ق3
التفسير الفقهي تفاصيله وعوامله ومصادره والمذاهب الفقهية
6 ـ مرحلة العودة (القرن
الثالث عشر والرابع عشر هجري): فبعد
فترة من المشادة الطويلة من الاخذ والعطاء، وبعد مرحلة الخمول والركود التي تلاها
قرنان ـ الحادي والثاني عشر ـ من النشاط في البحث الفقهي القرآني.
بدأ من جديد التحرك الجيد في أواسط
القرن الثالث عشر، مما أعطى الدفع اللازم مجدّداً لهذه الحركة.
فكان أول من الف وكتب في هذه المرحلة
السيد محمد إبراهيم الحسيني المرعشي (1240هـ)، وكان مؤلَّفه كتاب اسمه «آيات
الأحكام»[1].
ومن ثم بعده جاء السيد محمد قُلي بن
محمد حسين بن حامد حسين النيشابوري (1260هـ) من تأليف كتاب «تقريب الأفهام في
تفسير آيات الأحكام»، وكتب باللغة الفارسية، فأضيف بذلك تصنيفاً إلى تراث البحث
الفقهي[2].
ونذكر هنا أن مؤلف الكتاب هو والد
إعجاز حسين، صاحب كتاب «كشف الحجب عن أسماء المؤلفات والكتب». وبعدها صنف محمد
جعفر بن سيف الدين الإسترآبادي، المشهور بـ«شريعتمدار» (1263هـ) كتاب «دلائل
المرام في تفسير آيات الأحكام»[3].
وكتبوا تألّفين آخرين في أواخر هذا
القرن: أحدهما: كتاب «كنز العرفان في تفسير آيات القرآن»، وهو كتاب يحتوي على
المباحث التفسيرية ومباحث القراءة. ويبحث الأحكام الفقهية في الآيات على المذاهب
الأربعة، ويثبت حقانية الفقه الجعفري[4].
واما في بدايات القرن الرابع عشر جاء
علي بن ملا محمد جعفر الإسترآبادي، المعروف بـ«شريعتمدار» (1315هـ)، وأنجز العديد
من الكتب في مجال فقه القرآن وهي:
أحدهما : كتاب «نثر الدرر الأيتام في
شرح الآيات الأحكام»، وهو موسّع نسبياً. وثانيها: كتاب «الدرر الأيتام في تفسير
آيات الأحكام»[6].
وجاء انه ذكر آقا بزرگ الطهراني هذا
الكتاب تحت اسم «أنموذج في تفسير آيات الأحكام»، وأضاف قائلاً: إنه استخرجه من
«نثر الدرر»[7].
ومن ثم بعد ذلك ذكر كتاباً له آخر
اسمه: «كنز درر الأحكام»، الذي هو في الواقع شرح على «درر الأحكام»[8].
وفي ذلك الزمان من القرن ألّف السيد
شرف الدين علي الحسيني المرعشي (1316هـ) كتاباً عنوانه «أحكام القرآن»[9].
وكذلك دونوا كتاب «أحكام القرآن»، من
تأليف غلام رضا أميري كرمانشاهي، وهو من الكتب التي كتبت في هذا المجال، وتم
الفراغ عنه سنة 1369هـ[10].
ثم بعدها كتب عبد علي بن أبي القاسم
الموسوي (1336هـ) كتاب «لب اللباب في تفسير أحكام الكتاب» في خلال ما بقي من هذه
المرحلة[11] الزمنية.
ولكن هناك كتاب آخر يحمل نفس المؤلف
اسمه: «المقاليد الجعفرية في القواعد الفقهية».
وفي هذه الفترة الزمنية من القرن كتب
أيضاً محمد علي، المعروف بـالشيخ حمزة علي فشندي (1338هـ) كتاب «آيات الأحكام».
ومن ثم بعد ذلك ظهر كتاب آخر في مجال
الفقه القرآني في هذه المرحلة الزمنية، وهو «موضوع آيات الأحكام»، لمؤلفه محمد بن
فضل الله الموسوي الساروي، المعروف بثقة الإسلام (1342هـ)[12].
