والاخر عبارة (أن يطفئوا). وسياق آية سورة التوبة هو إرادة الإطفاء متوجهة مباشرة إلى الإطفاء كما في عبارة قوله تعالى: (وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ)[25].
فهم يريدون إطفاء نور الله بشكل مباشر, ولكن سياق الاية في سورة الصفّ وهي مدنية جاءت الآية في لفظة (ليطفئوا) وهنا اللام تفيد أنه كان هناك محذوف كان بين اللام ويطفئون في عبارة (يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ)[26] فهم يريدون افتراء الأكاذيب لكي يطفئوا نور الله.
وجاء في عبارة قال تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ)[27] فعندما ينادي الباري عز وجل المؤمن بهذا الأسلوب كما في عبارة قوله: (يا أيها الذين آمنوا)[28] كأنه نادى من اتصف بصفة الإيمان.
فهو تعالى ينهى الانسان المؤمن من أن يتلهى بالمال والولد فلم يخاطبهم لا تلتهوا بأموالكم وأولادكم فهناك فرق بين عبارة: لا تلهكم وعبارة: لا تلتهوا ففي العبارة الأولى هي جعل الأموال والأولاد هي الفاعل.
وذلك مثلاً لأنه عندما يكون للإنسان ولد ذو خلق فهو يثق به كثيراً ويعرف إنه لا ينحرف بسهولة إذا رافق شخصاً آخر يعتبر ليس بنفس مستواه ثقة.
وانت تعلم ان الإلهاء هو الإنشغال فلماذا لم يستخدم لفظة كلمة الإنشغال, وذلك لأن الإنشغال تجد منه ما هو محمود كما جاء في حديثهم: (إن في الصلاة لشغلا) وهو في عبارة قوله تعالى: (إِنَّ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ الْيَوْمَ فِي شُغُلٍ فَاكِهُونَ)[29] وتجد كذاك منه ما هو مذموم.
وأما معنى لفظة (الإلهاء) فينصرف إلى الإلهاء المذموم وهذا يدل على أنه لا مانع من أن ينشغل الإنسان بماله وولده ولكن التحذير من الإلتهاء بالمال والولد من دون ذكر الله تعالى.
ولهذا جاء في عبارة قوله تعالى : ( فَأَمَّا مَنْ طَغَى * وَآَثَرَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا)[30] تلاحظ هنا قد آثر تفضيل شيء على شيء ادنى منه بحيث يستحيل اجتماعهما فعندما يجتمع أمر أخروي وأخر دنيوي فأيهما تؤثر.
حب الدنيا مطلوب ولكن مقيد وليس بشكل مطلق فالأموال والأولاد مصحوبة بشرط أن لا تلهي عن طاعة الله تعالى وهو الغاية والمطلوب.
وتجد انه قدم الأموال على الأولاد في سياق الآية مع أن الولد هو أحب للإنسان من الأموال ويمكن للفرد ان يضع ماله كله لكي يفتدي به ولده أو يدفع عنه أي ضرر أو غير ذلك.
وأما بشأن موضوع الزينة والفتنة فقدم الله تعالى الأولاد على الأموال وذلك لأن الإلتهاء والإنشغال بالمال أكثر من الإلتهاء بالولد فكأنه تعالى يريد أن يلفتنا لهذه النقطة او العامل.
وأما عن الحب (الود) والفطرة فتراه يقدّم الأبناء على الأموال كما في عبارة قوله تعالى: (إِنْ كَانَ آَبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ)[31] وعبارة قوله تعالى: (زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ) [32].
وتلاحظ ان تكرار عبارة: (ولا) في سياق الآية يفيد أن كلاً من المعطوف والمعطوف عليه يشتركان في الحكم السابق وعلى حد سواء اجتمعا أو تفرقا. واما لو قال عبارة: أموالكم وأولادكم لأفاد أن النهي عنهما إذا اجتمعا فقط.
واما الفرق بين الفعل والعمل كما في عبارة قوله تعالى: (ومن يفعل ذلك) ولم يقل عبارة: (ولم يعمل ذلك) فتجد الفعل هو لفظة كلمة (عمل) لا يمتد في الزمان ولا يأخذ أي وقت ولا يُخطط له بل يأتي مصادفة المقترنة بعلم الله.
أما معنى العمل فهو الفعل الذب ليمتد في ضمن زمن ويأخذ وقتاً طويلاً من خلال التخطيط له واما معنى عبارة قوله: (والذين إذا فعلوا فاحشة) لقد فعلوها ولكن لم يخططوا لها ولم تأخذ وقتاً كأن غفلوا لحظة ومن بعدها تنبهوا فوراً لذلك.