وبنفس الفترة دون كتاب «مقلاد الرشاد
في شرح آيات الأحكام»، الذي ألّفه المولى محمد مهدي بنابي (1345هـ).
وهذا الكتاب في هذا المجال، كتب في
هذه المرحلة من الزمن[13] وهو من الأشخاص الذين أجازوا السيد
المرعشي النجفي بالرواية.
ولاحظ ان كتاب «الجمان الحسان في
أحكام القرآن»، الذي كتبه السيد محمود الموسوي الدهسرخي الأصفهاني (1345هـ)، فقد
تم الفراغ عنه في هذه الفترة أيضاً[14].
وقد كتب محمد باقر بن محمد حسن
القائني (1352هـ) كتاب «آيات الأحكام»[15] وهو من الذين أجازوا السيد المرعشي
النجفي بالرواية. وتجد ان الكتاب المشهور «الكبريت الأحمر» هو من مؤلّفات هذا
المصنِّف[16].
وكذلك من كتب بهذا القرن هو السيد أبو
تراب الخونساري (1346هـ) في كتابه «لب اللباب في تفسير آيات الأحكام»[17].
وناتي الى النصف الثاني من القرن
الرابع عشر فقد كتب إبراهيم خجسته كتاب وقد عنوانه «آيات الأحكام»، وشرح فيه كيفية
المحاكمة، والمسؤوليات الجزائية في قانون الإسلام، وطبع (سنة1328هـ ش) في مدينة
«رشت»[18].
واثناء خلال هذه الفترة الزمنية كتب
السيد محمد إبراهيم الحسيني الإصفهاني (1377هـ) كتاب بعنوان «آيات الأحكام»[19].
واما في ما بقي من هذه الفترة الزمنية
من القرن ظهر أول تصنيف مقرّب فيما بين المذاهب، كتبه السيد آقا حسين طباطبائي
يزدي (1386هـ) بعنوان «تفسير آيات الأحكام وفق المذهب الجعفري والمذاهب الأربعة»،
والمؤلّف من أحفاد السيد محمد كاظم اليزدي، صاحب العروة[20].
ومن ثم بعدها قام السيد يحي اليزدي
(1386هـ) بتأليف كتاب «آيات الأحكام»[21]. ومع الاقتراب من نهاية هذه المرحلة
الزمنية ظهر كتابين:
والاخر : كتاب «آيات الأحكام»، للشيخ
إسماعيل بن علي نقي الأرومي التبريزي، وهو من علماء القرن الرابع عشر[23].
ومن الكتب التي صدرت في هذه المرحلة
كتاب «أقصى البيان في آيات الأحكام وفقه القرآن، لمسعود سلطاني الآذربايجاني وقد
أخرجه في مجلدين[24].
والنتيجة : إن مجموع الآثار العلمية
المؤلّفة في مجال الفقه القرآني، منذ بداية القرن الثالث وحتى نهاية القرن الرابع
عشر، تزيد عن السبعين، ما بين متن وشرحٍ وتعليقةٍ وغيرها.
7ـ مرحلة الرشد والنمو
(القرن الخامس عشر هجري): نقل
لنا التاريخ الكثير من الاحداث وخصوصاً النهضة العلمية فمثلاً في كتاب الله العزيز
جاء قوله تعالى : (ص * وَالْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ)[25].
سورة « ص » هي السورة الثامنة
والثلاثون في ترتيب المصحف الموجود بايدينا، وقيل كان نزولها بعد سورة «القمر» وهي
من السور المكية الخالصة, وقيل لها سورة «داود».
وهي سورة مكية كما ذكر الالوسي انه
روى عن ابن عباس وغيره وهي ثمان وثمانون آية في المصحف الكوفي. وست وثمانون في
الحجازي والبصري والشامي... وهي كالمتممة لسورة الصافات التي قبلها، من حيث إنه
ذكر فيها ما لم يذكر في تلك من الأنبياء، مثل النبي داود وسليمانD.
افتتحت سورة « ص » بقسم من منه تعالى
بالقرآن الكريم، على صدق الرسولJ فيما يبلغه عن ربه.
ثم بعدها حكى سبحانه ما قاله المشركين
فيما بينهم، لإنكار نبوة النبيJ ولإنكار يوم القيامة وما فيه من ثواب وعقاب،
ورد عليهم بما يثبت جهلهم وغفلتهم واستكبارهم عن قبول الحق.
كما قال تعالى: (وَانْطَلَقَ
الْمَلَأُ مِنْهُمْ أَنِ امْشُوا وَاصْبِرُوا عَلى آلِهَتِكُمْ إِنَّ هذا لَشَيْءٌ
يُرادُ*ما سَمِعْنا بِهذا فِي الْمِلَّةِ الْآخِرَةِ إِنْ هذا إِلَّا
اخْتِلاقٌ*أَأُنْزِلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ مِنْ بَيْنِنا، بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ مِنْ
ذِكْرِي بَلْ لَمَّا يَذُوقُوا عَذابِ*أَمْ عِنْدَهُمْ خَزائِنُ رَحْمَةِ رَبِّكَ
الْعَزِيزِ الْوَهَّابِ*أَمْ لَهُمْ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما
بَيْنَهُما فَلْيَرْتَقُوا فِي الْأَسْبابِ).
ثم بعدها انتقلت السورة بعد ذلك إلى
تسلية الرسولJ عما لحقه منهم من أذى وكيد، فروت له أن
أقوام الرسل السابقين قد قابلوا رسلهم بالتكذيب، وأمرتهJ بالصبر على جهالاتهم.
ومن ثم ساقت جانبا من قصة النبي داودJ فذكرت بعض النعم التي أنعم الله تعالى بها
عليه، كما اوردت ما دار بينه وبين الخصوم الذين تسوروا عليه المحراب.
كما في قوله تعالى: (كَذَّبَتْ
قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَعادٌ وَفِرْعَوْنُ ذُو الْأَوْتادِ* وثمود وقوم لوط
وأصحاب الأيكة أولئك الأحزاب* إن كل إلا كذب الرسل فحق عقاب* وما ينظر هؤلاء إلا
صيحة واحدة ما لها من فواق* وقالوا ربنا عجل لنا قطنا قبل يوم الحساب* اصبر على ما
يقولون واذكر عبدنا داود ذا الأيد إنه أواب).
ومن ثم بعد هذا الحديث الذي فيه شيء
من التفصيل عن وجوه النعم التي أنعم بها الله سبحانه على عبده النبي داودA، وهو لون من ألوان الامتحانات التي امتحنه
الله تعالى بها، وعن الإرشادات الحكيمة التي أرشده بها الله تعالى إليها.
بعد كل هذا ساق الله أنواعا من الأدلة
على وحدانيته وقدرته، وبين أن حكمته قد اقتضت عدم المساواة فيما بين الأخيار
والفجار.
كما في قوله تعالى : (أَمْ نَجْعَلُ
الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ كَالْمُفْسِدِينَ فِي الْأَرْضِ، أَمْ
نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ كَالْفُجَّارِ. كِتابٌ أَنْزَلْناهُ إِلَيْكَ مُبارَكٌ
لِيَدَّبَّرُوا آياتِهِ، وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُوا الْأَلْبابِ).
ثم بعدها أثنى الله سبحانه وتعالى على
نبيه سليمانA وبين بعض النعم التي منحها له الله تعالى،
كما بين موقفه مما اختبره به.
كما في قوله تعالى : (وَلَقَدْ
فَتَنَّا سُلَيْمانَ وَأَلْقَيْنا عَلى كُرْسِيِّهِ جَسَداً ثُمَّ أَنابَ*قالَ
رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكاً لا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي إِنَّكَ
أَنْتَ الْوَهَّابُ*فَسَخَّرْنا لَهُ الرِّيحَ تَجْرِي بِأَمْرِهِ رُخاءً حَيْثُ
أَصابَ*وَالشَّياطِينَ كُلَّ بَنَّاءٍ وَغَوَّاصٍ).