وقد جاء بأسلوب الشرط ولم يضع له أي جزاء أو عقوبة كما في عبارة قوله تعالى: (فأولئك هم الخاسرون) وبمعنى اخر أنت الخاسر إذا التهيت بالأموال والأولاد عن طاعة الله تعالى ولكن كلٌ يخسر بحسب حجم ومساحة التهائه ويعتبر هذا من دقة التعبير القرآني.
وأما لفظة كلمة (الصنعة) فهي فعل يحتاج إلى دقة ومهارة كما في عبارة قوله تعالى: (خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ)[33].
اما دلائل السعي في سياق ايات القرآن الكريم تجده يتعدى مرة بلفظة (إلى) كما في عبارة قوله تعالى: (فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ)[34] ويعتبر هو السعي العام الذي يشمل العمل والفعل والصنعة.
ولكن يمكن ان يتعدّى باللام كما في عبارة: (وسعى لها سعيها) أي بمعنى عمل لأجلها جميع حركاته وسكناته من أجل الآخرة.
ويمكن ان يتعدّى بلفظة (في) كما في قوله تعالى: (وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعَى فِي خَرَابِهَا)[35] وعبارة قوله تعالى: (وَالَّذِينَ يَسْعَوْنَ فِي آَيَاتِنَا)[36] وعبارة قوله تعالى: (وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا)[37].
فقد استعمل في سياق الاية لفظة كلمة (الخراب) وذلك لأن الإنسان الذي في داخله شر عندما يسعى في الدمار يطرح كل الأمور والحسابات الأخرى خلفه ويفرّغ نفسه لغرض السعي في هذا السيء.
ولكن تجد هناك سعي في العبارة بين قوله تعالى: (يَسْعَى نُورُهُمْ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ)[38] وبين التردد بين أمرين. فلاحظ ان هناك سعي عام كما في عبارة قوله تعالى: (يَوْمَ يَتَذَكَّرُ الْإِنْسَانُ مَا سَعَى)[39].
وتلاحظ انت انه لم يقل عبارة: ما عمل. ولا عبارة: ما فعل. ولا عبارة: ما صنع. وإنما قال عبارة: ما سعى.
اذاً فهو يحاسب بالآخرة على هدف حياته وسعيه وقد عبّر الله تعالى بعبارة: (بما سعى) لكي يشمل عمله وفعله وصنعته وجميع حركاته وكذلك شمل كل أنواع السعي ما سعى فيه وإليه وبه.
واما لماذا جاء بلفظة: (فامشوا) ولم يقل لفظة: (فاسعوا) المعروف ان السعي يفيد المشي بسرعة وكذلك تدل على شدة الإهتمام وعبارة قوله تعالى: (وَأَمَّا مَنْ جَاءَكَ يَسْعَى)[40].
فتلاحظ ان الكفيف لا يمكن أن يوصف مشيه بسرعة ولكن السعي في سياق هذه الآية جاء بمعنى من جاءك مهتماً وشغوفاً بأمور الاسلام.
واستعمال لفظة كلمة (المشي) بدل لفظة كلمة (السعي) وهو لكي لا يُفهم أن على الإنسان أن لا يستعجل ويجري ويسارع بل عليه الأخذ بالأسباب فقط.
وذلك لأن الرزق يأتيه منه تعالى كما في عبارة قوله تعالى: (فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا)[41] ولكن تعمّق عندما يحتاج ذلك. وبالتالي هو في عبارة قوله تعالى: (وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى)[42].
وجاء في سياق كتاب الله العزيز لفظة كلمة زوج وبعل فلا يستعمل لفظة كلمة (زوج) إلا حينما تكون الحياة الزوجية منسجمة ومتفقة كما في عبارة قوله تعالى: (قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا)[43].
وقد قيل انها قصة خولة التي ظاهر منها زوجها فجاءت تشتكي إلى نبي اللهn وعلِم وهو علام الغيوب الحق تعالى حرص هذه المرأة على زوجها وعلى إتمام حياتها الزوجية ولهذا جاء بلفظة كلمة (زوج) لأنه تعالى علم ما في نفسها من رغبة من استمرار حياتها الزوجية.
وسياق عبارة قوله تعالى : (أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ)[44] لزيد بن حارثة مع العلم من أنه طلقها لأن الله تعالى لا يرغب بأن يوسع دائرة الخلاف وعبارة قوله تعالى: (أن أمسك) توحي لك بالتمسك في الحياة الزوجية.
واما عبارة قوله تعالى : (تَبْتَغِي مَرْضَاةَ أَزْوَاجِكَ)[45] هي اشارة من ان هناك أشياء زوجية مصحوبة بغيرة النساء ومهما كان فهو الرسولn.