ثم بعدها مدح الله سبحانه نبيه أيوبA على صبره، وعلى كثرة تضرعه إلى ربه، وكيف أن
الله تعالى قد كافأه على ذلك بما يستحقه.
كما في قوله تعالى : (وَاذْكُرْ
عَبْدَنا أَيُّوبَ إِذْ نادى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الشَّيْطانُ بِنُصْبٍ
وَعَذابٍ، ارْكُضْ بِرِجْلِكَ هذا مُغْتَسَلٌ بارِدٌ وَشَرابٌ*وَوَهَبْنا لَهُ
أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ رَحْمَةً مِنَّا وَذِكْرى لِأُولِي الْأَلْبابِ،
وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثاً فَاضْرِبْ بِهِ وَلا تَحْنَثْ، إِنَّا وَجَدْناهُ
صابِراً، نِعْمَ الْعَبْدُ، إِنَّهُ أَوَّابٌ).
ثم بعدها أثنى الله سبحانه على
أنبيائه: إبراهيم وإسحاق ويعقوب، وإسماعيل واليسع وذا الكفلD، وبين ما أعده لهم ولأمثالهم من عباده
الأخيار، كما بين ما توعد به الفجار من عذاب أليم.
كما في قوله تعالى : (هذا ذِكْرٌ
وَإِنَّ لِلْمُتَّقِينَ لَحُسْنَ مَآبٍ*جَنَّاتِ عَدْنٍ مُفَتَّحَةً لَهُمُ
الْأَبْوابُ*مُتَّكِئِينَ فِيها يَدْعُونَ فِيها بِفاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ وَشَرابٍ*وَعِنْدَهُمْ
قاصِراتُ الطَّرْفِ أَتْرابٌ*هذا ما تُوعَدُونَ لِيَوْمِ الْحِسابِ*إِنَّ هذا
لَرِزْقُنا ما لَهُ مِنْ نَفادٍ*هذا، وَإِنَّ لِلطَّاغِينَ لَشَرَّ مَآبٍ).
ثم بعدها ختم الله سبحانه السورة
بالحديث عن قصة ابينا آدمA وإبليس لعنه الله وكيف أن الملائكة جميعا
سجدوا لآدمA إلا إبليس الملعون فإنه أبى واستكبر وقال
أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين. فكانت عاقبته الطرد من رحمته تعالى.
فمن هذه الصورة المجملة لسورة «ص»
تلاحظ أنها قد اهتمت اهتمام واضح، بإقامة اقوى الأدلة على وحدانية الله تعالى
وقدرته. وعلى صدق رسول اللهJ فيما بلغه عن ربه، من أن يوم القيامة حق.
كما اهتمت من خلال الايات حكاية شبهات
المشركين ثم الرد عليها، كما ذكرت جانبا من قصص بعض الأنبياء لكي يعتبر بقصصهم كل
ذي عقل سليم، كما أنها اهتمت ببيان حسن عاقبة الأخيار وسوء عاقبة الأشرار، لكي
يهلك من هلك عن بينة ويحيا من حي عن بينة.
فسورة (ص) من سور القرآن التى افتتحت
ببعض حروف التهجى ولعل أقرب الأقوال إلى الصواب ، أن هذه الحروف المقطعة قد وردت
فى بعض السور القرآنية على سبيل الإيقاظ والتنبيه للذين تحداهم القرآن.
فالواو فى قوله تعالى : ( والقرآن ذِي
الذكر ) هي للقسم, والمقسم به القرآن الكريم. وجواب القسم محذوف، لدلالة ما بعده
عليه.
وكلمة (الذكر)، يطلق على الشرف ونباهة
الشأن، يقال فلان مذكور، أى بمعنى صاحب شرف ونباهة. كما في قوله تعالى: (وَإِنَّهُ
لَذِكْرٌ لَّكَ وَلِقَوْمِكَ) ويطلق ويراد به التذكير على أنه مصدر، لأن القرآن
مشتمل على المواعظ والأحكام والقصص.
وهذان الإِطلاقين ينطبقان على القرآن،
فيكون المعنى: وحق القرآن الكريم ذى الشرف العظيم، وذى التذكير الحكيم المشتمل على
ما ينفع الناس فى دنياهم وآخرتهم.
وإنك أيها الرسولJ لصادق فى كل ما تبلغه عن ربك ولم يصدر منك
إطلاقا ما يخالف الحق الذى أمرناك بتبليغه للناس.
قال بعضهم ما ملخصه : اعلم أنهم
اختلفوا فى تعيين الشئ الذى أقسم الله سبحانه وتعالى عليه فى قوله: (والقرآن ذِي
الذكر).
وقال بعضهم إن المقسم عليه مذكور، وهو
قوله تعالى: (إِنَّ ذَلِكَ لَحَقٌّ تَخَاصُمُ أَهْلِ النار) أو قوله تعالى: (إِنَّ
هذا لَرِزْقُنَا مَا لَهُ مِن نَّفَادٍ) أو قوله تعالى: (كَمْ أَهْلَكْنَا مِن
قَبْلِهِم مِّن قَرْنٍ). فأن المقسم عليه مذكور ظاهر السقوط.
وقال آخرون إن المقسم عليه محذوف،
واختلفوا فى تقديره، فقال صاحب الكشاف: التقدير: (والقرآن ذِي الذكر) إنه لمعجز.
وقدره ابن عطية فقال: والتقدير: والقرآن ذى الذكر ليس الأمر كما يقول الكفار.
حينما تراجع التاريخ تجد ان القرن
الخامس عشر بداية تحول جدي في البحث الفقهي القرآني، سواء من جهة الكم أم الكيف،
وشهد تطورات ملحوظة عديدة، وبلغ مرتبة من الرشد، وإن ظهر عليه تراجع قليل من حيث
البنية العلمية. أما التطور في هذه المرحلة فهو عبارة عن:
( أ ) - فهرست
المصادر: بلا
شك من أن الاستفادة من مصادر كل علم مرهونة بسهولة وسرعة البحث في القرآن والكتب
المرتبطة بذلك العلم.
وهذا لا يتيسر إلا من خلال الفهرسة
والعنونة، لذلك تعتبر هذه المسألة من أهم الأمور التي لا بد من مراعاتها في مجال
البحث العلمي.
ومن الآثار العلمية التي أولت هذا
الجانب العناية الخاصة: كتاب «فرهنگ آيات فقهي قرآن كريم بر أساس موضوعات فقهى»
(معجم الآيات القرآنية الفقهية طبق الموضوعات الفقهية)، وقد الفه ورتبه محمد
أراكي، وقامت دار «أسوه» بنشره سنة 1383هـ ش.
وتلاحظ هناك كتاب «أدوار الفقه»، وهو
تقسيم للآيات القرآنية الفقهية طبقاً لكتاب «كنز العرفان» للفاضل المقداد.
وتلاحظ هناك كتاب «آيات الأحكام في
تراث الإمام الخميني»، جمعه عباس فيضي نسب، وقد نشرته مؤسسة تـنظيم ونشر آثار
الإمام الخمينيu سنة 1384هـ ش.
وتلاحظ كتاب «الأنظار التفسيرية للشيخ
الأنصاري»، الذي دونه وطبعه مركز فرهنگ ومعارف إسلامي (مركز الثقافة والمعارف
الإسلامية) سنة 1376هـ ش.
وهنا نذكر من ضمن هذه المجموعة أيضاً
كتاب «آيات الأحكام»، للسيد محمد رضا غياثي الكرماني.
وفيه قد ذكر المؤلّف أنه أعدّه حفاظاً
على موضوع كتاب «آيات الأحكام» (تفسير شاهي) ووفقاً له، وهو الكتاب الذي دونه
السيد أمير أبو الفتح بن ميرزا مخدوم الحسيني العربشاهي.