واخرالكلام في المطلّقة الرجعية كما في عبارة قوله تعالى: (وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ)[46] فقد جاء تعبير لفظة (البعل) وذلك لأنها مطلقة والحياة الزوجية منقطعة بهذه الحال.
ولكن ذكر في المطلقة البائنة عبارة قوله تعالى : ( فَلَا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ)[47] وجاء بتعبير لفظ (أزواجهن) مع أن الحياة الزوجية منقطعة وهذه العلقة الزوجة لا ترجع إلا من خلال مهر جديد وعقد جديد.
فلماذا الإختلاف في استعمال اللفظتين, وذلك لأنه في سياق الاية الأولى عبارة: (الطلقة الرجعية) وقد ذكر القرآن أن هناك منافسة وهي عبارة: (أحق بردّهن).
فلاحظ ان الزوج يعلم أن هناك من يرغب بالتدخل لكي يتزوج بالتي كانت زوجته والبعض الاخر يراجع فقط لا لأنه يريد الإصلاح وإنما لأنه يريد إرجاعها لكي يمدد العدّة ولهذا أضاف عبارة قوله تعالى: (إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحًا)[48]. ويمكن لا يكون من انهم يريدون إصلاح.
وأما في سياق الاية الثانية: فإن رجع إليها زوجها من جديد فتلاحظ ان في هذا اعتراف منه بها ودليل على مكانتها لديه وهو في عبارة قوله تعالى: (ِذَا تَرَاضَوْا)[49].
وتبقى الزوجة رقيقة القلب عندما ترى زوجها جاء لها فتتصور أنه لم يجد في الكون من هي أفضل منها ولذا ردّها إليه ومن أجل هذا جاء تعبير القرآن بلفظ الزوجية ليذكر أولياء الدار إن هذا كان زوجها هو أولى وأحق بها والحياة الزوجية ستستمر بحول الله وقوته, والله العالم.

[1]- سورة ال عمران 39 – 40 .[2]- سورة ال عمران 47 .[3]- سورة مريم الاية 19 .[4]- سورة مريم الاية 20 .[5]- سورة ال عمران الاية 45 – 46 .[6]- سورة مريم الاية 29 .[7]- سورة ال عمران 43 .[8]- سورة الحج الاية 77 .[9]- سورة عبس الاية 33 – 36 .[10]- سورة المعارج الاية 11 – 14 .[11]- سورة الفرقان الاية 63 .[12]- سورة الاسراء الاية 37 . وسورة لقمان الاية 18 .[13]- سورة الاسراء الاية 37 .[14]- سورة الملك الاية 15 .[15]- وهي قوله تعالى: (أَفَلَمْ يَهْدِ لَهُمْ كَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِنَ الْقُرُونِ يَمْشُونَ فِي مَسَاكِنِهِمْ -128طه) وقوله تعالى: (أَوَلَمْ يَهْدِ لَهُمْ كَمْ أَهْلَكْنَا مِنْ قَبْلِهِمْ مِنَ الْقُرُونِ يَمْشُونَ فِي مَسَاكِنِهِمْ – السجدة26).[16]- سورة الانعام الاية 122 .[17]- سورة الكهف الاية 75 .[18]- سورة الكهف الاية 82 .[19]- سورة يوسف الاية 29 .[20]- سورة يوسف الاية 97 .[21]- سورة الشورى الاية 40 .[22]- سورة ال عمران الاية 57 و140 .[23]- سورة التوبة الاية 32 .[24]- سورة العنكبوت الاية 2 .[25]- سورة التوبة الاية 30[26]- جاءت في خمسة سور بالقران .[27]- سورة المنافقون الاية 9 .[28]- وردت في القران 89 مرة .[29]- سورة يس الاية 55 .[30]- سورة النازعات الاية 37 – 38 .[31]- سورة التوبة الاية 34 .[32]- سورة ال عمران الاية 14 .[33]- سورة النور الاية 30 .[34]- سورة الجمعة الاية 9 .[35]- سورة البقرة الاية 114 .[36]- سورة سبأ الاية 38 .[37]- سورة المائدة الاية 33 و64 .[38]- سورة الحديد الاية 12 .[39]- سورة النازعات  الاية 35 .[40]- سورة عبس الاية 8 .[41]- سورة الملك الاية 15 .[42]- سورة النجم الاية 39 .[43]- سورة المجادلة الاية 1 .[44]- سورة الاحزاب الاية 37 .[45]- سورة التحريم الاية 1 .[46]- سورة النساء الاية 228 .[47]- سورة النساء الاية 232 .[48]- سورة النساء الاية 35 .[49]- سورة البقرة الاية 232 .