( ب ) - السير الموضوعي في آيات الأحكام القانونية: إن ميزة التركيز على الموضوع مع
الابتعاد عن التشتت هي من جملة الأمور التي لا بد للباحث من مراعاتها عندما نريد
أن نصل إلى نظرة شاملة ونهائية حول موضوع محدد.
وخصوصا اليوم في عصرنا الحاضر، حيث
المطلوب هو العثور على أجوبة للاستفسارات والشبهات والاعتراضات.
لهذا تلاحظ تحول البحث عن المسائل من
خلال الأسلوب الموضوعي إلى جزء من دستور العمل لدى الكثير من أرباب الفن.
فمن جملة الآثار التي كتبت في هذا
الاختصاص كتاب «درآمدى بر مبانى نظرى آيات الأحكام» (مقدمة في المباني النظرية
لتفسير آيات الأحكام)، الذي ألفه السيد محمد علي إيازي، وطبع ونشر سنة1380هـ ش.
ويمكنك ان تقول في ما يتعلق بهذا
الكتاب (بلا شك في أن تبيين مباني البحث الفقهي القرآني يعتبر من أهم الموضوعات في
هذا المجال من البحث، وهذا التصنيف متكفل من أداء هذه الوظيفة المهمة).
ولكن كتاب «درسهايي از آيات الأحكام»
(دروس في آيات الأحكام)، ويعتبر من جملة هذه الآثار، كتبه داريوش زرگرى مرندي،
ويبحث في مسائل المعاملات والعقود، وطبعته جامعة «آزاد إسلامي» في محافظة زنجان،
وذلك سنة 1380هـ ش.
ومثلهِ كذلك كتاب «آيات الأحكام»،
الذي يبحث موضوع القانون المدني والجزائي، وهو من تأليف محمد علي آقايي، وقد طبع
عام 1380هـ ش.
ومثلهِ كذلك كتاب «آيات الأحكام
حقوقي» (آيات الأحكام القانونية) الذي ألّفه أسد الله لطفي، وهو كتاب يقع في اثني
عشر فصل، ويبحث في مسائل العقود والإيقاعات، وقد طبعته مؤسسة «انتشارات نور علم»،
سنة 1381هـ ش.
يضاف إلى ذلك من المؤلّفات الباحثة في
هذا المجال أيضاً كتاب «آيات الأحكام»، للكاتب عباس علي عميد الزنجاني، الذي اهتمت
مؤسسة «مطالعات وتحقيقات علوم إسلامي» بنشره في عام 1382هـ ش. ويحتوي على مقدمة
وستة أقسام، وقد انصرف كاتبه إلى المباحث القانونية.
ومثلهِ كذلك كتاب «أحكام القرآن»،
الذي دونه محمد باقر البهبودي، وقد اقتصر فيه على بحثين وهما مسألة «الإرث» ومسالة
«الربا». وقد دخل في دائرة التصنيفات الموضوعية بهذا المجال، وقد تولى طباعته دار
نشر معراجي في طهران.
( ج ) - المسلك المقارن: تلاحظ إن العدد الكبير من التصنيفات
التي دونت في مجال البحث الفقهي القرآني تدل على أن اهل السنة والشيعة أوليا
استنباط الأحكام من المصدر الأساسي والأصيل الاهتمام الكبير.
ولهذا كان من الضروري السعي من خلال
مراجعة المصنفات لإغناء البحث في هذا العلم الفقهي التفسيري الثنائي الاتجاه (على
رأي الشيعة والسنة).
ومما يفهم من كلامهم ممن قالوا أما
الذين جمدوا على القول بأن تفسير القرآن يجب ألا يعدو ما هو مأثور، فهم رموا هذه
الكلمة على عواهنها، ولم يضبطوا مرادهم من المأثور عمن يؤثر[26].
فإن أرادوا به ما روي عن النبيJ من تفسير بعض آيات إن كان مروياً بسند مقبول
من صحيح أو حسن، فإذا التزموا هذا الظن بهم فقد ضيقوا سعة معاني الكتاب، وينابيع
ما يستنبط من علومه، وناقضوا أنفسهم فيما دونوه من التفاسير، وغلطوا سلفهم فيما
تأولوه.
وإن أرادوا بالمأثور بما روي عن النبيJ وعن الصحابة خاصة وهو ما ظهر من صنيع
السيوطي في تفسيره (الدر المنثور) لم يتسع ذلك المضيق إلا قليلاً، ولم يغن عن أهل
التفسير فتيلاً، لأن أكثر الصحابة لا يؤثر عنهم في التفسير إلا شيء قليل سوى ما
يروى عن علي بن أبي طالبA على ما فيه من صحيح وضعيف وموضوع.
وإن أرادوا بالمأثور ما كان مروي قبل
تدوين التفاسير الأُوَل مثل ما يروى عن أصحاب ابن عباس وأصحاب ابن مسعود، فقد
أخذوا يفتحون الباب من شَقِّه، ويقربون ما بعد من الشُّقَّة.
إذ لا محيص لهم من الاعتراف بأن
التابعين قالوا أقوالاً في معاني القرآن لم يسندوها ولا ادعوا أنها محذوفة
الأسانيد، وقد اختلفت أقوالهم في معاني آيات كثيرة اختلافاً ينبئ إنباء واضحاً، من
أنهم إنما تأولوا تلك الآيات من أفهامهم، كما يعلمه من له علم بأقوالهم، وهي ثابتة
في تفسير الطبري ونظرائه.
وقد التزم الطبري في تفسيره أن يقتصر
على ما هو مروي عن الصحابة والتابعين، لكنه لا يلبث في كل آية أن يتخطى ذلك إلى
اختياره منها، وترجيح بعضها على بعض بشواهد من كلام العرب، وحسبه بذلك تجاوزاً لما
حدده من الاقتصار على التفسير بالمأثور.
وذلك طريق ليس بنهج، وقد سبقه إليه
بقيُّ بن مَخْلَد، ولم نقف على تفسيره، وشاكل الطبري فيه معاصروه، مثل ابن أبي
حاتم وابن مردويه والحاكم، ..لم يحبسوا أنفسهم في تفسير القرآن على ما هو مأثور،
مثل الفراء وأبي عبيدة من الأولين، والزجاج والرماني ممن بعدهم، ثم من سلكوا
طريقهم، مثل الزمخشري وابن عطية.
ومن التوهم في هذا التقسيم أنهم يعدون
تفسير جامع البيان مثلاً، من كتب التفسير بالمأثور، وهو جامع فيما بين الآثار،
وبين النقد والترجيح، أي الرأي على رأي من وضع المصطلح .
فخرجوا منه بقولهم: (وممن جمع بين
التفسير بالأثر والتفسير بالرأي الإمام محمد بن جرير الطبري..). ولو تبينوا الوجه،
لعلموا أن النوعين لا يكاد ينفك أحداهما عن الآخر، والتفسير بالمأثور منالمحتمل
ليس قسيماً للتفسير بالرأي.
( د ) - الدخول إلى المراكز
العلمية: باستمرار
كان فقه القرآن حاضراً في الحوزات العلمية، وهو الآن كذلك، وهو أمر طبيعي، ثم بعد
ان إنشيء مراكز علمية جامعية، وإدخال اختصاصات عليها مثل:
مثل الإلهيات، والمعارف الإسلامية؛
وتخصص القرآن والحديث على وجه الخصوص، يصبح من المتوقع أن يلتحق فقه القرآن عاجلاً
أو آجلاً بهذه المعارف.
ومن ثم يصبح حاضراً في الجامعات؛
وعليه يكون علم فقه القرآن قد خطا خطوة كبيرة ورائدة، وقد طوى إحدى مراحل تكامله؛
من خلال دخوله إلى الجامعات.
ومن الكتب «آيات الأحكام»، الذي كتبه
كاظم مديرشانه چي سنة 1382هـ ش، وطبعته مؤسسة تحقيق وتدوين كتب العلوم الإنسانية
للجامعات، ويحتوي هذا الكتاب على مقدمة وثمانية عشر بحثاً.
ومن الكتب «آيات الأحكام»، الذي كتبه
عابدين مؤمني، وهو من هذه المجموعة من المؤلّفات التي طبعتها جامعة «پيام نور»
كمادة درسية سنة 1383هـ.ش.
ومن الكتب «درسنامه آيات الأحكام»،
وهو من تأليف نفس الشخص، بناء على طلب كلية العلوم القرآنية، على ما في البرنامج
المقرر وقد تولت دار نشر مركز أبحاث الثقافة والفكر الإسلامي إعداده للنشر.
( هـ ) - الشرح
والترجمة والتصحيح: وضع
برامج عديدة لغرض تصحيح وترجمة المؤلّفات الفقهية القرآنية. كما في مجال التصحيح
يمكن الأشارة إلى كتاب «زبدة البيان في براهين أحكام القرآن»، الذي أنجزه رضا
أستادي وعلي أكبر زماني.
وكذلك مثلاً قام عبد الرحيم عقيقي
بخشايشي بتصحيح كتاب «كنز العرفان في فقه القرآن».
أما في ما يتخص بالترجمة فمثلاً هناك
«كنز العرفان في فقه القرآن»، الذي ترجمه الدكتور مهدي محقق.
ومثلاً هناك ترجمة وتلخيص لكتاب «زبدة
البيان»، التي أنجزها الدكتور سجادي، والتي طبعت سنة 1362هـ ش.
ونشير كذلك مثلاً إلى شرح وترجمة
السيد عبد الله أصغري (1385هـ ش) «كنز العرفان في فقه القرآن». وقد ترجمه عقيقي
بخشايشي أيضاً، وترجم هادي عظيمي الگرگاني القسم المختص بالعقود منه (1378هـ ش).
[1]- المصدر السابق.
[2]- كشف الحجب والأستار: 127؛
الذريعة إلى تصانيف الشيعة 4: 366.
[3]- مسالك الأفهام إلى آيات الأحكام
1: 12.
[4]- موسوعة الفقه الإسلامي طبقاً
لمذهب أهل البيت 2: 503، مؤسسة دائرة الفقه الإسلامي، الطبعة الأولى قم المقدسة.
[5]- فصلنامه پژوهش هاي قرآني،
الأسبق، نقلاً عن: معجم المفسرين 6: 11.
[6]- مسالك الأفهام إلى آيات الأحكام
1: 12.
[7]- الذريعة إلى تصانيف الشيعة 8:
153.
[8]- المصدر السابق، ج 18، ص153.
[9]- فصلنامه پژوهش هاي قرآني (ويژه
قرآن وفقه): 180، دفتر تبليغات إسلامي، العدد 3، 1374هـ.ش.
[10]- طبقات مفسران شيعة: 827 و1074.
[11]- الذريعة إلى تصانيف الشيعة 1:
40.
[12]- مسالك الأفهام إلى آيات الأحكام
1: 13.
[13]- المصدر السابق.
[14]- جامع الرواة: 7.
[15]- مسالك الأفهام إلى آيات الأحكام،
المصدر السابق.
[16]- الذريعة إلى تصانيف الشيعة 1:
43؛ عباس علي عميد زنجاني، آيات الأحكام: 33.
[17]- فقه القرآن 1: 12.
[18]- فصلنامه پژوهش هاي قرآني (ويژه
قرآن وفقه): 181، دفتر تبليغات إسلامي، العدد 3، 1374هـ.ش.
[19]- المصدر السابق: 180.
[20]- جامع الرواة: 7.
[21]- فصلنامه پژوهش هاي قرآني، المصدر
السابق.
[22]- المصدر السابق.
[23]- جامع الرواة، المصدر السابق؛ فقه
القرآن 1: 11.
[24]- طبقات مفسران شيعه: 1176.
[25]- سورة ص الاية 1 .
[26]- بن عاشور تفسير التحرير والتنوير
1/32-33.